أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى حقي - التغيير في الإسلام ...4...؟















المزيد.....

التغيير في الإسلام ...4...؟


مصطفى حقي

الحوار المتمدن-العدد: 2177 - 2008 / 1 / 31 - 11:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


- . لم يتوقف محمد عند حد تغيير أسماء أتباعه وأصحابه رجالاً ونسوة بل تجاوز في ذلك إلى أسامي الأماكن مثل البيادر= الماء، والجبال والطرق والقرى .
لقد رأينا فيما سلف كيف غيّر اسم أثرب أو يثرب إلى المدينة وكشفنا عن دوافعه ، ولأهميته أفردنا له بحثاً مستقلاً أو شبه مستقل .
ومعذرة إذا كررنا القول: إننا لسنا بصدد كتابة سيرة لمحمد ولا لصحبه ولذا فليس مطلوباً منا أن نورد إحصاءً دقيقاً للأخبار المتعلقة بالمحاور التي ندرسها ونمحصها،
ومن ثم فإننا نكتفي بعددٍ محدودٍ من الأحاديث أو الوقائع نقدمه كدليل على ما نقصد . منطقة الحجاز ليس بها نهر وعبّر القرآن عن ذلك بقوله (بواد غير ذي زرع)(46) والماء كان ولم يزل – لولا الأساليب الاصطناعية الحديثة – شحيحاً وكان حفر بئر
خاصة إذا أعطى ماءً وفيراً – حدثاً تتناوله الركبان ويتحدث عنه الهاجع والناجع وكان التعامل مع البيار عندهم طقساً حياتياً ’ وورود البئر يمارسه الفرد يومياً مثلما يذهب المواطن حالياً إلى بائع الصحف والخضر والبقالة...إلخ .
والتفت محمد إلى هذه الشعيرةالمعيشية المتكررة التي قد تغيب عن غيره ، فتعقب البيار ذات الأسماء المنفرة فأطاح بها وأحل محلها أسامي حسنة :
- ( قال عمرو بن الجموح... نعم الفأل والله إني لأرجو أن تغنموا وتظفروا بمشركي قريش، إن هذا منزلنا يوم سرنا إلى (حسيكة) فإن رسول الله-ص- قد غيّر اسمه إلى ( السقياء) (47)
- ( فلما قدم أبو سلمة المدينة ... انتفض الجرح فمات لثلاث ليال بقين من جمادى الآخر فغُسل من (اليسيرة) – بئر بني أمية – بين القرنين- كان اسمها مافي الجاهلية !( العسيرة) فسماها رسول الله –ص- ( اليسيرة) (48) .
- ( عن محمد بن إبراهيم التيمي قال : مرّ رسول الله –ص- في غزوة ذي قار على ماء يقال له (بيسان) فسأل عنه فقيل : اسمه بيسان وهو مالح ، فقال: لا بل هو (نعمان) وهو طيّب ، فغيّر الاسم وغير الله الماء ، فاشتراه طلحة ثم تصدق به وجاء النبي- ص- فأخبره فقال له : ماأنت ياطلحة إلا فياض ، فسمي طلحة الفيّاض( 49)
إن تغيير اسم بئر على وجه الخصوص له أثر نفسي وإيحاء نافذ على المخاطبين بالتغيير وخاصة وأنّ من صدر عنه شخصية كارزمية (=آسرة) مثل محمد وقادرة – في نظر تابعيه وصحبته- على الإتيان بالخوارق والمعجزات ، فكل هذه عوامل فاعلة في إقناعهم أن البير بعد أن كان (حسكة) (50) شحيحة الماء أصبحت ثرّة غزيرة العطاء ، وتحولت من العسر إلى اليسر ومن الملوحة إلى العذوبة ..إلخ فمن جانب أشاع الراحة في نفوسهم وأمدهم بالأمل .
ومن جانب آخر أكد تأثير محمد على كل مناحي حياتهم بل ظواهر الطبيعة وفي مقدمتها الماء الذي تتوقف حياتهم وحياة دوابهم عليه، الأمر الذي يمنحه(=محمداً) مزيداً من القداسة في نفوسهم ، وتغدو طاعتهم إياه ويصير انقيادهم إلى أوامره فرضاً واجباً لا محيص عنه – وبطريق الحتم واللزوم فإن مبادرات التطبيع والتطويع والصيغ التي يوجهها إليهم لا تقابل إلا بالطاعة التامة والتسليم الكلي.
وهكذا مع أي بقعة جبل أو مقر سكني ’حتى لو كان يمرّ به مروراً عابراً أو يسمع أن أتباعا له أو صحاباً قد آووا إليه واستوطنوه . هي إذن سياسة متبعة لا يفلت منها شخص – ذكراً كان أم أنثى – أو مكان . بئراً كان أو جبلاً أو طريقاً أو نجعاً ..إلخ لأن محمداً كان بصدد تخليق أمة جديدة هي(أمة لاإله إلا الله) لها عقائدها وعباداتها وشعائرها وطقوسها وقيمها وأنساقها ... المستحدثة التي لاصلة لها بما قبلها ..إذن يلزم أن تتميز الأسامي فيها بما يتفق مع أمة جديدة لها بنيتها المغايرة وطبيعتها المختلفة وقوامها المباين ...
ولما كانت(=الأمة)ناشئة وفي طور النمو الارتقاء والتقدم فيتعين أن يشيع في أبنائها؟التفاؤل والاقبال على الحياة والأمل الوطيد في مستقبل مشرق وغدٍ زاه ، ولذلك فلينحَّ جانباً من أسماء الأشخاص والأماكن ما ينافي الدين الجديد بما يضعه من عقائد وعبادات وشعائر وطقوس ...إلخ أو ما يبثّ فيها اليأس والقنوط والاحباط والتشاؤم وفلّ العزائم وتثبيط الهمم ...
- ( في الطريق إلى الطائف ... سلك في طريق يقال لها (الضيّقة) فلما توجّه فيها رسول اله- ص – وسأل عن إسمها فقال: ما اسم هذه الطريق ؟ فقيل له (الضيّقة) فقال : بل هي (اليسرى) ..(51)
- ( إذ قال رسول الله – ص – بأي بلاد الله .. (شكر) ؟ فقام إليه الجرشيان فقال :يا رسول الله في بلادنا جبل يقال له (كشر) وكذلك يسميه أهل(جرش)فقال: إنه ليس بـ(كشر) ولكنه ( شكر ) (52)
