أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - التنوع الثقافي والنخب الفكرية والسياسية!















المزيد.....

التنوع الثقافي والنخب الفكرية والسياسية!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2166 - 2008 / 1 / 20 - 11:17
المحور: المجتمع المدني
    


هل العالم العربي يمثل وحدة ثقافية واحدة، أم أنه مجتمع متنوّع عرقياً ودينياً لكنه في الوقت نفسه يمثّل نوعاً من التجانس والانسجام والغنى بين ثقافة وهوية عامة وشاملة وثقافات فرعية ومصغّرة ضمن الثقافة والهوية الموحّدة، لكنّ مثل هذا التنوّع يتطلب اعترافاً وتعايشاً وتفاعلاً ليصبح عنصر إثراء ومصدر غنىً وعامل تقدم!؟
لقد ساهمت عوامل تاريخية في تكوين الوطن العربي من خلال تمثيله للهوية والثقافة الموحدة، فهناك تاريخ مشترك وثقافة مشتركة وديانات سماوية، حتى يمكن القول أن العالم العربي ولد مع المسيحية ونشأ وتقدم مع الاسلام، وبخاصة بعد تأسيس الدولة الأموية التي ركبت البحر وصكّت العملة وأوجدت أنظمة متطورة للري وكذلك في ظلّ الدولة العباسية حيث ازدهرت حركة الثقافة والترجمة والعلوم وغيرها ونشأ نوع من الهوية العربية التي نجمت عن هذا التفاعل الثقافي مع جماعات عرقية واثنية ولغوية.
لكن التنوع الثقافي الواقعي والذي كان مصدراً للغنى والاعتراف بالآخر والتسامح والمشترك الانساني في العصور الاسلامية، بدا بعد فترة الركود والظلام التي شهدها العالم العربي والاسلامي، مصدر أزمات واحتقانات وانقسامات، خصوصاً بعد نشوء الدول الوطنية وفي مرحلة ما بعد الاستقلالات، بحيث نجم عنه اضطراب في وحدة وتماسك الكيانات الاجتماعية وآفاقها ومستقبلها.
يمكن القول ان الاهتمام بالتنوع الثقافي وفيما بعد الاعتراف به لم يكن كافياً، خصوصاً من الناحية القومية أو الاثنية أو الدينية أو الطائفية أو السلالية أو اللغوية أو غيرها، بل أن هناك تجاهلاً للتعددية قاد أحياناً الى عدم الاعتراف أو التقليل من شأن الآخر، ولكن الإنكار أو التنكّر وعدم الاعتراف بالحقوق لم يؤدِ الى وحدة ونقاء المجتمعات العربية، بل ازدادت اشكالية وانقساماًَ وتناقضاً !
وغالباً ما تعاملت النخب الفكرية والثقافية والسياسية بمسألة التنوع الثقافي بالعموميات وقدّمت الشعارات المركزية الكبرى على حساب الواقع الذي يزخر بالتعددية والتنوع القومي والديني واللغوي، وأحياناً تجاهلت هذه النخب الواقع أو انتقصت منه بتقديمها الأهداف الكبرى على حساب التنوع والتعددية والاعتراف بالآخر، فالتنوع ليس جزئيات أو تفاصيل يمكن تجاوزها، بل هو ضرورات لا يمكن الاستغناء عنه، على أهمية الأهداف الكبرى.
إن وحدة قسرية أو فوقية أو أوامرية تسلطية ستكون ضارّة وخطيرة واستعلائيةً إزاء الأقليات الأخرى مهما كانت المبررات والذرائع، وللأسف لم تبلور النخب الفكرية والثقافية والسياسية موقفاً حقوقياً وإنسانياً " موحداً " بخصوص التنوّع الديني والثقافي والقومي وغيرها، ولذلك ظلّت فئات واسعة من المسيحيين والأكراد والتركمان والبربر " الأمازيغيين" والشركس وسكان جنوب السودان من الأقليات غير العربية أو غير الاسلامية تعاني من الحيف بشأن ليس عدم تمكنها من تقلّد المناصب العليا في الدولة وخصوصاً رئاسة الدولة ورئاسة الجيش ورئاسة القضاء وهو حق لها مثل غيرها اذا تحدثنا عن المواطنة والمساواة في الدولة العصرية.
وظلّت النظرة قاصرة الى الأقليات التي تعيش في المنطقة العربية منذ مئات وآلاف السنين وهي منطقتها أيضا، لدرجة أن الشك في الولاء كان سائداً، بل إن البعض يُرجعه الى اعتبارات تاريخية مثل دور البرامكة وأبو مسلم الخراساني وحروب الفرنجة وغير ذلك من عوامل الارتياب، في حين أن هضم الحقوق وعدم تأمين مستلزمات المواطنة التامة هو الذي يمكن أن يؤدي الى التباعد وليس ضعف الولاء أو التأثير الخارجي، ولعل التمييز ونظرة الشك والاستعلاء هي التي تدفع بالبعض الى اتخاذ بعض المواقف التي تميل الى ضيق الافق والانغلاق وأحياناً الاستقواء بالأجنبي.
الاعتراف بحقوق الأقليات وبالتنوع القومي يمكن أن يكون مدخلاً واستحقاقاً حقوقياً وانسانياً لتأكيد الهوية الصغرى باعتبارها استكمالاً وتعبيراً عن حقيقة الهوية الكبرى، التي لا يمكنها إلغاء الهويات الصغرى. ولعلنا نطرح السؤال مجدداً ما الفرق بين ثقافة عربية واحدة وثقافة عربية موّحدة جامعة تقرّ بالتنوع الناجم عن حقيقة المجتمعات المتعددة الثقافات والمشارب والمصادر، خصوصاً وأن الوطن العربي مصدر استقطاب للحضارات والثقافات والأقوام والديانات المختلفة!؟
إن منظومة حقوق الانسان الثقافية للحقوق الجماعية والفردية تقرّ بحق الأمم كبيرها وصغيرها بالمساواة في الحقوق، واعتبار جميع الثقافات جزءًا من التراث الانساني المشترك للبشرية بما فيها من تنوّع واختلاف بتأكيد واجب الحفاظ على الثقافة ورعايتها وضمان حق كل شعب في تطوير ثقافته، إضافة الى حق كل فرد في المشاركة الحرة في حياة مجتمعه وحقه في التمتع بالفنون والآداب والمساهمة في التقدم العلمي وحقه في الحرية الفكرية الخ ...
وتقر الشرعة الدولية بالمساواة بين الثقافات ورفض التمييز بين الأمم والشعوب وعدم الاعتراف بفكرة التفوّق أو الهيمنة وهو ما أكدته منظمة اليونسكو وما تبنّاه إعلان مكسيكو عام 1982 حول الحق في احترام الهوية الثقافية.
إن الحق في الهوية الثقافية للشعوب يعطي الاشخاص والجماعات الحق في التمتع بثقافاتهم الخاصة وبالثقافات الاخرى المحلية والعالمية، ذلك أن إقرار الحق في الثقافة يعني : حق كل ثقافة لكل أمة أو شعب أو جماعة في الوجود والتطور والتقدم في إطار ديناميتها وخصائصها الداخلية واستقلالها، ودون إهمال العوامل المشتركة ذات البعد الانساني وقيم التعايش والتفاعل بين الأمم والشعوب والجماعات.
وقد شهد القانون الدولي في العقود الثلاثة الماضية تطوراً ايجابياً في موضوع الأقليات، حيث تناولت العديد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية موضوع عدم التمييز، كما حظيت " الحقوق الخاصة" باهتمام كبير، خصوصاً بعد إبرام " إعلان حقوق الأشخاص المنتمين الى أقليات قومية أو اثنية أو دينية أو لغوية " الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ 27 برقم 135 في 18 كانون الاول (ديسمبر) 1992 والذي عُرف باسم " إعلان حقوق الاقليات " حيث أنشئ على أساسه فريق معني بحقوق الأقليات عام 1995 اعتماداً على الحقوق الثقافية.
والمقصود بالحقوق الخاصة هو الحفاظ على الهوية والخصائص الذاتية والتقاليد واللغة في إطار المساواة وعدم التمييز وهو نص عليه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر عام 1966 عن الجمعية العامة للأمم المتحدة.
إن الإقرار بالتنوّع الثقافي والديني والإثني هو إقرار بواقع أليم فقد كان ثمن التنكّر باهظاً ساهم في تفكيك الوحدة الوطنية وهدد الأمن الوطني واستخدمته القوى الخارجية وسيلة للتدخل وفي هدر الأموال وفي الحروب والنزاعات الأهلية، بدلاً من توظيفه بالاتجاه الصحيح باعتباره مصدر غنى وتفاعل حضاري وتواصل انساني، وقبل كل شيء باعتباره حقاً إنسانياً !!
د. عبدالحسين شعبان*
* كاتب ومفكر عربي
نشرت في صحيفة العرب القطرية بتاريخ 26/11/2007



