أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - صبحي حديدي - نساء البيت الأبيض














المزيد.....

نساء البيت الأبيض


صبحي حديدي

الحوار المتمدن-العدد: 2168 - 2008 / 1 / 22 - 12:15
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


لو أنّ المواطنة الأمريكية فكتوريا كلافلن وودهل (1838 ـ 1927)، أوّل امرأة أمريكية تطمح إلى بلوغ البيت الأبيض، ذرفت نهراً من الدموع، وليس محض دميعات مثل تلك التي ترقرقرت في مقلتَيْ هيلاري رودام كلينتون، الساعية إلى بطاقة ترشيح الحزب الديمقراطي، هل كانت الحال ستتغيّر حقاً؟ وهل كانت أصوات النساء ستنهمر لصالحها في صناديق الاقتراع، كما شاء حسن طالع السناتور كلينتون عشية انتخابات ولاية نيوهامشير، أسرع وأغزر من انهمار الدموع؟ الإجابة بالنفي ليست مرجّحة فحسب، بل هي قاطعة صريحة ببرهان من التاريخ والوقائع.
بادىء ذي بدء، والمرجو أن لا تكون هذه الحقيقة مفاجئة للكثيرين، لم تحصل النساء في أمريكا على حقّ التصويت القانوني التامّ إلا في سنة 1920 (للمقارنة مع ديمقراطيات غربية أخرى: فرنسا سنة 1944، بريطانيا 1928، ألمانيا 1918، هولندا 1919، النروج والدانمرك 1913...). السبب الثاني هو أنّ السلطات الحكومية المسؤولة عن تسيير أمور الإنتخابات الإدارية، رفضت إدراج اسم وودهل على لوائح المرشحين، وبالتالي لم يكن ممكناً أصلاً التصويت لها ببطاقات اقتراع نظامية. وأمّا السبب الثالث، العجيب الغريب، فهو أنّ المرشحة لم تكن، نهار الانتخابات تحديداً، في بيتها أو في مقرّها أو في أيّ من مراكز الاقتراع، بل كانت... تقبع في السجن، بتهمة توزيع منشورات إباحية في صناديق البريد!
لكنّ حكاية وودهل لا تقتصر على هذه المغامرة، بل إنّ أحداث حياتها الصاخبة تُعدّ سيرة لواحد من أبكر فصول نضالات المرأة الأمريكية لنيل حقوقها الدستورية والمدنية والإنسانية، سواء الحقّ في الترشيح والتصويت، أو ارتياد أسواق البورصة (كانت وودهل أوّل امرأة مضاربة في التاريخ الأمريكي)، أو تأسيس صحيفة (في عام 1870 أطلقت وودهل جريدة أسبوعية، سرعان ما احتلّت موقعاً سجالياً وإشكالياً بارزاً بسبب نشرها مواضيع محرّمة ومسكوتاً عنها، في شؤون التربية الجنسية وحرّية العلاقات وتحديد النسل، فضلاً عن نشر نصّ "البيان الشيوعي" أواخر العام 1871).
لكنّ معركتها القضائية مع القسّ هنري وارد بيشر كانت الأشهر في هذا الصدد، فقد كانت باهظة الثمن مادّياً ومعنوياً من جانب أوّل، كما شكّلت بعض ذريعة السلطات الحكومية في رفض ترشيحها لمنصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، والحكم عليها بالسجن في نهاية المطاف. وبعد خبر اغتيال الرئيس أبراهام لنكولن، تصدّرت هذه المحاكمة أخبار أمريكا في البيوت المجالس وعناوين الصحف، ولا يمكن مقارنتها ـ من حيث حجم الملفات ومقدار الإثارة الشعبية وانقسام الرأي العام ـ إلا بمحاكمة أو. جي . سمبسون أو فضيحة كلينتون ـ لوينسكي.
وكان القسّ بيشر، أحد أشهر رجال الدين في زمانه (تمثاله ينتصب اليوم في حديقة كولومبوس، نيويورك)، قد جعل من فلسفة وودهل التحررية موضوعاً دائماً لمواعظه النارية، فأدانها بشدّة، واعتبرها خطيئة ورجساً، وحرّض عليها بعض الصحف الدينية التي بلغت حدّ إظهار وودهل في صورة امرأة ـ شيطان. لكنّ تيودور تلتون، وكان من رعيّة كنيسة بيشر، أفضى بسرّ خطير: أنّ القسّ كان زانياً، وأنّ زوجة تلتون، إليزابيث، اعترفت بإقامة علاقة غير شرعية معه. وبالطبع، أصرّت وودهل على نشر الحكاية وفضح نفاق القسّ، فانتقلت القضية إلى القضاء والرأي العام، وأنتهت إلى عجز هيئة التحكيم عن التوصل إلى قرار (بعد ستة أيام من المداولات).
تتمة الحكاية كانت تشكيل لجنة تحقيق خاصة غير قضائية، برّأت بيشر من التهمة، ثمّ عادت القضية مجدداً إلى القضاء بعد سنتين، إثر ظهور اعترافات جديدة من إليزابيث تلتون، أسفرت أيضاً عن تبرئة القسّ مجدداً و... إصدار تحريم كنسي بحقّ صاحبة الإعترافات! ولأنّ وودهل لم تلقِ السلاح، وشرعت وأنصارها في توزيع تفاصيل فضيحة القسّ علانية وعن طريق البريد، فقد صدر بحقّها حكم بالسجن لمدّة شهر، قبل أيام معدودات من موعد الإنتخابات الرئاسية. القسّ بيشر، في المقابل، واصل حضوره في معظم حوليات التاريخ الأمريكي بوصفه رجل دين مجدداً في العقيدة المسيحية، مناهضاً للعبودية، و... مدافعاً عن حقوق المرأة!
وعلى سيرة الزنا والزناة، تروي هيلاري كلينتون في كتابها «التاريخ الحيّ»، أنه مرّت على آل كلينتون حقبة كان فيها الكلب "بَدي" هو الوحيد المستعدّ لمعاشرة عميد الأسرة، بيل كلينتون. وفي قناعة كاتب هذه السطور، كانت السيدة كلينتون خير مَنْ استفاد من الفضيحة، إذْ أنها تصرّفت بذكاء سياسي وسيكولوجي وإعلامي فائق، وسحبت البساط من تحت قدمَي الرجل المستسلم أمام كلّ السكاكين، ثمّ استأثرت بصورة الزوجة ـ الضحية التي كبرت على جراحها وتطلعت إلى أمام وإلى بعيد، أي إلى ما هو أسمى من الفضيحة ذاتها. وحين كان كلينتون لا يعرف من أين تأتيه الطعنات، كان نجم هيلاري يصعد ويصعد، وكانت المحامية السابقة الطامحة ترنو إلى سدّة أخرى: مبنى الكابيتول، ثمّ البيت الأبيض... رئيسةً هذه المرّة، لا سيّدة أولى فحسب.
وعلى نقيض من فكتوريا كلافلن وودهل، وبمعزل عن تكتيك ذرف الدموع، لا يبدو اليوم أنّ السناتور هيلاري رودام كلينتون بحاجة إلى عون أشدّ أهمية ممّا يوفّره لها بيل كلينتون، هذا الزاني السابق!



