أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحكيم نديم - في ذكرى السادسة لرحيل الخطاط الكردي المعروف صفوت محمود نديم















المزيد.....

في ذكرى السادسة لرحيل الخطاط الكردي المعروف صفوت محمود نديم


عبد الحكيم نديم

الحوار المتمدن-العدد: 670 - 2003 / 12 / 2 - 02:42
المحور: الادب والفن
    


الخط يبقى زماناً بعد كاتبه ، وكاتب الخط تحت الأرض مدفون .

يعتبر الخط العربي من الفنون الجميلة والشاقة ، ومن أرقى واجمل خطوط العالم من حيث حسن شكله وبديع نسقه، ولهذه الخاصية الفريدة اصبح الخط والخطاط محبوبين عند اغلب الناس.
فالخط بمفهوم آخر هو طرب للعيون مثلما الأغنية هي طرب الروح ، ولما لجمال الخط من وقع على النفوس  اصبح لحروفه سحر أخاذ ينفذ لعمق الشعور ، لذلك أدرك الخطاط هذه الومظة السحرية مبكرا لما لها من وقع على ذوق ونفسية  المشاهد، فسخّر قلمه ويراعه ليزّين بحلاوة الخط القلوب والنفوس ويدبّج بالقصب والريشة العديد من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث الشريفة، وأقوال مشاهير العلماء والشعراء المأثورة بّرقةٍ وشفافيةٍ متناهية. .

 من موهبة الطّفولة لفضاءات الإبداع  ...


إنّ انصراف الطفل منذ طفولته لتعليم فن الخط ودراسة قواعده وعشقه المبكر في رسم الحروف بأنامله الرقيقة والرشيقة وبروز هذه الموهبة الذاتية في إعتماده على قابلياته الشخصية لايختلف كثيراً من موهبة الشاعر المبكرة ، من حيث حبه للطبيعة والناس في رسم هذه اللوحات بعد صقل التجربة بالكلمات ، ومن زمن الطفولة تاتي اغلب هذه المواهب وتشق طريقها نحو الإبداع ، فبرز في مجال الخط العربي خطاطون قديرون ومبدعون في ابتكارهم لنماذج فنية جديدة في الكتابة ، واستحداثهم لأشكال ونماذج فريدة في رسم الحروف الأبجدية بشكل عصري وجذاب يتناسب وثورة الحاسوب والإنترنيت في بدايات القرن الجديد ، وهذا ما نراه الآن في أعمال العديد من مشاهير الخطاطين المعروفين في العالم وإدخالهم في تركيبة الخط العربي مجموعة من عناصر التشويق واللون في اللوحات الخطية المعاصرة وخروجهم عن كل أشكال الرتابة والتقليد التي كانت موجودة في بعض النماذج القديمة مع احتفاظ  اللوحة على قدسية الخط والحرف كتراث مجيد ، بحيث ترى اللوحة الخطية المنجزة وكأنها لوحة تشكيلية مزينة بُحّلة قشيبة وجذابة .
الخطاط الكبير صفوت محمود نديم والتي تمر بعد أيام  الذكرى السادسة على رحيله المفاجئ ، وهو في قمة عطاءه الثر تاركا وراءه تراثا كبيرا وآثارا خطية نفيسة كأدلة إثبات لما كان لهذا الخطاط من مكانة رفيعة بين الخطاطين الكبار . وكان المرحوم من الذين ساهموا في تطوير الخط العربي في العراق ، وابتكاره لـ الكثير من الأساليب الفنية في تعليم الخط وذلك من خلال إسهامه في العديد من المعارض الخطية في العراق والدول المجاورة ، وإقامته للعديد من المعارض الشخصية بلوحات فنية رائعة . فخطه الجميل بقي من بعده في غاية من الجودة والإتقان من خلال حرصه الكبير على تطبيق أصول وقواعد الخط ، مع مراعاته لكافة الشروط والمقاييس الفنية في رسم الحروف عند كتابته لكافة النماذج الخطية ، و لاسيما براعته في كتابة الثلث في أبهى تشكيلة جمالية والذي يعتبر من  اصعب أنواع الخطوط ، والذي نال بذلك إعجاب واستحسان شيخ الخطاطين في العالم الخطاط الكردي العالمي الشهير ـ حامد الآمدي ـ  قبل وفاته وحصوله على الإجازة منه لمزاولة هذه المهنة الشاقة والممتعة ، حسب قول الخطاط صفوت نديم خلال اللقاءات الصحفية التي أجريت معه على هامش معارضه الشخصية القيّمة .


