أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبد السلام أديب - دروس من آسيا الشرقية















المزيد.....

دروس من آسيا الشرقية


عبد السلام أديب

الحوار المتمدن-العدد: 670 - 2003 / 12 / 2 - 02:31
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


صدر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأنكتاد) المنعقد بجنيف خلال شهر أكتوبر 2000  التقرير السنوي حول التجارة والتنمية. ويمكن اعتبار هذا التقرير بحق، فيما يخص  تشخيص الوضعية الاقتصادية لدول النمور الآسيوية عقب أزمة 1997 والسياسات التي اعتمدتها هذه الدول للخروج من المأزق الذي وقعت فيه، درسا بليغا  لباقي دول العالم الثالث بخصوص الحذر من مغبة الانجراف وراء تعاليم العولمة الليبرالية. وفيما يلي لمحة عن بعض ما جاء في هذا الشأن:
يتوصل التقرير في شأن الوضعية الحالية لبلدان آسيا الشرقية إلى  أربع خلاصات كما يلي:
1 - تقوم عواقب الانهيار والانتعاش التي عرفتها المنطقة على اعتماد سياسات غير عقلانية، في الوقت الذي كان من الممكن إتباع سياسات اقتصادية ومالية حذرة ؛
2 - يتكرس ضعف البنيات الاقتصادية أكثر عبر ارتفاع معدلات الفائدة مما يؤدى إلى هشاشة الانتعاش الاقتصادي؛
3 - حدوث توزيع غير عادل للعواقب الاجتماعية للأزمة، مما يفترض العمل على تحقيق نمو اقتصادي قوي خلال العقد المقبل للتغلب جزئيا على هذه  العواقب ؛
4 - ضرورة الحدر من بقاء نمو المنطقة الآسيوية  على المدى الطويل تحت رحمة الضغوط المالية الخارجية والشركات الأجنبية  والأسواق الدولية.
فمن خلال تقدير أثر الإجراءات المعتمدة لمعالجة  الأزمة، لاحظ التقرير بأن العواقب الرئيسية التي حدثت خلال الأزمة الآسيوية راجع أكثر  إلى الارتفاع الكبير الذي حدث في معدلات الفائدة، بدلا من الانخفاض الذي أصاب العملات المحلية. إضافة إلى أن اعتماد الحلول الليبرالية الأرثوذوكسية قد أدى إلى استقرار الأزمة وعدم استعادة الثقة، مما تسبب في حدوث انكماش عميق، والى تراجع الواردات وتراكم غير مسبوق في حجم الاحتياطيات الدولية.
وبالعودة إلى فترة الأزمة يلاحظ التقرير أن كل المؤشرات تدل على أن  الأمر كان يتطلب توفير سيولة دولية كافية لإعادة بناء الاحتياطيات من النقد الأجنبي، مع فرض رقابة على عمليات الصرف المؤقتة، والشروع في محادثات حول المديونية عبر اعتماد إجراءات لإعادة التمويل. ولم تكن عودة الاستقرار المالي كافية لانعاش الاقتصاد، بحيث  لم يتحقق الا بعد إنهاء الإجراءات الانكماشية الموازنية والنقدية. وفي هذا الإطار يتطرق التقرير الى الأسلوب غير الأرثوذوكسي الذي اعتمدته ماليزيا عبر مراقبة عمليات رأس المال، فيلاحظ بأن هذا الإجراء لم يساهم فقط، إلى حد بعيد، في عودة الانتعاش الى الاقتصاد الماليزي، وانما ساهم كذلك في ممارسة تأثير ايجابي على المنطقة من خلال إعادة نظر شاملة في السياسات المتبعة.
وإذا كانت الأزمة قد تم تسريعها جزئيا عبر  مراحل مضغوطة من التحرير المالي، فإن إعادة هيكلة القطاع المالي أدى إلى تحميل الدولة عبئا ثقيلا. وقد توج تدخل السلطات العمومية بتأميم الأنظمة المالية بكل من كوريا الجنوبية  واندنوسيا. بينما لم تتم العودة إلى التقنيات المستوحاة من السوق سوى في التايلاند التي  تعرضت عمليات اعادة الهيكلة بها الى صعوبات شديدة.
ويشير التقرير الى توقع حدوث  العديد من المشاكل، كما هو الشأن بالنسبة للمديونية التي تتراوح حاليا ما بين 30 % من الناتج الداخلي الاجمالي في كوريا الجنوبية وأكثر من 90 % بأندنوسيا. اضافة الى أن  دول آسيا الشرقية  أصبحت بدون شك أكثر هشاشة عما كانت عليه قبل الأزمة أمام الضغوط الخارجية، سواء تعلق الأمر بالتجارة الخارجية أو بالهزات المالية.
ويؤكد التقرير على أن الدورات المالية التي حدثت في الأسواق الناشئة تظهر مختلفة عن الدورات الظرفية التقليدية. فعجز الحساب الجاري لميزان الأداءات والفائض المالي للميزانية التي عرفتها الأقطار الآسيوية قبل الأزمة انقلبت الى العكس تماما. كما تقلصت وثيرة  الاستثمار المفرط بشكل قوي مقارنة بالادخار.
 وتسير هذه التحولات الماكرو اقتصادية بموازاة مع التغيرات الملحوظة على مستوى توزيع الدخل. فقد  تزايدت حدة التفاوتات في الدخل رغم استعادت الانتاجية لمستوياتها السابقة. وكما هو الشأن بالنسبة للدورات الاقتصادية في الدول النامية، لوحظ بأن الفئات النشيطة من السكان هي أكثر من يتحمل أعباء الأزمة حيث تدهور  مستوى الأجر الحقيقي وتفاقمت حدة البطالة، وعادت مؤشرات  الفقر الى مستواها قبل الأزمة.
ويوصي التقرير بضرورة العمل في اتجاه تحقيق  نمو  أكثر اندماجا، دون أن يصطدم  ذلك بآجال قصيرة ذات اكراهات خارجية. وبالنظر الى أن الأزمة المالية قد أحدثت نوعا من التبعية المفرطة نحو رؤوس الأموال والأسواق الخارجية، فإن أهم الأولويات لدى صانعي القرار الاقتصادي  في المنطقة يجب أن يرتكز أكثر على كيفية  تدبير الاندماج.
ويؤكد التقرير على أن  الاقتصاد العالمي  يعتبر في الظرف الراهن أكثر تنافسية من السابق: فالدول النامية تحاول تدريجيا ولوج أسواق الدول المصنعة، بينما لا تتيح لها هذه الأخيرة امكانية ذلك. فالتفاوت في الانتاجية مع الدول المصنعة بلغ مستويات هائلة  مما يستدعي مواصلة اعطاء  الأولوية للاستثمار، لكن يبقى الادخار الداخلي مع ذلك حاسما، وهو ما يفيد في تقليص  حدة التبعية نحو رؤوس الأموال الأجنبية لسد العجز في الدخل اتجاه الدول الصناعية الكبرى.
وتلعب المبادلات التجارية والتدفقات المالية الجهوية  دورا رئيسيا في المسار الاقتصادي للمنطقة، سواء أثناء الأزمة أو بعدها. وهناك مبادرات جديدة يمكن تصورها على هذا المستوى، تتجاوز نشر المعلومات المالية والتنظيمات الاحتياطية والتي تصل الى درجة  تطبيق رقابة صارمة وتنظيم محكم  اتجاه الاقتراضات الخاصة من الخارج، اضافة الى اجراء رقابة صارمة على تدفقات رؤوس الأموال الباحثة عن المضاربة.
وعلى عكس الموقف العام فإن التقرير يخلص الى أن حدوث معجزة آسيوية جديدة، إذا كانت هناك معجزة فعلا، رهينة بقيام الدولة بمجهودات تنموية متواصلة تعطي الأسبقية للاندماج الاستراتيجي في الاقتصاد العالمي بدلا من الاكتفاء بتقارب عشوائي. إضافة إلى تقليص حدة التبعية نحو الموارد والأسواق الخارجية وهذا يعني أيضا منح ثقل أكبر للموارد الداخلية وللنمو الاقتصادي.

