أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صفوت فوزى - الفرحة














المزيد.....

الفرحة


صفوت فوزى

الحوار المتمدن-العدد: 2171 - 2008 / 1 / 25 - 08:23
المحور: الادب والفن
    


من خلف زجاج الباب بدا بقامته الممدودة وبنيانه المدكوك باهت الملامح كالعملة الممسوحة ، وخبطات مترددة خجلي ... فتح الباب نصف فتحة وهو يؤخر رجلاً ويقدم الأخري ...
- ممكن آخد من وقتك دقيقتين ؟
" مزيد من الملل ... تصحو من نومك وليس بك أي ميل لمغادرة الفراش ... لا شيء يبدو جديداً يدفعك للخروج ... نفس الجدران الحائلة اللون التي تقشر بياضها فبدت كالجلد المتسلخ ... نفس الشمس التي تشرق كل يوم ، وتضن بضوئها علي الحجرة التي ترقد فيها الأن نصف نائم ... تتنفس هواء راكداً مترباً ... لكنك تخرج ... ربما بحكم العادة ، أو لاستبدال ملل بملل ، أو ربما لتشعر أنك مازلت حياً "
- إتفضل ...
" هاني المستحي " ... هكذا يطلقون عليه في الإدارة ... وحده يجيء ... وحده يمضي ... دون أن ينتبه لوجوده أحد ... هذا الشاب القوي المتدفق صحة وحياة ... يحمر وجهه خجلاً ، ويصبح في " نص هدومه " إذا اضطر لمصافحة إحدي الزميلات ... بدا وكأن لديه آلاف الأشياء التي يود قولها ... ناولته سيجارة ... تردد قليلاً قبل أن يشعلها ... نفث دخانها وراح يراقب دوائر الدخان المتصاعد .

" الوقت هنا يبدو ككائن خرافي يتمدد باتساع الكون ... يسد منافذ الهواء يزحف ببطء علي أطراف لا تبين ، ويمضي في تلكؤ يخنق الأنفاس ... المكتب هو المكتب والحجرة هي الحجرة ، والأوراق والملفات تملأ الأركان والأدراج وتطل من الدواليب باهتة متربة ... تطوي جرائد اليوم دون اكتراث ... يضع الساعي فنجان القهوة صامتاً ويمضي ... يتهاوي الجسر الواهن بينك وبين الزملاء ويموت الكلام بعد أن ملت الشفاه ما كانت تلوكه من تافه الأخبار "
تأملت صفحة وجهه وشاربه الكث الذي يحتل نصف وجهه فيما أسند ظهره إلي الكرسي وطيف إبتسامة يراود شفتيه .
" وحدها هي القادرة علي إنتشالك من هذه البركة الراكدة ... تقترب منك بدفء الأنثي الذي يشع من مسام جلدها والفرح الطفولي الذي يتقافز من العينين ... تنساب الكلمات فوق الشفتين فتستخرج من أغوار نفسك المنسية المغلقة بالضباب فرح الحياة الناضح من تقاطيع الجسد النيل ... لكنها اليوم صارت جرحاً عصياً لا يُعصَب ولا يليَّن بزيت "
أسندت مرفقيَّ علي المكتب مقترباً منه في مودةٍ خالصةٍ ...
- خير يا هاني ...
وكأنه كان يستعجل السؤال وكأن هناك أشياء تؤرقه يود الإفضاء بها ... تتراخي تقاطيعه المفتولة وتتجمع نقط صغيرة من العرق فوق جبهته وعلي وجنتيه فيما يسحب نفساً عميقاً من السيجارة ويزفره دفعة واحدة .
- أصل ... يعني ... حضرتك عارف إن أنا مليش أصحاب ... وقلت يعني ... إن حضرتك ممكن تفرح لي .
- ربنا يفرحك ... فرحني معاك .
- أصل أنا كان لي مدة خدمة قديمة ... ويعني ... كنت مقدم طلب لضمها لمدة خدمتي في الحكومة .
- أيوة ...
- بقالي أربع سنين باجري ورا الطلب ده ... النهاردة بس صدر قرار بضم المدة ... يعني مرتبي هايزيد أربعة جنيه بالتمام والكمال ... الحمد لله ... الحمد لله ... فضل ونعمة . قالها وهو يقبل باطن يديه وظهرهما ، فيما يتقلص فمه ، ويمد يده في جيبه ليخرج المنديل يمسح به جبهته وعينيه .
- ألف مبروك يا هاني ... بالتوفيق دايماً .
عندما هم بالإنصراف ... شددت علي يده مصافحاً فيما كان لا يزال يردد : ألف حمد وشكر ليك يا رب ... وابتسامة عريضة تغمر وجهه الطفولي .



#صفوت_فوزى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انسحاق -قصة قصيرة
- الغائب الحاضر - قصة قصيرة
- كبرياء -قصة قصيرة
- جدى
- انحناء -قصة قصيرة
- فاصل للحلم - قصة قصيرة
- سلبية الأقباط بين مسئولية الدولة ودور الكنيسة


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صفوت فوزى - الفرحة