أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - عبد الرحيم الوالي - سيناريو اختطاف لم يتم














المزيد.....

سيناريو اختطاف لم يتم


عبد الرحيم الوالي

الحوار المتمدن-العدد: 2187 - 2008 / 2 / 10 - 08:58
المحور: الصحافة والاعلام
    


الاعتداء الجبان الذي تعرض له الزميل، الصحافي و الكاتب رشيد نيني، يوم الأحد الماضي، لم يكن ـ حسب رؤيتي الشخصية ـ من طرف لصوص كانوا يريدون سرقة حاسوبه المحمول و هواتفه النقالة فقط.
و حتى إذا ظهر ـ هنا أو هناك! ـ يوماً ما ثلاثة أشخاص عترفون بارتكاب هذه الجريمة الشنعة بدافع السرقة فقط، فأنا شخصياً سأظل غير مقتنع بأن الأمر كان حادث اعتداء روتيني من قبيل ما يتعرض له عموم المارة في شوارع و أزقة هذا البلد.
أول ما يدفعني إلى اعتبار الأمر اعتداء مدبرا و محبوكاً هو المكان الذي حصل فيه. فلا يوجد في العالم لص غبي إلى الحد الذي يجعله يرتكب مثل هذا الاعتداء على مرأى و مسمع من الناس، و في وسط العاصمة، و بجانب حائط مبنى البرلمان فوق ذلك. و بما أنني أعرف ذلك المكان جيدا، و كثيرا ما تجولت فيه نهاراً و في ساعات متأخرة من الليل بحكم عملي الإعلامي، فأنا أعرف أن كل ما يحيط بالبرلمان محروس من كل الجهات بقوات الأمن الظاهرة و الخفية التي ترابط هناك ليل نهار لحراسة مقر المؤسسة التشريعية و المنشآت الأخرى القريبة منها و مراقبة محيطها. و إذا أخذنا بعين الاعتبار التهديدات الإرهابية الموجهة ضد المغرب فالمنطقي هو أن يتم تشديد الحراسة لا أن يكون المكان خاليا تماماً من رجال الأمن كما حصل في لحظة الاعتداء على الزميل رشيد نيني. و لو كان المعتدون مجرد لصوص لتم إلقاء القبض عليهم في الحين.
المؤشر الثاني هو الطريقة التي تم بها الاعتداء و التي تحيل على احترافية عالية. فالمعتدون جاؤوا من الخلف و قاموا بجر الضحية بقوة من بين المسافرين الخارجين من محطة القطار إلى ممر خال دون أن يمكنوه من رؤية وجوههم. و هذه ليست بتاتاً طريقة لصوص هدفهم السرقة و إنما هي أقرب إلى عملية اختطاف. و ربما كان الهدف من السكين الموجهة إلى الجهة اليمنى من بطن الزميل نيني هو طعنه في ملتقى الجزء الأسفل و الجزء الأعلى من جسده طعنة مدروسة تؤدي إلى شل حركته نهائياً حتى يسهل اختطافه. و في هذه الحالة فالأمر يتطلب عددا أكثر من الأشخاص الثلاثة الذين باشروا التنفيذ، و يتعداه إلى بضعة نفر آخرين لتأمين التغطية، ربما هم بالضبط مَنْ ظل رشيد يعتقد أنهم مجرد مسافرين يغادرون محطة القطار. و ما يدفع إلى هذا الاستنتاج هو أن مواطنين عاديين لا يمكن أن يظلوا دون أي رد فعل و هم يرون الرجل يُجَرُّ من بينهم إلى الممر الخالي. و أقل ما يمكن توقعه في مثل هذه الحالة هو الصراخ من قبل هؤلاء "المسافرين". لكن شيئا من هذا لم يحدث حسب ما رواه الضحية.
المؤشر الثالث هو السرعة التي اختفى بها الفاعلون في "لمح البصر" كما قال الضحية دون أن يتركوا أي أثر أو يقعوا في أي ارتباك. فهذا يعني، ببساطة، أننا أمام أشخاص رياضيين و مدربين ركضوا بسرعة فائقة في اتجاه مكان آمن في الجوار القريب أو في اتجاه سيارة كانت رابضة عن قرب و على أهبة الاستعداد للانطلاق. و لم يحدث ذلك إلا بعد أن أدرك الفاعلون أن عملية الاختطاف قد فشلت بفعل المقاومة الاستثنائية التي أبداها الضحية و هو يمسك السكين بيده و يمنع الجاني من استعماله في الغرض الذي كان يريده، أي تسديد الطعنة المدروسة إلى النقطة الحيوية المستهدفة من جسم الضحية، و التي كان يراد منها شل الحركة لا غير. فعند هذا الحد فقط عمل المجرمون على إسقاط الضحية أرضاً و وجهوا إلى فخذه عدة طعنات في محاولة ثانية لشل الحركة. لكن العناية الإلهية وحدها تدخلت و حالت بين السكين و الفخذ رغم أن السروال الذي كان يرتديه رشيد قد مزقته السكين. و في محاولة يائسة، و أخيرة، لتغييب الضحية عن وعيه وجهوا إليه رفسات قوية على مستوى الرأس و الوجه. و عندما ظل ـ ربما بإصرار الممارس القديم للرياضات القتالية ـ متشبثا بالبقاء في وعيه، كان لا بد من التمويه على الهدف الحقيقي من العملية بسرقة حاسوبه المحمول و هواتفه النقالة. و ربما كان هذا أيضا مقصودا في حد ذاته ما دامت هذه الأجهزة نفسها تتضمن معلومات و قابلة للاستنطاق إلكترونياً.
أتذكر أنه قبل حوالي ثلاث سنوات من الآن، حينما كنت لا أزال أعمل في إحدى الجرائد المغربية، كان رشيد نيني يكتب عموده اليومي في الجريدة التي كان يعمل بها قبل أن يؤسس "المساء". و في ذلك الوقت كان قد تم تنبيه رشيد إلى أنه "يتجاوز الخطوط الحمراء". و بعد ذلك بعدة أشهر فُرضت عليه الرقابة و اختفى عموده اليومي. لكنَّ هذا لم يشكل "خطا أحمر" بينه و بين كتابة ما يريد حيث أصدر جريدة "المساء" مصرا على الكتابة دون "خطوط حمراء".
و هذه هي "الخطيئة الكبرى" التي لم يغفروها له إلا على حدود دمه الأحمر الذي أسالوه قرب بناية البرلمان، الحمراء هي الأخرى.



