أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد مضيه - غطاء لجرائم الحرب بتفويض أمريكي















المزيد.....

غطاء لجرائم الحرب بتفويض أمريكي


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 2169 - 2008 / 1 / 23 - 11:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إسرائيل تقترف جرائم الحرب كل يوم، بل كل ساعة وتغطيها تارة بمفاوضات عقيمة وطورا بالدفاع عن مواطنيها. الصواريخ لا تسبب أزمة لإسرائيل وليس صحيحا ما يدعيه باراك من اهتمام بأمن مواطنيه ، فاهتمامه الأول والأخير منحصر بالتوسع الاستيطاني ودوام الاحتلال. والمفاوضات أشبه بطبخ الحصى لا تستند إلى مرجعيات من الشرعية الدولية؛ وإذا ما أسفرت عن نتيجة فلن تكون غير وليد مشوه ومعاق. وهذه حصيلة رحلة بوش إلى المنطقة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، التي وضعها بوش على رأس جدول أعمال جولته في المنطقة.
أيا كان الهدف أو الأهداف من جولة بوش في الشرق الأوسط فإن إرضاء إسرائيل الدولة خاطرٌ لازَمَه كظله: لدى نزوله من الطائرة عبر عن الاهتمام بأمن إسرائيل، أمام النصب التذكاري لضحايا الهولوكوست تعمد ذرف دمعة تأثر، في المقاطعة برام الله رفض زيارة قبر عرفات وأعلن بطلان مرجعية القرارات الدولية لحل المشكلة الفلسطينية. في الخليج لم يكلّ من توجيه التهديدات لإيران. كلها رشاوى قدمها لإسرائيل، وما بقي سرا فهو أدهى وأمرّ. وقبل ذلك فرضت إدارة بوش حصارا حادا على النضال التحرري الفلسطيني، إذ اتهمته بالإرهاب ومنعت وصول المساعدات إليه، فأعطت جرائم الحرب الإسرائيلية سندها السياسي. ورغم ذلك فإن إسرائيل قبل غيرها من دول المنطقة لم تتعامل بجدية مع رئيس الدولة الأعظم. ربما لأنه على وشك الرحيل، والمتنافسون على كرسيه يستجدون دعم أنصار إسرائيل؛ وهذا مظهر انحطاط الديمقراطية الأمريكية. ربما انزعجت إسرائيل وأنصارها في الولايات المتحدة من حديث بوش المتكرر عن دولة للفلسطينيين تنهي معاناتهم. وهناك أقوال بأن إسرائيل باتت تدرك أيضاً، مع جميع دول العالم باستثناء القيادة الفلسطينية، أن الولايات المتحدة لم تعد المقرر الوحيد على المسرح العالمي.
إسرائيل تتهرب من السلام وتضع كل ما يتفتق عن المكر السياسي من عقبات في طريق السلام. هي لا شك ترحب بالصواريخ تنطلق على مدنها لأنها تعطيها الغطاء والذريعة لتصعيد العدوان على الشعب الفلسطيني. وسبق أن رحبت بالعمليات الاستشهادية واستثمرتها جيدا في الدعاية لأمن إسرائيل، والتمهيد لاجتياح مناطق السلطة الفلسطينية وتشييد الجدار. منحها بوش، عبر رسالة التطمينات الموجهة إلى شارون في الرابع عشر من نيسان(إبريل )2004، حق الاحتفاظ بالكتل الاستيطانية الكبيرة في الضفة الغربية، وبضم القدس وعدم عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى إسرائيل، وبعد ذلك أقر بالجدار كأمر واقع. لم يراع بوش مشاعر مضيفيه في رام الله، فأعلن "أن الأمم المتحدة فشلت في حل الصراع"، دون أن يشير إلى دور وقفات الفيتو الأمريكية في إفشال المنظمة الدولية. ومن ثم أعلن عمليا "الغاء المرجعية والقرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية "، لتحل محلها رؤيته وحلمه وخريطته. من جملة ما أسقطه بوش قرار الجمعية العامة رقم‏(2535)‏ في‏1‏ ديسمبر‏1969‏ المتضمن اعتراف الأمم المتحدة بالفلسطينيين كشعب له هوية وطنية وبحقوق شعب فلسطين غير القابلة للتصرف وفي مقدمتها حق تقرير المصير‏.‏ وكذلك أبطل قرار المنظمة الدولية عام‏1974‏ أن الشعب الفلسطيني هو الطرف الأساسي في قضية فلسطين، بمعني امتلاك شعب فلسطين حق تقرير المصير وواجب كل الدول الاعتراف به. وأسقط أيضا قرار محكمة العدل الدولية المستند إلى القرارات الدولية كافة بخصوص القضية الفلسطينية وكذلك إلى الاتفاقات المتعلقة بالقانون الدولي الإنساني.
