أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - مهدي النجار - بؤس نقد الوعي: مجلة الاداب نموذجا















المزيد.....

بؤس نقد الوعي: مجلة الاداب نموذجا


مهدي النجار

الحوار المتمدن-العدد: 2183 - 2008 / 2 / 6 - 10:47
المحور: الصحافة والاعلام
    


حين اطلعنا على افتتاحية مجلة الآداب في عدد ايار- حزيران 5 /6 /2007 اثيرت في نفوسنا اسئلة حزت قلوبنا، اذ كيف يتحول النقد الثقافي/الفكري / وبصورة عامة نقد الوعي الى صفقات من الشتائم والقذف والصراخ والندب والعويل، وتختلط اوراق النقد السياسي بالنقد الثقافي، ويفتقد لاسسه العلمية الصارمة ويتحول الى مجرد ورقة تهريجية وتجريحية تنتهك حقوق الافراد والمؤسسات بالانتقاص من هذه الشخصية او تلك ودمغها بوابل من الافتراءات والطعونات، ويخرج النقد عن قواعده الادبية، او كما يقول الاستاذ فؤاد التكرلي بصدد الموضوع نفسه: " ان النقد الفكري البناء يستند الى قاعدة ادبية تحاذر ان تتجاوز النقد الى التجريح. وتحاول ان تكبح جماح الاندفاع العاطفي غير المسؤول، لئلا يصطدم مع القانون ويخرق مواده فينقلب السحر على الساحر" (جريدة الزمان/ دفاعاً عن حق الدفاع عن النفس). للوهلة الاولى حين نقرأ مقدمة نص الافتتاحية وما فيها من بضعة سطور تتناول نقد ازدواجية العقل العربي النقدي والشك بافكار المثقفين الحداثية، تُغرينا هذه المقدمة الى اننا سنعثر بعد حين على كنز رائع من نقد الوعي المعرفي، الا ان ما وجدناه خيب آمالنا، فهو عبارة عن عملية انتقائية اختلطت فيها اوراق السياسي باوراق الثقافي، وفاحت من بين سطورها الضغائن والاحقاد، بل ازكمتنا روائح السب والتجريح والشتيمة والادعاءات حتى افرغت هذه الافتتاحية نفسها من اي خيط يمت الى روح النقد، ومما اثار دهشتنا ان يكون "اسبوع المدى الثقافي" محوراً اساسياً فيها فيصب السيد نجاح ادريس (كاتب الافتتاحية) جام غضبه على هذا الاسبوع واهله والارض التي اقيم فيها الاسبوع ومن حضره ، حتى خُيل الينا انه صار من اسابيع النحس عند العرب، فهو السبب في تردي حالة الامة العربية وضياع فلسطين، وهو السبب في ما يجري في كردستان والعراق بصورة عامة، وهو الذي مهد الطريق لدخول الدبابات الامريكية، ونسى الكاتب ان هذا الاسبوع هو السبب في تدهور الاضاع في دارفور وغزة والشيشان وارتفاع نسبة الفقر في العالم العربي لتصل الى35 % والامية الى 60 % وان 80 % من السجناء السياسيين يقبعون في سجون العالم العربي والاسلامي، هذا الاسبوع هو السبب في امتهان حقوق الانسان والنساء خاصة؟!!...كان بودنا ان نقرأ مثلاً، مسحاً شاملاً لاوراق ذاك الاسبوع الذي تزاحمت فيه الاوراق من شتى الملل والافكار والاتجاهات والمدارس وفي مختلف المجالات (الفكر والفلسفة والادب والموسيقى والمسرح والتشكيل وعروض الكتب ...)، كان بودنا ان نقرأ نقداً واعياً وصارما ومنهجيا لهذه الاوراق او لبعض منها (اعتقد ان السيد سماح لم يقلب او يطلع على اي ورقة من هذه الاوراق واكتفى بما تناقلته اعمدة الصحف هنا او هناك).
يثير سخريتنا السيد سماح وهو يكتشف على طريقة (وجدتها...وجدتها!!) اشياء لم تخطر على بال احد، فينبري صائحاً: هل تعلمون اوضاع كردستان حقاً ؟ هل تعلمون واقع المرأة هناك؟هل تعلمون واقع الموساد (المخابرات الاسرائيلية)؟ هل تعلمون اوضاع السجون في كردستان؟ حرية التعبير، حقوق الانسان؟...الخ من التساؤلات، بعدها يغضب السيد سماح ويحرض: اذا كنتم تعلمون ذلك ايها المثقفون، فكيف تذهبون الى اسبوع المدى الثقافي؟! سامحك الله يا سيد سامح، ابهكذا بساطة تتهم الباحثين والكتاب والمفكرين والادباء والفنانين (العرب وغير العرب) بالجهالة والجهل والتخوين؟!، فلغة الزعيق والتجريح لاتنتمي بخيط واحد الى لغة النقد الواعي، والاجدر ان يلتفت المرء الى ما حواليه اولا قبل ان يتسلق الجبال الوعرة، فالمنطق النقدي هو الذي ياخذ الامور والقضايا بتاريخيتها وتعقيداتها وتغيراتها وتطورها، لا بحالتها السكونية والراكدة، فاوضاع كردستان مرت بحالات قتالية وتجاذبات وصراعات عبر عشرات السنين حتى آلت الى ما هي عليه، ينبغي النظر اليها من خلال وسطها الاقليمي ومحيطها الدولي وظروفها الاجتماعية والسياسية والثقافية، اذا اخذنا الاوضاع على ذلك الاساس وتمت مقارنتها باوضاع العالم العربي فسنجدها رغم التلكآت والانتهاكات من ناحية حقوق الانسان والمرأة والسجون وحرية التعبير والراي والمستويات المعاشية....فهي من بين الافضل في المجتمعات العربية، واذا ما تمت المقارنة على نحو آخر، مع الوسط والجنوب في العراق فسيجد المرء بجلاء ان كردستان قد قطعت اشواطا مهمة في تمدنها وبناء اسسها الديمقراطية، فهذه الاوضاع ينبغي تشجيعها ودفعها الى الامام في طريق التطور ورفدها بالآراء التقويمية الصحيحة والنقد المثمر والارجح ان يعري كل واحد منا عيوب بلده اولا بنفس الهمة والشجاعة، التي يحاول فرحا ان يعري بها عيوب الاخرين لان بيوتنا كلها من زجاج.