شهادة الكفاءة ليست نهاية مشواري مع الخط


عن بدايات مشواره مع هذا الفن الرفيع  والعودة لمراحل الطفولة الجميلة  ونشوء العلاقة الحميمية مع الخط  والمرور بمحطات الذكريات المتنوعة :

فذكر لنا الراحل شيئا من مشواره الطويل والبعيد مع الخط - قائلاً إنَ بداياتي مع الخط تعود لمنتصف ستينيات هذا القرن عندما كنا نسكن في مدينة كفري العريقة ووالدي المرحوم حينذاك كان كاتب أول في محكمة كفري وأتذكر للآن تشجيع والدي لي عندما كان يزودني بكل ما كنت احتاجه من أقلام وأوراق رغم ظروفنا المعيشية الصعبة آنذاك ، وفي إحدى زياراتي لوالدي في المحكمة صدفة كنت أتمرن على ورقة موضوعة على الطاولة فصحّح لي أحد زوار والدي الحروف التي كنت اكتبها فهداني ونصحني لكي أتعلم الخط وفق القواعد الصحيحة ومن ذلك الوقت بدأت في البحث والتمرن والكتابة وفق الشروط الموضوعية المتبعة في تعليم الخط . وفي ذاكرتي ذكريات وصور عديدة لاأنساها والتي تتعلق برحلتي ومشواري الطويل مع الخط .  وعن علاقاته مع الخطاطين الآخرين وعن لوحته الشهيرة التي نال التقدير العالي بها من قبل الخطاط العالمي المعروف ــ حامد الآمدي ــ من بين نماذج خطية مختارة من اجل إبداء توجيهاته وملاحظاته عليها.
وأتذكر العبارة المقدسة لشيخي وأستاذي الخطاط التركي الشهير والكردي الأصل والنشأة المرحوم حامد الآمدي والتي منحتني القوة والتقدير معا عندما خط لي في اسفل لوحتي المختارة والمشهورة بلوحة ياسين وذيّله بتوقيعه الكريم لأني كتبت له آيات من سورة ياسين بخط الثلث فنالت إعجابه ومنحني بعد ذلك الإجازة والكفاءة فكتب لي :-
وبعد أن اطلعت على نماذج من خطوط الخطاط صفوت نديم وجدت إنها أهل لتقدير كاتبها فأذنت له الإجازة وأنا الفقير لله حامد الآمدي غفر الله ذنوبهما سنة 1398 هجرية -
فاعتبر هذه الإجازة مبعث اعتزاز وسرور لي في مشواري مع الخط والزخرفة الإسلامية ، فشهادة الكفاءة ليست هي نهاية رحلتي مع كتابة الخط والزخرفة .
  وقالوا في خطه المبدعون في الخط العربي بعد الخطاط الشهير الآمدي ، فالخطاط يوسف ذنون الموصلي ، أبدى إعجابه وتقديره له ولبراعته في الكتابة وفق القواعد الصحيحة من خلال الزيارات المتبادلة والرسائل الكثيرة مع البعض  وفي لقاء مع الخطاط الكبير يوسف ذنون اجرته مجلة نينوى في 2002  سألوه عن خطاطين اضاء لهم يوسف ذنون سبل الإبداع والإنتشار ونالوا صيتا عالميا  من بين الخطاطين  المرحوم صفوت نديم، وشهادة الخطاط المرحوم محمد عزت الكركولي  حول تمكنه الفذ في كتابته للوحات الخطية قائلاً - خطك في غاية الجودة والإتقان لمراعتك لأصول الخط في الكتابة - وتقدير الخطاط والرسام المرحوم محمد مهدي خليل طوزلو أثناء زيارة صفوت نديم له في بداية السبعينات وتوقعه مستقبلا زاهرا له في ميدان الكتابة  وأساتذة وخطاطون آخرون .

 

 

 

 

سطورُ في المَنجز الفنّي ، و قراءات في التكوين
-------------------------------------------

أبصر النور بمدينة كركوك ذات النّار الأزليّة في آذار 1953، دخل المدرسة في مدينة كفري وأنهى فيها المرحلة الإبتدائية والمتوسطة ،والثانويّة في قضاء طوزخورماتو ، وفي عام 1978حصل على شهادة البكالوريوس في الإقتصاد من جامعة السليمانية ،وعمل بعد التخرج في المصارف الحكوميّة ، وبناءاً على رغبته ترك العمل في المصارف و دخل سلك التدريس في المدارس والمعاهد الإسلامية .


المنجز الفني  للخطاط الراحل : ــ

• )  عضو جمعية الخطاطين العراقيين .
• )   المعرض الشخصي الأول للخط العربي وفن الزخرفة الإسلاميّة عام 1976م في جامعة السليمانية
• )   المعرض الشخصي الثاني للخط والزخرفة في المركز الثقافي التابع لجامعة السليمانية .
• )   المعرض القطري السنوي لخطاطي العراق 1979 م في بغداد .
• )  المعرض الشخصي الثالث لفن الخط والحفر على الخشب في كركوك 1983 م .
• )  مهرجان بغداد العالمي للخط العربي والزخرفة الإسلاميّة في بغداد عام 1993 م .

