أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصباح الغفري - الحـــــــرباء في آراء ســـــــيادة اللـــــواء














المزيد.....

الحـــــــرباء في آراء ســـــــيادة اللـــــواء


مصباح الغفري

الحوار المتمدن-العدد: 672 - 2003 / 12 / 4 - 04:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"  كلما ازددت معرفة بالإنسان ، إزداد إعجابي بالحيوان "
( مارون عبود )

كلما ازداد عدد من أعرفهم من المسؤولين المتقاعدين منهم و غير المتقاعدين ،  كلما ازداد شعوري بعدم المسؤولية ! 
ولكي نفهم أسباب الهزائم العربية المتلاحقة ،  لا بد من دراسة موضوعية لهذه المُستحاثات التي ركبت ظهورنا منذ خمسة عشر قرناً و حتى لحظة كتابة هذه السطور .

إكتشفت مؤخراً، أن أصحاب السعادة والسيادة والسمو من الوزراء والعقداء والعمداء والجنرالات والأمراء ،  هم في الحقيقة مخلوقات تأكل وتشرب وتضاجع ،  ومعظمها يحمل بين كتفيه رأساً قلّما يستعمله ،  لأن المخلوق الذي يستعمل رأسه في هذا الزمن الوغد ، لا يبقى في منصبه ، هذا إذا بقي على قيد الحياة !

عندما اتصل بي صديق يعمل في الخليج، و سألني إن كنت أعرف سيادة اللواء المتقاعد الذي يشغل منصب كبير الحجاب عند أحد تجار السلاح في باريس ،  سارعت فوراً إلى الاتصال بسعادته ،  فهذه فرصة العمر، لكي أحظى بلقاء رجلٍ يحمل رتبة جنرال في الجيش، وأن أشاهده بلحمه و شحمه عن قرب ،  وكنت سمعت عن الرجل كثيراً ، وعن خبراته العسكرية الفذة التي أهلته ليصبح الشخص الثاني في أهم مكتب لبيع القنابل والصواريخ والطائرات وسائر أدوات القتل الفردي والجماعي ، وقد استطعت أخيراً وبعد اتصالات عديدة أن أحصل على موعد للالتقاء بصاحب السعادة .

استقبلني سعادته بترحيب ، وقد رسم على وجهه ابتسامة صفراء لا تعني شيئاً ،  لكنها كابتسامات الذين قضوا زهرة شبابهم في الجيش ، تحمل كل المعاني ،  فيها الرعب والهلع والترقب .

مضت لحظات من الصمت ، كلانا يراقب صاحبه بتوجس ،  قلت له إنني رجل تركت مهنة المحاماة وأتعاطى حالياً الكتابة ، قدّمت له نسخة من كتابي  " شهادة سوء سلوك " ، تناوله بيد مرتجفة ، قال :
- شكراً ... لكنني لا أقرأ ... ليس لدي الوقت !

قلت محاولاً كسر جدار الجليد بيني و بينه :
- لا شك أنك كنت تقرأ عندما كنت جنرالاً في الجيش .

نظر إلي من خلال زجاج نظارتيه ،  كان من الواضح أنه غير مرتاح لحضوري ، قال :
- لم أقرأ في حياتي كلها كتاباً واحداً ، ما عدا كتب الدراسة في المرحلة الثانوية ، والكتب المقررة في الكلية العسكرية .  القراءة عمل خطر جداً ، ولو كنت أقرأ لما استطعت البقاء في الجيش تسعة وثلاثين عاماً ، الذين كانوا يقرؤون في الخمسينيات من الضباط كتب أنطون سعادة ،  سرحوا من الجيش بعد اغتيال العقيد عدنان المالكي ، والذين كانوا يقرؤون كتب ماركس و لينين سرحوا بعد الوحدة بين مصر وسورية ، والذين اعتادوا قراءة الكتب اليمينية سرحوا بعد الثامن من آذار، ولم ينج من سوط التسريح من الجيش أحد حتى الذين يقرؤون القرآن الكريم ،  فلماذا أقرأ وأعرض نفسي للمخاطر!

أثارتني آراء سعادة اللواء، قلت له بابتسامة فهم معناها :
- لكن كان بامكانك قراءة الكتب العسكرية مثلاً أو الروايات الحربية، فهذا أمر لا يعرضك للخطر على ما أظن .
     أجابني بنفاذ صبر :
- اذا قرأت للمارشال جوكوف اتهموني بالشيوعية ،  وإذا قرأت للمارشال مونتوغمري اعتبروني عميلاً للاستعمار، وإذا قرأت عن خالد بن الوليد أصبحت متهماً بأنني من الاخوان المسلمين ، الأفضل أن لا أقرأ حتى و لا سورة الفاتحة !

