أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم السراجي - في الطريق ..( قصة قصيرة )














المزيد.....

في الطريق ..( قصة قصيرة )


ابراهيم السراجي

الحوار المتمدن-العدد: 2194 - 2008 / 2 / 17 - 08:28
المحور: الادب والفن
    


كالعادة في طريق عودته للبيت بعد دوام طويلة ساعاته يمضي نحو (فرزة) الباصات . العمل لم يكن ذلك الذي يستدعي بذل مجهود كبير ,إلا أن إحساس الناس بالتعب بعد دوامهم أمر يحدث في كل الاحوال ,توجه للفرزة وفي داخله أمنية أن يكون سائق الباص شاباً ,الحقيقة أن أمنيته تلك كانت دائما ما تعود لأمرين ,الأول : أن السائق الشاب يكون أكثر جرأة ومغامرة على عكس السائق كبير السن ,والثاني : وهو الأهم أن السائق الشاب يهتم بأن يكون في الباص (مسجل) فهو يحب الموسيقى وهي بدورها تعينه على طول الطريق وزحمته , إنه يحتاج للموسيقى ويعشقها كثيراً ,كان أثناء الطريق دائما ما يتساءل : لماذا الموسيقى في باص الأجرة تكون أكثر جمالا منها على مكتبه رغم أنه أحيانا كان يسمع ذات الأغنية التي كان يسمعها في الدقائق الأخيرة من الدوام ؟.!

