كفاكم تجريحاً ... للأيزيديين ؟!5

مراد كافان علي

الحوار المتمدن-العدد: 2188 - 2008 / 2 / 11 - 07:30
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

الحلقة الخامسة :ـ تعدد مصادر إحياء العقيدة الكردية الأيزيدية
العقيدة الكردية السامية تستحق الدعم والإسناد والتمجيد لكي تشرق شمسها من جديد وتغرد للسلام والمحبة والوئام لشعبها المتضامن مع البشرية ... الإرهاب والتعتيم الإعلامي قد خمد الكثير من منافع هذه العقيدة للإنسانية الناضجة . لم تعد الديانة الأيزيدية ، كما كان في السابق ، لغزاً أمام الكتاب والباحثين لا يمكن فكه 1. اليوم أصبح بإمكان الكثير الاطلاع على مفردات هذه العقيدة والتعبير بوضوح عن تاريخ وأبعاد مبادئ هذه العقيدة . مجاميع من الكتاب والباحثين الأيزيدين الذين تشبعوا بمصادر وأوليات هذه العقيدة ، يعبرون عن فحوى وعراقة هذه العقيدة بثقة عالية وتساندهم ، كتاب مشتاقين لهذه العقيدة ، وغيرهم منصفين في قول الحقيقة بدقة وكفاءة رغم المرارة ، لأن الحقيقة مريرة وقاسية للأشرار ، وإن عهد التوقعات والاحتمالات واجتهادات الكتاب المتعثرين لأسباب متباينة قد انتهى ... أكد الكثير من الكتاب والرحالة الغربيين على أن الأيزيديين هم بقايا سكان بلاد ما بين النهرين . فلقد قدم لايارد على سبيل المثال شواهد وأدلة مما أكتشفه أثناء تنقيباته في نينوى ، من منحوتات ، فوجد مطابقة ما هو مستخدم من قبل الأيزيدين المعاصرين مع ما كان قائماً وممارساً بين الآشوريين القدماء في نينوى ، وبين ما هو مستخدم حالياً ، وهو رمز الطاوؤس المقدس 2...
اللافت للنظر أن البحث عن أصالة وعراقة هذه العقيدة ، ليس حكراً للأكراد الأيزيديين وأنما لجميع النخب الكردية المتطورة وكذلك المتعطشين للحرية . وأكراد اليوم يرفضون أن تكون أصلهم محصوراً بين ألف أو ألفي سنة حصراً ، ولكنهم يفتخرون بتاريخهم الزاهر وعلى مدى آلاف السنين . وهنا نتناول مقالتين لهؤلاء الذين ينشدون للحرية والزهو ومجدهم العريق وهما الأستاذ كفاح محمود والأستاذ علي تتر نيروي ... كانت الأيزيدياتي تغرد للحقيقة عندما كانت البشرية متعثرة في مناطق شاسعة وهي تبحث عن أساليب مختلفة للعبادة ، فكانوا يستخدمون الأحجار والأشجار وشتى الظواهر الطبيعية ، بينما كان الأيزيديون يعبدون الخالق العظيم ( خودى أو ئيزي ) قبل آلاف السنين . لقد كانت البشرية تبحث عن معبودٍ تعبده فتجد ضالتها في حجر أو صنم أو ربما شجر أو ظاهرة طبيعية ، كانت هناك مجموعات من البشر بين جبال ووديان كردستان قد شقت طريقها إلى فكرة الله الواحد الأحد 3. رغم المآسي والنكبات المتتالية التي اجتاحت كردستان ، وأتباع الديانة الأيزيدية ظلوا يحافظون على عقيدتهم الكردية وقدموا ضحايا جسيمة ، ولكنهم لم يحيدوا عن معتقدهم العريق . وإذا اليوم منطقة شنكال ( أيزيد خان مصغرة ) فإنها تمثل أيزيد خان الكبرى في التاريخ وهي كردستان بكافة أجزائها الأربع حيث كانت تدين بكاملها بهذه الديانة عبر الزمن القديم وهي الوطن والأم والشعب الأصيل واللغة النقية والكوردياتي الخالصة 4 . بلى الأيزيدياتي هي اللغة والتقاليد والفلكلور والعقيدة لعموم كردستان ، كما أوعز الزعيم الكوردي الخالد مصطفى البارزاني في مطلع السبعينات من القرن الماضي إلى المجمع العلمي الكردي بإرسال لجنة متخصصة في اللغة والآداب إلى قرى الأيزيديين في شنكال ( سنجار الحالية ) للبحث عن بدائل لمفردات دخيلة عجز المختصين عن تكريدها 5. بلى أثناء قراءة النصوص الدينية الأيزيدية تجد كلمات كردية قديمة جداً يصعب فهم هذه المفردات حتى في القواميس الكردية للتأكيد على المعاني وقد لا تجدها الأ بالاعتماد على مرادفاتها أو ببراعة الذين لهم إلمام بالنصوص الدينية الأيزيدية ...

