أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - إيمان أحمد ونوس - خالد المحاميد وناكرو الجميل يهود إسرائيل















المزيد.....


خالد المحاميد وناكرو الجميل يهود إسرائيل


إيمان أحمد ونوس

الحوار المتمدن-العدد: 2168 - 2008 / 1 / 22 - 12:06
المحور: القضية الفلسطينية
    


قرأت في موقع ورقستان الفلسطيني هذه المادة الغنية بمعلوماتها القيمة عن تعامل العرب مع اليهود العرب أثناء الحرب العالمية الثانية، وبالأخص في المغرب العربي. ولهذا ارتأيت أن أطلع عليها أكبر قدر من القراء بعد استئذان صاحبها الأستاذ المحامي خالد كساب المحاميد
وإليكم النص:
- ناكرون للجميل - مليون إسرائيلي من المغرب العربي-
روبرت ساتلوف هو الرئيس التنفيذي ل"مؤسسة واشنطن للأبحاث حول الشرق القريب". كان قد أصدر كتابا في سنة 2006 تحت عنوان "Among the Righteous" والذي يعني " من بين الصدَّيقَينْ". من إصدار (Public Affairs, New York)

يصف السيد ساتلوف في الكتاب ويؤرخ وضع اليهود في كل من المغرب الجزائر تونس وليبيا في فترة سيطرة النازيين والفاشيين على هذه الدول العربية التي استمرت ما يقارب الثلاث سنوات ابتداءً وبالتفاوت ما بين الثالث من أكتوبر سنة 1940 حتى الثامن من اغسطس سنة 1943 حين يبطل "ديغول" قوانين لا-يهودية سنتها حكومة "فيشي" الفرنسية التي تخاذلت مع النازيين.
”الصدّيقين" في هذا المضمار هم غير اليهود الذين عملوا على إنقاذ اليهود أثناء الملاحقات التي عانوا منها في فترة حكم النازيين ومحرقة الهولوكوست.
وكل من أُثبت نشاطه المجيب على صفة "الصديقين" يمنح جائزة من مؤسسة "ياد فاشيم" الإسرائيلية التي تدير متحف المحرقة – الهيكل الثالث- في القدس الغربية وفقا لقانون إسرائيلي يحمل نفس الاسم.
لم يحصل أي عربي على هذه الصفة حتى الآن وهنالك اقتراح بمنحها للسيد خالد عبد الوهاب – تونس- لمساعدته اليهود إثناء احتلال الألمان لتونس في الحرب العالمية الثانية.
قام السيد ساتلوف بإجراء بحثه التاريخي الموثق جداً ليجيب على ما يصفه هو بالسؤال المحوري في هذا الكتاب( ص 1) وهو:
(( هل أنقذ أي ُ من العرب أيً من اليهود أثناء محرقة الهولوكوست..؟))
السؤال مهم جداً، والإجابة عليه مثيرةٌ للغاية، وينطوي على مفاجآت مذهلة تقلب كل الحسابات في إطار ربطه بالأوضاع السياسية الحالية التاريخية والمستقبلية على مجرى الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني.
