أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - المجتمع المدني بين الاقرار والانكار !!















المزيد.....

المجتمع المدني بين الاقرار والانكار !!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2171 - 2008 / 1 / 25 - 08:04
المحور: المجتمع المدني
    


ينقسم الرأي العام الرسمي وغير الرسمي في العالم العربي بين مؤيد ومعارض لفكرة المجتمع المدني، فهناك من يعتبره فكرة مستوردة وغريبة، ولعلها اختراع " مشبوه" هدفها النيل من وحدة وتماسك مجتمعاتنا، في حين هناك من يبالغ بدوره ويعتبر وجود مؤسسات مجتمع مدني حتى وإنْ كانت بأجندة بعض مؤسساته المتساوقة مع بعض القوى الخارجية أمرٌ لا غنى عنه إذا أردنا الدخول الى عالم الحداثة والدولة المدنية، وبعض أنصار هذا الاتجاه برّر الاحتلال الامريكي للعراق.
وبين هذا وذاك هناك من يدعو لمجتمع مدني حديث ومؤسسات عصرية فاعلية تكون شريكاً ومراقباً وراصداً لأداء الحكومات والمؤسسات السياسية كقوة ثالثة، بأجندة وطنية وقومية واضحة، مع الأخذ بنظر تطور ودور مؤسسات المجتمع المدني على المستوى العالمي، الأمر الذي يحتاج الى فضاء من الحرية والاعتراف بالحقوق وبالتعددية والتنوّع على أساس قانوني وثقافي. وبين الإقرار والإنكار فثمة ضبابية لفكرة المجتمع المدني التي لم تحدد على نحو واضح، فما الذي نقصده وما هي أهدافه ومرتكزاته ومساراته؟
لا يزال مصطلح "المجتمع المدني"Civil Society، غير محدد على نحو دقيق، فأحياناً نحن نتحدث عنه ونستخدمه، ولكن كل منّا يقصد أمراً مختلفاً، وعلى النطاق العربي فإن المصطلح يثير إلتباساً كبيراً وتعارضاً شديداً بين التوقير والتحقير، أو التأييد والتنديد بين فريقي التنوير والتشهير أو التقديس والتدنيس!! خصوصاً وأن الحديث عن المجتمع المدني في العالم العربي لم يتم تداوله الاّ في العقود الثلاثة ونيّف الماضية، حيث بدأ استخدامه في بلدان المغرب العربي ثم انتقل الى بلدان المشرق العربي، في محاولة البحث في مستجدات الفكر العالمي الحديث والمعاصر، وفي اطار مقاربة لعلم الاجتماع السياسي وما له علاقة بعلوم القانون والسياسة والفلسفة والاقتصاد والإدارة وغيرها.
فأحياناً نطلق عليه إسم " المجتمع الأهلي" National Society وأحيانا إسم القطاع الثالث Third Sector (بين القطاع العام والقطاع الخاص) وفي أحيان أخرى: القطاع الخيري Charity (Philanthropy) Sector، أو القطاع المستقل Independent Sector، أو القطاع المعفي من الضرائب Tax exempted Sector، أو نسمّيه المنظمات غير الحكوميةNGOS، أو المنظمات التطوعية Associational voluntary، أو القطاع غير الهادف الى الربح Non-profit Sector ، وهذه التسميات جميعها تصف شيئاً واحداً وهو وجود مؤسسات غير حكومية، غير إرثية، تطوعية، مستقلة عن الجهاز الحكومي، وتشكل قطاعاً ثالثاً بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص، وهو ما نسمّيه بالمجتمع المدني.
ولعل سبب صعوبة تحديد المعنى يعود الى حداثة استخدام المصطلح لدينا وشحّة المختصين، فضلاً عن انه بحاجة الى سياقات فكرية وثقافية والى بيئة سياسية واجتماعية، لكي يكون " مقبولاً " على نحو ما نشهده في الغرب، والسبب الآخر يعود الى الاختلاف، الذي يتضمنه الموضوع كإطار نظري ناجم عن تجارب محددة سرعان ما تتغيّر. ولعل السجالات السياسية والآيديولوجية تأخذ بُعدها في هذا الموضوع، ناهيكم عن الاختلافات في الممارسة والتطبيق.
ومن حيث المفهوم فالمجتمع المدني يشير الى الطبيعة المدنية التي تميز الدولة عن المجتمع، من جهة أخرى فالمجتمع المدني يعني مجمل المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية غير الحكومية وغير الارثية، والتي تشكل الروابط الاجتماعية بين الفرد والدولة، ومن مسؤولياته تنظيم الفاعلين الاجتماعيين من خلال قنوات مؤسسية أهلية تعمل على تمكين الافراد من المشاركة في المجال العام وتخلق بينهم آليات تضامنية، وتتميز مؤسساته بالمرونة والدينامية والتعددية والعمل التطوعي والمبادرات الخاصة للافراد والجماعات إضافة الى الإستقلالية.
ويمكن تحديد شروط تكوين مؤسسات المجتمع المدني بما يلي:
1- أن تكون منظمات مدنية مستقلة وغير حكومية.
2- أن تكون منظمات غير إرثية، أي ان العضوية فيها لا تتوارث عبر العائلة أو العشيرة أو الطائفة أو المذهب أو الدين.
3- أن تكون منظمات طوعية، أي أن الانتساب اليها يتم وفقاً لإختيار واعٍ وحر.
4- أن تكون منظمات غير ربحية، أي لا تستهدف تحقيق الربح، وهو ما يميّزها عن مؤسسات القطاع الخاص الهادف الى الربح.
5- أن تكون منظمات حداثية، وذلك ما يميزها عن المؤسسات التقليدية.
6- أن تكون منظمات ديمقراطية وهو ما يميزها عن المؤسسات التقليدية وتمارس الديمقراطية في جميع أعمالها وعلاقاتها الداخلية، بين هيئاتها وأفرادها وبينها وبين محيطها الخارجي.
7- أن تكون منظمات تعددية أي تقبل بالاختلاف والتنوّع.

ومن أهم أهداف مؤسسات المجتمع المدني:
1- دعم مشاريع وخطط التنمية الشاملة والمستدامة، بحيث تكون شريكاً للدولة في تنفيذها ومراقبة حسن إدائها ورصد الانتهاكات والخروقات التي تعترضها.
2- إقتراح قوانين وأنظمة ولوائح وتقديمها الى البرلمانات والجهات التشريعية والحكومات.
3- السعي من أجل بناء مواطنة متساوية وكاملة ودون تمييز بسبب الدين أو اللغة أو العرق أو المذهب أو الجنس أو المنحدر الاجتماعي أو غير ذلك.
4- العمل على بناء قدرات الافراد وتنمية مهاراتهم وتدريبهم، ليسهموا في مجتمعاتهم وفي مؤسساتهم المهنية والنقابية للدفاع عن مصالح منتسبيها وعن مصالح المجتمع ككل.
5- تشجيع الجهود التطوعية والمبادرات الفردية والجماعية، بما يعزز التضامن والتكافل والتعاون والمساندة بين جميع الفعاليات الاجتماعية.

أما الاسس التي ترتكز عليها مؤسسات المجتمع المدني فهي:
أولاً: الأساس القانوني والمقصود بذلك الدساتير والتشريعات وقوانين الجمعيات والاتحادات والنقابات التي تنظم علاقة هذه المؤسسات بالدولة.
ثانياً: الأساس السياسي، والمقصود به إقرار النظام السياسي بالتعددية وحق تشكيل الجمعيات والمنظمات المدنية.
ثالثاً: الأساس الاقتصادي، والمقصود به تحقيق درجة من التطور الاقتصادي الاجتماعي باشباع حاجات الافراد الاساسية بعيداً عن مؤسسات الدولة (الدعم الرسمي للمشروع الخاص والمبادرات الفردية).
رابعاً: الأساس الثقافي، ويقصد به مجموعة الأفكار والتصورات التي يؤمن بها الافراد وتشكّل محددات لسلوكهم وعلاقاتهم، وتعبّر في مجموعها عن الاطار المعرفي والثقافي للمجتمع المدني الحديث.
يمكن القول أن نشأة مفهوم المجتمع المدني تعود الى أوروبا، وهو لم يُنجز دفعة واحدة ولا على يد مفكرٍ واحد أو فيلسوف واحد، ولم يكن ذلك في بلد واحد من بلدان اوروبا، بل اقتضى ذلك زماناً ومكاناً متنوّعين، خصوصاً في القرنين السابع عشر والثامن عشر وما بعدهما، فقد كان هناك فقهاء " الحق الطبيعي" من أمثال غروشيوس، كما لا بدّ من ذكر جون لوك وتوماس هوبز وباروخ سبينوزا ومونتسكيو وجان جاك روسو، وهؤلاء ينتمون الى بلدان مثل هولندا بريطانيا فرنسا وسويسرا، وكل من هؤلاء المفكرين أسهم بقسطه في تكوين مفهوم المجتمع المدني، خصوصاً بأساساته الكلاسيكية، وغالباً ما كان هؤلاء في خصومة فكرية بين بعضهم البعض، رغم وجود المشتركات بينهم في مسألة المواطنة والملكية والديمقراطية، انطلاقاً من حالة المجتمع والتعاقد الاجتماعي والقول بمبادئ السيادة.
