أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - بهجت عباس - النسب والجينات















المزيد.....

النسب والجينات


بهجت عباس

الحوار المتمدن-العدد: 2183 - 2008 / 2 / 6 - 11:06
المحور: الطب , والعلوم
    


يرث المرء صفات أبويه نتيجة الجينات التي يرثها منهما ، هذه الجينات التي ورثها أبواه من أبويهما أيضاً . والحقيقة أن الجسم هو صَنعة الجينات أو نتاجها ، مع تأثير البيئة بظروفها المختلفة عليها ، والتي قد تؤدي إلى تغييرها أو تشويهها . فهل ترانا نحتفظ بالجينات التي كان يملكها آباؤنا الذين عاشوا قبل ألف سنة أو أكثر ؟ ولما كان المرء نتيجة صنعة الجينات ، وهذه الجينات التي ملكها جدنا الذي عاش قبل ألف سنة ولسنا نملكها نحن ، هل نستطيع القول إننا أبناؤه خَـلْـقاً وخُـلُـقاً ؟ وإذا كانت الأم تهب نصف الجينات أو أكثر ، كما سيأتي ذكره ، هل يمكننا القول إننا من نسل (الأب وأجداده القدامى فقط) ولا نذكر للأم وأجدادها أيَّ دور، بل هي مطويّة في عالم النّسيان؟ ولكننا قبل الخوض في هذا الأمر علينا أن نفهم ما هو الجين وكيف يعمل ، ومن هنا نأتي على وحدة الجسم البشري التي تحوي الجينات أجمعها وتنحصر فيها كلّ التفاعلات والفعاليات ، ألا وهي الخلية البشرية .