يعرف نفسه سأتلوف بأنه " أيضا يهوديا... يدين بالولاء ومخلص لبلده الولايات المتحدة، وفخور بارتباطه بالوطن القومي لليهود في إسرائيل."(ص 1) وهو الأمر الذي جعل إمام جامع باريس السيد "دليل بوبكر" جزائري المولد ورئيس المجلس الأعلى لشؤون مسلمي فرنسا أثناء اللقاء معه في اكتوبر 2005 يتوخى الحذر عندما قرأ في رسالة كتبها له الدبلوماسي الفرنسي "بيير ثينارد" لإنجاح تنظيم اللقاء، جاء فيها: بأن السيد ساتلوف هو من أحد كبار ناشطي اللوبي اليهودي المؤثرين في أمريكا. الأمر الذي ينكره السيد ساتلوف بقوله أنه يدير مركز أبحاث موضوعي وليس مجموعة لوبي(ص 150 ). ليتبين بأن السيد ساتلوف ومعهده من أهم المؤسسات التي ترسم سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط مثلما يتبين من سرد السيد ساتلوف في الكتاب وتبني وزارة الخارجية الأمريكية لمنشوراته وترويجها لكتاباته في الدول العربية، حيث كانت وزارة الخارجية الأمريكية قد نظمت للسيد ساتلوف لقاءات مع السفراء العرب في الجامعة العربية بالقاهرة وعلى رأسهم السيد عمرو موسى.
كنت قد دُعيتُ في خريف 2006 لسماع محاضرة في الجامعة العبرية في القدس الغربية قدمها السيد ساتلوف حول موضوع الكتاب، هاجم أثناءها البلاد العربية لعدم تدريسها موضوع المحرقة في مدارسها، الأمر الذي أثارني لأن إسرائيل نفسها لا تدرس موضوع المحرقة للطلاب الفلسطينيين(المليون ونصف المليون) والذين يعدون مواطنين إسرائيليين، وأشرت له بذلك وبأن وزارة المعارف الإسرائيلية عن تصميم ترفض تدريس العرب هذا الموضوع لغاية في نفس يعقوب! إلا أنه تجاهلني وتملص من الحديث معي باللغة العربية رغم إتقانه لها عندما حاولت إهدائه كتابي "الفلسطينيون ودولة المحرقة" رغم أنه يذكرني في كتابه المذكور( صفحة 184 (
مقتبسا اللجنة الأمريكية ضد التشهير - بأن محاولاتي دراسة المحرقة ودعوتي للفلسطينيين لدراسة هذا الموضوع تصب في "التشهير الكلاسيكي ضد إسرائيل باستعمالها المحرقة وبذلك تشجيع اللا سامية"!!-
النتيجة المثلى من دراسة كتاب السيد ساتلوف توصلنا إلى إحدى أكبر المفارقات الجذرية في علاقة اليهود بالعرب، وإسرائيل بالفلسطينيين، والأوروبيين بالإسرائيليين ماضياً وحاضراً ومستقبلاً.
وهي أنه يترتب على اليهود ذوي الجذور التاريخية من بلاد المغرب العربي, ليبيا، تونس، الجزائر والمغرب والذين يسكنون إسرائيل ويشكلون ما يقارب/20%/من سكانها( مليون نسمة) أن يدينوا بالفضل للعرب حين أنقذوا آباءهم (نصف مليون نسمة) من مصير مشابه لمصير إخوانهم اليهود في أوروبا الغربية عندما أباد النازيون الألمان وأعوانهم الأوروبيون ببشاعة (ستة ملايين نسمة) منهم بدم باردٍ.