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العرب والتنمية!!
- العراق: من إرث الماضي الى تحديات المستقبل
- العرب ومفارقات العولمة
- القضية العراقية بين التدويل والتأويل
- الدولة العراقية: سياقات التماسك والتآكل
- اختلاس الزمن في ظاهرة الاختفاء القسري!
- البصرة هل هو ثمن الحرية!
- الهوية الثقافية: الخاص والعام
- حين يختفي الاعلامي مؤرخ اللحظة !!
- مجتمع الايتام والآرامل!!
- اللاجئون العراقيون: مسؤولية من!؟..
- شهادة حية على التعذيب في سجن ابو غريب
- الاقليات والحقوق الثقافية
- المساءلة والحقيقة في تجارب العدالة الانتقالية
- التنوّع الثقافي والشعية الدولية !!
- التنوّع الثقافي: الاقرار والانكار !
- بعد 90 عاماً: هل تعتذر بريطانيا عن وعد بلفور ؟!
- الديمقراطية : أزمة وعي أم أزمة ثقافة ؟
- دارفور وتجارة الاطفال
- المعرفة وحرث البحر


المزيد.....




- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...
- المقررة الأممية لحقوق الإنسان تدعو إلى فرض عقوبات على إسرائي ...
- العفو الدولية: استمرار العنصرية الممنهجة والتمييز الديني بفر ...
- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - التنوع الثقافي والنخب الفكرية والسياسية!