أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين - أماني أبو رحمة - تحدي حل الدولتين















المزيد.....



تحدي حل الدولتين


أماني أبو رحمة

الحوار المتمدن-العدد: 2162 - 2008 / 1 / 16 - 11:04
المحور: ملف: الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين
    


تحدي حل الدولتين
غاري سوسمان
ترجمة: د. أماني أبو رحمة
هيئة تحرير أجراس العودة

جاء ضغط ارييل شارون من اجل الانسحاب الإسرائيلي من جانب واحد من قطاع غزة وأربع مستوطنات في الضفة الغربية في ربيع عام 2004 ، بعد عام من تصاعد الانتقادات داخل وخارج إسرائيل أن ليس في جعبته حلولا طويلة الأجل للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. وكما اعترف رئيس الوزراء ، فان مخططة يهدف إلى إحباط الحلول بوساطة دولية فاعلة ، وكذلك المبادرات المهندسة محليا ، مثل اتفاق جنيف في تشرين الثاني / نوفمبر 2003 ، الذي من شأنه تنفيذ حل الدولتين على أساس صيغ ماضية ناقشها المفاوضون الإسرائيليون و الفلسطينيون في طابا في كانون الثاني / يناير 2001. مع فك الارتباط ، يسعى شارون إلى استغلال الشعور بان ليس هناك شريك فلسطيني للمفاوضات ، و فرض سلطة إسرائيل على الطرف الأضعف. خطة شارون رفضت بحضور ضعيف لحزب الليكود في استفتاء 2 أيار / مايو ، 2004 ، ولكن خارج جناح المستوطنين اليميني ، فان الانسحاب الأحادي يحظى بتأييد واسع النطاق بين الجمهور اليهودي الإسرائيلي. وهذا الدعم مستمد من ينابيع أعمق بكثير من الانقسام التقليدي بين الليكود اليميني و حزب العمل على مفهوم الأرض مقابل السلام.
الحديث عن فك الارتباط تمويه على النقاش المتصاعد ، خلال عامي 2003 و 2004 ، عن بدائل لنموذج الدولتين - النقاش الذي وضع ,الحكمة التقليدية القائلة بأن الحل القائم على أساس دولتين هو "اللعبة الوحيدة في المدينة" , تحت الاختبار . الممونون للحكمة التقليدية أحيطوا علما بهذا النقاش . في تشرين الأول / أكتوبر 2003 ، وصف محررو صحيفة نيويورك تايمز الحجج ضد الحل القائم على أساس دولتين "بالغدر ،" ولكنهم اعترفوا بأنها كانت تكتسب أرضية . وفى نفس الشهر ، استضاف برنامج السلطة المرموق "بوبوليتيكا" الذي تسيطر عليه الدولة في إسرائيل مناقشه بشان استمرار صلاحية الحل القائم على أساس دولتين. البحث الذي نشرته صحيفة هآرتس اليومية الإسرائيلية الليبرالية يشير إلى أن 67 في المائة من الجمهور الإسرائيلي "يخاف بشدة أو اقل قليلا " من سيناريو أن تجد إسرائيل نفسها في حقيقة دولة واحدة.
بديلان تم مناقشتهما في حال انتهاء لعبة حل الدولتين . الأول هو دولة ثنائية القومية ، وعرض لتقاسم السلطة لشعبين منفصلين مع هويتين جمعيتين متمايزتين داخل تنظيم سياسي واحد. نموذج ثنائية القومية يشمل الفدرالية ، والكونفدرالية ,و الاتحادية . البديل الثاني يقترح نظام سياسي ديمقراطي واحد ، لا يوجد فيه تمييز على أساس الاثنية أو القومية بين المواطنين. في حين أن البديل الأول يقوم على أساس الاستحقاقات الجماعية ، كما في اتفاق الجمعة العظيمة في ايرلندا الشمالية ، فإن هذا الأخير يقوم على أساس الحقوق الفردية ، كما هو الحال في مرحلة ما بعد نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. ، وكثيرا ما يستخدم المفهومان بالتبادل ، وكلمة "ثنائية القومية" يفهمها معظم الإسرائيليين للدلالة على المرحلة النهائية في جنوب إفريقيا. البعض ، ميرون بنفينستي مثلاً ، يقترح بان خلط المصطلحات يهدف إلى "منع إي نقاش حول… بدائل جذابة" للحل القائم على أساس دولتين.