ويجب أن نضع نصب أعيننا تلك الشهامة العربية الإسلامية التي كانت نتيجتها إنقاذ أجداد مليون من الإسرائيليين اليهود، في حين وللمقارنة قام قادة الشعب الهنغاري وكثيراً من أبناء الشعب الهنغاري بمساعدة النازيين لذبح وإبادة أكثر من حوالي نصف مليون يهودي بفترة تقل عن 4 أشهر بمساعدة الملك والحكومة بين شهري مارس ويوليو 1944.
ولكي نفهم البعد التاريخي السياسي لما قام به العرب أثناء الحرب العالمة الثانية يتوجب علينا أن نتخذ من تصرف الشعوب الأخرى تجاه عملية إبادة اليهود، ولهذا أختار أن أعرض بعض المعلومات حول إبادة اليهود الهنغاريين .
إبادة يهود هنغاريا بمساعدة الهنغاريين شعبًا وحكومةً وملكاً
" يوسي شتيرن" هو ابن كيبوتس مجيدو في مرج ابن عامر، وهذا الكيبوتس يقع على أراضي ارمجدون التوراتية القابعة على أراضي اللجون التي ولد فيها أبي وشُرِّدَ منها على أيدي دولة اسرائيل سنة 1948 وهدم بيته، وكذلك يقع قبر جدي خليل في أراضيها، وهي ذاتها التي ستقع في سهولها المعركة الأخيرة قبل ظهور السيد المسيح في معركة "أرمجدون" وفقاً لرؤيا يوحنا، والتي يبني الرئيس الأمريكي بوش وأنصاره من (الإنجيليين -الايفانغيليين) المسيحيين آمالاً على وقوع المعركة النهائية "أرمجدون" التي تُمتِعْ هؤلاء بالحلم البغيض حول إبادة ثلثي اليهود والثلث الآخر سيتنصر.
يخبرنا السيد يوسف شتيرن (كيتشي) بمقتل/440.000/ يهودي هنغاري منذ 19/3/1944/وخلال
/4/ أشهر على أيدي الإرهابيين النازيين، فهو يذكرنا في مقالة له في كتاب "أَشيِرْ زَخَارْنُو لِسَبِّير" أنه استمرت حياة الجالية اليهودية في هنغاريا بتوتر دائم ولجأت إلى أسلوب المراوغة لكي تتجنب الضربات التي تلقتها صباح مساء. وفي خارج هنغاريا سيطر الرعب، حيث أبـيدت التجمعات اليهودية واحدة تلو الأخرى، ودولة بعد أخرى إستحالت الى "يودن راين" أي نظيفة من اليهود.
في هنغاريا لم يُقْرَأ العنوان المكتوب. قال اليهود: " لن يحدث هذا لدينا. لن يسمح الحاكم الهنغاري، "هورتي"، بأن يمسوا اليهود، فقد وصل إلى هنغاريا لاجئون من بولندا، من سلوفاكيا، أناس هربوا من "اوشتايتسي" ومن مخيمات إبادة أخرى، وقد حدّث هؤلاء بما رأت أعينهم. لكن السكان المحليين لم يصدقوهم، وظنّ معظمهم بأن الموجات المتعكرة ستعبر فوق رؤوسهم دون أن يمسهم ضرر. في ذلك الوقت كان هناك مجال للهرب إلى أرض إسرائيل أو إلى الولايات المتحدة لكن قلائل قاموا بذلك".
ويستمر يوسف شتيرن (كيتشي) في وصفه "في سنة 1943 بعد معارك ستالينغراد، أبيد الجيش الهنغاري في الجبهة الروسية، حينما تقدم الجيش الأحمر إلى الغرب، ودنا قريبًا جدًا من جبال الكارابتيون - حدود هنغاريا، فبدأ القادة الهنغاريون بالتفكير في كيفية خروجهم من الحرب. كانت هنالك اتصالات مع قوى التحالف، لجعل هنغاريا تتبع، في حالة تقسيم أوروبا بعد الحرب، لمنطقة نفوذ الغرب عند انتصار قوى التحالف (رمز لتخاذل الغرب في عملية إنقاذ اليهود من الاباد، وليس للسوفييت المكروهين لدى حكام هنغاريا، الذين ابادوا بحمامات دم رهيبة الكومونة الهنغارية سنة 1921"....
"في 19 مارس 1944 ضرب البرق! احتل الجيش الالماني هنغاريا وفي اعقاب ذلك جاءت وحدات الأس-أس والوحدات الخاصة التي تخصصت في إبادة اليهود.... بسرعة كبيرة تدهورت الأمور. بعد عدة أيام بدأوا بممارسة الإضطهاد: التوشم بنجمة داوود على الصدر أو الظهر ؛ المنع من الدراسة في المدارس؛ صودرت الأملاك والمصانع التي بملكية اليهود وجاء رجالات "الغستابو" لإقامة لجان "اليودن-راط" المحلية المكونة من قادة يهود. ؛ بداوا بالقبض على اليهود لتشغيلهم بأعمال السخرة؛ جزّوا اللحى لليهود وأكثروا من التعذيب.
في اليوم الأول من عيد العرش أفقنا عندما كانت المدينة محاطة تحت بطوق العسكري نفذه معا الجيش الألماني والشرطة الهنغارية وكتائب الشباب الهنغاري المحلي لمهمة تركيز اليهود في جانب واحد من المدينة- الغيتو. وهكذا نظفوا الشوارع من اليهود شارعا بعد آخر. عائلات تلو عائلات هُجِّروا مع القليل من الأمتعة على أكتافهم تحت وابل صيحات الفرح التي أطلقها جيرانهم غير اليهود الذين انتشوا لفكرة السيطرة على أملاك اليهود.

