أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - محمد سيدي إبراهيم - الشرعية الدولية بين كفاح الشعب الصحراوي والواقع الاستعماري















المزيد.....


الشرعية الدولية بين كفاح الشعب الصحراوي والواقع الاستعماري


محمد سيدي إبراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 2170 - 2008 / 1 / 24 - 10:30
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


إن الأمم المتحدة عند نشأتها سطرت مجموعة من المبادئ و الأهداف ، فهناك مبدأ المساواة مبدأ تحريم اللجوء إلى استعمال القوة و هناك مبادئ أخرى من بينها مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير وقد جاء هذا المبدأ لدعم ومساعدة الشعوب الخاضعة للاستعمار و تزكية نضالها القانوني و المشروع ضد المستعمر من أجل الحرية و الاستقلال ومن ضمن هذه الشعوب على سبيل المثال الشعب الصحراوي الذي كان يضن انه سيحصل على حريته واستقلاله بعد خروج المستعمر الأسباني إلا أن آماله تبخرت عندما حل المستعمر الغازي المغربي محل المستعمر الأسباني و سار على خطى المستعمر السابق من خلال نهب ثروات الصحراء الغربية و حرمان الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير والانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في الصحراء الغربية و التي لم تجد من يقف أمامها فلا الأمم المتحدة تحركت من أجل وقفها و لا حتى التخفيف من حدتها ، إذ أن البعثة الأممية التي أرسلت إلى الصحراء الغربية سنة 1991 كانت مهامها محدودة إذ اقتصرت فقط على محاولة تنظيم استفتاء تقرير المصير ومراقبة وقف إطلاق النار ، وظل الشعب الصحراوي وحده يكافح ضد هذه الانتهاكات والخروقات المغربية للشرعية الدولية، و ضد الاستعمار المغربي من أجل الحرية و الاستقلال تحت رعاية القرارات الدولية المطالبة بتقرير مصير الشعب الصحراوي إلا أن تدخل الأمم المتحدة من أجل تقرير مصير الشعب الصحراوي يتسم بعدم الفعالية لأن كل القرارات التي اتخذتها الأمم المتحدة من أجل تقرير مصير الشعب الصحراوي قد لاقت الرفض من طرف المستعمر المغربي وهو رفض للشرعية الدولية و تهديد للأمن و السلم العالميين ورغم ذلك لم يستعمل مجلس الأمن صلاحياته المخولة له في الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، و لا ندري إلى متى ؟

أولا – مبدأ تقرير المصير من مجرد مبدأ أخلاقي إلى قاعدة قانونية :

