أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مصباح الغفري - الدَّهــلَــزَة والكَهْرَزة!














المزيد.....

الدَّهــلَــزَة والكَهْرَزة!


مصباح الغفري

الحوار المتمدن-العدد: 672 - 2003 / 12 / 4 - 04:21
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


الدّهليز :  الدّليج ،  فارسي معرّب . والدِّهليز بالكسر :  ما بين الباب والدار ،  فارسيٌّ مُعّرب ،  والجمع الدّهاليز .  و الدّهلزة أن تُدخل الآخر في الدهاليز ،  لتَطلب منه في الخفاء، ما لا تستطيع أن تطلبه منه في العلن ،  ذلك أن الدهّليز هو المرحلة التاريخية بين إغلاق الباب الخارجي و الدخول إلى متاهات النظام العالمي الجديد !

الدهّلزة هي الترجمة اللغوية لسياسة الخطوة خطوة ،  وتبدأ الدهلزة بنظرة فابتسامة فسلام فكلام فدهليز ،  و عندما يدخل العربي الدهاليز ،  يبدأ الهمس و الوعود .  أول الوهن هو الموافقة على اجتياز عتبة الباب ، فالدهلزة لا تكون إلا في الظلام ،  بعيداً عن الأنظار ،  و كان أهل الشام أئمة في فن الدهلزة ،  فالتاجر الدمشقي يُدخلك في متاهات و دهاليز أين منها متاهات الربع الخالي!  وتخرج من دكانه تظنّ أنك حققت صفقة العمر ،  وتكتشف أنك كنت ضحية في دهاليز التجارة والمقاولات ،  ترى تحت ضوء الشمس ما لم تكن تراه  و أنت في الدهليز .
العزيز هنري كيسنجر أتقن فنَّ الدهلزة ،  وجاء إلينا في السبعينيات، فدَهلزَ حكامنا، و قاد أنور السادات إلى القدس من أنفه .

في تلك الأيام ، كان هناك حكام يرغبون في دخول الدهاليز لارتكاب الفاحشة ،  لكنهم كانوا يخشون الفضيحة ،  يستعينون على قضاء حوائجهم بالكتمان ،  وجاء النظام العالمي الجديد، فأطار ورقة التين عن عوراتهم ،  عندها طقّ عرقُ الحياء ،  أصبحت المهمة سهلة ،  فرحلة الاستغراب تستلزم التحرّر الجنسي ،  ولم يعد هناك منهم من يخجل من الوقوف أمام كاميرا الفيديو ليكون بطلا ًلأفلام البورنو ،  و قيل أنهم يقفون في الطــوابير إنتظاراً  لدور ،  ولو كان ثانوياً ،  في أفلام المُضاجَعَة العلنيّة !
 كان الشاذون يدهلزون الغلمان ،  يجري كل ذلك بعيداً عن الأعين ،  كان المُدهلِز و المُدهلَز يخشون نظرات الاحتقار من أهل الحي .  لكن هذا النفاق الاجتماعي إنتهى منذ بضع سنوات ،  صارت عمليات الدهلزة تجري علناً على مسمع و مرأى من ملايين الناس ،  يتأبّط المدهلِز ذراع  المدهلَز به و يتبادلان العناق و القبل ،  بدأوا بذلك في الشوارع و انتهوا به في المسجد الأقصى و الحرمين ،  وما من منكر لهذا المنكر ،  والناس تقول الله أكبر...

البيت الأبيض لم يعد يجد مشقة في الدهلزة ،  وما عاد من مبرّر لها ،  إستعاض عنها بالكهرزة ،  والكهريز هو مجرى المياة المالحة ،  تسمى مجاري المدن كهاريز ،  أنفاق مغطاة تصب فيها مياه البواليع والمراحيض ،  كانت كهاريز المدن ملجأ الخارجين على القانون و الهاربين من وجه العدالة ، ورأينا في رواية البؤساء لفيكتور هيغو كيف لجأ جان فلجان بطل الرواية إلى كهاريز باريس هرباً من الشرطة .