الجيش الألماني تعارك على الحدود السوفيتية الهنغارية مع الجيش الروسي ورغم انشغاله بذلك شيء واحد لم ينسى : إبادة اليهود. وهكذا وخلال 4 أشهر من سيطرة النازييون على هنغاريا وبمساعدة السلطات الهنغارية استطاع الفاشيون الهنغار والنازيون الالمان إبادة 400000 يهودي هنغاري بأفران الغاز."(ص 312 ) (في الواقع أبيد 440000 يهودي من يهود هنغاريا في الهولوكوست)

هكذا ولأن القادة الهنغاريين وأبناءً من الشعب الهنغاري قاموا بمساعدة النازيين أبيد نصف مليون يهودي في فترة تقل عن 4 أشهر بالمقارنة مع مقاومة قادة المغرب العربي والمسلمين ورفضهم تنفيذ تعاليم النازيين في فترة احتلال دامت لحتى 3 سنوات أُنقذ نصف مليون يهودي والأمر نفسه تكرر في إنقاذ يهود ألبانيا المسلمة.

كيف يثبت لنا الكاتب الصهيوني بأن العرب قاموا بإنقاذ اليهود في المغرب العربي ولماذا يتنكر لاكتشافاته ولا يقوم ليدافع أمام زملائه من المشجعين لإسرائيل عن حضارة كان لها الفضل بالحفاظ على نصف مليون يهودي؟

القيم الإسلامية تنقذ نصف مليون يهودي ومليون إسرائيلي من الإبادة
قرر آدولف هتلر بأن يحتل بلدان المغرب العربي تحت المنطق " التخلي عن أفريقيا يعني التخلي عن البحر المتوسط " (ص 17) ومن هنا جاءت سيطرته على دول المغرب العربي (لبنان وسوريا كذلك) عن طريق حكومة "فيشي" الفرنسية الموالية له وكانت خطته بإبادة 700000 من يهود فرنسا الذين تكونوا من 200 ألف يسكنون فرنسا ونصف مليون يعيشون دول المغرب العربي (ص 19) وفقا للخطط التي رسمها أدولف آيخمان.
حكومة "فيشي" أقرت قوانين نيورنبرغ العنصرية ضد اليهود وبدأت بتنفيذها في الدول العربية التي كانت تحت سيطرتها وكذلك فعلت الحكومة الفاشية الايطالية التي احتلت قواتها ليبيا. هكذا بدأت مصادرة الأملاك والإقصاء عن الوظائف والنجنيد لمخيمات العمل بالنخاسة. "كان موسيليني وأيطاليا الفاشية قد حصل على مآربه في السيطرة على ليبيا سنة 1931 ...في سنة 1938 كان قد سن القوانين ضد اليهود في دولته وبدأ الطليان بممارسة الاضطهاد ضد اليهود الليبيين الذين عدّوا حوالي 30000 يهودي ...وركزوا حوالي 2500 منهم في معسكرات التركيز "غيادو" و"الغريان" و "سيدي عزاز" لهدف نقلهم لمعسكر الإبادة "أوشفيتس" في بولندا (ص 42) ولكن لأمر دفاع العرب عن اليهود أفشلت مخططات الفاشيين ولم يُرَحّْلْ اليهود لأوشفيتس