وهناك ، بطبيعة الحال ، بدائل أخرى لنتائج حل الدولتين . تشمل هذه كياناً يحكم فيه اليهود أغلبية فلسطينية ، من خلال مختلف مخططات الإكراه. اليمين الإسرائيلي اقترح مخططات مختلفة لنظام كانتونات تسمح بحكم الأقلية اليهودية للأغلبية الفلسطينية من خلال الغش أو نموذج الذي يمكن الفلسطينيين من ممارسة حقوقهم السياسية في الأردن ومصر. ويخشى آخرون أن شارون واليمين الإسرائيلي يرغب في إنشاء مجموعة كانتونات منفصلة من شأنها أن تحمل اسم "دولة فلسطينية" ، نموذج "البانتوستانات" هذا من شأنه تعظيم السيطرة الإسرائيلية على الأراضي ، مع التقليل إلى أدنى حد من عدد الفلسطينيين الذين يعيشون في دولة إسرائيل. في هذا المناخ ، كيف يمكن لبدائل الحل القائم على أساس دولتين أن يأتي من النفي إلى الهوامش؟
الشكوك الدولية:
في المجتمع الدولي, المعارضة المباشرة لحل الدولتين ، تأتي إلى حد بعيد من اليسار المثقف ، بكراهيتهم المعهودة للدول العرقية والقومية. وهم يقولون أن الصهيونية هي إيديولوجيه تمييزية و أن إسرائيل هي دولة غير منصفة بحكم طبيعتها . العديد من الإسرائيليين ينظرون إلى هذه الحجج باعتبارها أساسا معادية للسامية ، لأن إسرائيل هي الوحيدة التي تُدان لأنها دولة –أمة ، أو لان إسرائيل هي بالذات التي تتم إدانتها بوصفها قوة احتلال ، في حين أن احتلال الصين للتبت وحرب روسيا ضد انفصال الشيشان تجتذب اهتماما اقل.
"عملية السلام" الاوسلوية في التسعينات أضعفت, بشكل كبير, تأثير اليسار المعارض للصهيونية على الخطاب العام ، بل لقد تخلى بعضهم عن معارضته للصهيونية في ضوء الأمل أن عملية أوسلو – التي تتوخى ضمنيا حل الدولتين - من شأنها أن تنجح ، وعلى افتراض أن كلا الشعبين يريد هذه الصفقة.
انهيار أوسلو شجع اليسار المثقف إلى القول مجددا إن دولة ثنائية القومية ليس فقط هي الأرجح ، ولكن من المرغوب فيها. توني جوديت أثار ضجة كبيرة في الآونة الأخيرة عندما قال انه لاحظ أن "فكرة الدولة اليهودية - الدولة التي يحصل فيها اليهود والديانة اليهودية على الامتيازات الحصرية التي تمنع عن المواطنين غير اليهود إلى الأبد - متجذرة خارج الزمان والمكان . إسرائيل ، وباختصار ، هي مفارقة تاريخية. "فرضية جوديت تسببت في الآلاف من الرسائل إلى المحرر ، ويؤكد دانيال لازاري تقييمه بأن" المحرمات القائمة منذ زمن طويل قد بدأت تتهاوى . "من المحرمات السابقة نقاش مدى شرعيه الدولة اليهودية في الولايات المتحدة.
على مدى الأشهر التي تلت ذلك ، الكتاب الذين يعتقدون أن الحل القائم على أساس دولتين هو ببساطة غير عملي انضموا إلى فرقة المتشككين بحل الدولتين . هيلانة كوبان الصحافية المخضرمة ، التي ناقضت معارضتها السابقة لحل الدولة الواحدة ، احد هذه الأمثلة . وحتى قبل موجة المقالات في المنشورات الراقية والمحترمة ، فقد أثار الدبلوماسيون المشاركون في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الشكوك حول إمكانية استمرار الحل القائم على أساس الدولتين ، وبالرغم من حقيقة أن المجتمع الدولي استثمر موارد هائلة في عملية أوسلو ، والآن ، في "خارطة الطريق". فعلى سبيل المثال ، في عام 2002 ، فإن مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى الشرق الأوسط ، تيري رود - لارسن ، تساءل عما إذا كنا "نقترب من موت الحل القائم على أساس الدولتين ، الذي تقوم عليه جميع جهودنا لصنع السلام؟" هذه المخاوف تنبع من المأزق السياسي ، وليس من أفضلية إيديولوجية .