الخلية
******
الخلية كائن حيّ قائم بذاته ، لها فعالياتها وإنتاجها ، فبعض الأحياء ، كالبكتريا ، هو ذو خلية واحدة ، ولكنّ جسم الإنسان يتكوّن من 100 تريليون خلية تقريباً (التريليون هو مليون المليون) ، ويبلغ معدل قطرها حواليْ عشر المليمتر ، ولكنَّ أحجامها مختلفة . توجد نواة في داخل كل خلية (عدا خلية الدم الحمراء) محاطة بالسايتوبلازم الذي يحتوي على كثير من الجسيمات الصغيرة مثل الميتاكوندريا.. تحتوي النواة على مجموعتين من المواد الجينية تدعى كل واحدة منهما بالجينوم . يتكون هذا الجينوم من الكروموسومات ، التي يبلغ عددها في كل جينوم 23 كروموسوماً ( 46 كروموسوم في الجينومين) ومجموعة دي. أنْ. أيْ (دنا DNA). فهناك نسخة من الجينوم مورثة من الأم ونسخة أخرى مورثة من الأب . تتكاثر هذه الخلية ، الجسمية ، بعد أن تستنسخ الكروموسومات ذاتها فتتضاعف ، حيث ينتج عن ذلك خليتان متشابهتان ، تحتوي كل واحدة منهما على نفس العدد من الكروموسومات. ويسمى هذا الانقسام بالميتوزي . أما الخلية الجنسية (التي تُنتَج في المبيض أو الخصية) فتنقسم بادئ الأمر إلى خليتين متماثلتين تحتوي كل منهما 46 كروموسوماً ثم تنشطر هاتان الخليتان إلى أربع خلايا تحتوي كل واحدة منهن على نصف العدد من الكروموسومات (23) ، أو بالأحرى على جينوم واحد فقط ، أنثوي أو ذكري ، وعند اتحادهما لتكوين (البيضة المخصبة Zygot) يجتمع الجينومان ليكونا 46 كروموسوماً . عندما تنتج الأم البيضة تستنسخ الخلية الأم (الخلية الجنسية) كل كروموسوم فيها ، فعندها يلتصق الكروموسوم مع نسخته ، ثم تجد الكروموسومات مثيلاتها فتتبادل قطعاً جينية (دنا) متماثلة بينها ، وبهذا الامتزاج يكون بعض الجينات من أم الأم جنب مثيلاتها من جينات أب الأم على نفس الكروموسوم ، الذي سيرثه الطفل ، وكذلك الحال مع الحيمن وجيناته ، أي أن الطفل سيرث كروموسومات جديدة تختلف عن كروموسومات أبيه وأمه ، فيها جينات من جَـدّتيْـه وجَـدّيْـه . لذا يحمل بعض الأطفال صفات أمهاتهم أكثر من صفات آبائهم والعكس وارد أيضاً . هذه الكروموسومات تكون خاصة بهذا الطفل لا يشاركه فيها أحد حتى إخوته ، عدا التوأمين المتناظريْن الناتجين عن انقسام الخلية المخصبة (زايكوت) ، وبهذا يكون الإخوة متفاوتين في بعض الصفات ، ومشتركين في صفات أخرى . وستجري هذه العملية مرة أخرى وبنفس الطريقة بالنسبة إلى نسل (الطفل) . يوجد في كل جينوم 25 إلى 30 ألف جين ، أي أنّ لكل جين نسخة مشابهة في الجينوم الآخر ، هذه النسخة تسمى (أليل) ، أي أنَّ ثمة جيناً من الأب مقابل جين من الأم يكون الفرق بينهما في لون العينين والبشرة والشَّعر ..إلخ. فالجين هو قطعة من الدنا DNA، تتكوّن من سلسلة قواعد نتروجينية أربع هي أدنين ، ثايمين ، كَوانين وسايتوسين تتكرر مئات المرات أو آلافهـا ، حسب نوع الجين . يقع الجين على الكروموسوم ويقوم بإنتاج البروتين ، سواء أكان خميرة (إنزيم) أو هورمون ، كالأنسولين مثـلاً (ليست كل الهورمونات بروتيناً ولكن البروتين يدخل في صنعها) . وقد تحدث أثناء عملية الاستنساخ المتكررة تغييرات / تشوّهات ، منها ما هو ضارّ ومنها ما ليس له أيّ تأثير ، وقد وُجد أن دناDNA الفرد تعاني 100 تغير أو تشويه Mutation فيها تقريباً خلال حياته . وهذا يعني أن الفرد يرث مجموعة من الجينات فريدة به ، إذ هي مزيج من جدّتيه وجدّيه (جدود أربعة) مع تغييرات فيها أثناء تكوين البيضة والحيمن الناشئيْـن منهما ، وتغييرات أخرى تنشأ أثناء حياته في البيئة التي يعيش فيها . لذا تساهم الأم بنصف جينات الطفل زائداً جينات الميتاكوندريا البالغ عددها 37 جيناً ، ضمنها الجين الهامّ الذي ينتج الخميرة سايتوكروم سي أوكسيديس Cytochrome C Oxidase والخمائر المساهمة في إنتاج الطاقة المعروفة أدينوسين ثلاثي الفوسفات (أي. تي. بي. ATP) الذي يزود التفاعلات الكيميائية في الجسم بالطاقة التي تحتاجها . هذه الميتاكوندريا ، المسماة بيت الطاقة ، تمنحها الأم فقط إلى الطفل . فلماذا تُهمَل الأم إذاً في نسب الفرد ، وهي التي تساهم بنصف الجينات مع الميتاكوندريا ، التي لولاها لا تكون الحياة ، بينما الأب لا يشارك إلا بنصف الجينات فقط ؟ الميتاكوندريا (المُشوَّهة) تلعب دوراً كبيراً في إسراع شيخوخة الإنسان .
هذا من ناحية . ومن ناحية أخرى ، إذا علمنا أن الأب يساهم بنصف جينات ابنه أو ابنته ، وأن عدد الجينات ، ولنقل حواليْ (30) ألف جين تقريباً ، فإن ما يرث الابن من أبيه هو 15 ألف جين ، ونفس العدد من أمه طبعاُ. هذا الابن سيورث ابنه 7500 جين ( أي ربع جينات جدِّه) ، والأخير سيورث ابنه ثُمنَ (1/8) جينات الجدّ الأكبر وهكذا . ولو فرضنا أن معدل الجيل هو 30 سنة ، واستمررنا على حسابنا هذا ، فسوف لا نجد في الجيل الخامس عشر ، أيْ بعد 450 سنة ، سوى جين واحد أو بضعة جينات من الجدِّ الأكبر . فأين ذهبت هذه الجينات خلال هذه المدة ؟ تخفَّـفتْ وتقسَّمت بين أفراد المجتمع الذين عاشوا في ذلك المحيط نتيجة الاختلاط بين أفراده وكوّنتْ فيما يدعى بـ (حوض أو بِركة الجين Gene Pool) حيث تنحصر هذه الجينات في ذلك المجتمع الصغير. أما إذا اختلط / تزاوج بعض من أفراد هذا المجتمع من أفراد مجتمع آخر مجاور، فالجينات تنتقل (تهاجر) إلى ذلك المجتمع مما ينتج عن هذه الهجرة جينات جديدة أو تتغيّر استمرارية / تَكرار الجينات الموجودة في السكّان فيما يدعى بسيولة الجين Gene Flow ، وهذه الأخيرة تزيد من تنوّع بِرَك الجينات . وقد يختفي بعض الجينات أيضاً من بِركة جينات جيل نتيجة ما يسمى بالـ (الانجراف الجيني Genetic Drift) والذي هو نوع من التطور ، ذلك إذا كان هناك زوجان من خليتين لا ينتجان كثيراً من النسل ، لا تنتقل كلّ أليلات الأبوين إلى أطفالهما نتيجة توزيع الكروموسومات في الانقسام الميوزي ، حسب قانون مندل الأول للوراثة .
ومن هنا يتبين أن الفرد لا يملك من جينات جدِّه الذي عاش قبل خمسمائة سنة شيئاً إلا كما يملكه الآخرون الذين عاشوا مع أحفاد ذلك الجدّ في المجتمع ذاته واختلطوا معهم بوسائل مختلفة من تزاوج مثلاً ، وربما يملك بعض هؤلاء الأغراب عنه جينات منه أكثر مما يملك أحفاده ، حيث تخففت تلك الجينات وتوزعت وتغيرت/تشوهت نتيجة ظروف البيئة وسيولة الجينات وانجرافها ، كما ورد أعلاه . ولما كان الفرد يُنسَب إلى أبيه لأنَّه يرث نصف جيناته التي تكسبه صفات جسمية ظاهرية وداخلية ، يكون الانتساب إلى الجدِّ الأكبر الذي لا يملك منه أيَّ جين أو ليس أكثر مما يملكه غيره منه ، ضرباً من الأوهام .