لم تتمكنا الحكومة الفرنسية الفاشية والإيطالية من تنفيذ المخططات كما في الدول الأوروبية لأن العرب في هذه الدول قاوموا بكل ما أوتوا من قوة لعرقلة تنفيذها وهكذا تم. فكما يلخص ذلك ساتلوف بقوله " الوضوح بهذا الأمر مهم : في الواقع لم تشترك الجماهير العربية ولم تدعم المشروع الفاشي الذي جلبه الأوروبيون المعادي لليهود في شمال أفريقيا" (ص 74)
" كانت الجزائر أحد المواقع التي فيها تسجل أهم الفترات المميزة في تضامن العرب مع اليهود "(ص 105 )
هكذا كان عندما ردَّ القائد الوطني الجزائري " فرحات عباس" على مقترحات "فيشي" لإضطهاد اليهود " عنصريتكم تضرب في كل الاتجاهات ؛ اليوم ضد اليهود ودائما ضد العرب" ...وكان رد قائد الحزب الشعبي الجزائري السجين " ميسالي حاجي" على أوامر "كريميكس" العنصرية ضد اليهود بالقول " هذا ليس تقدما للجزائريين ؛ المس بحقوق اليهود لا يعني زيادة حقوق المسلمين" (106) حيث يضيف ساتلوف "وللمفاجئة الكبيرة كان مصدر روح التضامن مع اليهود عند الجماهير العربية هو المؤسسة الإسلامية وتعاليمها" (ص107) حين بدأ قائد حزب الإصلاح عبد الحميد بن بديس ...والذي عقبه الشيخ طيب العقبي في ربط علاقات مع قادة الجالية اليهودية والذي قام سنة 1942 في منع الجنود الجزائريين من تنفيذ مجازر ضد اليهود خطط لها الفاشيون الألمان والفرنسيين وأصدر أمرا يمنع فيه المسلمين من مهاجمة اليهود....ومن على مآذن المساجد في الجزائر أصدر أَئِمَتُها تعليمات للمسلمين في الامتناع من الاستفادة من مآسي اليهود... هذه الحركة من التضحية, في الوقت الذي كان الكولونياليين الفرنسيين يثرون أنفسهم على حساب اليهود في الجزائر كان بالأخص من الأفعال النبيلة التي تسجل لوصف تصرف المجتمع المسلم" (ص 107) وهكذا لم يشترك المسلمون في شراء الممتلكات اليهودية المصادرة عندما عرضها الألمان والفرنسيون للبيع.
السلطان المغربي محمد الرابع قام بالتصريح أمام ضباط حكومة "فيشي" بأنه على أن أخبركم بأن الإسرائيليين سيبقون تحت حمايتي" قالها بصوت يسمعه الضباط وعلى الأقل صحافي فرنسي واحد لينقل الرسالة " أرفض أن أميز بين أفراد مملكتي" حين كان قبلها قد هرّب قادة من اليهود للقصر ليعلمهم "بأن سن القوانين النازية رسميا لا يعني تطبيقها فعليا " (ص 111)

نفس الدور كان لحاكم تونس أحمد باشا بيك الحسيني وحكومة ابن عمه منصف بيك الحسيني عندما أصدر الأخير أوامره لحماية اليهود كما كتب أحد المؤرخون " منع نشاط منصف بيك وحكومته الشعب التونسي من أن تغريهم أعمال الألمان وعمل على أن يوحد الشعب"... ويتقول ماتيلدا جويز من سوسة بأن البيك جمع كل الموظفين والوزراء في قصر الباردو وأصدر التالي " يعاني اليهود من أوقات صعبة ولكنهم تحت حمايتنا ونحن المسؤولون عن حياتهم. وإذا ميما وجدنا عربيا مخبرا يتسبب في سقوط شعرة واحدة من شعرة يهودي , سيدفع هذا العربي بحياته " (ص 113)



هنا يجب أن نذكر بأن القادة العسكريين الألمان قاموا بإعداد معسكرات التجميع في كل من المغرب والجزائر وتونس وبدئوا بتجميع اليهود فيها لهدف "شحنهم" الى معسكرات الإبادة في أوروبا.