فكريا ، المعارضة المتجددة لفكرة الدولة الحصرية على أساس اثني يجب أن ينظر إليها على خلفية الصراعات الدموية في فترة ما بعد الشيوعية في أوروبا الشرقية ، لا سيما في البلقان ، وتوسيع وتعميق التكامل الأوروبي والمعارضة لنظرية "صراع الحضارات". انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة قوضت الدعم لإسرائيل ولشرعيتها ، خاصة في أوروبا. وفي دراسة مسحية واسعة النطاق أجريت في أوروبا في تشرين الثاني / نوفمبر 2003 ، وضع 59 في المائة من اللذين شملتهم الدراسة , إسرائيل في المرتبة الأولى قبل الولايات المتحدة ، العراق ، كوريا الشمالية وإيران, باعتبارها اكبر تهديد متصور لاستقرار العالم. ورغم أن العديد من الإسرائيليين سرعان ما رفض هذه النتائج واعتبرها دليلا على معاداة السامية ، فان الياهو سالبيتر لاحظ أن إسرائيل واليهود فقط هم الذين "يرون أن إسرائيل ينبغي أن تكون نور للأغيار "– حيث أنهم يحتكمون إلى المعايير الأخلاقية التي تدعيها إسرائيل . وإذا كانت إسرائيل قد كسبت حرب صورتها الدولية في الولايات المتحدة ، فان احد الزعماء الأمريكيين اليهود ، بريان لوري يقول: ، إذا لم تنته الانتفاضة حالا ، فان "إسرائيل من المرجح أن تفقد موقفها التفضيلي في الرأي العام الأمريكي."
شكوك إسرائيلية
الشكوك حول نتائج حل الدولتين يجري تداولها أيضا ، وبصورة متزايدة ، بوضوح في الخطاب الإسرائيلي. واحد من مؤيدي حل الدولتين البارزين الذي عبر عن مخاوفه هو يوسي اولفر . يحذر اولفر من أن حل الدولتين يجب أن لا يكون "أمرا مفروغا منه." دانيال غافرون ذهبت خطوة أبعد ، في الدعوة إلى اعتناق اليهود الإسرائيليين لفكرة دولة ثنائية القومية في الوقت الذي يتمتعون فيه بالسطوة الديموغرافية. غافرون ، الصهيوني ، يلاحظ انه بعد أن توصلنا إلى أن التقسيم لم يعد في الإمكان ، " لم يتبقى لنا سوى بديل واحد : التعايش الإسرائيلي - الفلسطيني في أمة واحدة." فكرة غافرون تحظى بدعم ضئيل بين اليهود الإسرائيليين و 78 في المائة منهم يعارضون مثل هذا الكيان ، الذي يرون فيه وصفة ل"فلسطين الكبرى ." ولكن فكره ثنائية القومية تضرب بجذورها في الخطاب الصهيوني. في فلسطين تحت الانتداب أمثال هنرييتا سزولد ، مارتن بوبر ، جودا ماغنز وهوشمر هاتزير قادوا حركة الدعاية لها.
هؤلاء,وان كانوا مذمومين في التاريخ الصهيوني لآرائهم ، إلا أنهم لم يكونوا وحدهم. ابرز القادة الصهاينة مثل حاييم ايزمان ووحاييم ارلوزوروف يؤيدون الفكرة. ديفيد بن غوريون ، أول رئيس وزراء إسرائيل ، غازل فكرة الثنائية بين 1924 و 1939 ، ربما لأغراض تكتيكيه. في وقت كان فيه اليهود أقلية (أقل من 20 في المائة) على أراضي فلسطين الانتدابية ، وقال أنه يظن أن الصهاينة كانوا اضعف من أن يعادوا البريطانيين والعرب. علاوة على ذلك ، فإن عرض التكافؤ في التمثيل السياسي ، المتضمن في طرح ثنائية القومية ، من الواضح انه يخدم الحركة الصهيونية. فمن جهة ، من شأنه أن يكفل التمثيل الزائد لليهود في المؤسسات السياسية الانتدابية . ومن ناحية أخرى ، يسمح للقيادة الصهيونية الحفاظ على الغموض حول نواياها الحقيقية لإنشاء دولة يهودية. ولكن لجنة بيل رفضت اقتراح الكانتونات الذي طرحته الحركة الصهيونية . هذا التطور ، إلى جانب محنة اليهود في أوروبا وتشاؤم بن غوريون من إمكانية التوافق مع القادة العرب ، أدى به إلى تخليه عن فكرة ثنائية القومية.و بعد الاستقلال ، تراجع الدعم الإسرائيلي للدولة ثنائية القومية .
