أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جمال محمد تقي - العراق بين التخيير والتسيير؟















المزيد.....

العراق بين التخيير والتسيير؟


جمال محمد تقي

الحوار المتمدن-العدد: 2184 - 2008 / 2 / 7 - 03:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المراد بالتخيير هنا ، ان تكون الارادة العراقية حرة فيما تختاره بعيدا عن الاملاءات والاحاطات والتركيعات وبعيدا عن الترويضات التي تختلط فيها خيوط عناكب الاحتلال بخطوط الفصل العنصري والطائفي لمريديه ومرتزقته وكل الجاحدين للعراق كوطن جامع ومؤهل ابدا لاحتواء احشائه وتحقيق ذاته ، ان ثراء وتنوع تلك الاحشاء هي ميزته وخاصته ،وعلى مدى كل تاريخه الطويل الذي يعرفه القاصي والداني ـ تاريخ شعب بلاد مابين النهرين ـ انه مرجل تاريخي مادي وروحي صاهر للاصول والجذور والعروق ، وكان ومايزال منتج لاكثر صمغيات الحضارة قوة ، حيث يذوب فيها الاقل تطورا بالاكثر ، بلاد توحدها السماء والارض والماء والخضرة والوجه الحسن !

ان اصحاب المشروع الفدرالي هم انفسهم اتباع المشروع التقسيمي الامريكي للعراق ، فالمحتلين والعنصريين الطائفيين الاستقطاعيين من هدامي الوطنية العراقية ومن مقلدي مراجع المشروع الاحتلالي ، هؤلاء جميعا طبعات متعددة لاصدار واحد هو قرار اعدام العراق بانهاء وجوده ككيان ودولة ، وتفكيكه الى اصول متخلفة تتحلل من خلالها كل اواصر المدنية التي تتجاوز القبيلة والطائفة والقومية حيث يسهل ملاعبتها واسترقاقها وهضمها !
دعاة التقسيم هم وجوه جديدة لزمن الانحطاط العراقي ، برز دورها المتكيف والنهاز مع جدية التوجه الامريكي لتنفيذ مشروعها الامبريالي العولمي ، فالبعد الخارجي هنا حاسم ومسير !
ان اي محاولة جادة لقراءة الوضع العراقي الحالي ، تستبعد مركزية العامل الخارجي بمؤثراته المباشرة وغير المباشرة ستفقد جديتها ومصداقيتها عند اول ملامسة لها للواقع العراقي بازمنته الثلاثة الماضية والحاضرة والمقبلة .
لم يكن عبثا مثلا ان يلوم صاحب قراءة عراقية نفسه ويعتكزعلى كلمة مستحيلة ـ لوـ اي انه لو كان يعلم ان تحرير العراق سيؤدي الى هذه الكارثة فانه ما كان ليدعمها ! وهو القائل : ان اصوات القنابل الامريكية على بغداد اجمل موسيقى يرقص لها قلبه ، هكذا كان يقول كنعان مكية ، وها هو الان يقول : ياريت الذي صار ما صار ، ولكن بعد فوات الاوان وبعد ان لعب هو ذاته دوره في الحاصل الان ، وقبض ثمنا معلوما لمواقفه تلك ، اي ان القراءة الخاطئة تؤدي حتما بصاحبها الى مواقف خاطئة قد يندم عليها او يتنكر لها او يتمنى ان لا تنكشف ، وهكذا ولكل حسب مايقرأ ، لكن المصيبة عندما تكون تلك القراءات غير بريئة وتتقصد التعمية والتجهيل والتغطية والتضليل ، فحساب هكذا قراءات سيكون حساب مختلف ، ولا يختلف عن حساب المحرض على ارتكاب الجريمة !
ان التسليم بقدرية وحتمية وضرورة الاحتلال كوسيلة لتحقيق هدف وطني ، هو التيه الذي يبعث على الافلاس بعينه ، فالمحتل له مشروعه المناقض بالصميم للمشروع الوطني وبالتالي ستكون شعاراته المعلنة لا تعدو عن كونها شعارات للاستهلاك المحلي والدولي ، لكن دوافعه مغايرة ويستحيل التوفيق بينها وبين المشروع الوطني ، فالتبعية وباي شكل من اشكالها هي مناقضة للمشروع الوطني ، والوجود الاحتلالي بحد ذاته هو فعل مناقض للمشروع الوطني ، ان مجرد تغيير انظمة الحكم بالقوة وبواسطة قوى غازية هو فعل لا شرعي ولا تقره الاعراف والقوانين المحلية والدولية ، فكيف الامر مع احتلال جاء متعمدا لتقسيم البلاد والعباد ووضع يديه على قرار الحكم والتصرف بالطاقة الحيوية التي تسبح عليها ارض الرافدين ؟