لقد عثر السيد سماح على تقارير تشير الى وجود بعض الاشخاص يعملون في كردستان وهم ينتمون الى "الموساد" وهذا ما اثار فزعه، اذ كيف يقام "اسبوع المدى" على ارض يتواجد فيها "الموساد" من ذلك يستنتج السيد سماح، اذن انتم خونة ايها المثقفون، لانكم ذهبتم الى هناك!!. هذه اللغة محزنة وهذا المنطق هش، لا ينتسبان الى ما يسمى بالنقد، والا ما معنى ان تقام المهرجانات والاحتفالات والندوات الثقافية والادبية والسينمائية وتقدم الجوائز، منذ تاسيسها ولحد اليوم، على طول عرض بلاد العرب وطولها، برعاية انظمة عربية ، ليست حفرت طريقها الدبابات الامريكية، بل خلقتها من الفها الى يائها، وعلى هذا المنوال من السذاجة ينبغي اتهام جميع الذين شاركوا مثلا بمهرجان جرش او قرطاج او القاهرة او نالوا جائزة عويس بالخيانة والعمالة لان الانظمة هناك لها علاقات طيبة مع امريكا واسرائيل وبعضها يرفع العلم الاسرائيلي علانية وجهراً، وبنفس هذا المنطق ينبغي محاكمة الراحل نجيب محفوظ لانه ارتضى لنفسه قبول جائزة "نوبل" وهي جائزة يمولها الامبرياليون ويشك بانها مدعومة من جهاز"الموساد"، وعلى نفس المنوال ايضاً يجب التشهير بمجلة "الآداب" القديمة لانها عرفتنا بآداب وفنون ولغة اكبر جزاري العالم العربي الا وهو الاستعمار الفرنسي ونقلت الينا معارفه وابداعاته.تلك سماجات ليست لها علاقة بالنقد الواعي او النقد المعرفي، النقد يعتمد الاحصائيات والوثائق والمعلومات الدقيقة، يعتمد البحث والاسقصاء وتفكيك القضايا حسب ظروفها وعوامل نشوؤها وتطورها، النقد الواعي لا يعتمد صيغة قال فلان وحكى فلان كما في سرديات القرون الوسطى، ومن العيب ان نؤسس نقدنا على حكايات واحاديث تطلقها النخب في هذا الحقل او ذاك المجال.
واخيرا وليس آخراً - كما يقول السيد سماح- هل يعرف المدعوون الى مهرجان المدى، ممن طبل وزمر لانجازات كردستان الديمقراطية من هو مدير مهرجان المدى، الاستاذ فخري كريم؟!... وجدتها وجدتها، هذه هي الخلاصة (هذه الزبدة كما يقال) من كل هذه الزوبعة النقدية البائسة، فهو: سارق اموال الفقراء والطلاب وعائلات الشهداء/ سارق اموال مجلة النهج ودار المدى/ سارق اموال الحزب الشيوعي/ عميل المخابرات الامريكية والبريطانية والصدامية....هذا ما يريد ان يقوله خطاب الوعي البائس، والى هنا يريد ان يصل (لكن لماذا، لاادري؟!)، يستعمل كل ادوات التحريض والتشهير ليضع خصمه في موضع الخطر (خاصة في مثل اوضاعنا المضطربة في العراق)، فليعتبرنا السيد سماح من السطحيين وقاصري النظر، فمثل هذا الكلام يمكن ان يطلق على اي شخص وعلى اي مؤسسة، فهل بامكانه ان يدعم تحريضه بالحجج والادلة والبراهين (كما هو منهج النقد الواعي)؟!. نترك الامر للسيد المحرض، ونذكره بان الحزب الشيوعي العراقي غير قاصر ولم يكلف احدا من المفترين للدفاع عن حقوقه وتربطه مع الاستاذ فخري كريم علاقات طيبة ومتينة، وفوق ذلك نذكره بان اعداد كبيرة من الشيوعيين او المتعاطفين معهم قد حضروا "اسبوع المدى الثقافي"، ناهيك عن القيادات المخضرمة مثل الاستاذ عزيز محمد والاستاذ عبد الرزاق الصافي ...!!. كان بحق وحقيقة ذلك الاسبوع زاهرا، زاخرا بالابداع و الثقافة لم يشهد عالمنا العربي مثيلا في شكله ومحتواه، اننا لا ندافع عن الاستاذ فخري كريم، لكن اغلبنا وجد فيه النموذج الحضاري الذي يمكن ان ياخذ بالثقافة العراقية في مسار الحداثة والتنوير، وهنا نتسائل، لماذا لا ناخذ الرجل بحصيلته الثقافية النهائية؟ ثم نستفهم بعد ذلك، هل اساء لمسار الثقافة العقلية والنقدية العربية عموما والعراقية خصوصا، هل وضع العراقيل امامها لتظل في انحطاطها وكسلها، هل تندرج منشوراته (صحف/ كتب/ مجلات...) ضمن الابداع وثقافة الحرية والتسامح والعقل...هذه هي اسئلة النقد واسئلة التنوير. ولكن الاغبياء وحدهم هم الذين وسط الاشجار ويصرخون: اين الغابة؟!.
بقيت نقطة اخيرة يجب ان نشير اليها، وهي الاسوء في تاريخ الثقافة العربية ان ينتقل مرض الاستبداد السياسي ومن اهم علاماته الفارقة: توريث الحكم، الى المجال الثقافي فيورث الآباء اولادهم الخدج!!