يعتبر مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير من المبادئ المهمة في القانون الدولي، فبموجبه تحررت مجموعة من الشعوب كانت تخضع لسيطرت الاستعمار و استعباده إلا أن المبدأ تعرض لمجموعة من التاويلات من قبيل أن هذا المبدأ مجرد مبدأ أخلاقي و لا يرتقي إلى أن يكون قاعدة قانونية .
بداية فيما يخص هذا المبدأ فقد تمت الإشارة إليه في الإعلان الأمريكي للاستقلال بتاريخ 4 يوليو 1776، ونشير إلى أن إعلان الجمعية الوطنية الفرنسية بتاريخ 19 نونبر 1789 أشار هو الآخر إلى هذا المبدأ، كما تمت الإشارة إليه في الميثاق الأطلسي ( بين الرئيسين الأمريكي و البريطاني ) بتاريخ 14 غشت 1941 عقب الحرب العالمية الثانية، وقد تطرق ميثاق الأمم المتحدة لسنة 1945 إلى هذا المبدأ في الفقرة الثانية من المادة الأولى : " إنماء العلاقات الودية بين الأمم على أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب و بأن يكون لكل منها تقرير مصيرها ، و كذلك اتخاذ التدابير الأخرى لتعزيز السلم العام ." كما تطرق إليه أيضا في المادة 55 من هذا الميثاق : " رغبة في تهيئة دواعي الاستقرار و الرفاهية الضروريين لقيام علاقات سلمية ودية بين الأمم المتحدة مؤسسة على احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب بأن يكون بكل منها تقرير مصيرها ... " .
لقد تعرض الإعلان 1514 بتاريخ 14 ديسمبر 1960 لمبدأ حق الشعوب في تقرير المصير بشكل أكثر تفصيلا من المواد الآنفة الذكر و لقد جاء في هذا الإعلان ما يلي :
1 – إن إخضاع الشعوب للاستعباد الأجنبي و سيطرته و استغلاله يشكل إنكارا لحقوق الإنسان الأساسية و يناقض ميثاق الأمم المتحدة ، ويعيق قضية السلم والتعاون العالميين
2 – لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها ، ولها بمقتضى هذا الحق أن تحدد بحرية مركزها السياسي وتسعى بحرية إلى تحقيق إنمائها الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي .
3 – لا يجوز أبدا أن يتخذ نقص الاستعداد في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو التعليمي ذريعة لتأخير الاستقلال .
4 – يوضع حد لجميع أنواع الأعمال المسلحة أو التدابير القمعية ، الموجهة ضد الشعوب التابعة ، لتمكينها من الممارسة الحرة والسلمية لحقها في الاستقلال التام ، وتحترم سلامة ترابها الوطني .
5 – يصار فورا إلى اتخاذ التدابير اللازمة ، في الأقاليم المشمولة بالوصاية أو الأقاليم الغير متمتعة بالحكم الذاتي أو جميع الأقاليم الأخرى التي لم تنل بعد استقلالها ، لنقل جميع السلطات إلى شعوب تلك الأقاليم دون أية شروط أو تحفظات ووفقا لإرادتها ورغبتها المعرب عنهما بحرية دون تمييز بسبب العرق أو المعتقد أو اللون لتمكينها من التمتع بالاستقلال أو الحرية والتامين .
6 – كل محاولة تستهدف التقويض الجزئي أو الكلي للوحدة القومية والسلامة الإقليمية لبلد ما تكون متنافية ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه.
7 – تلتزم جميع الدول بأمانة ودقة إحكام ميثاق الأمم المتحدة و الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وهذا الإعلان على أساس المساواة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لجميع الدول واحترام حقوق السيادة و السلامة الإقليمية لجميع الشعوب.
ومن أجل تنفيذ محتويات هذا الإعلان على ارض الواقع أنشأة منظمة الأمم المتحدة لجنة خاصة لتطبيق ما جاء في هذا الإعلان وتسمى باللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار، و أنشأة هذه الأخيرة سنة 1961 ، و قد تناول العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية مبدأ تقرير المصير في المادة الأولى من هذا العهد و كذلك فعل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية في المادة الأولى بتاريخ 16 ديسمبر 1966 .
و بعد الإعلان 1514 لسنة 1960 يتم تقنين مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير مرة أخرى في التوصية2625 بتاريخ 24 اكتوبر1970 وقد عالجت هذه التوصية المظهر الخارجي لهذا المبدأ كما تناوله الإعلان 1514 إلا أن هذه التوصية عالجت أيضا المظهرالداخلي لهذا المبدأ . و إذا كان هناك من يشكك في أن هذا المبدأ يشكل قاعدة قانونية و انه مجرد مبدأ أخلاقي فإن الإعلان 1514 و التوصية 2625 كانا واضحين في هذا الشأن إضافة إلى ذلك فإن مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير ارتقى إلى صف القواعد الآمرة كما ورد في المادة 53 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات الدولية .