وصل الى قرب الباص الذي يفترض أنه سيتحرك الأول ,نظر من مسافة متوسطة نحو السائق حتى يطمئن إن كان شاباً فهو على استعداد أن ينتظر للباص الآخر المهم أن يستمع للموسيقى , بدت على وجهه إبتسامة رضى لقد كان الراكب الأخير مع السائق الشاب .
مشى الباص بسرعة , هو لم يكن مستعجلاً كان قد تعود أن يشغل السائقون الموسيقى بعد وقتٍ قصير من تحركهم , شرد وهو يشاهد لوحات الإعلانات عند إحدى إشارات المرور التي دائما ما تسمح للباصات بالمرور إلا بعد ان تتلون عدة مرات لشدة الزحمة التي تكون عليه .
بدأ القلق يبدو على وجهه فهو لم يسمع الموسيقى الى الآن ,رفع رأسه قليلا وكأنه يريد أن يعرف السبب فتفاجأ بإن هذا الباص لا يملك مسجلاً أصلاً ,ولا يعرف كيف خرج صوته يقول للسائق أنه يرغب بالنزول .
إنتظر على الشارع باصاً آخر لكن هذه المره سيرضى بأول باص يصل الى قربه فقد رأى أنه من السذاجة أن يهتم للموسيقى لهذه الدرجة ,وأصبح همه أن يصل الى بيته , وقف باص أجرة آخر أمامه صعد وهو يشاهد ممتعضا من كون السائق رجل كبير , وقد أحس أنه خسر الموسيقى اليوم وخسر الوقت ,صعد واختار لنفسه مكاناً مجاوراً للنافذة , شاهد الناس , ضجيج , حركة , أبواق السيارات العالية , مشاجرة هنا , حادث هناك , في ذلك الوقت الذي يصاحب خروج الناس من أعمالهم نهاية الدوام وكذلك طلاب المدارس والجامعات حيث تكون الزحمة في أوجها , تمتم بحنق :
-لماذا لا تنقل العاصمة الى مكانٍ آخر
أو لماذا لا تنظم الأسواق
أو يغيروا مسار سيارات الأجرة على الأقل ؟!
يتأفف من إشارة المرور التي لا تختلف عن سابقتها ثم أردف :
-هذه العاصمة تعشق الفوضى
كل شيءٍ هنا يشكو غياب الإدارة والتنظيم .
فجأة ومفاجأة غير متوقعة فالسائق كبير السن قد مد يده مديرا مفتاح المسجل لينساب صوت فيروز الذي بدأ بنصف كلمة وكأن السائق قد توقف عن سماع الشريط فجأة
يا جارة الوادي طربت وعادني
ما يشبه الأحلام من ذكراك
سرعان ما تخلى عن إعتراضاته السابقه , لكنه لم يتخلى عن نظرته للسائقين كبيري السن فهذه المصادفة تشبه الصدفة التي جعلت سائقا شابا يمشي دون مسجل .
غرق في الإستماع وهو يحس بالسعادة .. يراقب المارة .. المطاعم .. الشوارع .. المعاهد والمدارس .. السيارات التي تمر من جانب الباص , كل شيءٍ ممتليء بالبشر .
فتاة هناك خلف أحد أبواب المحلات .. تحاول ان تحصل على مكالمة هادئة , شاب هناك يدخل يده في جيبة بابتسامة عريضة يستقبل فتاة قادمة إليه , هناك سائق يتشاجر مع آخر ,
كان الركاب كعادة الكثير ما إن تمر احدى الفتيات المميزات إما جمالاً أو ترتدي ملابس مثيرة إلا وتراهم يديرون رأسهم مع حركتها حتى تغيب عن ناظرهم في مشهدٍ كان هو يشمئز منه , فيروز كانت تواصل هذه المره :
لا تخافي يا فتاتي
فالنجوم تكتم الأسرار
سافر بخياله .. وركاب الباص يلمحهم ورؤسهم تدور مع كل فتاة يرونها ,
اتجه نظره صوب أحد بوابات معاهد اللغة الانجليزية , رأى فتاة كانت خارجة للتو من المعهد تنظر نحو الجانب الاخر من الشارع تهم بالمرور نحوه التقت عينه بعينها أحس أن هناك باب يفتح , دخل وأحس أن الباب قد أوصد خلفه , لقد تم احتجازة , لا يدري إن كانت عيناه قد أصبحت عالماً بالنسبة لها أو لا , حدث كل هذا في ثوانٍ قصيرة مر بها الباص من امامها , هو لم يدر رأسه كونه يكره هذه العاده من الاخرين فرأى أنه لا يجب أن يفعل , لكنه سمع صوت إطارات تعانق الارض حتى كادت أن تحترق , أصواتا تعلو
هرب السائق
-ليبلغ احدكم الشرطة
-احدهم : ستموت الفتاة وأنتم تنظرون
-اتصلوا بالاسعاف
أدار رأسه رأى ذلك العالم مرمي على الارض , أحس وكأنه يحاسب سريعا على نظرته , على ما فعلته الفتاة به , صرخ بالسائق يخبره أنه يريد النزول , لكن السائق يصيح به لا تنزل هنا ستتسبب بمخالفة لي انتظر الى ما بعد إشارة المرور , نزل من الباص وهي يسرع حتى وصل للمكان
يبدو أنه كان الزائر الاخير
لـ بقعة دم
وقلم ودفاتر مرمية ممزقة .. مثله..



#ابراهيم_السراجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكيميائي
- كَالحَقِقَةِ أو أشَدُّ حُلُمَاً
- ورقة
- صيفٌ مبكر
- أبنائي المهدرين
- هذا ليس نصاً
- وقتٌ مبكرٌ للجنون
- قهوة النوافذ
- رسائلٌ مستعارة
- لماذا أحبك ..؟
- لأن المصيبة أكبر من الكلام
- -دعوة للهزيمة-
- الأغنيات الحزينة أقل مني
- اليمن الغائب محليا وعربيا
- الطريق المؤدي الى الجسد
- عندما تكون السلطة في مهمة القبض على الشعب
- الآن ... الى آخره
- -الحلول التي صارت أسئلة -
- أجلي المُسَمَّى
- أقلَّ مِنْ عُصْفُورْ


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم السراجي - في الطريق ..( قصة قصيرة )