#مهدي_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدخل لفهم التنوير
- بدوي اول الفلاسفة المعاصرين
- الحالمون والازمنة الفاسدة
- فلسفة الثقافة البديلة في العراق
- النفري افكار مشوشة وتاريخ غامض
- معنى الانسان في تصورات ابن عربي
- الذكرى المئوية الثامنة لميلاد العارف جلال الدين الرومي
- ايها المتشددون اصنعوا ثمة شئ للعالم
- السهروردي قتيل الاشراق
- سيبويه رائحة التفاح
- صالح بن عبد القدوس
- بَشَّارُ بن بُردٍ قتيل الهوى قتيل التمرد
- التوحيدي فيلسوف الادباء
- ملاحظات حول بسط التجربة النبوية/اطروحة المفكر الايراني عبد ا ...
- سلطة الله وسلطة البشر
- اهل الكهف والصحوة الاسلامية
- التدين العقلاني
- لماذايندرج الشباب في تيارات العنف
- الزمان العجائبي في سرديات الطبري
- المشروطية والمستبدة


المزيد.....




- لماذا تهدد الضربة الإسرائيلية داخل إيران بدفع الشرق الأوسط إ ...
- تحديث مباشر.. إسرائيل تنفذ ضربة ضد إيران
- السعودية.. مدير الهيئة السابق في مكة يذكّر بحديث -لا يصح مرف ...
- توقيت الضربة الإسرائيلية ضد إيران بعد ساعات على تصريحات وزير ...
- بلدات شمال شرق نيجيريا تشكل وحدات حماية من الأهالي ضد العصاب ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود- على أهداف في العمق الإيراني و ...
- قنوات تلفزيونية تتحدث عن طبيعة دور الولايات المتحدة بالهجوم ...
- مقطع فيديو يوثق حال القاعدة الجوية والمنشأة النووية في أصفها ...
- الدفاع الروسية: تدمير 3 صواريخ ATACMS وعدد من القذائف والمسي ...
- ممثل البيت الأبيض يناقش مع شميغال ضرورة الإصلاحات في أوكراني ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - مهدي النجار - بؤس نقد الوعي: مجلة الاداب نموذجا