|
رؤية جديدة لأزمة العقل العربي .. ( الحلزون الأسود )
عماد البابلي
الحوار المتمدن-العدد: 2165 - 2008 / 1 / 19 - 11:01
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
(( صحراء متراميـــــــــــــــــــــة الأطراف لا حد لها .. تحت الرمل يمكث الماء وتحت الماء يمكث الصخر وتحت الصخر يمكث البترول وتحت البترول يمكث الصخر مرة أخرى وتحت الصخر يجلـــــــــــــــــــــــس العقل العربي سجينا مع خرافاتــــــــــــــــــه وأوهامه .. )) أحاول كطفل عابث رسم أيديولوجية جديدة للحياة عبر ما قرأته وعبر ألهام يأتيني بين الحين والأخر !!سأعرض عليكم فقرة متواضعة من تلك الأيديولوجية تصلح لأن تكون شفرة لتفسير معنى الحياة المبهم ومحاولة تسليط البؤرة على واقعنا العربي المحمل بالعار من خلال تلك الشفرة .. الحياة مبنية على التناقض بين ضدين في علاقة تفاعل خاضع لقوانين الصيرورة ولا يصلح أن نسمي تلك العلاقة صراعا أو تكاملا لأني سأنتهي لمثالية تعاني من "المايوبيا" ( ضعف البصر ) كما انتهى لها الفيلسوف ( هيجل ) – عليه السلام - في العلاقة بين الضدين ، ولو مثلناهما في رسم بياني لوجدنا وجود رسم يشبه الدالة الموجية وفق فواصل يحددها عامل الزمن ، المتأمل لتك الفواصل يجدها تعاني من التكرار بحيث نفس الأحداث تجري في كل فاصلة ، والفاصلة قد تكون دقيقة أو قد تكون يوما أو قد تكون قرنا من الزمان ، يومياتنا تعاني من متلازمة مرضية مملة أسمها التكرار فالأمس بكل أحداثه التي صارت عدما الآن نجدها نفسها في واقع اليوم ونفسها نجدها في الغد وهكذا في متوالية زمنية ، نلاحظ مثلا مشاهد كل يوم هي مكررة تقريبا عن اليوم السابق وكان الحالة تعبرعن وجود استمرارية خفية تمتلكها تلك الأحداث في جريانها التلقائي وبدلا من أن نتحكم بها نراها هي التي تحكمت بنا في مسلسل أحمق جدا .. الوجودية تحاول إنقاذنا من تلك المشكلة بمفهوم الأصيل الأنطولوجي الذي يسمو فوق عالم التكرارات هذا بالإدراك المتعالي حسب تعبير الفيلسوف ( كانت ) - عليه السلام – ومن غيمة ( كانت ) المحلقة الرائعة نجد الفيلسوف ( سارتر ) - عليه السلام - ينتظرنا على الأرض بمفهوم العبث والخروج من التكرارات بكل فعل لا يصدر عن الذات هو وهم ليس إلا نحو سياق إنساني حر مستقل الإرادة .. و عند التركيز في أستوديو الفاصلة الواحدة نجدها تحمل نفس التشابه بين تكراراتها ألاف الأعوام من عمر البشرية وتلك الديكورات هي ( ظالم ومظلوم، ملل ، حبيب لا يجد حبيبته ، غني وفقير ، أمل لا يتحقق ، مفكر وجاهل ، مهرج ، قوي وضعيف ، جلاد ، مستبد ، نخاسة ، مال وسطوته ، فوضى وعبث ، وغيره .. وغيره ) نفس ما يجري كل فاصلة .. فكرة التكرارات هي محور كتابة مقالتي هذه ويمكن أن نصوغ القاعدة التالية : ((تطابق أحداث منفصلة زمنيا ومكانيا في سياق واحد )) . حان وقت الأمثلة وأتمنى أن أوفق فيها (؟؟؟؟؟ ) : - حتى نفهم التاريخ جيدا علينا دراسة الواقع المعاصر بتأمل ، بالاستناد لفكرة ما قلت نجد أن الواقع العربي الحالي هو مشهد مشتق من التاريخ الأوربي في القرن الخامس عشر حيث سيطرة الكنسية على كل مرافق الحياة وتوزيع صكوك الغفران بين الناس ، نفس المشهد نجده الآن فشفاعة الرسول لأهل السنة وانتظار علي بن أبي طالب لشيعته عند باب الجنة ولا يدخل حتى يوافق الله على دخولهم معهم ( !! ) ، تطابق أحداث منفصلة زمنيا ومكانيا في سياق واحد . - الهستيريا الجماعية الدموية التي تصيب الشيعة في محرم نجدها لها أصداء في عقائد قديمة وجديدة ، فمثلا الطقوس السومرية للإله تموز عبر كرنفال يشابه ما يحدث اليوم ، وهناك مبدأ التطهير المسيحي تحدث بواسطة إيذاء الجسد كفارةً لدم يسوع وغيره .. وغيره، تطابق أحداث منفصلة زمنيا ومكانيا في سياق واحد. - فكرة وجود مهدي منتظر أو مسيح مخلص قادم أو وجود يزدن يقتل أله الشر أهريمان في الفكر الزاردتشي هي كلها أفكار تتمحور حول وجود منقذ يأتي بالخير للبشرية يوما ما ..تطابق أحداث منفصلة زمنيا ومكانيا في سياق واحد . - المدينة الفاضلة حلم راود الكثير من المفكرين بعضهم خلقها في خياله والبعض الأخر خلقها في أرض الواقع ، أفكار أفلاطون وموسى ويسوع ومحمد وماركس وسان سيمون ، كلها أفكار تنصب في قالب حلم راود البشر منذ فجر الخليقة .. تطابق أحداث منفصلة زمنيا ومكانيا في سياق واحد.
