أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي البدري - الرغبة عند درجة الاستواء















المزيد.....

الرغبة عند درجة الاستواء


سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)


الحوار المتمدن-العدد: 2187 - 2008 / 2 / 10 - 10:08
المحور: الادب والفن
    



لمن يهمه ان يتابع احداث هذه القصة اقول انها حدثت في أشد أشهر القيظ سطوة ومرارة ..
وهي تسرد حدثا تصدرت نسج مفاعيله أمينة قسم المخطوطات في المكتبة العامة التي تتوسط الحي الذي نقيم فيه .
وأمينة هذا القسم ،وسن الرديف ، شابة في منتصف العشرينات ، متوسطة الحال والجمال وتفتقر لسحر الانوثة وفتنتها ..، واذا ما أضفنا الى جملة (مزاياها) هذه حدة طبعها ومزاجها العصبي فأننا سنحصل على صورة لا تصلح لتزيين ولا حتى جدار احدى زنازين اصحاب الاحكام المؤبدة . تتلخص مشكلة هذه الوسن في انها كانت حاذقة في احالة تعليمات واجراءات اعارة محتويات قسم المخطوطات الى مجموعة من وسائل وادوات التعذيب والقهر . اما وسائل وسن لتحقيق مشروعها التدميري هذا - بحسب توصيف زميلتي الدكتورة سجى وعماد ،طالب الدكتوراه الذي كنت اشرف على اعداد بحثه - فهي جديتها واقتصادها ، الذي يبلغ حد البخل ، في استخدام اللغة وصرامتها في تطبيق ضوابط وقوانين اعارة المخطوطات .، والاهم من كل هذا هو امتناعها عن الضحك امتناعا تاما ومؤبدا .
الطريف في امر وسن هو انها كانت تعاني من شبه بطالة بسبب اقتصار رواد قسم عملها على الباحثين وطلبة الدراسات العليا في حقل التاريخ القديم . ولكن ، ورغم هذا فانها لم تكن مستعدة لاستقبال القلة القليلة من هولاء ،
ولو من اجل دفع شعور البطالة عن خاطرها . وغني عن القول ان جميع محاولاتي ومحاولات عماد في حملها على مجرد الابتسام - فقد كان امل اطلاقها لقهقهة ضحكة مطلبا لم يخطر لنا على بال من الاساس ،امام حالة تجهمها المستميتة - قد باءت بالفشل الذريع . كان اشد اسلحة وسن فتكا في صبري وصبر زملائي هو اصرارها على تسلم
نسخ المصنفات التي نعمل عليها قبل نهاية الدوام الصباحي للمكتبة بربع ساعة (من اجل اجراء الفحص عليها والتأكد من سلامتها) واجبارنا على تنظيم استمارات استعارة جديدة في الدوام المسائي قبل ان تعيد الينا نفس المصادر (وهي نسخ مصورة عن النسخ الاصلية) التي لم يمض على تسليمنا لها سوى ساعتين ؛ ورغم ان لا رواد للقسم غيرنا ،خلال الاسبوعين الاخيرين على الاقل . وامام عنت وسن واصرارها على تطبيق ادق التفاصيل الروتينية بجنون - تصفه سجى بلؤم العوانس - عجيب ، يدفع بأشد الناس صبرا وجلدا للانهيار والانفجار ، الا اننا قاومنا جنونها ذاك ماوسعنا الى ذلك قبل ان يبلغ صبر سجى حدود احتماله عندما امرتها وسن - وانا اعني ما اقول - باعادة تنظيم بطاقة استعارة جديدة بلهجة ملؤها التوبيخ ..
- خزانات المكتبة ليست في خدمة أمزجة الاشخاص وانما لخدمة جهود الباحثين يا آنسة ...
- اعرف هذا .. ولكن بماذا أخطأت بحقك ؟
- انت لا تهتمين بتسجيل ارقام المصنفات بعناية كافية لتبدو واضحة ...
فقاطعتها سجى بغضب ممزوج باستياء ظاهر ..
- ولكني استعير هذه المصنفات منذ ما يزيد على شهر كامل وفي كل يوم تجبرنني على تنظيم بطاقتي استعارة لها
وخاصة ... في ال .... وهنا توقفت سجى وهي نادمة ..