الرباط في 16 أكتوبر 2000


#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة نقدية في مشروع ميزانية سنة 2004
- التحولات الاقتصادية والسياسية للطبقات الاجتماعية في المغرب ( ...
- عولمة الأزمة وآفاق الثورة
- حتى لا ننسى إفريقيا
- بناء سبل تحقيق عالم بديل لنعمل معا على عولمة المقاومة
- سوء التنمية ومحاربة الفقر
- أوهام التأهيل والمنافسة الحرة
- النساء والعولمة الليبرالية
- المعجزات التنموية ودور الدولة
- الهجرة الى الفردوس الاقتصادي
- التقسيم الدولي الجديد للعمل
- تناقضات العولمة الليبرالية
- نقطة نظام الانقلاب التكنولوجي
- التحولات الاقتصادية والسياسية للطبقات الاجتماعية في المغرب ( ...
- التحولات الاقتصادية والسياسية للطبقات الاجتماعية في المغرب ( ...
- أزمة المالية العامة في المغرب
- خوصصة المرافق العمومية أداة تنمية أم أداة نهب للمواطنين
- التجارة الخارجية في زمن العولمة الليبرالية
- البعد المالي في إتفاقية الشراكة المبرمة بين المغرب والاتحاد ...
- مــــأزق البطالــــــة


المزيد.....




- بلينكن يزور السعودية ومصر.. وهذه بعض تفاصيل الصفقة التي سينا ...
- في جولة جديدة إلى الشرق الأوسط.. بلينكن يزور السعودية ومصر ل ...
- رغد صدام حسين تستذكر بلسان والدها جريمة -بوش الصغير- (فيديو) ...
- فرنسا وسر الطلقة الأولى ضد القذافي!
- السعودية.. حافلة تقل طالبات من جامعة أم القرى تتعرض لحادث مر ...
- -البديل من أجل ألمانيا- يطالب برلين بالاعتراف بإعادة انتخاب ...
- دولة عربية تتربع على عرش قائمة -الدول ذات التاريخ الأغنى-
- احتجاج -التظاهر بالموت- في إسبانيا تنديداً بوحشية الحرب على ...
- إنقاذ سلحفاة مائية ابتعدت عن البحر في السعودية (فيديو)
- القيادة الأمريكية الوسطى تعلن تدمير 7 صواريخ و3 طائرات مسيرة ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبد السلام أديب - دروس من آسيا الشرقية