ثانيا –الرباط بين ضبابية الموقف و جنون ووهم المستعمر :

يبدو أن البعض نصب نفسه مسئولا عن استقرار الجماعة الدولية بقوله بأن هذا المبدأ يهدد استقرار الجماعة الدولية و السلم والأمن العالميين و انه يشكل مساسا بسيادة و سلامة إقليم الدول ، لابد أن نقول لمن لديه مثل هذه الأفكار أن من يهدد استقرار و أمن الجماعة الدولية هي الأنظمة الرجعية التوسعية مثل المملكة الغربية التي لا تعترف بمبدأ حق الشعوب في تقرير المصير كما هو متعارف عليه دوليا، و لها مفهومها الخاص بها بخصوص هذا المبدأ و يتجلى ذلك من خلال رفضها لجميع قرارات الأمم المتحدة التي تدعو إلى تقرير مصير الشعب الصحراوي ، و حتى عند موافقة الحسن الثاني على تقرير المصير و الاستفتاء في نيروبي، فإنه عند ذهابه إلى نيروبي كان يحمل في جعبته خطابا للاستهلاك الخارجي حول تقرير المصير و عند عودته من نيروبي كان يحمل خطابا للاستهلاك الداخلي مضمونه أن هذا الاستفتاء هو استفتاء تأكيدي لا غير.
ويتجلى المفهوم الخاص لمبدأ حق الشعوب في تقرير المصير عند المملكة المغربية من خلال ما جاء في المادة 27 من المبادرة المغربية للحكم الذاتي التي تقول : " يكون الحكم الذاتي للجهة موضوع تفاوض و يطرح على السكان المعنيين بموجب استفتاء حر ، ضمن استشارة ديمقراطية و يعد هذا الاستفتاء طبقا للشرعية الدولية و ميثاق الأمم المتحدة وقرارات الجمعية العامة و مجلس الأمن ، بمثابة ممارسة حرة من لذن هؤلاء السكان ، لحقهم في تقرير المصير ."
كيف يمكن للشعب الصحراوي أن يقرر مصيره بشكل حر و ديمقراطي طبقا للشرعية الدولية حسب هذه المادة ؟
ونقول أيضا لمن يدعي أن المبدأ ارتبط فقط بظاهرة حركة التحرر من الاستعمار و قد فقد أهميته بعد زوال الأنظمة الاستعمارية، بأن الدول و الأنظمة الاستعمارية مازالت موجودة إلى حد الآن ولازالت الشعوب الخاضعة تحت الاستعمار تناضل من أجل الحرية و تقرير المصير و الاستقلال كما فعلت الشعوب الأخرى و التي نالت استقلالها وعلى سبيل المثال شعب تيمور الشرقية الذي نال استقلاله سنة 1999 . وكما تناضل إلى يومنا هذا العديد من الشعوب التي مازالت تحت وطأة الاستعمار مثل الشعب الصحراوي و الفلسطيني، و مازالت قضاياهم تناقش بصفة دورية داخل الأمم المتحدة من أجل تقرير مصيرهم . زيادة على ذلك فإن هناك من يستند إلى الفقرة السادسة من الإعلان 1514 لسنة 1960 والمادة الثانية الفقرة السابعة من ميثاق الأمم المتحدة كي يبرهن على أن قضية الصحراء الغربية هي شأن مغربي داخلي و لا يحق لأحد مناقشتها أو حتى الحديث عنها ، و لا أذل على ذلك خطاب ملك المغرب محمد السادس بتاريخ 6 نونبر 2003 حيث قال : " ( فإن النزاع المفتعل حول مغربية صحرائنا ، لا يعد مسألة تصفية استعمار ) " .و في هذا إنكار لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير و إنكار لوجود الشعب الصحراوي أيضا ، كما تم إنكار أي وجود للشعب الفلسطيني و لحقه في تقرير المصير من طرف الكيان الصهيوني ، وفي هذا الصدد قالت غولدا مائير مقولتها :" شعب فلسطيني ، لا يوجد شيء بهذا الاسم ."
