أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد المطلب محمود - الغرائبية في العرض المسرحي.. تاليف الدكتور ناجي كاشي















المزيد.....

الغرائبية في العرض المسرحي.. تاليف الدكتور ناجي كاشي


عبد المطلب محمود

الحوار المتمدن-العدد: 2166 - 2008 / 1 / 20 - 11:19
المحور: الادب والفن
    


ليس من قبيل المبالغة القول : إن كتاب المخرج الفنان المبدع والكاتب والشاعر والأكاديمي ، الدكتور ناجي كاشي، الذي صدر أخيرا من دار الخيال للطباعة والنشر والتوزيع في بيروت، والذي حمل العنوان الوارد في اعلاه، لم يكن مجرد بحث ذي طابع أكاديمي متخصص لنيل درجة علمية( الدكتوراه) فلسفة في الإخراج المسرحي، قصره كاتبه على تتبع خلفيات أسلوب محدد من أساليب الاخراج المسرحي الحديثة ،أو المستحدثة ،وأبعاده التي أخذت تشيع بين أساليب الأخراج السائدة المعروفة في العالم، بل لقد تحول الكتاب بفطنة كاتبه العالية ونزعته نحو البحث عن الأصول الفلسفية لهذا الأسلوب، الفني ظاهرا والفكري عمقا ،الى أجتهاد في البحث الدائب عن أغوار هذا العمق الفكري ـ الفلسفي، من شأنه أن يوصل لنظرية متكاكلة لعلها غير مسبوقة لكل ما هو غرائبي،بل مثير للدهشة والغرابة ، ليس في هذا الأسلوب من أساليب الأخراج المسرحي وحده، وانما في مجمل حركة الحياة الأنسانية ، وفي مختلف مضاميرها المعروفة.
ذلك ان الدكتور ناجي كاشي استطاع ان يمد قارئه ـ مثلما فعل عمليا قبل ذلك عبر أفادته من هذا الأسلوب عند أخراجه لعدد من المسرحيات الجادة ، منها مسرحيتا( من أجل انكيدو) و( مدينة العقاب)و( مقبرة الروبوت)ـ بسلسلة من النظريات الفكرية ذات الأبعاد الفلسفية المباشرة لأسس (الغرائبية)، يدءا من بحث الأنسان المتصل منذ بدء وجوده عما يزيل عنه عجز احساسه الذاتي عن فهم الكثير من الظواهر الكونيةوسعيه الحثيث لادراك حقائقها، او لاستيعاب كوامنها الفاعلة فيها ، ليتمكن من تجاوز حيرته تجاهها، مرورا بتقديم تأملات كبار الفلاسفة وتوصلاتهم بشأنها، بعد ان ساح الكاتب بين امهات المعاجم العربية والاجنبية بغية الوصول الى مفاهيم محددة ومدلولات أكثر دقة لمعنى الغرائبية.
وقد تقدم فصول الكتاب عرض للغرائبية في العرض المسرحي وتحليل لها، كتبه الفنان والأكاديمي الاستاذ الدكتور صلاح القصب، المعروف بأهتمامه الكبير بالتجارب المسرحية المتجددة ، وأعتماده مايسمى ب،،مسرح الصورة،، في اعماله التي اخرجها للمسرح العراقي، نوه فيه بجهود الكاتب الفكرية والعملية، وأشار الى تبنية الشخصي للأسلوب الغرائبي في المسرح، مبينا علاقة الاطروحات الفلسفية بتحقيق الحداثة التي يجب ان يكون المسرح عليها (ص 10 ـ 11 )، لينهض الكاتب بعدئذ بإيضاح ما أراد إيضاحه في الفصل الأول من : مفهوم الغرائبية، والغرائبية والفلسفةـ أي الأسس الفكرية لدراستةـ قبل ولوجه موضوعة الغرائبية والمسرح ، ثم ليعرض في الفصل الثاني من الكتاب دراستة لمفاهيم: النص المسرحي الغرائبي، والشخصية الغرائبية، ثم للمكونات المادية للفضاء الغرائبي، وأخيرا.. العرض الغرائبي عبر مقاربات تطبيقية تناول فيها عرضي كل مسرحية ( العاصفة) للفنان الدكتور صلاح القصب، ومسرحية ( من اجل انكيدو) للفنان الدكتور ناجي كاشي نفسه.
ويمكن لنا ان نتوقف قليلا عند بعض ما جاء في المبحث الخاص بعلاقة الغرائبية بالفلسفة ، فنجد الموءلف يقرر أن الفلسفة،، أفرزت في تاريخها لاالطويل ما يمكن ان نطلق عليه ( التفسيرات الميتافيزيقية) للوجود،، وقد تمثلت هذه التفسيرات لدى كل من : كانت وهيجل وبرغسون وشوبتهاور وصولا الى ( كروتشه) من خلال افتراضهم وجود ،، شروط قبلية،، في الذات الانسانية تسهم في فهم الفن او أي نتاج جمالي يبدعه الانسان(ص46 وما بعدها)، بينما رأى المؤلفأنه لكي يتم تلقي العمل الفني الغرائبي بشكل صحيح لابد من تحييد الذات لازالة كل ما هو يومي وتقليدي منها ، ولا سيما العادات والتقاليد والقيم والثقافات الحضارية المسبقة، لامن أجل أعادة بناء الادراك، وأنما،، أعادة التصادم مع الاشياء ،، لانتاج العالم نفسه، ولكن ،، على وفق منظور الذات المحايدة،، التي لها القدرة على نفي ذاكرة الانسان ( المتلقي للعرض