#بهجت_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مع الشاعر الراحل مرتضى الشيخ حسين
- الخروج الأخير
- خبز وخمر 7 - 9 للشاعر الألماني فريدريش هولدرلين
- خبز وخمر 4 - 6 للشاعر الألماني فريدريش هولدرلين
- خبز وخمر 1 - 3 للشاعر الألماني فريدريش هولدرلين
- البحيرة - للشاعر الفرنسي لامرتين ( 1790-1869) - ترجمة بهجت ع ...
- هلاك سنحاريب - لورد بايرون (1788-1824)
- طموح حفاة الثقافة
- المقامة الثقافية
- إلى هولدرلين - للشاعر الألماني راينر ماريا ريلكه
- الجينات والعنف والأمراض
- الروبوت وجراحة البروستاتة
- أوراق الخريف - للشاعر الفرنسي جاك بريفير
- من سونيتات إلى أورفيوس - راينر ماريا ريلكه
- عندما يُصبح الجميع غير أوفياء
- استئصال البروستات بواسطة الإنسان الآلي
- خماسيّات
- هل يستطيع العقل تفسير ما يحدث داخل خلية الإنسان ؟
- ترتيلة محمد - لشاعر ألمانيا الكبير غوته
- العصر البرونزي* – لورد بايرون - 1788 - 1824


المزيد.....




- لماذا تكثر الإصابة بالسكتة القلبية أثناء الاستحمام.. خبراء ...
- طيور الفلامنغو في خطر بأفريقيا.. بسبب ارتفاع منسوب المياه
- ?هاتف ذكي بجسم متين من أوبو
- الأمير وليام يعود لمهامه الرسمية للمرة الأولى منذ الكشف عن إ ...
- تمارين التنفس للأطفال.. اعرف فوائدها المذهلة لنفسيتهم
- اكتشاف ثاني أكبر الثقوب السوداء بمجرتنا.. يبعد عن الأرض 2000 ...
- أطعمة ومشروبات تساعد فى تطهير الجسم من السموم
- “اضبطها حالا“ تردد قناة الفجر الجزائرية على القمر الصناعي نا ...
- تعرف على الرابط بين بكتيريا الأمعاء والإصابة بالسمنة
- ضد المايه ضد النار|… مواصفات هاتف موبايل أوبو مقاوم المياه و ...


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - بهجت عباس - النسب والجينات