ومن واجبنا التذكير أن اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار و التي أنشأة سنة 1961 تبنت ملف قضية الصحراء الغربية سنة 1963 كإقليم يجب تصفية الاستعمار منه ، وكانت قرارات منظمة الأمم المتحدة بخصوص الصحراء الغربية تصدر و تناقش بصفة دورية و بشكل منتظم من أجل تصفية الاستعمار في هذا الإقليم ولم يتغير موقف المنظمة سواء كان المستعمر الدولة الأسبانية ، الجمهورية الإسلامية الموريتانية أو المملكة المغربية ، ومن ضمن هذه القرارات التي صدرت في هذا الصدد القرار3437 الصادر بتاريخ 5 غشت 1979 عن الجمعية العامة للأمم المتحدة و أدانت بموجبه الاحتلال المغربي للصحراء الغربية ، لكن من المثير للدهشة ان المملكة المغربية كما هو الشأن بالنسبة للأمم المتحدة كانت تدافع عن تقرير مصير الشعب الصحراوي و استقلاله ، و لكن ذلك كان خلال الاستعمار الأسباني للصحراء الغربية ، و أعرب عن ذلك وزير خارجية المملكة المغربية "عبد الهادي بوطالب " ، وأيضا في اجتماع مجلس وزراء الخارجية الأفارقة المنعقد بالرباط بتاريخ 12 يونيو 1972 و قد تمخض عن هذا الاجتماع بيان جاء فيه أن : " المجلس يعرب عن تضامنه مع سكان الصحراء الغربية الواقعة تحت الاحتلال الأسباني و يدعو إلى إلزام أسبانيا بضرورة إيجاد مناخ حر وديمقراطي يمكن سكان هذا الإقليم من ممارسة حقهم في تقرير المصير و الاستقلال في أقرب الآجال وفقا لميثاق الأمم المتحدة ."
و إذا كانت الأمم المتحدة قد تبنت و تعاملت مع قضية الصحراء الغربية كقضية تصفية استعمار فإن منظمة الوحدة الإفريقية بدورها أكدت في مجمل قراراتها على أن المسألة تتعلق بقضية تصفية استعمار و أن الشعب الصحراوي لم يقرر مصيره بعد و أن على الكل مساعدته من أجل تقرير مصيره و الاستقلال، ونفس الرأي خلصت إليه لجنة الحكماء المكونة من طرف منظمة الوحدة الإفريقية وهذه اللجنة مكونة من رؤساء كل من السودان ، غينيا ، مالي ، نيجيريا وتنزانيا ، ونشير إلى أن منظمة الوحدة الإفريقية قبلت عضوية الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في فبراير 1982 كعضو كامل العضوية وهذه المنظمة هي ذاتها التي لم تعرف بمحاولة بيافرا الانفصال عن نيجيريا بتاريخ 20ماي 1967 ، أكد مؤتمر رؤساء و الحكومات الإفريقية في سبتمبر 1967 تمسكهم بمبدأ احترام سيادة كل دولة و سلامة أراضيها وكرر استنكاره للانفصال في أي من الدول الأعضاء و اعتبر الوضع الناشئ من محاولة بيافرا الانفصال من الشؤون الداخلية لنيجيريا .