- ( عن عائشة قالت : كان النبي-0 ص – إا سمع اسماً غيّره ، فمرّ على قرية يقال لها (عفرة) فسماها(خضرة) (53)
ونختم الفصل بهذا الحديث وهو صريح النص والدلالة معاً على أن تغيير الأسماء كان لدى محمد منهجاً ثابتاً وخطة محكمةٌ وليس عملاً عشوائياً أو آنياً أو ظرفياً أو وقتياً ..وعبارتها ( كان النبي- ص – إذا سمع اسماً غيّره تفد الإلف والعادة والاستمرارية لا الفردانية أو الاستثناء أو الغرابة الطارئية أو اللاتوقع أو اللا انتظار بل هو أمر ثابت محسوب مقدّر مقنن لا يستطيع أحد أن يحكم عليه أنه فجائي أو وليد الصدفة أو ابن لحظته ... والتي أكدت هذه الحقيقة هي عائشة أحبّ زوجاته التسع إلى قلبه والتي لازمته أكثر من عشر سنوات في ليله ونهاره والتي هي بنص حديثه المشهور كانت تحمل(نصف الدين) الذي دعا إليه وتعلمه وتفتي فيه بينما باقي الزوجات وسائر أهل بيته وكل المسلمين من قبيلة قريش وأصحابه المهاجرين والأنصار وغيرهم ، كل هؤلاء يحملون النصف الآخر (خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء) (54)(55)والحميراء أي البيضاء المشوبة بحمرة ووصفها في حديث آخر بـ(الشقيراء) إذن خطة التغيير التي نفذها محمد لا يجمل أن يمارى فيها أحد .
وخاتمة المطاف في هذا الفصل : المخاطبون بهذا التغيير (من الأشخاص بداهة) أي الذين أوقعه عليهم محمد ونعني بهم الأتباع والصحبة وهم أفراد( أمة أمَيَّة) كما كان محمد دائماً يصف أمته .
مثل هؤلاء كانت تسيطر عليهم الغيبيات والماورائيات واللازمنيات والكائنات المستقرة في العوالم العليا والتي هي بطبيعتها مفارقة للإنسان، والمخلوقات العجيبة المدهشة مثل الجن والغول والعنقاء وكانوا يؤمنون بالحسد والعين والنفث في العقد والرُقي والتعاويذ والتمائم ...إلخ
ومن كانت تلك حالتهم العقلية والفكرية والثقافية والمعرفية.. تشيع بينهم الأساطير والتوهمات والتخيلات والقيم اللاعقلانية البعيدة عن المنطق أو ارتباط النتيجة بالسبب أو المعلول بالعلة وتتحكم في أفعالهم أو إحجاماتهم الخشية الهائلة من المجهول المهيب والرهبة البالغة من غضب قوى لا تعرف كنهها ولذا نراها تؤمن بالصدفة والحظ والبخت(56) والنصيب ولانتشار يقينهم في السحر كانوا يمارسون (العمل)(57) والشبشبة(58) والعكوسات(جمع عكس) (59) والنفث في العقد(60) ونقرأ في سيرهم : أخباراً وحوادث مكدسة تؤكد إيمانهم المطلق بهذه الأمور واعتبارها حقائق مؤكدة لا يرقى إليها أي شك . ومثل ذلك المجتمع الساذج لا عجب أن يتشاءم أفراده ويتفاءلون ويربطون كافة شؤون حياتهم بتلك المعتقدات :
السفر والزواج والختان وعقد الصفقات وشراء الدور والعبيد والإماء ..إلخ ولذا فإن أتباع محمد وصحبته الذين عاشوا شطراً كبيراً من حياتهم في ذلك المجتمع إذا كان الخارجون منهم في بعث أو سرية أو غزوة .. وردوا ماءً سألوا عن اسمه فأجيبوا باسم يوحي بالإحباط والهزيمة والشر تشاءموا وتثاقلوا عن أداء ما كلفهم به محمد بل ربما عادوا ادراجهم طلباً للنجاة والسلامة أمّا إذا مرّوا بطريق أو جبل أو نجع كان اسمه يبعث على التفاؤل انبسطت أساريرهم وتهللوا ونشطت سواعدهم للقيام بما عهد إليهم محمد به .
ولقد أدرك محمد- وهو الفطن البالغ الفطانة- لذلك الملمح في نفوس أتباعه وصحابته فاستثمره أكمل استثمار فبادر إلى نزع الأسامي القبيحةالموحشة المنفرة المثبطة المحبطة وركّب على الأماكن باختلاف أنواعها أسماء حسنة مليحة سارة مبهجة منشطة ليظل الأتباع والأصحاب في حالة حركة دائمة لا تكل ولاتمل في خدمة الدين الذي بلغهم إياه ودولة قريش التي أقامها في يثرب-المدينة وبها حقق حلم جده الأعلى قصيّ بن كلاب .
(46) الآية14 من سورة ابراهيم (47)كتاب المغازي ج-1ص 23(48) المصدر السابق ذات الجزء- ص 343(49) جمع الجوامع – ص 2029(50) المعجم الوسيط ’حسك فلان بخل،وفلان محسك أي ممسك بخيل (51)السيرة النبويةح-4ص149(52)المصدر السابق- الجزء نفسه-ص215(53)المعجم الصغير ص 126 طبعة1983دار الكتب العلمية-لبنان(54)متفق عليه، وكان الأزهري يقول :لو جمع علم عائشة إلى علم أزواج رسول الله –ص-وعلم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل ... وكانت تفتي في عهد عمر وعثمان –ر- إلى أن توفاها الله(55) القاموس المحيط ،البخت: الجّد معرّب – وفي المعجم الوسيط البخت:الحظ والبخيت هو المحظوظ(56) في المعجم الوسيط،العملة:الفعلةالمنكرة
(57)القاموس المحيط ،شبشب: تمم والشوشب:العقرب والقمار وفي المعجم الوسيط عكس الشيء عكساً أي قلبه، وعكس الكلام أي رد آخره على أوله وفي مختار الصحاح-مثله(58) القاموس المحيط ، النفاثات في العقد : السواحر وفي مختار الصحاح مثله ، ونسب النفث للراقي .
- من كتاب شدو الربابة بأحوال مجتمع الصحابة مؤلفه خليل عبد الكريم