سأكتفي الآن بالأمثلة الآتية والباقي عليكم في أثبات فكرة حلزون الفواصل الزمنية المكرر . . أزمة عالمنا العربي حسب وجة نظري الشخصية تكمن بعدم فهم ماتفرضه علينا من قضبان الفاصلة الزمنية ، فكل المجتمعات الأخرى أدركت حقيقة الفاصلة الزمنية وراحت تبحث لها عن أبعاد جديدة ذاتية أصيلة لتخرج من كون أي فاصلة لا يجب أن تشبه الفاصلة التي تليها وبالتالي تطوير حياتها بشكل أفضل .. المجتمع العربي أو العقل العربي مازال يعاني من أصنام الفاصلة الواحدة .. متى يفهم العقل العربي هذا ؟؟؟ السؤال صعب جدا ولا أعتقد بأن سطوري مقالتي المتواضعة تجيب عليه !!!! فكرة الحلزون الزمني قد تثير حتمية بائسة في نفوس البعض ولكنها قد تكون شمعة أمل لعالم جديد بعيد عن القرف الذي نعانيه هنا في سرداب كبير أسمه العالم العربي .. وعن تلك الحتمية أقدم مقطع لأحدى قصائد " فدوى طوقان " والتي عنوانها ( إلى أين ) كخاتمة لمقالتي هذه.. إلى أين تنأين عن جاذبية شيءٍ مقدر يشدك قسرًا إليه ؟؟ رويدك مَهْمَا تشبثت أنت ، بذيل القرار ما من مفرْ بأي جناحين أنت تطيرين هاربة منه طيري كما شئت نحو أقاصي المدى جناحاك من طينةِ شمعِ الشمس ملء الأقاصي.. وما من مفر اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا شكرا لكم
#عماد_البابلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هولاكو في محمكة عادلة جدا .. حقائق مهملة
-
مأساة الحلاج ( المسيح الثاني .. الروح الزكية )
-
عالم بلا حياة خير من عالم رأسمالي .. أحصائيات متواضعة عن بيع
...
-
لوحات فلسطينية .. عندما يموت القمر
-
أسماعيل الصفوي .. عبث ودجل و.. هالة نور !!!
-
فرانسيس بيكن ومختارات من كتاب ( الأورغانون الجديد ) ..
-
الخميني .. شاعرا !! وعاشقا !!!!
-
أيران .. لمحات من تاريخها ( موجز أسود لتاريخ أسود )
-
ورقة بن نوفل .. حكاية الراهب الشبح
-
الفلسفة الروحانية .. المصطلحات الفنية ( الجزء الثاني )
-
الفلسفة الروحانية .. المصطلحات الفنية ( الجزء الأول )
-
عادل أمام فيلسوف العصر .. تأملات في عالمه الداخلي
-
أعجاز جديد في القرآن الكريم .. ( رؤية جديدة )
-
مالذي يحدث عند العباس بن علي ؟؟؟؟
-
فيورباخ .. سيرة نبي ومجاهد ( الجزء الثاني )
-
فيورباخ .. سيرة نبي ومجاهد ( الجزء الأول )
-
مقدمة عن توم وجيري .. مقدمة عن الكآبة .. مقدمة عن الطب النفس
...
-
بأسم حبة مخدر نبتدأ
-
الغزالي في مستفى الأمراض العقلية .. تهافت الكهنة والرعاع
-
تمهيد للماركسية .. حلقة رقم 3
المزيد.....
-
بايدن يستغل نكسات خصمه ترامب لكسب التأييد خلال مهرجان انتخاب
...
-
قطر ترد على تصريحات -مسيئة- لنائب أمريكي حول وساطتها في مفاو
...
-
-أين المفر؟-.. 1.4 مليون فلسطيني في مدينة رفح يتساءلون عن سب
...
-
مئات من مربي الماشية في غزة يتلقون أعلافا حيوانية من منظمة ا
...
-
100 يوم على انطلاق أولمبياد باريس - ترقب ومخاوف
-
هل غير الهجوم الإيراني معادلة المواجهة مع إسرائيل وواشنطن؟
-
إسرائيل تستعرض صاروخا بالستيا إيرانيا
-
RT ترافق فرق الدفاع المدني في خان يونس
-
دبلوماسيون غربيون يبلغون إسرائيل بأن صد هجوم إيران القادم بن
...
-
البحرية الأمريكية: أنفقنا نحو مليار دولار على التصدي لصواريخ
...
المزيد.....
-
فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال
...
/ إدريس ولد القابلة
-
المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب
...
/ حسام الدين فياض
-
القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا
...
/ حسام الدين فياض
-
فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
يوميات على هامش الحلم
/ عماد زولي
-
نقض هيجل
/ هيبت بافي حلبجة
-
العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال
...
/ بلال عوض سلامة
-
المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس
...
/ حبطيش وعلي
-
الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل
...
/ سعيد العليمى
-
أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم
...
/ سعيد زيوش
المزيد.....
|