ثالثا – الدولة الصحراوية نتاج للقيادة الحكيمة :

" بسم الله و بعون الله وتجسيدا لإرادة الشعب العربي ووفاءا لشهدائنا الأبرار ، و تتويجا لتضحياتنا الجسام ترتفع اليوم على أرض الساقية الحمراء ووادي الذهب علم الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية ."
بهذه الكلمات المؤثرة التي قالها مفجر الثورة و مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب عريس الشهداء "الولي مصطفى السيد" ، تم الإعلان عن تأسيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية بتاريخ 27 فبراير 1976 ، هذه الأخيرة التي تم قبولها كعضو كامل العضوية في فبراير 1982 في منظمة الوحدة الإفريقية و هي عضو مؤسس للإتحاد الإفريقي و تبلغ مساحتها 284000 كلم² التي يحتل المغرب منها الجزء الذي يقع شرق الحزام جدار الذل و العار ، ومنذ الإعلان عن تأسيس الدولة الصحراوية و إلى غاية كتابة هذه الأسطر ، فإن الصحراويون تعاملوا مع مفهوم واحد وأوحد للدولة وذلك راجع إلى القرارات الحكيمة و القيادة المتبصرة للجبهة الشعبة لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ووحدة الشعب العربي الصحراوي ، فالأمر هنا يتعلق بالتشبث بالمبادئ الوطنية و عدم تقديم أي تنازل مهما كان للعدو الغازي ، عكس ما حصل بالنسبة للقيادة الفلسطينية فانطلاقا من تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية سنة 1964 إلى الآن ، و في مدة لا تتجاوز الأربعين سنة تعامل الفلسطينيون مع ست تصورات للدولة الفلسطينية :
1) – في الميثاق القومي الفلسطيني لسنة 1964 ، فلسطين ما بعد التحرير ستكون جزءا من دولة الوحدة العربية .
2) – في الميثاق الوطني الفلسطيني لسنة 1968 ، فلسطين بحدودها عام 1948 هي وطن الشعب العربي الفلسطيني .
3) – في 1971 تم تبني هدف فلسطين الديمقراطية العلمانية التي يعيش فيها اليهود والمسيحيون و المسلمون على قدم المساواة .
4) – في 1974 تم تبني البرنامج المرحلي : سلطة وطنية فلسطينية على أي جزء من ارض فلسطين .
5) – سنة 1988 إعلان الاستقلال بالجزائر : تم تبني هدف الدولة الفلسطينية حسب قرارات الشرعية الدولية .
6) – أما في خارطة الطريق كان الحديث عن دولة مؤقتة ستقام في 2005 .
دون شك فإن التنازلات التي قدمها الساسة الفلسطينيون للعدو الغازي والمستعمر حول حقوق ترابية و حقوق الشعب العربي الفلسطيني إضافة إلى تأثيرات أخرى ، لها الدور الأبرز في الأزمة التي يتخبط فيها الشعب العربي الفلسطيني و قضيته العادلة التي أجمع العالم على عدالتها و أن من حق الشعب الفلسطيني حسب كل الشرائع تحرير أرضه و الاستقلال .