لو خير العراق : فانه سيختار حتما طرد المحتلين ودون ابطاء ، وابطال مفعول كل اجراءات عمليته السياسية العقيمة ، ليقيم محلها حكومة مؤقتة مستقلة من المتخصصين الوطنيين بمجلس مرجعي يجمع فيه كل ممثلي القوى التي ناهضت الاحتلال مع ممثلي للاطياف العشائرية والدينية المقارعة للمحتلين وممثلي المقاومة العراقية والجيش العراقي ، لينفذ الجميع برنامج انقاذ وطني يعمل على اساس فترة انتقالية لا تتجاوز السنتين يجري فيها تهيئة الاجواء الدستورية والوطنية والامنية لانتخابات تشريعية على اسس وطنية وبرنامجية لاعادة بناء العراق واستعادت دوره وعافيته ، وتبني وفورا هيكلة القضاء العراقي وتشكيلاته وضخه بكل الامكانيات المتاحة واعتماده كاساس مرجعي لكل الاجراءات القانونية والامنية تحديدا لتكون سلطة القضاء وكلمتها هي العليا ، يلغى قرار حل الجيش العراقي وتشكيلاته ويتم استرداد ممتلكاته ، ثم يجري التعامل مع التشكيلات العسكرية النظامية التي شكلها الاحتلال بروح من المسؤولية بحيث يجري ضم ما يصلح منها للعراق المحرر ، الابقاء على كل تشكيلات الشرطة والحدود التي لا تعادي التوجه الجديد ويجري العمل بما هو ملائم من كل القوانين التي سبقت الاحتلال ولغاية انتخاب مجلس تشريعي جديد .
العراق مسير للتهلكة !:
لقد اتضحت كل النوايا الامريكية من وراء الحرب على العراق واحتلاله واقامة نظام ضعيف تابع فيه ، تتنازعه الطوائف والعنصريات ، الهدف هو التمكن من ثرواته النفطية ولاجل غير مسمى ، ولاجل ضمان ذلك الهدف يجري العمل على تقسيمه الى ثلاثة او اربعة دويلات لكل واحدة جيشها وعلمها ودستورها ، وما الاجراءات الامريكية الاخيرة التي تندرج تحت عنوان الاستراتيجية الامريكية الجديدة في العراق ، والتي تستند على سحب تدريجي للقوات المقاتلة ـ سيسحب منها 5 فرق قتالية بعد النصف الثاني من عام 2008 ـ وعلى استبقاء قواعد محدودة لا تتجاوز عدد اصبع اليد الواحدة للتدخل السريع ولفرض الهيمنة بالقوة وستكون هذه القواعد فعالة لكنها ليست على تماس مع المدن العراقية ، اي ستكون ساكنة في البراري متأهبة لاي طاريء يفسد عليها سطوتها الكلية التي لاتحيد عن تفاصيلها التشكيلات العسكرية العراقية ـ جيش وشرطة واستخبارات ومخابرات ـ فكل هذه الاجهزة ركبت بطريقة تتناسب والمشروع الامريكي ذاته اضافة الى وجود سيطرة من خلال المستشارين الامريكان !
لقد كانت تفاهمات بوش المالكي الاخيرة خطوة بهذا الاتجاه الذي يريد اكساب البقاء الامريكي المهيمن شرعية دستورية وسياسية عراقية ، حيث ستنهي تلك التفاهمات مفعول اجراءات مجلس الامن ورقابته التي تتطلب موافقته على تمديد وجود القوات الاجنبية في العراق ، وفعلا اعلن زيباري انها المرة الاخيرة التي يطلب العراق فيها من مجلس الامن لتمديد وجود القوات حتى نهاية عام 2008 ، وقد بدأت معظم القوات المحتلة من غير الامريكية التهيئة لمغادرة العراق ـ البريطانية والاسترالية والبولندية والكورية ـ ومن جهة اخرى تتعمد السياسة الامريكية على ابقاء القدرات العسكرية للتشكيلات العسكرية العراقية النظامية ضعيفة بل اضعف من قدرات الميليشيات المرخصة ـ البيشمركة والصحوة وبدر ـ وبالتوازي مع هذه الاجراءات الامنية والعسكرية هناك خطوط سياسية وعملياتية تسهر الاستراتيجية الامريكية على فرضها ليسير عليها العراق دون امكانية للفكاك منها كتمرير قانون النفط والغاز الجديد ، وحسم موضوعة الاقاليم بطريقة تخدم التواجد الامريكي طويل الامد في العراق ، وانجاز مايسمى بمشروع المصالحة الوطنية الذي ما هو الا محاولة امريكية لانتزاع توافق من كل الواجهات العراقية على مشرعها هي مقابل ضمانها لتقاسمهم مغانم السلطة المفككة ـ بهذا الاتجاه جرت اجتماعات البحر الميت وايضا يجري التحضير لمؤتمر للمصالحة في القاهرة خلال العام القادم ـ !