على الطرف الآخر من الطيف السياسي الإسرائيلي ، فان عناصر في اليمين الإيديولوجي وحركة المستوطنين تسعى بنشاط إلى دولة واحدة. في معارضتهم ل "فك الارتباط" , دعا, بعض منتقدي شارون اليمينين صراحة, إلى ضم الضفة الغربية وقطاع غزة ، مع الحفاظ على الطابع اليهودي للدولة. ويترتب على ذلك أن الدولة العبرية تحتاج إلى بناء مؤسسات تميز رسميا لصالح اليهود ، أو الانخراط في التطهير العرقي. كما جادل زعيم المستوطنين في الخليل نعوم ارنون ، "إذا كان هناك تناقض بين جوهر[اليهودية] وطبيعة الحكومة [الديمقراطية] ، فمن الواضح أن الأسبقية ستكون للجوهر".
كشفت مقابلات صحفية ، أن ايفي ايتام ، زعيم الحزب الوطني الديني والوزير في حكومة شارون ، وضع رؤيته لإسرائيل الكبرى. ايتام لاحظ أن إسرائيل هي " الدولة اليهودية الوحيدة في العالم التي تتطلب حدا أدنى من الأراضي ." وبشأن هؤلاء الفلسطينيين الذين يرغبون في البقاء في الضفة الغربية وقطاع غزة ، اقترح ايتام أن تمنحهم إسرائيل " الإقامة ،" بدلا من المواطنة. هؤلاء الغير مستعدين لقبول هذا الوضع سيتعين عليهم الانتقال. بعض اليمينيين يقترح ترك المناطق الفلسطينية خاضعة للسيطرة الأمنية الإسرائيلية ، والسماح للفلسطينيين بالاستقلال الذاتي للبلديات. نسخة أخرى من مفهوم إسرائيل الكبرى ، تقترح أن يتم تقسيم كامل المنطقة الجغرافية إلى الغرب من الأردن إلى عشرة كانتونات ، ثمانية إسرائيلية واثنتان للفلسطينيين ، على أن يعطى كل كانتون نفس التمثيل في الكنيست ، مما يضمن الأغلبية اليهودية. العديد من المعلقين الإسرائيليين قالوا أن حركة المستوطنين ومؤيديها تعرض إسرائيل للخطر من خلال جعل الدولة الثنائية القومية هي الأرجح.
الفلسطينيون:
وحتى عام 1988 ، كان الموقف التقليدي لمنظمة التحرير الفلسطينية هو الدعوة إلى قيام " فلسطين العلمانية" . وان كان الإسرائيليون قد اعتبروا, دعم هذه الفكرة من قبل المنظمة , خطوة تكتيكيه ، وليست إيديولوجيه. بعد اتفاق أوسلو عام 1993 ، المثقفين في الشتات ، وأبرزهم الراحل إدوارد سعيد ، حملوا لواء المعارضة للانفصال. وكثير من هؤلاء المعارضين يتبرأ من الحالة الراهنة. والأهم من ذلك , أن قادة داخل الأراضي الفلسطينية قدموا مقترحات بديلة للحل القائم على أساس دولتين. وأهم هذه الأصوات كان الدكتور علي الجرباوي في جامعة بيرزيت ، الذي طالما جادل بأن على الفلسطينيين أن يعطوا إسرائيل إنذارا مطالبينها بالموافقة على قيام دولة فلسطينية في غضون ستة أشهر ، وبعد ذلك فأن الفلسطينيين سيطالبون بالضم. الفكرة اكتسبت تدريجيا سوقا مع استمرار المأزق. أول زعيم بارز في حركة فتح الذي أطلق تحذيرا بأن الوقت آخذ في النفاد لهذه التسوية كان مروان البرغوثي ، الأمين العام لحركة فتح في الضفة الغربية. تحدث في ختام محاكمته بتهم من بينها القتل والتآمر ، ونبه إلى : "آمل أن الإسرائيليين تعلموا أن الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يوجه بالقوة . وإذا لم ينتهي الاحتلال من طرف واحد أو من خلال المفاوضات فانه لن يكون هناك سوى حل واحد فقط - دولة واحدة لشعبين.