رابعا – حقوق الإنسان في الصحراء الغربية بين المواثيق الدولية وواقع الانتهاكات

لابد من أن المتتبع العادي و البسيط لقضية الصحراء الغربية و كذلك المختص على دراية بما تعرض له الصحراويين من انتهاكات لحقوق الإنسان وفي مقدمة هذه الحقوق حقهم في تقرير المصير ، ويبدو أن البعض منهم انتهك حقه في الحياة الذي تكفله جميع الشرائع الكونية و كل القوانين أما الحقوق الأخرى فقد تم انتهاكها بتفنن في الأداء ، وقد بدأ مسلسل انتهاكات حقوق الإنسان في الصحراء الغربية المقترفة من طرف الدولة المغربية مع بداية الغزو المغربي يوم 31 أكتوبر 1975 ففي هذا التاريخ كان دخول الجيش الملكي المغربي، لكنه وللتذكير لم يكن أفراده حاملين مصاحف القرآن لكريم و أغصان الزيتون بل كانوا مدججين بمختلف أنواع الأسلحة ومستعدين لسلب حياة كل من يعترض طريقهم سواء كان إنسانا أو حيوانا، منتهجين سياسة الأرض المحروقة و كأنهم في رحلة صيد وأن من واجبهم سلب حياة كل من يتحرك فوق ارض الصحراء الغربية ، ولنلقي نظرة على أفظع وأبشع المحاولات المغربية لابادة الشعب الصحراوي ففي يوم الأحد 18 فبراير 1976 قام الطيران المغربي بقصف أم دريكة وهو مخيم للاجئين الصحراويين الفارين من بطش القوات المغربية وهو مكون من أزيد من 25000 لاجئ و قد قصفوا بقنابل النابالم والفسفور المحرمة دوليا ، كما قصفت مجموعة طيران أخرى نفس المخيم يوم 20 فبراير 1976 ، وقد قصف المخيم كذلك يوم 23 فبراير 1976 ، استطاعت القوات المغربية من خلال مسلسل القصف هذا من أن تصيب 700 فرد مابين قتيل و جريح،ولعل المقبرة الجماعية التي اكتشفت في مدينة السمارة المحتلة مع بداية العام الجديد 2008 أكبر شاهد على فظاعة الجرائم التي ارتكبها المغرب ضد الصحراويين، إلا إن مسلسل الجرائم التي ارتكبتها الدولة المغربية لم ينتهي عند هذا الحد بل توالت انتهاكات حقوق الإنسان في الصحراء الغربية من خلال الاختطافات وممارسة التعذيب والمحاكمات الجائرة التي تفتقر إلى ابسط شروط العدالة، وهناك انتهاكات أخرى لا حصر لها و التي كان بطلها و بدون منازع الدولة المغربية ، ولعل تقارير المنظمات الدولية الحكومية و غير الحكومية المختصة ستكون أبلغ من هذه الأسطر للتعبير عن مدى فظاعة الجرائم المغربية ضد الصحراويين، و في هذا الصدد اعتبرت المنظمة البريطانية غير الحكومية land mine action أن الصحراء الغربية واحدة من بين عشر دول خطرة بفعل القنابل العنقودية و الذخائر غير المتفجرة و تقدر المنظمة وجود مابين 3 إلى 10 ملايين لغم مزروع بالمنطقة تعرض حياة المواطنين الصحراويين للخطر، حيث حصدت هذه الألغام حياة مجموعة من الصحراويين و أصابت آخرين بإعاقة دائمة ومازالت هذه الألغام تعرض حياة آخرين للخطر .ونجد أن تقرير مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان إلى الصحراء الغربية و مخيمات اللاجئين في تيندوف 15 ماي و 19 يونيو 2006 استنتج فيما يخص حرية التعبير و التجمع استنتاجين :
1- بدا أن قوات الأمن المغربية استخدمت القوة دون تمييز و بشكل غير متكافئ و أثناء أدائها لمسؤولياتها للقيام بواجباتها في حفظ النظام و الأمن العام .

2- القيود الإدارية التي وضعتها السلطات قد تمنع شعب الصحراء الغربية من التمتع التام بحقه في حرية التعبير و التجمع . وقد وقف الوفد على مجموعة من انتهاكات حقوق الإنسان التي قامت بها الدولة المغربية على إثر انتفاضة الاستقلال التي انطلقت في ماي 2005 والتي نتج عنها العديد من الجرحى واعتقال المئات من المتظاهرين و اعتداءات بالتعذيب و إضراب عن الطعام قام به مجموعة من المعتقلين حسب ما جاء في التقرير و قد جاء فيه أيضا أن تقرير المصير للشعب الصحراوي يعتبر أهم حق من حقوق الإنسان فيما يتعلق بهذا الإقليم و أن أي غياب له سوف يؤدي إلى تعثر لا محيد عنه في التمتع بالحقوق الأخرى التي تتضمنها المواثيق الدولية المعمول بها .