#صبحي_حديدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بوش الإيديولوجي: مشعل الحرّية أم تصنيع الحزام الناسف؟
- أيّ عاصمة، دمشق؟
- إعلان دمشق: آلة القمع دائرة ومطحنة المصطلح قاصرة!
- الساكت عن الحقّ
- إدوارد سعيد: عود على بدء
- نمطان في -تكريم- حقوق الإنسان: هراوة الأسد وممسحة ساركوزي
- شحارير الرياء
- اقتصاد السوق والديمقراطية الغربية: زواج أضداد أم سفاح قربى؟
- الغريبان
- صفقة ساركوزي الجديدة: ألعاب ذرّ الرماد في العيون
- النظام السوري بين غارة وأخرى: العجائب الخمس
- إحتراف الحسبة
- الهند في ميلادها الستين: كعب آخيل عمالقة القرن
- الشعر و-الطرب الوطني-
- تكعيب البصرة
- السير رشدي والمستر لوكاريه
- باكستان العسكر: هل ينقلب الفقه الأصولي إلى حاضنة اجتماعية؟
- على أهدابه عشب الجليل...
- ولاية الأسد الثانية: السنة ال 37 في عمر -الحركة التصحيحية-
- كعكة كافكا


المزيد.....




- السعودية.. فيديو دموع امرأة مغربية في الحرم ردا على سؤال يثي ...
- شاهد..امرأة في مصر تؤدي دور المسحراتي خلال رمضان وتجوب شوارع ...
- السعودية تترأس لجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة والإعل ...
- صلة رحم.. معالجة درامية إنسانية لقضايا النساء
- السعودية تترأس لجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة رغم ان ...
- البابا فرنسيس يغسل ويقبل أقدام السجينات في مراسم خميس العهد ...
- السعودية رئيسا للجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة عام 2025
- انتخاب السعودية لرئاسة لجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة وسط ...
- -اكتشاف هام- يمنح الأمل للنساء المصابات بـ-جين أنجلينا جولي- ...
- ما حقيقة مشاركة السعودية في مسابقة ملكة جمال الكون بالمكسيك ...


المزيد.....

- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع
- النسوية.المفاهيم، التحديات، الحلول.. / طلال الحريري
- واقع عمل اللمراة الحالي في سوق العمل الفلسطيني الرسمي وغير ا ... / سلامه ابو زعيتر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - صبحي حديدي - نساء البيت الأبيض