وحتى الآن ، فإن قيادة السلطة الفلسطينية والقيادة تمتنع إلى حد كبير عن الخوض في هذه المناقشة ، مما يؤكد اتساع الهوة بين الشارع والنخبة السياسية. إحدى الاستطلاعات بينت أن ما يقرب من ثلث الفلسطينيين العاديين يدعم ثنائية ألقوميه. الصوت الملحوظ لبدائل الحل القائم على أساس دولتين كان من وحدة دعم المفاوضات ((NSU) ، حيث قدم فريق من المحامين صياغة لورقة موقف لمنظمة التحرير الفلسطينية في إطار التحضير لمحادثات الوضع النهائي في نهاية المطاف. العاملين في ((NSU ، وكثير منهم من الفلسطينيين في الشتات ،قالوا بأنه سيكون من الأفضل لو قدمت القضية الفلسطينية على أساس النضال من اجل الحقوق المدنية. أول مسئول بارز في السلطة الفلسطينية حذر من أن الوقت لإقامة دولتين يكاد ينفد كان وزير المالية سلام فياض. إذ في مذكرة قدمت إلى إدارة الرئيس جورج بوش في تشرين الأول / أكتوبر 2002 ، حذر فياض من أن التوسع الاستيطاني الإسرائيلي سيقوض مستقبل صفقة الدولتين. و في كانون الأول / ديسمبر 2003 ، بدأ رئيس الوزراء احمد قريع التحذير بعد أن اعلن شارون بأنه سيمضي قدما في خطة فك الارتباط من جانب واحد في مؤتمر هرتزيليا السنوي. لاحظ قريع "أن هذا الحل هو فصل عنصري لوضع الفلسطينيين في كانتونات. من يستطيع أن يقبل هذا؟ سنذهب لحل الدولة الواحدة.… ليس هناك حل آخر. إننا لن نتردد في الدفاع عن حق شعبنا عندما نشعر بنية [إسرائيل] الخطيرة جدا لتدمير هذه الحقوق.
ياسر عرفات سرعان ما تبعه في مقابلة مع الغارديان . ومع ذلك فان هذه التحذيرات ، قد رفضت باعتبارها تكتيكيه إلى حد كبير من قبل الإسرائيليين. لا يمكن للسلطة الفلسطينية أن تتحمل التخلي عن حل الدولتين ، وبالتالي التخلي عن كميات ضخمة من المعونات الدولية التي تدعم أعمال الخدمة المدنية الكبيرة.
الحقائق على الأرض :
وبع ذلك فان أهم الأسباب لتحدي حل الدولتين ، تتصل بالتطورات على ارض الواقع ، ولا سيما استمرار التوسع الاستيطاني وبناء "جدار الفصل." ووفقا لأميرة هاس ، وتيرة التوسع الاستيطاني في الأراضي المحتلة منذ 1993 أوجدت "جغرافيا الدولة واحدة." وتقول حركة السلام الآن انه في عام 2003 نشرت الحكومة الإسرائيلية 1627 مناقصة لبناء مساكن جديدة في الضفة الغربية ، الحقيقة التي تغني عن مجلدات لإثبات مدى التزام إسرائيل بصفقة الدولتين القابلة للحياة . الأرض المنتزعة ، ويقول ميرون بنفينستي ، تغذي شعورا بان "العلاقة بين الأرض والهوية العرقية - التي كانت قبل حوالي 20 عاما لا يمكن أن تنفذ - وأية محاولة لتنفيذها لن تؤدي إلا إلى تعقيد المشكلة بدلا من حلها. "آخرين يشككون بما إذا كانت إسرائيل راغبة أو قادرة على انتشال نفسها من المناطق . مثل هذه الشكوك لها أساس. يرفض ايتام بثقه إزالة الاستيطان : "هل تظن حقا أن أحدا قادر على تفكيك ارييل ، كريات رابع أو كارني شمرون؟"
الرئيس السابق للقيادة المركزية للجيش ، اسحق ايتان ، يخشى أن يؤدي تفكيك المستوطنات إلى الحرب الأهلية ، الأمر الذي يجعل الإجلاء في حكم المستحيل. اغتيال رئيس الوزراء السابق اسحق رابين في تشرين الثاني / نوفمبر 1995 بمثابة صفعة للتذكير بأن الكثير من الإسرائيليين ينكر حق أي حكومة ديمقراطيه في تسليم الأراضي التي وعد بها الله. وفي أيار / مايو 2002 صوتت اللجنة المركزية لليكود ضد إقامة دولة فلسطينية ، كما أن التصويت ضد الانسحاب من غزة في أيار / مايو 2004 ، هو أكبر دليل على عدم قدرة إسرائيل على تنفيذ صفقة الدولتين .