خامسا – تطور مفهوم بعثات حفظ السلام الأممية :

لقد تم إنشاء بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية طبقا لقرار مجلس الأمن رقم 690 بتاريخ 29 أبريل 1991 من خلاله كان سيتم تنظيم استفتاء الشعب الصحراوي في بداية 1992 لولا العراقيل المغربية ، هذه البعثة التي كلفت بتنظيم الاستفتاء ومراقبة وقف إطلاق النار و للإشارة فان هذه البعثة عندما فشلت في تنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية خطرت لأفراد هذه البعثة مهمة أخرى و هي تخريب الآثار الصحراوية ، ونذكر أن هذه البعثة أثبتت فشلها منذ أبريل 1991 إلى يومنا هذا و ذلك لمحدودية المهام التي أنيطت بها هذه البعثة . و لذلك وكما قال سفير الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في جنوب أفريقيا السيد " أبي البشير " بأنه يجب على الأمم المتحدة أن توسع مهام بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية لتشمل ميدان حقوق الإنسان من أجل حماية المدنيين الصحراويين من انتهاكات حقوق الإنسان التي تقوم بها الدولة المغربية . و في هذا الصدد يبدو أن الأمين العام للأمم المتحدة السيد "كوفي عنان " قد شن ثورة على الإطار التقليدي المستمر منذ الخمسينيات من القرن الماضي لمفهوم حفظ السلام ، فقد شكل في مطلع عام 2000 لجنة مكونة من عشر أعضاء يرأسها السيد " الأخضر الإبراهيمي " و تهدف هذه اللجنة إلى إعداد تقرير شامل يعرض المشاكل التي تعيق عمل الأمم المتحدة في مجال حفظ السلام ، وقد سعى كوفي عنان إلى توسيع النطاق العملياتي لبعثات حفظ السلام كي تشمل إلى جانب العمليات الأمنية و العسكرية مهام إنسانية و بشكل اقل حدة مهام اقتصادية ، ولم يبقى هذا المفهوم الجديد لبعثات حفظ السلام متعددة الأبعاد متقوقعة في شقها النظري فقط بل تجاوزته لكي يطبق على أرض الواقع ، و ذلك من خلال البعثة الأممية متعددة الأبعاد في ليبيريا و التي تشكلت بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1509 بتاريخ 19 سبتمبر 2003 و هذه البعثة قوامها 15 ألف فرد تقريبا، و تضطلع هذه البعثة بمهام سياسية و أمنية و إنسانية و اقتصادية ، مع العلم أن الأمم المتحدة قامت بإرسال بعثة مراقبة إلى ليبيريا سنة 1993 .و قد تم إنشاء بعثة أممية متعددة الأبعاد مرة أخرى لكن هذه المرة في ساحل العاج بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1528 بتاريخ 27 فبراير2004، من خلال هذه النظرة الموجزة حول بعثات حفظ السلام متعددة الأبعاد يطرح السؤال المهم،بعد أن أثبتت بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية فشلها، لماذا لا تنشئ الأمم المتحدة بعثة أممية متعددة الأبعاد في الصحراء الغربية من اجل حماية المدنيين الصحراويين ؟



#محمد_سيدي_إبراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بريطانيا: ريشي سوناك يتعهد بترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا في ...
- إخفاقات وإنجازات.. الخارجية الأميركية تصدر تقرير حقوق الإنسا ...
- تقرير مستقل: إسرائيل لم تقدم أدلة عن اتهاماتها لموظفي الأونر ...
- ماذا قالت أمريكا عن -مزاعم- ارتكاب جرائم حرب في غزة؟
- تيك توك تحذر من مخاطر -سحق- حرية التعبير بعد تمرير مشروع قان ...
- مشاهد لاعتقال المشتبه به في عملية الدهس في القدس
- مندوب قطر الدائم لدى الأمم المتحدة تجتمع مع منسق الأمم المتح ...
- اعتقال عشرات الطلاب بجامعة أميركية خلال فض اعتصام مُعارض لحر ...
- سوناك: طائرة المهاجرين ستقلع إلى رواندا -مهما حدث-
- غضب طلابي في جامعات أميركية بسبب غزة.. واعتقال العشرات


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - محمد سيدي إبراهيم - الشرعية الدولية بين كفاح الشعب الصحراوي والواقع الاستعماري