وفي هذا المهرجان العالمي فاز الخطاط الراحل على وسام المهرجان و قد تم تكريمه من قبل رئيس وهيئة المهرجان العالمي تقديرا لجهوده الحثيثة في المحافظة على تراث الخط ولأعماله الرائعة والتي استعمل فيها اغلب أنواع الخط وفنون الزخرفة القديمة والمعاصرة . فقال يوم تكريمه (( إنّ تفاعلي واندماج روحي مع صرير القلم في رسم هيكل الحروف ، وهي تشعّ لوناً أفقياً وانسيابيا مع كل إمالة لي للفرشاة ، فتبدأ مرحلة الصيرورة بعد اتحاد كل عوالم الحروف الواسعة )) ويمكننا قراءة سيكولوجية الخطاط من خلال لوحاته المنجزة ، بعد سلسلة من الحركات الخفيفة والرشيقة مع الحروف وتحويلها من حالة الركود لآية من الجمال بومضات لونية متوهجة الحروف ، ولتسلب بصيرة المشاهد بحس جمالي متألق  ، وبهذا النمط يمكن قراءة مسيرة الخط والزخرفة الإبداعية لدى الخطاط الفقيد ، وما نراه في جميع أعماله المنجزة عبر السنين مع الخط . والخطاط صفوت نديم يعد بحق من ابرز الخطاطين العراقيين بعد عميد الخط العربي هاشم محمد البغدادي والأستاذ الكبير ذ نون يوسف الموصليّ ، وباسم ذ نون وطالب العزاوي ، لمهارته الفنية في إنجاز الكثير من اللوحات وإبرازه لمعالم وجمالية الخط العربي في العراق ،وفي إصداره لكراسات عديدة في تعليم أساسيات الخط وتبادل الآراء والملاحظات مع كبار الخطاطين المعروفين في عدة دول عربية وإسلامية وبحث القيمة الجمالية لحروف هذا الفن الفريد ، وتنشئة جيل من الخطاطين ورعاية الموهوبين منهم من خلال إقامة الدورات منتظمة لتعليم الخط ، ودراسة آثار الخطاطين الكبار وتعريف الجيل بهم وإقامة ندوات ومهرجانات لأعلام الخط العربي . فرحم الله خطاط الجيل صفوت محمود نديم برحمته الواسعة والذي  ودع أحبائه وطلابه
دون أن يحقق أمنيته الكبيرة المتمثلة بكتابة القران الكريم بخط الثلث ، وهذا ما أبلغتنا بها زوجته الفاضلة ، وهو في الرمق الأخير بعد إصابته بمرض التهاب غشاء القلب ودخوله المستشفى وبقاءه لفترة قصيرة هناك دون اهتمام ورعاية طبية كافية ، حاله حال العديد من الأدباء والعلماء والأساتذة في العراق بسبب الحصار الظالم الذي حصد الملايين من أبناء العراق ، وفي مثل هذا الشهر من عام 1997 رحل الخطاط العراقي المبدع صفوت نديم ، فبقي مشروعه لكتابة القران الكريم لم ينجز ، وترك من بعده الكثير من الكنوز الخطية الجميلة ،وما أحرانا أن تجمع جهة فنية مختصة في إقليم كوردستان كل آثاره قبل أن تطاله يد العبث والإهمال ، وطبع جميع لوحاته الخطية ودروسه وبحوثه المنشورة والغير المنشورة في مشروع كتاب يليق ومكانة الخطاط الراحل وتخليد ذكراه من قبل جمعية الخطاطين العراقيين ولو برسالة قصيرة ، فسلاما يا خطاط الجيل يوم ولدت ويوم رحلت عنا وأنت تكظم الألم ، فنم قرير العين يا خطاطنا الغالي، فأنت في القلب أبدا ، فيبقى خطك خالدا في ذاكرة الجميع ...   

 *  شاعر وفنان تشكيلي مقيم في السويد

 



#عبد_الحكيم_نديم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأقنعة الرمادية المزيّفة،وبكائية دماء الّشهداء...
- لارا .. زهرة البراري حزن عراقي مستديم بانتظار سقوط الصنم للق ...
- جوانب من محنة الكرد عبر التاريخ
- وداعاً العلاّمة والمفكر الكردي شكور مصطفى...
- معرفة الفصول
- في ذكرى الأديب الراحل مؤنس الرزاز... صوت الأصالة والإبداع في ...
- رسالة خاصة
- من أوراق الحرب
- سلاماً للشهيد محمد باقر الحكيم. واللعنة على الإرهاب...
- الشاعر كنعان مدحت في » أربعينية الثورة وإحياء عصر الإمارات
- للحُلم امتداد آخر ...
- الحوار المتمدن ... واحة للإبداع والفكر...
- محطات
- ليالي كركوك
- من أوراق الحرب
- قصائد تنبذ العنف
- في ذكرى رحيل المفكر مسعود محمد... ذلك الجبل الكردي الشامخ
- أمسيات مملكة العدم
- رنين الذاكرة
- العودة


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحكيم نديم - في ذكرى السادسة لرحيل الخطاط الكردي المعروف صفوت محمود نديم