|
الفصل الاقتصادي شعار للفصل السياسي مع مصر
سامي الاخرس
الحوار المتمدن-العدد: 2180 - 2008 / 2 / 3 - 11:40
المحور:
القضية الفلسطينية
تمرد قلمي عن الكتابة منذ أن زفت وسائل الإعلام نبأ وفاة المناضل الكبير جورج حبش فجال بخيالي مقولة جميلة " نكسوا الإعلام ، لم يتبق إلا الأقزام" . ذهب المناضل الكبير جورج حبش والساحة الفلسطينية تعيش أخطر مراحلها وأحداثها ، والقضية الفلسطينية تعيش غموض لم تشهده خلال مراحلها السابقة مثل هذه الضبابية ، والغموض الذي يكتنف حاضرها ومستقبلها ، سواء من الأطراف المحلية الوطنية المتمثلة بالرئاسة في رام الله ، والحكومة في غزة أو من الأحزاب الفلسطينية التي تقف موقف المتفرج ، وكأن حال لسانها يقول " مولد وصاحبه غايب" وكذلك الأطراف العربية والقوي الدولية . فالجميع ينتظر ويتروي وأصبح يتعامل بسياسة كاتم الصوت ، والترقب حتى لا يقع في المحظور والمغالطات السياسية حسب الفهم المرسوم في مخيلتهم وتوقعاتهم السياسية ، و حسب الأجواء التي نعيش فيها والملبدة بغيوم الضباب . فالمتأمل لواقع الحال منذ عام ونصف وربما أكثر يلمس حالة الضبابية التي تعيشها القضية الفلسطينية ، ولخبطة الأوراق بعضها ببعض ، حيث لم يعد أحداً قادر على القراءة أو التنبؤ بما تحمله الأيام القادمة ، أو المستقبل الفلسطيني السياسي على المدى المنظور . فإن كان مؤتمر أنابوليس لم يحمل في أوراقه الخريفية شيئا وحملتها رياح الخريف وألقت بها بعيداً ، وأنتهي بحفلة خطابية كعشرات الحفلات والمهرجانات التي سبقته ، فإن التطورات الأخيرة والتي تمثلت بفتح الجدار الحدودي مع مصر قد زاد من هاجس الخوف مما هو آت وقادم ، هذا الهاجس ليس نتاج غزو أهل غزة لمصر وكسرهم الحصار الاقتصادي والذي يعتبر مشروعا لشعب يموت جوعا وحصارا ، وإنما جملة التصريحات السياسية التي ترافقت مع هذا الحدث سواء المحلية أو الخارجية والتي أعلن الجانب الإسرائيلي علي الفور إخلاء مسئوليتهم الكاملة عن غزة وعلى مصر تحمل مسئولياتها ، وهذا يعني نفض إسرائيل يدها من مسئوليتها عن المذبحة التي ترتكبها بحق شعب بأكمله في غزة نتاج سياسة الحصار الهمجي التي تتبعها إسرائيل منذ زمن بعيد ، وكذلك تصريحات الساسة المصريين بضرورة إعادة النظر في النظام الحدودي مع غزة دون توضيح كيف إعادة النظر في هذا النظام ، وهل يقصد إعادة النظر في اتفاقيات كامب ديفيد ؟ أم إعادة النظر بالتوافق بين الجانب الفلسطيني – المصري ؟ وتصريحات إسرائيل بضرورة إعادة صياغة اتفاقيات كامب ديفيد مع الجانب المصري ، إلي العراك السياسي بين حماس والرئاسة في مفاوضات إدارة المعابر وفتحها ، ورفض حماس لهذه الاتفاقيات التي تعيد فتح المعابر ، إلي التصريح الأخير للسيد محمود الزهار القيادي بحركة حماس بمطالبته بوحدة اقتصادية مع مصر ، وبرأي أن هذا التصريح الأخير هو الأخطر من جملة التصريحات السابقة وهو الأحق بالتوقف عنده طويلا ، كونه يحمل في طياته ملامح جديدة . عند الحديث عن الثوابت الوطنية فالحديث يدور عن جملة الثوابت التي لا يمكن تجزئتها أو تفصيلها كقطع كلا علي حده . فالتجزئة والتفصيل هما اللذان أوصلانا لما نحن فيه من حالة إذابة للقضية الفلسطينية ، والثوابت الوطنية التي تستند إلي عدة مرتكزات ومبادئ لا يمكن التنازل عن أحداها مقابل الأخرى ، فنحن نخوض معركة سياسية ، اقتصادية ، اجتماعية متكاملة متوحدة تستند إلي أرض محتلة ، وشعب مشتت ، وكرامة مهدورة ، واقتصاد ينهب ، وحياة اجتماعية ممزقة بين الحدود والدول ، لا زالت خيمة اللجوء عنوان لها ولهذا الشعب الذي يقاتل ويناضل من أجل : الدولة المستقلة وعاصمتها القدس ، وحق العودة ، وتقرير المصير . كما أن الحصار الاقتصادي المفروض على غزة هو ذو أهداف سياسية وليس لغايات ومرامي اقتصادية بحته ، والدليل خطاب السيد رئيس الوزراء إسماعيل هنية عندما ردد بأننا سنأكل زيت وزعتر ولن نخضع ، وهو تأكيد بأن الحصار سياسي ولأغراض سياسية . وأن القضية قضية سياسية والحرب حرب سياسية تستعمل بها كل الوسائل الأخرى ، وعليه فعند الحديث عن الجانب الاقتصادي علينا أن نتحدث عن الجوانب الأخرى المكملة للجانب الاقتصادي ، وهل انفصالنا الاقتصادي هو الحل؟ إن كان الجانب الاقتصادي سيحل جزء بسيط من المشكلة المعقدة ، فماذا سنفعل بجملة الجوانب الأخرى .؟ أم أن الفصل الاقتصادي هو الخطوة الأولي في مشروع سياسي متكامل يبدأ من الأمعاء ويمر بالشرايين وينتهي بالدماغ ، وحينها نقول علي فلسطين السلام . إن كان أوسلو قد جزأ القضية الوطنية وحولها لقضية حكم ذاتي مهين ، فإن ما يطرح حاليا من حلول جزئية تأتي في مصاف التجزئة والإذابة للقضية عامة ، فالاقتصاد والجوع والعطش عاشة شعب فلسطين لأجل وطن حر وحقوق مشروعه ، عنوانها تضحيات من أجل تحرير الأرض والإنسان ، وإقامة فلسطين الدولة وعاصمتها القدس ، وعودة اللاجئين ، وتقرير المصير ، وما دون ذلك فإنه يأتي من باب البحث عن الذات ، والمصالح الحزبية التي أصبحت كأولوية على المصالح الوطنية . وعليه على شعبنا وقاه الحية الحذر ثم الحذر مما يدور حاليا ، فإن فلسطين أصبحت مضغة في أفواه الساسة يتقاذفونها كيفما أتجه مؤشر البوصلة المصلحيه والذاتية . فالمؤامرة تلي بظلالها علينا ، وبدأت بنسج خيوطها الحريرية الجذابة المغلفة بالاقتصاد والحصار ..الخ وتريد أن تحرف مؤشر نضالنا لاتجاه الحصار والاقتصاد الذي أصبح عنوان معركتنا متجاهلا العنوان الرئيس فلسطين ووحدة شعبها وأرضها . فنحن نخوض نضالنا لأهداف متكاملة لا تخضع للتجزئة ، ومن هنا فكل المشاريع والخطوات الاندماجية سواء الاقتصادية منها أو أي جانب دون الأخر فإنها مرفوضة مهما كانت الغاية والمبررات ، وإن ارتضينا بالوحدة الاقتصادية سنرضخ للوحدة السياسية ومن ثم الاندماج كليا ، ونتحول لمحافظة تابعة لمصر ، والضفة لمحافظة تابعة للأردن ، وكفي الله المؤمنين شر القتال . " قد يستمر نضالنا مائة عام وأكثر فمن تعب عليه التنحي جانباً" هل لي أن أتذكر هذا المناضل الوطني التاريخي جورج حبش الذي قبض على فلسطين حتى لفظ أنفاسه الأخيرة متحدياً ، ثائراً ، لم تنال منه الرياح والعواصف والمؤامرات ، عاش جبلاً تتكسر عليه المؤامرات ومات جبلا شامخا لا زال يتحدي .. ولا يسعني أقول سوي " نكسوا الأعلام ، لم يتبقٍ إلا الأقزام" سامي الأخرس 2/2/2008
#سامي_الاخرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما الجديد في غزة؟!
-
الرد علي مذبحة غزة
-
العرب ومعركة التاريخ والموروث
-
ايها الفلسطيني الغبي
-
نظام العباطة العربي الجديد
-
غزة الفقراء
-
علي شرف الذكري الاربعين للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
-
أنابوليس الواقعية والمعارضة الورقية
-
هل يصلب المسيح في غزة؟
-
ذكري الختيار ايحاء واستذكار
-
مؤتمر دمشق ترسيخ لحالة الانقسام الفلسطينية
-
خبر عاجل
-
المقاومة العراقية والمجهول
-
ماهر الطاهر لا يباع ويشتري بسيارة
-
نجاد القدس لا تستصرخكم
-
غزة وموضة المفخخات
-
اتفاق في الأفق.. فتحاوي ، حمساوي
-
وعانق الفارس عروسه فلسطين -حيدر عبد الشافي في ذمة الله-
-
فصائل المقاومة الفلسطينية تتبني المصطلحات الأمريكية
-
صورة حقيقية من غزة
المزيد.....
-
تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد
...
-
وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي
...
-
-رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع
...
-
هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
-
البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن
...
-
بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
-
صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
-
عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط
...
-
8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة
المزيد.....
-
المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية
/ جوزيف ظاهر
-
الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية-
/ ماهر الشريف
-
اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا
/ طلال الربيعي
-
المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين
/ عادل العمري
-
«طوفان الأقصى»، وما بعده..
/ فهد سليمان
-
رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث
...
/ مرزوق الحلالي
-
غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة
/ أحمد جردات
-
حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق
...
/ غازي الصوراني
-
التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|