إن أي حل أو تسوية لا تنطلق من هذه القرارات لا تحمل بشارة وليد سوي، بل وليد مشوه موبوء. وكما يبدو لا يرغب قادة إسرائيل في التجاوب مع طروحات بوش، رغم هزالها، ورفضت كل الرشاوى التي قدمها خلال جولته؛ فراحت توسع من مصادرة الأراضي وتوسيع الاستيطان وصعدت هجمتها الشرسة ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة. لا يريد حكام إسرائيل وقادة جيشها أن يبقى للشعب الفلسطيني أي حق في فلسطين. والمشروع الصهيوني يرمي إلى الاستحواذ على أوسع رقعة من الأرض الفلسطينية بأقل عدد من السكان العرب. وكان أركان إدارة بوش، وقبل أن يصل بوش الابن سدة الرئاسة، هم المبادرون لإعلان حق إسرائيل في كامل "أرض الميعاد". المحافظون الجدد دمجوا في برنامجهم تطلعات اليمين الإسرائيلي المتعصب وأدمجوها في خطتهم الجديدة للشرق الأوسط، باعتبارها نقطة الانطلاق للهيمنة الكونية.
كان هدف رامسفيلد وتشيني، منذ اللحظة الأولي لتشكيل إدارة الرئيس بوش الابن، تحقيق السيطرة الأمريكية الشاملة علي الشأن العالمي، والسيطرة بكل الوسائل الممكنة وبغض النظر عن موقف ومصالح وحساسيات الأصدقاء في أنحاء العالم والحلفاء الاستراتيجيين في الغرب الأوروبي. استثمر المحافظون في إدارة بوش الابن هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001، ووضعوا موضع التنفيذ العقيدة السياسية للمحافظين ممن يستلهمون مصالح التجمع الصناعي - العسكري بالولايات المتحدة، والمقنّعة بأصول اللاهوت المسيحي. وقدمت أبحاث الأكاديمي برنارد لويس صديق إسرائيل والمتقدم على هنتنغتون في طرح أسطورة صراع الحضارات لتأويل مناهضة العرب للامبريالية ودولة إسرائيل، وإنكار وجود قومية عربية في الشرق الأوسط، قدم رؤية شاملة وخطوطا توجيهية لاستراتيجية "الفوضى البناءة"، وكانت أساس النظر لواقع يجب تدميره من أجل نشر الفوضى لأن الاستقرار لم يعد يخدم المصالح الأمريكية في المنطقة. وردت إسرائيل بحفل تكريم أقيم في تل أبيب ل"المستشرق العلامة".
كان ديك تشيني على قناعة بأن يعوض ما أضاعته إدارة كلينتون خلال ثماني سنوات من فرص لاحت بانهيار القطب المنافس وانفراد الولايات المتحدة بالهيمنة.
لكن تبين لهؤلاء المهووسين بالحروب وبفرض الهيمنة أن للقوة حدودها، وأخذوا ينسلّون خارج إدارة بوش. في هذا العالم، ليس ثمة قوة بلا حدود. أن السياسات المؤدلجة لإدارة بوش والوسائل التي وظفتها جاءت بنتائج مخالفة تماماً لأهداف السيطرة الشاملة التي كانت تنشدها الإدارة، وأن تصحيحاً في السياسات بات ضرورياً للحفاظ علي موقع الولايات المتحدة ودورها. ومن المحتم أن ترتد غطرسة القوة في إسرائيل على أصحابها.
تقول الدراسات الأمريكية أن شعورا عاما آخذ بالتبلور لدى أغلبية واضحة من مواطني الولايات المتحدة بأن مجتمعهم يمر اليوم بسلسلة من الأزمات العنيفة تستدعي مواجهتها بفاعلية، والبحث عن حلول مبتكرة وقيادات حيوية. وحقيقة الأمر أن نتائج العديد من استطلاعات الرأي العام التي أجريت مؤخراً تدلل بقوة على جدية رغبة الأميركيين في تحويل الانتخابات الرئاسية سنة 2008 إلى لحظة انقطاع مع خبرة بوش ونقطة بداية لولايات متحدة جديدة داخلياً وخارجياً. وتصدر أبحاث في الولايات المتحدة حول تنشيط حركات السلام باستهداف مصدر الركض وراء التسلح، والمتمثل في احتكارات التجمع الصناعي – العسكري.
وعلى الصعيد الدولي تنشط قوى التغيير في المجتمع الدولي. فالشباب العالمي، في تظاهراته الكبيرة دل على أن قوى التغيير لم تختف، بل هي متصاعدة ومتنامية والحركات المعادية للعولمة تنظم لقاءات وندوات للتفكير في أساليب ديمقراطية جديدة بعيدا عن المؤسسات الكلاسيكية.