- ضوابط عمل المكتبة هي التي تجبرك لا انا يا آنسة..
- وانت مجرد ماكنة اذن !
هنا حاولت التدخل من اجل وضع حد لذلك الشجار ،الا ان وسن صرخت بوجهي بعصبية ..
- اهتم بشؤونك انت واتركنا لشأننا !
- ولكن أي شأن ذاك الذي يربطك بزميلتي ،بحق الله ؟
هنا صرخت سجى بيأس ..
- اذن انت تتحدثين عن موقف شخصي ... ؟
- بل انت صاحبة الموقف الشخصي يا آنسة !
تدخلت من جديد من اجل وضع حد لذاك العراك السخيف الذي افتعلته وسن ،فرجوت سجى ان ترافقني الى خارج المكتبة وهي في اشد حالات غضبها .
في الكازينو الذي اصطحبت سجى اليه سألتها عن سبب ظنها في ان يكون موقف امينة المكتبة منها موقفا شخصيا ،في حين اننا ألفناه على انه جزء من طبيعتها التي فطرت عليها ،فتلعثمت سجى قليلا واحنت رأسها بحياء لتقول ..
- كلا انه كان ... اعني انه كان مجرد اتهام مجاني من قبلي فرضه علي رد فعلي غير المحسوب .
من تلك اللحظة قررت سجى الانقطاع عن الحضور الى المكتبة ،رغم انها لم تكمل بحثها بعد .
في الاسبوع التالي اخبرتني سجى ان وسن زارتها في بيتها واعتذرت منها ورجتها العودة الى المكتبة من اجل اكمال بحثها ،الا ان سجى اصرت على عدم دخول تلك المكتبة ثانية .
"""""""""""""""""""""""""""
في اليوم التالي لزيارة وسن تغيبت سجى عن الدوام دون سابق انذار .. وبصفتي رئيس قسم عملها وصديقها حاولت الاتصال بها على هاتفها الخاص دون ان اصل الى نتيجة .. لم يكن هاتفها مقفلا ، الا انها لم ترد مما اثار قلقي حول مصيرها ،لاني لم اعتد منها انقطاعات التغيب او السفر المفاجئة .. شاورت عماد في الامر فنصحني بتبليغ
رئاسة الجامعة عن انقطاعها ..
في الساعة الثانية من بعد ظهر ذلك اليوم ،اقتحمت قوة من الشرطة بيت سجى - بناء على تبليغ من رئاسة الجامعة - لتجدها مخنوقة حتى الموت ،بعد تعرضها لعملية اغتصاب بمنتهى الوحشية .
"""""""""""""""""""""
في الساعة الخامسة من مساء ذلك اليوم استدعتني الشرطة للتحقيق معي ،بصفتي صديق سجى المقرب والمبلغ عن حادث اختفائها ؛ ولولا تقدم عماد للادلاء بشهادته الخاصة لكنت المتهم الاول بقتل سجى .
لم تزد شهادة عماد على كونها بضعة مشاهدات كان قد رصدها عبر النافذة الصغيرة التي تصل قاعة المصنفات
بقاعة المطالعة التي كنا نعمل فيها على بحوثنا سوية .
روى عماد لضابط التحقيق ان امينة المكتبة كانت تسمح لسجى ،في الايام الاولى للجؤنا الى تلك المكتبة ، بدخول قاعة المصنفات واخذ ماتحتاج اليه بنفسها ودون اهتمام باستمارات الاستعارة التي كانت توليها سجى جل اهتمامها وحرصها . واضاف عماد ..
- في المرة الاولى - التي رصدتها - اتذكر ان وسن قد افتعلت حديثا ما مع سجى مما اجبر سجى على الجلوس الى جانبها والاستماع لحديثها الذي انتهى ببكاء وسن والقاءها برأسها على صدر سجى ...
- وهل هذه جريمة برأيك ...؟ سأل الضابط ..
- كلا طبعا ، الا ان وسن استغلت تلك اللحظة ،وقد تعمدت اطالتها بنشيج مفتعل ، لتدس يدها في فتحة قميص
سجى ولتداعب نهديها ..
- هل انت متأكد من هذا الكلام أم ...
- بل انا متأكد من ردة فعل سجى التي منعها حياؤها من الاعلان عنها ،اذ سحبت نفسها من تحت رأس وسن ونهضت ،وهي مضرجة الوجنتين ،لتعيد تزرير قميصها وتغادر قاعة المصنفات وهي ترتجف .
- وماذا ايضا ؟ سأل الضابط ببرود ..
- الحادثة الثانية التي رصدتها كانت وسن فيها تقف على سلم متحرك وبيدها مجموعة من المصنفات فدعت سجى لمساعدتها ،ولكنها ،وقبل ان تمسك سجى بتلك المصنفات افلتتها لتسقط على ارضية القاعة..، وفي اللحظة التي انحنت سجى فيها لالتقاط تلك المصنفات تركت وسن السلم لتقف خلفها (كانت سجى ترتدي بنطالا من الجينز الازرق) ولتداعب مؤخرتها ثم انحنت لتقبلها ...
- ماذا قبلت ؟ احرج السؤال عماد فتلعثم ..
- قبلت سجى ...
- في أي مكان ؟
- مؤخرتها !
- هل يعقل هذا ؟
- هذا ما رأيت بالضبط .
- حسنا ،وماذا ايضا ...؟
- انتفضت سجى مذعورة ،الا ان وسن احتضنتها بسرعة وقبلتها في فمها ودست يدها بين فخذيها ،قبل ان تتمكن سجى من انتزاع نفسها من ذراعيها وتغادر القاعة .
- لم لم تلحظ انت هذه الحوادث وانت تقضي الوقت نفسه في نفس المكان ؟ سألني الضابط بحياد قاتل ..
- ببساطة لاني غالبا اجلس في الركن البعيد من القاعة ،في حين ان عماد قد اعتاد الجلوس في مواجهة الشباك الذي يربط بين قاعة المصنفات وقاعة المطالعة.
- هل هذا يعني انك تشك ان تكون وسن مثلية ؟ عاد ليسأل عماد بنفس البرود والحيادية ..
- هذا ما شاهدته بعيني ...
في تلك اللحظة دخل احد مساعدي ضابط التحقيق وهو يحمل تقرير الطب الشرعي وصور لجثة سجى .. اخفى الضابط صور الجثة عني واكتفى بقراءة النتف التالية من التقرير
((سبب الوفاة هو الخنق بايدي يدلل عمق خدوش اظافرها على انها ايدي نسائية...
اثبت الفحص المخبري وجود آثار لعاب بشري داخل وعلى جوانب مهبل القتيلة ...))
هنا صرخت بالضابط راجيا منه التوقف عن القراءة ،فتوقف والتواءة سخرية تعلو زاوية فمه اليسرى وسألني ..
- من يكون الجاني برأيك ؟
- انا لا اتهم احدا ،ولكن التقرير لا يتهم رجلا بالجريمة ،أليس كذلك ؟
- وهو ايضا لا يقطع تماما باتهام امرأة بارتكاب الجريمة ..فقال عماد ..
- أعتقد ان مطابقة فحوص لعاب وسن مع اثار اللعاب الذي عثر على جسد الضحية كفيل بحسم هوية القاتل ..
فرد الضابط بهدؤ مصطنع ..
- وهذا ما سنفعله معك ومع زميلك ... فقاطعه عماد باستغراب ..
- معنا نحن ؟
- نعم لنتأكد من برائتكما انتما ايضا .
في المعمل الجنائي ،وعلى باب مختبر التحليلات الكيميائية صرخت وسن في وجهي بغضب ..
- ايها القذر ! انت من حرمني منها !



#سامي_البدري (هاشتاغ)       Sami_Al-badri#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وشم على ذاكرة البحر
- عن الوجع ... وزينب
- قلب يتوضأ بجدل البحر
- كركوك في مقاسات الحلف الثلاثي
- طاعن في خط الافق
- الشاعر بعد منتصف اللوح
- نيسان يتهالك على قارعة القدر
- صعلوك في فخ ال ....
- أزمة وزارية أم أزمة أجندات ؟
- انهم يغتالون المطر
- حجة توبة المالكي الى مشهد المقدسة
- الاخوان المسلمون في العراق
- عندما يتكلم صاحب العصمة الامام المشهداني
- يوما الوحدة الوطنية العراقية
- مستقبل العراق بين العمامة الشيعية والسدارة السنية
- جائزة محمود المشهداني للعجائب والغرئب الدولية
- صفحة جديدة من سجل ايران التوسعي
- بعد لبنان وجنوبه ،(تقوىومقاومة) نصر الله تعبث بامن العراق
- الاحزاب ومهمة الانماء السياسي في العراق
- لماذا يقاتل الفلسطينيون انفسهم نيابة عن اسرائيل ؟


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي البدري - الرغبة عند درجة الاستواء