الخلاصة :
السياسات الامريكية ومصالحها هي صاحبة اليد الطولى في العراق المحتل حتى لو تم سحب 100 الف جندي امريكي من العراق وحتى لو خلت شوارع العراق من جنود الاحتلال الامريكي والبريطاني والاسترالي ، هي من وضع خط السير لكل معالم العراق الجديد وسيبقى نفوذها متواصلا لحرسة خط السير هذا ، فالقواعد والاتفاقيات والتوازنات والميدان الذي نجحت بتدجيجه بكل عوامل التنازع الطائفي والمناطقي والاثني ، عبر الدستور وفتنة الفدرالية كلها كفيلة بتسيير الوضع في العراق ومستقبله الى حيث المصلحة الامريكية !
لكن من الخلاصة ايضا ان نقول : ان الشعب الذي اجبر الامريكان على السير بطرق لم ترحهم ولم يتوقعوها قط قادر على افشال واحباط تقفيلتهم تلك وقلب الطاولة على كل الاعبين عليها ، فاكره ما عند اهل العراق ان يكونوا مسيرين والاختيار لديهم عقيدة لا يغادروها حتى لو غادرها المعتزلة كل المعتزلة وعبر التاريخ كله !



#جمال_محمد_تقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نداء غزة !
- الرجل المومس والبغي الفاضلة !
- اين النمو من البلدان النامية ؟
- وقفة الامام الحسين بين الرمز والتشخيص !
- القاعدة ليست استثناء !
- متى يكون المثقف متبوعا ؟
- ايها الديمقراطيون ارفعوا اصوات تضامنكم مع مجلة -الاداب -
- الشيوعية العدو اللدود للامبريالية
- حدود وسدود لا تصان الا بتحرير العراق وكسر قيود احتلاله !
- مواقف راقصة للوقفان السني والشيعي في عراق اليوم !
- حالة الامن والمرأة العراقية !
- المتاهات والبدايات الصحيحة
- التحسن الامني في العراق اشاعة رخيصة وباهتة !
- لماذا الحاجة الامريكية الى اتفاقية عسكرية طويلة الامد مع الع ...
- الغياب ممنوع والعذر مرفوع والرزق على أنا بوليس !
- مقاومة الاحتلال وعمليته السياسية لاتؤتي ثمارها بالمساومات !
- سلامة العراق سلامة لكل جيرانه !
- المثقف الاعور !
- وعد بلفور ووعيد هتلر!
- التطور اللاراسمالي بين الخرافة الفعلية والامكانية النظرية !


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جمال محمد تقي - العراق بين التخيير والتسيير؟