المسرحي)، بما تحتوي عليه من خزين ىمتراكم من الاشياء القبلية (ص74 وما بعدها)، من اجل تهيئتها لعملية التصادم بالواقع الموضوعي عبر أسباغ الصفات الجديدة المكتسبة عليها، أي صفات ( الذات المحايدة)، لكي ما تتقبل مجريات هذا العرض ومعطياته بالمميزات التي حددها المؤلف ، وهي: مخالفتها للقانون الطبيعي الذي يحكم الأشياء والظواهر، ومخالفتها للمنطق الواقعي البيئي التقليدي للظواهر ، وسيادة الاحساس بأن"ما يقدم لنا من غرابة هو عالمنا على الرغم مما فيه من أنفلات"، مع تميز الواقعة الغرائبية بالتفكك الزماني وقيامها في الزمن الحاضر البحت(ص82 وما بعدها).
ويقترح المؤلف في مجال عرضه لبائية النص المسرحي الغرائبي، عددا من المراحل لتحيقق هذا البناء، هي ـ بأختصارـ المرحلة القصدية" التي يبدأ فيها العرض المسرحي ،وهي تهدف الى ايصال ( الذات) الانسانية الى ذات محايدة ، ثم مرحلة التصادم "وفيهايتم قطع المجسات المؤدية الى الواقع الموضوعي" ثم مرحلة الاكتشاف التي تهيء الممثل والمشاهد معا لاكتشاف المعطيات الجد-يدة التي فرضتها عليهما ( الذات المحايدة) وأخيرا مرحلة النسق الذي لن بكون منطقبا بل نسقا منفلتا من المنطقأو الاشارات والرموز والاستعارات واالثنائيات، لانه " قائم على فعل الذات المحايدة اللحظوي" بما يجعل الحياة تدب في الاشياء الجامدة ويجعل فعلها مساويا لفعل الشخصية المسرحية( ص135 وما بعدها).
اما عند حديث المؤلف عن الشخصية الغرائبية، فأنه بعد ان يقدم مدخلا نظريا لمبحثه، يوجز لقارئه أبرز مميزات هذه الشخصية،فهي ـ بأختصارـ ايضا:" لاتتسم بتصوير الطبائع" ، ومن شأنها أن تلغي فكرة عنصرالمزاج التي تقول " ان الناس يشخصون عاطفة واحدة سائدة" إذ تنتفي عاطفة الشخصية المسرحية وتتأتى من مجموع العرض، ومن شأنها ايضا ألغاء الشخصية النمطية المكرورة، وأخيرا فهي شخصية لايتطابق كلامها مع أفعالها وبالعكس، على العكس من الشخصية المسرحية التقليدية ( ص144 وما بعدها)
ويعرض المؤلف بعد ذلك لمميزات فضاء العرض المسرحي الغرائبي، ومنها: التجاورالذي من شأنه الغاء السببية وأفعال الزمن المسرحي التقليدية، والتزامن الناجم عن خرق القانون الواقعي والطبيعي للأشياء المكونة للعرض، ثم اعتماد الطفولية التي تتلبس الذات المحايدة بعد المرحلة القصدية(ص157 وما بعدها).
وينتهي المؤلف ـ مثلما المحنا عند عرض محتويات الكتاب ـ بدراسة تطبيقية لمسرحيتي ( العاصفة) وهي أخر المسرحيات التي كتبها شكسبير، والتي أخرجها الفنان الدكتور صلاح القصب، و( من أجل انكيدو) التي اخرجها مؤلف الكتاب بنفسه، ويعقب الدراسة بخلاصة ضمنها المؤلف أبرز ما توصل اليبه في بحثه ـ الكتاب.
وقبل انهاء هذا العرض السريع لمضامين الكتاب، أرى أن أتوقف قليلا لاستعير من الفنان الاستاذ الدكتور صلاح القصب عباره مما أورده في تصديره للكتاب، لما لها من مدلول بالغ الاهمية فيما سينتهي اليه، فهو يؤكد " إن هندسة فضاءات عرض (غرائبي) يعني أننا هندسنا جمالا جديدا، منطقا جديدا ، زمنا جديدا ، مكانا جديدا ..(ص10).
ولابد من القول أخيرا، أن هذا الكتاب يشكل قاعدة علمية لدراسة فكرية لاتختص ب لمسر ح وعروضة وتجاربة وأساليبه الاخراجية المستحدثة حب ، بل لدراسة معطيات الفكر الانساني في تجاذباتها الفلسفية كما في توصلاتها ونتائجها، في مختلف مناحي دالحاة، سعيا وراء تمكين الانسان المعاصر من مواجهة معضلات حقيقية جديدة تفرضها علية وقائع من " غرائبية" ما يسود من حوله حاضرا، ويبدو أمامها عاجزا عن ايجاد الحلول المناسبة دائما، مثلما كان عليه حال الانسان البدائي في عجزه عن فهم لظواهر والاسياء التي كانت تفاجئه، فلا يجد أمامه الا السحر وسيلة في محاولته ادراكها أو الوقوف على خلفياتها وأبعادها، وأحسب أن هذا العجز" الجديد" لابل المستديم، هو المحَرك الرئيس لعقول البشر الجاََدَين والمجاهدين المجتهدين ، من أجل أماطة اللثام عن غوامض الآ مور وكشفها، في سبيل أسعاد بني البشر في سعيهم الدؤوب نحو بلوغ الحياة التي ينشدون .



#عبد_المطلب_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد المطلب محمود - الغرائبية في العرض المسرحي.. تاليف الدكتور ناجي كاشي