كان العثمانيون والصفويون في تناولهم حكم العراق يبطشون بالشعب العراقي ، وإن ديدنهم هو الذبح والسلب والنهب والسبي والتمثيل بجثث الضحايا ، تارة للسنة من قبل العثمانيين وتارة للشيعة من قبل الصفويين . وفي 1623م تم فتح بغداد من قبل الشاه عباس بعد حصارٍ دام ثلاثة أشهر ، والظاهر أن الشاه عباس مثل ببغداد عند فتحها مثلما فعله الشاه إسماعيل ، وربما زاد عليه ، فقد هدم مرقدي أبي حنيفة والشيخ عبدالقادر ، ثم وزع دفاتر لتسجيل أسماء أهل السنة من سكان بغداد بقصد القضاء عليهم 6 . وكان القوتان في تآكل كما دونه المؤرخ البريطاني السير جون مالكولم :ـ كأنها بناء ضخم على وشك الانهيار 7. بلى كانتا على شفا انهيار تام ولكن كانتا تجلب المصائب والويلات لأمم ٍ ٍكثيرةٍ . وتعرض الأكراد الأيزيديون إلى حملات دموية جسيمة خلال العهد ألصفوي بقيادة الشاه إسماعيل ألصفوي ( 1502ـ 1722م ) ثم نادر قلي أو نادر شاه ( 1739ـ1851م ) وكان العجم وكذلك العثمانيون يطلقون على كل كردي أسم أيزيدي لأجل الانتقام . كان الصفو يون يعدون جميع الأكراد بالأيزيديين سواءً كانوا مسلمين أو أيزيدين8 . وقد تعرضوا إلى عذابٍ رهيب من الشرق على أيدي العثمانيين ومن الغرب على أيدي الصفويين . كما تعرضت بلادهم إلى سياسة التتريك والتشييع9. كان الأكراد الأيزيديين يشتهرون بالبسالة والشجاعة ولهم مواقف مشرفة للدفاع عن عقيدتهم ووطنهم . وقد ورد في كتاب ( عالم آراس صفوي ) أسم ( صارم خان ) ملك كردستان في هكاري ، كأحد أبرز فرسان في ذلك الوقت وسمي ( كهنة كير يزدي ) أي بمعنى ( أصله زردشتي أزيدي ) حيث أراد أن يستولي على عاصمة الصفويين 10. ولهم صولات رائعة في المعارك التي خاضوها ، ومنها معركة ( سوفيان ) التي تقع شمال تبريز وتم قتل عبدي بك شاملو وعلي مهردار وكانوا من أبرز قيادي قزلباش ( قزلباش أسم آخر للصفويين ) وقد شارك الشاه أسماعيل بنفسه وقتل العديد من قادته11...

مراد كافان علي
11/12/2007م
المصادر :ـ
1:ـ مفاهيم لفهم أوسع حول الديانة الأيزيدية د. خليل جندي الصحافة الكترونية ختارة كبير
2:ـ اليزيدية ، وكيف تم القضاء على وجودهم بين كركوك والزاب الأعلى هرمز أبونا ـ كندا ملتقى بحزاني للحوار
3:ـ كردستان ... أيزيدخان : الوطن الأم والعنوان كفاح محمود الصحافة الإلكترونية ختارة كبير
4:ـ نفس المصدر
5:ـ نفس المصدر
6:ـ لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث د. علي الوردي
7:ـ نفس المصدر
8:ـ حملات نادر شاه على الأيزيديين علي تتر نيروي مجلة لالش العدد 26 ترجمة : دخيل نايف حاجي عن العربية
9:ـ نفس المصدر
10 :ـ نفس المصدر
11:ـ نفس المصدر

#مراد_كافان_علي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات