أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - راية الليبرالية الجديدة!!















المزيد.....

راية الليبرالية الجديدة!!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2167 - 2008 / 1 / 21 - 10:51
المحور: المجتمع المدني
    


لعل وصول التيارات الشمولية الماركسية والقومية والاسلامية الى طريق مسدود وانسداد آفاق التطور بسبب الازمات والاختناقات بل والانتكاسات التي تعرضت لها رغم ان بعضها ما زال حاكماً أو مشاركاً في الحكم أو قريباً منه أو أن فلسفة الحكم ما زالت في الفضاء الآيديولوجي الذي يمثله، دفع ببعض الأوساط التي رضعت من ثدي الشمولية الواحدية الاطلاقية، الى اعتبار نفسها، هكذا مرّة واحدة ممثلة أو معبّرة عن التيار الديمقراطي الليبرالي.
ولكن التيار الوسطي الديمقراطي يحتاج الى تراكم خبرة وممارسة ناهيكم عن قناعات فكرية راسخة وليست أسباباً ظرفية أو عرضية طارئة، فضلاً عن ظروف طبيعية وسلمية تدرجّية، لكي ينمو ويتعزز في بيئة مناسبة إضافة الى نشر الثقافة الديمقراطية والحقوقية، وتهيئة مستلزمات لإنبثاق او اعادة لحمة ما تبقى منه برؤية جديدة، خصوصاً وأن هناك من راهن على قطع نسله وبخاصة من التيارات الشمولية جميعها ودون استثناء، سواءًا اليسارية منها وأعني الماركسية والقومية أو الدينية بجميع فروعها ومدارسها.
ان سياقات الاربعينات والخمسينات التي شهدت انتعاشاً للتيار الليبرالي الديمقراطي الذي استمر بتعثر في فترة الستينات، وربما حتى أوائل السبعينات كانت تنطلق من أرضية أخرى غير الأرضية الفكرية الالغائية الاقصائية للآخر، فالآخر مهما كان أو حتى وإن كان "صديقاً " اشتراكياً أو "يسارياً " أو "ديمقراطياً " أو قومياً أو إسلامياً لدى التيارات الشمولية، لا بدّ أن يكون في منزلة التهميش والعزل أو الترويض والتطويع في أحسن الاحوال، والاّ فان تصفيته "بالعنف" أحياناً وإن سمّي العنف "ثورياً " من واقع الحال ومن استحقاق المآل الفكري والنظري، خصوصاً وإن أي آخر غريب وأي غريب مريب خصماً أو عدواً، أو حتى عدو محتمل!
الآخر دائماً يستحق التأثيم والتحريم والتجريم، لأنه بذلك يمكن اثبات "أفضليات" التيارات الشمولية، ولذلك إنْ لم توجد مؤامرة فلا بدّ من اختراعها أو فبركتها لترى الآخر ضالع بها، حتى وان كان من صفوفها، فهو لديه " أفكار مغايرة" أو "غريبة" او برجوازية (لدى اليسار) او غير عروبية (لدى القوميين) او غير متشبع بالايمان الاسلامي (لدى الاسلاميين).
هذه المشكلة ما تزال مستمرة وان كانت بثوب آخر وهي أحياناً لدى جماعات تدعي أنها ليبرالية أو ديمقراطية أو وسطية، وهناك جماعات إنفكّت لتوّها من حزب شمولي وليس لها تجربة في العمل الديمقراطي فرفعت راية الديمقراطية والليبرالية، وكان بعضها غارقاً حتى أذنيه في ارتكابات الأنظمة وأجهزتها أو أحياناً في "المعارضات" التي استخدمها وظيفة خصوصاً لمن ليس له وظيفة سوى وظيفة "مناضل" ضد " الآخر" حتى وإن كان من رفاقه، فساهم في قطع الأرزاق وتكميم الأفواه وحجب "البركات" بما فيها الوثائق وجوازات السفر، بل قام أحياناً بالتحريض لدى دول شقيقة وأجهزتها، والبعض الآخر تعامل مع الاجنبي وفبرك المعلومات ضد بلده وهو فخور بذلك، ولعل تجربة العراق ماثلة للعيان بما فيها من المآسي والويلات والآلام في السابق والحاضر، لكن البعض من الجماعات التي تدعي الليبرالية غير معنيّة بما يجري وتسدّ أعينها وأذنيها.
الليبرالية والوسطية منهج للاعتدال وليس للتطرف وهي منهج لإعلاء شأن الفرد وقيمة الحرية وليس فيه مكان للتعصب والغلو (حتى لليبرالية ذاتها) واعتقد ان من يريد العمل في هذا الميدان عليه الانطلاق من ثلاث دوائر أساسية.
1- الدائرة الاولى- الوطنية الحقة، إذ بدونها سيكون الوصول الى الدكتاتورية والاستبداد، مهما كانت النوايا طيبة، فبدون مزاوجة الوطنية بالديمقراطية ستبقى الوطنية ناقصة أو بجناح واحد ولا يمكن التحليق الاّ بجناحين، كما لا يمكن الحديث اليوم على ليبرالية تستقوي بالقوى الخارجية او تتحالف مع قوى شمولية حزبية ودينية وطائفية ومذهبية.
2- الدائرة الثانية هي الديمقراطية، وهذه بدون الوطنية قد تؤدي الى الاستتباع وقبول المشروع الخارجي، كما حصل فعلياً من قوى تُنسب الى الليبرالية أو العلمانية أو غير الطائفية، لكنها خرجت من معطف المحتل، سواءًا وضعت على صدرها وردة حمراء أو لبست عقالاً وكوفية أو عمامة سوداء أو بيضاء، أو شروالاً وجمدانياً.
الليبرالي والديمقراطي لا يرتضي احتلال بلده تحت أية حجة أو مبرر أو مسوّغ، بصورة مؤقتة كما يبرر البعض أو لغرض تكتيكي او لطول زمن. الديمقراطية تتطلب التزواج مع الوطنية، ومعها تكتسب هي الاخرى قيمة مضافة.
3- الدائرة الثالثة- الانسانية، فالوطنية والديمقراطية لا يمكنها العمل الاّ في فضاء انساني، ومن دونه ستغدو الاشياء كلها بلا معنى، فالانسان هو مقياس كل شيء على حد تعبير الفيلسوف اليوناني بتراغوراس، او كما قال شيخ الاشتراكيين الكبير ماركس "الانسان أثمن رأسمال"... والديمقراطي والليبرالي والوسطي لكي يحقق طموح مجتمعه وحلمه المتخيّل، عليه احترام القيم الاساسية للانسان وحقوقه، في إطار وطني وديمقراطي وبأفق انساني.

ادرك أن هذه المعادلات ما تزال صعبة ولكن يمكن بوسائل مختلفة نشر الوعي بأهميتها، من خلال الاعلام والمجتمع المدني والجمعيات والنقابات والمؤسسات التعليمية والتربوية، ولكن ذلك يتطلب أولاً وقبل كل شيء: أوضاع سلمية مستقرة وأمن للوطن والمواطن وتراكم تدريجي طبيعي، لا وجود فيه للارهاب والمفخخات، ففي هذا الميدان سينتصر صاحب الميليشيات والحشود الطائفية اللاعقلانية تلك التي تذكّر بعصر المداخن والقاطرات والحشود الهائجة، وسيربح المستقوي بالقوى الخارجية، أما صاحب الرأي السديد والعقلاني، الوسطي والديمقراطي، فسلاحه القلم والدفتر والريشة والقصيدة والجمال والحب، وأحياناً شاشة ومذياع وصحيفة، وهذه لا تتوفر دائماً.
اعتقد ان على الوسط الذي نطلق عليه الليبرالي والديمقراطي، أن يسعى الى تراكم التجربة، والعمل التدريجي، الطويل الامد، البعيد الاهداف، وقد لا يحصد شيئاً في الوقت الحاضر، لكنه سيطرح الاشكالية بشجاعة وثقة، خصوصاً موضوع علاقة الدين بالدولة التي لا بدّ من تحديدها على نحو واضح، وكذلك تحديد علاقة المرجعية بالدولة بحيث يكون للدولة آلياتها المحددة، تلك التي لا علاقة لها بالمرجعية، ويكون دور رجال الدين من المسلمين والمسيحيين وغيرهم الوعظي والارشادي، في الجوامع والمساجد والكنائس ودور العبادة بعيداً عن السياسة وتقلباتها ومصالحها.
وإذا اراد البعض منهم الاشتراك في العمل السياسي فهذا من حقه، لكنه سيفقد صفته المرجعية ويصبح جزءًا من فريق سياسي أو حزبي وعرضة للنقد مثل غيره من السياسيين.
الليبرالية ليست عنواناً يستطيع أن يقتبسه من يشاء، أو كتاباً يقرأه من يريد لكي يقول أنني أصبحت ليبرالياً، بل هي قناعات وتجربة وممارسة من منطلق الحق في الاختلاف والحق في التعبير والحق في المشاركة السياسية والحق في الاعتقاد والتنظيم السياسي والنقابي، وأولاً وقبل كل شيء الحق في الحياة والعيش بسلام ودون خوف في إطار انساني من المساواة والحرية وتكافؤ الفرص واحترام قيمة الفرد والمجتمع والحداثة والتقدم.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقدة النفطية في المشكلة العراقية!!
- العلاقات العراقية- الامريكية .. والعودة الى نقطة الصفر!!
- اللاجئون العراقيون : مسؤولية من؟
- سيناريوهات الاجتياح التركي للاراضي العراقية!!
- سيناريوهات الوجود أو الانسحاب الامريكي من العراق!!
- العدالة الانتقالية وذاكرة الضحايا!!
- شط العرب.. وصاعق التفجير!!
- هل الديمقراطية مثالية؟!!
- المكتب البيضاوي: انه الاقتصاد يا غبي!!
- التنوع الثقافي والنخب الفكرية والسياسية!
- العرب والتنمية!!
- العراق: من إرث الماضي الى تحديات المستقبل
- العرب ومفارقات العولمة
- القضية العراقية بين التدويل والتأويل
- الدولة العراقية: سياقات التماسك والتآكل
- اختلاس الزمن في ظاهرة الاختفاء القسري!
- البصرة هل هو ثمن الحرية!
- الهوية الثقافية: الخاص والعام
- حين يختفي الاعلامي مؤرخ اللحظة !!
- مجتمع الايتام والآرامل!!


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - راية الليبرالية الجديدة!!