#عبد_الرحيم_الوالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحن و إسرائيل: حرب دائمة؟
- جولة بوش في الشرق الأوسط و الخليج: مزيد من الأخطاء و الدماء
- أسئلة ما بعد 7 شتنبر بالمغرب: بؤس السياسة و سياسة البؤس
- نضال نعيسة: مشروعية السؤال و سؤال المشروعية
- هَل تُصلِحُ الأمم المتحدة ما أفسده جورج بوش؟
- تموز العراقي أمريكياً: قتلى أقل، نيرانٌ معاديةٌ أكثر!
- ما قبل جورج بوش و ما بعده: عالمٌ يوشك أن ينهار
- من الحزام الكبير إلى الأحزمة الناسفة
- انخراط شعبي تلقائي يفشل المخطط الإرهابي بالمغرب
- انتخابات 2007 أو معركة الأسلحة الصدئة: المغرب بين المراهنة ع ...
- أميركا والإسلام والعرب: من أجل العودة إلى الأصول
- تحسين صورة أميركا في العالم العربي: أسباب الفشل وفرص النجاح
- الحركة الأمازيغية بالمغرب: وليدة الديموقراطية أم بذرة الطائف ...
- التجربة -الليبرالية- بالمغرب: نحو مقاربة نقدية
- الإرهاب و الدواب
- تفجير الدار البيضاء الأخير: هل كان عملية عَرَضِيةً بالفعل؟
- شهادة من قلب الحدث: هذه بعض أسباب الإرهاب بالدار البيضاء


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - عبد الرحيم الوالي - سيناريو اختطاف لم يتم