وكذا الحال لمعرفة واستكمال فكرة المجتمع المدني، لا بد من الاطلاع على ما كتبه كانتْ وهيغل وماركس وانجلز ولينين وغرامشي، ومفكرون اجتماعيون مثل أوغست كونت وسان سيمون وألتوكفيل وماكس فايبر وعلماء اقتصاد مثل آدم سميث وكينز وروزا لوكسمبورغ وغيرهم.
تبلور مفهوم المجتمع المدني في سياق نظرية التعاقد الاجتماعي بما يقابل المجتمع السياسي، اي المجتمع المؤسس على التعاقد الاجتماعي، فالغاية من اتحاد الناس في المجتمع المدني، إضافة الى تحقيق الأمن والسلام، هي المحافظة على ممتلكات الافراد مثلما يقول لوك. وهكذا فحيث يؤلف عدد من الناس جماعة واحدة، ويتخلى كلٌ منهم عن سلطة تنفيذ السنّة الطبيعية التي تخصّه، ويتنازل عنها للمجتمع، ينشأ عندنا حينذاك فقط مجتمع سياسي أو مدني" .
المجتمع المدني ظاهرة حية ولا يمكن الحديث عن قضايا الاصلاح والتحوّل الديمقراطي دون وجود حريات ومجتمع مدني ناشط ومؤسسات فاعلة تستطيع أن تكون قوة اقتراح ومشاركة وليس قوة احتجاج ومعارضة حسب!! ولا تستهدف مؤسسات المجتمع المدني الوصول الى السلطة ولا تقرّ بالعنف وسيلة لحل المشاكل القائمة وتعتمد على التطور السلمي التدرّجي ونشر الثقافة الحقوقية، وإحداث التراكم المنشود الطويل الأمد، ولا تلتجئ الى العمل السري ولا تنخرط في الصراعات الآيديولوجية والسياسية لصالح هذا الفريق أو ذاك!!



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- راية الليبرالية الجديدة!!
- العقدة النفطية في المشكلة العراقية!!
- العلاقات العراقية- الامريكية .. والعودة الى نقطة الصفر!!
- اللاجئون العراقيون : مسؤولية من؟
- سيناريوهات الاجتياح التركي للاراضي العراقية!!
- سيناريوهات الوجود أو الانسحاب الامريكي من العراق!!
- العدالة الانتقالية وذاكرة الضحايا!!
- شط العرب.. وصاعق التفجير!!
- هل الديمقراطية مثالية؟!!
- المكتب البيضاوي: انه الاقتصاد يا غبي!!
- التنوع الثقافي والنخب الفكرية والسياسية!
- العرب والتنمية!!
- العراق: من إرث الماضي الى تحديات المستقبل
- العرب ومفارقات العولمة
- القضية العراقية بين التدويل والتأويل
- الدولة العراقية: سياقات التماسك والتآكل
- اختلاس الزمن في ظاهرة الاختفاء القسري!
- البصرة هل هو ثمن الحرية!
- الهوية الثقافية: الخاص والعام
- حين يختفي الاعلامي مؤرخ اللحظة !!


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - المجتمع المدني بين الاقرار والانكار !!