إن تزامن زيارة الرئيس الأمريكي والرئيس الفرنسي للمنطقة، والأخير أظهر إعجابه بنهج المحافظين الجدد، ويخوض حاليا منافسة مع بوش في توقيع الاتفاقات التجارية والعسكرية مع دول الخليج، إنما تؤكد بداية انحسار مد الهيمنة الأمريكية. هذا التنافس يحيي في الذاكرة السياسية جهود دول الاتحاد الأوروبي الفاشلة بعد حرب أكتوبر ( رمضان) 1973 للدخول في منافسة مع الولايات المتحدة على نفط المنطقة وفائض الدولارات النفطية. استهلت المنافسة ببيان البندقية الذي حاولت فيه الدول الموقعة الاقتراب من الموقف العربي بشأن القضية الفلسطينية. ثم طوي البيان بعد أن فتحت مصر وجميع الدول العربية الأحضان ل" العزيز كيسنجر"، وتدفقت الفوائض النفطية إلى البنوك الأمريكية، واحتفظت "الشقيقات السبع"، وهي شركات أمريكية، باحتكارها تسويق النفط العربي. كانت دول الاتحاد الأوروبي تسعى للتحرر من قيود هذا الاحتكار. ولكن الولايات المتحدة أصرت بالمقابل على أن تكون القاطرة التي تقود عالم الرأسمال من أزمته العامة في ذلك الحين.
ربما لا يحدث فشل اليمين الأمريكي تغييرا جوهريا على الموقف تجاه إسرائيل ومشروعها الحالي، وقد لا يمس دور إسرائيل كدولة إقليمية مقررة في المنطقة. إلا أن الحصار المدعوم بمباركة أمريكية سوف يتصدع. والتداعيات الجارية مؤشرات يجدر بقيادة السلطة الفلسطينية أن تأخذها في الاعتبار، حتى لا تبقى تراهن على دور أمريكي حاسم في المنطقة؛ وكي لا تواصل المفاوضات ضمن الاختلال الحاد في توازن القوى. فلن يبرز في إسرائيل سياسي متنفذ يستجيب للحد الأدنى من المطالب الحقة للشعب الفلسطيني. والتطرف العنصري اليميني المستظل باليمين الأمريكي، هو العامل الموجه للرأي العام في إسرائيل، ولن يكون للمفاوضات إلا غطاء تتستر به المشاريع التوسعية الإسرائيلية.
إن تعديل ميزان القوى أمر يسير لو قدرت القيادة الفلسطينية وقيادات الفصائل كافة إرادة الجماهير الفلسطينية في تحدي صلف القوة المسلحة ومقاومة الاحتلال، ولو احترمت مشاعر السخط الشعبية على التطاولات الإسرائيلية؛ ولو كثفت الجهود لتصعيد الحركة الشعبية الديمقراطية المقاومة للاحتلال. فالجماهير الفلسطينية والعربية تتعاطف مع العمليات العسكرية في غزة نظراً لكونها الشكل الوحيد القائم في مقاومة الاحتلال. وهي تدرك عدم فعالية الصواريخ بدائية الصنع في ردع التطاولات وغطرسة القوة. إن التحول في السياسات الأمريكية قد يرفع الحصار الحاد الذي فرضته إدارة بوش طوال ثماني سنوات على النضال التحرري للشعب الفلسطيني، ويشطب وصمة الإرهاب عنه، حيث حظر حتى على الدول العربية تقديم المساعدة والدعم لهذا النضال التحرري العادل.





#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشاكل التقدم في المجتمعات التابعة
- حكم الشوكة والأمن القومي
- صوت التوحش المتقحم من أدغال الليبرالية الجديدة
- هل تدشن زيارة بوش مرحلة تفكيك المستوطنات؟
- فهلوة مرتجلة
- جردة حساب عام ينقضي
- بؤرة التخلف الاجتماعي
- العجز عن الارتقاء
- منبرللتنوير والديمقراطية ومناهضة العولمة
- أخلاقية النضال التحرري وتحديث الحياة العربية
- إشهار أخلاقية النضال التحرري وتحديث الحياة العربية
- بعض ظاهرات الإعاقة في الحياة العربية
- إسرائيل : وقائع التاريخ تنقض الإيديولوجيا
- نظام شمولي محكم يسود الولايات المتحدة الأمريكية
- المحافظون الجدد ينتهكون حرمة الحياة الأكاديمية
- تمويه سياسات التوحش بالتبذل الإيديولوجي
- حكم القانون
- من المتآمر في تفجيرات نيويورك
- اكتوبر شمس لا تغيب - مبادئ أكتوبر شبكة الإنقاذ من وحشية العو ...
- ثقافة الديمقراطية ـ ديمقراطية الثقافة


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد مضيه - غطاء لجرائم الحرب بتفويض أمريكي