#مصطفى_حقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلمانية وحق المساواة ...؟
- العروبة وبعدها القومي في مزاد القوميات ...؟
- مجلس الأمة الكويتي ينصف وهنيئاً للوزيرة نورية الصبيح ...
- عَمرو رايح عَمرو جاي ...؟
- بإرشادالملائكة وتسليحهم يذبح زوجته ..؟
- خوش بوش ..؟ وديمقراطية بوش ...؟
- العلمانية ونمطية شعوب النخبة ...؟
- العلمانية والليبرالية خطان متوازيان ...يلتقيان ...؟
- العلمانية وحقوق المرأة....؟
- جرائم الشرف بلا شرف ...!؟
- التغيير في الإسلام ...3...؟
- اغتيال بوتو نصر لنورية الصبيح وانتصار لفتاة القطيف وستقود ال ...
- ألحجاب ...عقاب أم ثواب أو ....؟
- التغيير في الإسلام ...2...؟
- تركيا مرة أخرى في متاهات جبال كردستان ...؟
- التغيير في الإسلام ....1...؟
- برغم حجم المأساة انه نصر لأنثى القطيف وللمرأة عموماً ..؟
- العلمانية والديمقراطية والإسلام..؟
- التلقيب في الإسلام ...7...؟
- ما هو البديل لرفضنا الأنا بولس وأخواتها السابقات واللاحقات . ...


المزيد.....




- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى حقي - التغيير في الإسلام ...4...؟