لاحظ سكوتي ودهشتي ،  قال بلهجة كلها توسل :
- لماذا طلبت مقابلتي ؟  أنا هنا أعمل في هذا المكتب منذ أحد عشر عاماً، ولو كانت لي أي سمعة سياسية لطردت من العمل منذ زمن بعيد، فاخبرني بربك لماذا جئت إلي و أنت معروف بالخروج على الحاكمين، ومهاجمة أنظمة الحكم، قبلت بلقائك بتوصية صديقنا المشترك، لكن ثق أنني قبلت على مضض،  فادخل في الموضوع مباشرة الله يستر عليك .

نسيت الموضوع الذي جئت من أجله، لم يعد يهمني إطلاقاً أن  أخبره أن صديقي الذي يعمل في الخليج، يريده وسيطاً في موضوع تجاري مع شركة فرنسية، أردت الاستمرار في تعذيبه أطول وقت ممكن، قلت له ضاحكاً :
- كتابي هذا الذي قدمت لك نسخة منه، فيه أشياء سوف تعجبك، فقضية الحرية والديموقراطية هي المحور في كل ما أكتب، وأنا أهاجم فيه أنظمة القمع والإرهاب في البلاد العربية، ما رأيك في أن في الوطن العربي الألوف من المعتقلين السياسيين منذ عشرات السنين بدون محاكمة ؟

أوشك سعادة اللواء أن يخرج من جلده، نظر إلى ساعته، قال بصوت عال : لا حول ولا قوة إلا بالله، رشفت آخر رشفة من فنجان القهوة، وقف سيادته منهياً المقابلة، ودعني وكأنه يودع هموم الدنيا، وخرجت إلى هواء باريس البارد أردد ما قاله الشاعر :

حنانيك نفسي لا يَضِق منك جانبٌ  وإن ضاق من رحب النفوس جنابُ
وعامِـــرَةً ظلّي ولو أن عالَمــــــاً   بِرُمّـــــتِه، عن جانبيــــــــك خـرابُ



#مصباح_الغفري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدَّهــلَــزَة والكَهْرَزة!
- - العــورة - الوثقــى
- بيضــة العقــر وديموقراطية الثيب والبكــر!
- الأطيبان و الأخبثان و الأمـــران !
- وداعاً للسلاح …
- صناعة القرار في زمن التراجع والفرار
- تغييــر الأدوار بين القظـــلار والدفتــردار !
- الوصــايا العشـــر
- الكــلامُ المُــباح في مســـألة الحَمْــلِ والسّــــفاح
- مرشــد الحيران في ذكـر ما جـرى في بطـــــانة الســــلطان
- حــروفُ الشــوْك بين مســرح الشــوْك وحكومــات الشــوْك!
- حكايــة الواوي الذي بلع المنجل !
- الســيد - شن - وزوجته السيدة - طبقة - !
- الرفيـــق المنــاضـــــل كوجـــوك علي أوغــلو وولده - دده بي ...
- الرئيس - مسبق الصنع - !
- كتاب مفتوح من أبي يســــار إلى الطبيب الحكيم بشــار
- دائرة فلتانة سي!
- خصخصــة المفاوضات وخصخصة الكركونات!
- الصراعات العقائـــديـــة بين القبوقــــول والإنكشــــارية
- القطّـــة والطاسَـــة في العلاقة بين المقاولات والسياسة!


المزيد.....




- انتشر بسرعة عبر نظام التهوية.. لحظة إنقاذ كلاب من منتجع للحي ...
- بيان للجيش الإسرائيلي عن تقارير تنفيذه إعدامات ميدانية واكتش ...
- المغرب.. شخص يهدد بحرق جسده بعد تسلقه عمودا كهربائيا
- أبو عبيدة: إسرائيل تحاول إيهام العالم بأنها قضت على كل فصائل ...
- 16 قتيلا على الأقل و28 مفقودا إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة ...
- الأسد يصدر قانونا بشأن وزارة الإعلام السورية
- هل ترسم الصواريخ الإيرانية ومسيرات الرد الإسرائيلي قواعد اشت ...
- استقالة حاليفا.. كرة ثلج تتدحرج في الجيش الإسرائيلي
- تساؤلات بشأن عمل جهاز الخدمة السرية.. ماذا سيحدث لو تم سجن ت ...
- بعد تقارير عن نقله.. قطر تعلن موقفها من بقاء مكتب حماس في ال ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصباح الغفري - الحـــــــرباء في آراء ســـــــيادة اللـــــواء