ولولا حضارة العرب والشعوب غيرالعربية في هذه الدول والتعاليم الإسلامية لكان نصف مليون من يهودها قد لاقوا حتفهم الأكيد على أيدي النازيين في فترة سيطرة هؤلاء على هذه الدول لفترات من الزمن تتراوح ما بين السنتن والثلاثة سنوات. الشيء المذهل الذي يكشف لنا عنه السيد ساتلوف في كتابه.

هذه هي أكبر المفارقات التاريخية التي علينا نحن العرب أن نتداولها في المحافل الدولية وفي نقاشنا مع الطرف الإسرائيلي بأن المليون إسرائيلي الذين يعيشون الحياة اليوم بفضل أخلاقياتنا العربية وجهود أبناء الأمة العربية يمارسون في إسرائيل تشريد الشعب العربي الفلسطيني بشكل لا يصدقه العقل.

ففي حين قام أبناء الشعوب التي احتل أراضيها الألمان النازيون بمساعدة فعالة لإبادة اليهود في أوروبا كما وصفنا أعلاه حول إبادة يهود هنغاريا, قام العرب وفقا ما يشرح لنا السيد روبرت ساتلوف اليهودي الفخور بإسرائيل بالحفاظ على حياتهم .

وهكذا كان إخلاص العرب لإنسانيتهم وتعاليمهم السماوية المسلمة قد وفر "للمشروع الصهيوني الكارثي" (وفقا لعضو الكنيست السابق ورئيس الوكالة اليهودية أبراهام بورغ) الزخم الديموغرافي من أعداد اليهود للهجرة لأسرائيل بعد قيامها كدولة وتهجير أبناء شعبي الفلسطيني والذي لولا هذه الهجرة لما تمكنت إسرائيل من القدرة على بناء مشروعها وذلك بعد أن كان هؤلاء اليهود أصلا قد رفضوا المشروع الصهيوني والذين لم يكونوا في أي يوم من الأيام العنوان للحركة الصهيونية الغربية لدعوتها لهم للهجرة لأن قادة المشروع الصهيوني بعنصرية أرادوا مشروعهم للأوروبيين اليهود فقط.

يتوجب علينا أن نجيب على السؤال كيف يستطيع مليون يهودي يدينون بحياتهم لحضارة أبناء شعوب المغرب العربي والتعاليم الإسلامية برد الجميل على شاكلة تهجير 700000 من أبناء شعبي الفلسطيني وزجه في المخيمات واللجوء.?