كانت الدهلزة في السبعينيات ضرورية لتسهيل ارتكاب كبريات الكبائر ،  لكنها أضحت اليوم نافلة، حيث يتسابق الذين تمت دهلزتهم إلى السفاح العلني ،  وفتح البنتاغون كهاريز واشنطن للمتهافتين على أكل السحت والمال الحرام ،  آواهم كلاجئين ريثما يبت المعلم الأكبر في طلباتهم .  صارت الكهاريز منتجعات سياحية يؤمهّا علية القوم ،  منتجعات فيها جميع وسائل الراحة ،  فيها مطاعم و كباريهات و أندية للقمار ،  و ظنوا أنهم يعيشون في قصور ،  لكنهم لم يعلموا أنها قصور تصب فيها نفايات النظام العالمي الجديد الذي أصبح في وضع يستطيع فيه إقناعهم بأن روائح هذا العفن الذي يحيط بهم هي أحدث منتجات كريستيان ديور !

نحن الذين رفضنا الدخول في هذه اللعبة القذرة و في هذه الدهاليز الأكثر قذارة ،  نرفض لهؤلاء الذين أوصلونا إلى ما نحن فيه من بؤس، هذا المصير المحزن ،  ذلك أننا نعلم أنهم غلبوا على أمرهم يوم وافقوا على التنازل الأول ،  يوم قبلوا  دخول الدهليز و أغلقوا الباب وراءهم، حتى لا ترى شعوبهم حجم العهر الذي يمارسونه و يمارَسُ فيهم .  نقول لهم بإخلاص أن الدهاليز و الكهاريز ما هي إلا طرق و أنفاق مسدودة ،  وأن باستطاعتهم الخروج منها مرة واحدة و إلى الأبد، إذا فهموا هذا الوضع المزري الذي فيه يعيشون ،  يستطيعون تغيير مصائرهم إذا كسروا الأبواب المغلقة بينهم و بيننا نحن الشعوب ،  فالطوفان آت لا ريب فيه ،  و لا عاصم يومئذ من أمر الله .



#مصباح_الغفري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - العــورة - الوثقــى
- بيضــة العقــر وديموقراطية الثيب والبكــر!
- الأطيبان و الأخبثان و الأمـــران !
- وداعاً للسلاح …
- صناعة القرار في زمن التراجع والفرار
- تغييــر الأدوار بين القظـــلار والدفتــردار !
- الوصــايا العشـــر
- الكــلامُ المُــباح في مســـألة الحَمْــلِ والسّــــفاح
- مرشــد الحيران في ذكـر ما جـرى في بطـــــانة الســــلطان
- حــروفُ الشــوْك بين مســرح الشــوْك وحكومــات الشــوْك!
- حكايــة الواوي الذي بلع المنجل !
- الســيد - شن - وزوجته السيدة - طبقة - !
- الرفيـــق المنــاضـــــل كوجـــوك علي أوغــلو وولده - دده بي ...
- الرئيس - مسبق الصنع - !
- كتاب مفتوح من أبي يســــار إلى الطبيب الحكيم بشــار
- دائرة فلتانة سي!
- خصخصــة المفاوضات وخصخصة الكركونات!
- الصراعات العقائـــديـــة بين القبوقــــول والإنكشــــارية
- القطّـــة والطاسَـــة في العلاقة بين المقاولات والسياسة!
- الطَّشَــــرون


المزيد.....




- مقتل فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي بعد مزاعم محاولتها طعن ...
- الدفاع المدني في غزة: العثور على أكثر من 300 جثة في مقبرة جم ...
- الأردن: إرادة ملكية بإجراء الانتخابات النيابية هذا العام
- التقرير السنوي لـ-لعفو الدولية-: نشهد شبه انهيار للقانون الد ...
- حملة -شريط جاورجيوس- تشمل 35 دولة هذا العام
- الصين ترسل دفعة من الرواد إلى محطتها المدارية
- ما الذي يفعله السفر جوا برئتيك؟
- بالفيديو .. اندلاع 4 توهجات شمسية في حدث نادر للغاية
- هيئات بحرية: حادث بحري جنوب غربي عدن
- وزارة الصحة في غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مصباح الغفري - الدَّهــلَــزَة والكَهْرَزة!