يتوخى علينا أن نصف ما يكشف لنا السيد ساتلوف من أعمال قام بها أجدادنا العرب وغير العرب في المغرب العربي والتي حافظت بذلك على نصف مليون يهودي بالأمر الذي نعتز به حضاريا وأن نواجه فيه المحافظين الجدد والدعاة الصهيونيين وعلى رأسهم اليهود في أمريكا الذي يروجون اليوم لما يسموه "بالإسلام الفاشي" أو "الفاشية الإسلامية" وأن نوقفهم على حدهم بقولنا بأن الإسلام والعرب هم من بين القلائل الذين حموا اليهود من مجازر الهولوكوست البشعة التي قام بها الأوروبيون في حين يستخدم الإنجيليون (الأفنغاليون) وحلفائهم المحافظون الجدد والحركة الصهيونية مأساة اليهود في الهولوكوست و"رؤيا يوحنا" في حرب "أرمجدون" لكي يصلوا الى الحكم وإلى الميزانيات الكبيرة والأرباح التي يجنونها من وصولهم إلى السلطة في الولايات المتحدة بواسطة الرئيس بوش. ونحن العرب والمسلمون لن نفاجأ بأن ما سيفعله هؤلاء الإنجيليون (الأفنغاليون) لدى وقوع أي خطر فعلي ضد اليهود في العالم، هو العمل على تحقيق "رؤيا يوحنا"، ووقوفهم متفرجين على المذابح التي يحلمون بها ليل نهار، كما قام بذلك أسلافهم من الأمريكيين والإنكليز بتخاذلهم وعدم قيامهم بقصف السكك الحديدية المؤدية لأوشفيتس، وعدم سماعهم نداءات استغاثة اليهود الذين طلبوا من بريطانيا وأمريكا قصف أفران الغاز في أوشفيتس وفقا لما جاء في كتاب ديفيد س. وايمان (المسيحي) "عقر اليهود والتخلي عنهم" , يثبت فيه أن بريطانيا وأمريكا لو أرادتا أن تنقذا على الأقل مئات الالاف من يهود أوروبا من الموت الأكيد في أفران الغاز لاستطاعتا. لكن الأمريكيين والإنكليز تخاذلوا وخانوا رسالتهم الإنسانية. والصورة التي يرسمها " ديفيد وايمان" في كتابه هي صورة فشل تاريخي. يدعي "وايمان" أن عدم رد الفعل الذي أبدته الولايات المتحدة للمعلومات حول محرقة اليهود كانت نتيجة سياسة النفي وتخاذل وزارة الخارجية، ولامبالاة الرئيس روزفيلت. مثل هذا التصرف المغلف باللاسامية يتوجب علينا ان نتوقعه من الإنجيليين (الأفنغاليين) الأمريكيين في حالة وقوع اليهود في خطر .


لن يكون بعيدا ذلك اليوم الذي ستشعر فيه إسرائيل بأن الأخلاقيات التي تبني عليها سياستها تجاه الفلسطينيين إنما هي منافية لأبسط الصفات الإنسانية لرد الجميل. فبينما يتملق الغرب في تشريع سياسة إسرائيلية عنصرية ضد الفلسطينيين والسكوت عنها سيجد الجيل الجديد من أبناء يهود المغرب العربي الإسرائيليين واجبهم الضميري والإنساني مطالبا لهم بالقيام بواجبهم لإعادة النظر في تنكرهم لحضارة ودين هما السبب في وجودهم وبقائهم في الحياة. وإن غدا لناظره قريب.
خالد كساب محاميد
اللجون المهجرة – الناصرة
2008-01-



#إيمان_أحمد_ونوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المؤتمر الأول لأسر لاعبي الأولمبياد الخاص بدمشق
- مفهوم العيب بين الأمس... واليوم
- صديقتي عفاف الأسعد تسألني... أين دماغي..؟؟
- كشف حساب للعام الجديد
- تركي عامر...وقصيدة لأبالسة السماء
- أساليب تعديل السلوكيات السلبية عند الأبناء
- الحوار المتمدن... واحة عدالة وفكر حر
- في اليوم العالمي للمعوق.. لأن الأمل هو الحياة
- لماذا يكون همّ البنات ... للممات..!!!؟؟؟
- ما بين الأمومة... والأنوثة
- الاكتئاب عند المرأة- محاضرة
- العانس... والحياة
- ما وراء ظاهرة التسرب المدرسي
- لنُصغِ لآرائهم
- الأخوة... بين الحب والشجار
- الأبناء... ما بعد الطلاق *
- تميز المرأة... نعمة .. أم نقمة..؟؟؟!!!
- ورشات ومؤتمرات لا متناهية..لطفولة بائسة ومهمشة.
- الالتزام والنقد و... الآخر
- أخلاقيات الفرد هي الأصل


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - إيمان أحمد ونوس - خالد المحاميد وناكرو الجميل يهود إسرائيل