ثاني أكبر حقيقة على ارض الواقع التي تغذي التشاؤم بخصوص نتائج الدولتين هو "جدار الفصل." الإسرائيلي. مؤيدو إسرائيل يقولون أن الجدار في الضفة الغربية سيخلق بحكم الواقع الحل القائم على أساس دولتين ، ويؤدي إلى حتمية إخلاء المستوطنات الواقعة إلى الشرق منه . كما يعتقدون أن الطريق "سيصحح نفسه" على مر الزمن. المتشككون يقولون انه بعيدا عن كونه سيعزز الحل القائم على أساس دولتين ، فان حكومة شارون قد خطفت بفعالية فكرة "الفصل " – التي هي أصلا - فكرة حزب العمل لخدمة مصالحها السياسية وأجندتها الخاصة ، أي دولة من البانتوستانات على حوالي 42 ٪ من أراضي الضفة. افراهام بن دور ، الرئيس السابق لدوائر الأمن العام ، ويقول انه "بدلا من خلق واقع من الانفصال والحفاظ على فرصه سانحة ل دولتين لشعبين … هذه الفرصة السانحة تغلق تدريجيا. الفلسطينيون يقولون : تريدون الدولتين ، و بدلا من ذلك انتم تحصروننا في واقع [الفصل العنصري -] على طريقة جنوب إفريقيا. ولذلك ، فإننا كلما أيدنا الجدار أكثر ، فان الفلسطينيين يفقدون الحلم والأمل في دولة فلسطينية مستقلة.
من منظور الليكود ، فرض مثل هذه الدولة له ما يبرره على أساس أن إسرائيل سوف تحتاج إلى عمق استراتيجي للدفاع عن نفسها ، في شكل "مناطق أمنية" في المناطق الساحلية ، وحول القدس ووجود إسرائيلي على طول نهر الأردن. القائد الأعلى لجيش الدفاع الإسرائيلي لم يعد يؤمن بان وجود دولتين مع وثيقة جنيف كافي لحسم الصراع. قادة جيش الدفاع الإسرائيلي يلمحون إلى أن الصفقة المقبلة يجب أن تستند إلى تفاهم إقليمي ، وباختصار اتحاد أردني - فلسطيني تمتص الأردن بموجبه الأراضي التي تنسحب منها إسرائيل مع معظم السكان اللذين يقيمون عليها ، و كما لاحظ عوزي بنزمان ، إنها ذات الوصفة للسياسة اليمينية المتطرفة.
ولكن يبدو من المشكوك فيه جدا أن الفلسطينيين سيوافقون على شيء اقل من المعايير الإقليمية في مفاوضات طابا في كانون الثاني / يناير 2001 واتي لم تستكمل بعد ، والتي تتحدث عن تقسيم القدس والتنازل عن أرض من جانب إسرائيل في مقابل الإبقاء على المستوطنات. بصفته كبير المفاوضين في السلطة الفلسطينية كتب صائب عريقات : "لقد أصبح واضحا للعديد من الفلسطينيين أن ما يدور في رأس السيد شارون ، وغيره الكثير من الإسرائيليين بالنسبة للفلسطينيين هو دولة غيتو محاطة بالمستوطنات الإسرائيلية ، مع عدم القدرة على الدفاع عن نفسها ، محرومة من موارد المياه والأراضي الصالحة للزراعة ، مع وجود تافه في القدس وسيادة بالاسم فقط. الفلسطينيون لن يقبلوا أبدا بمثل هذا المستقبل. كذلك نحن أيضا . " وبالمثل ، ويبدو من المستبعد أن الأردن سوف يضحي بالكيان الهاشمي الذي وحده منذ عام 1988. كما انه من غير المرجح أن المجتمع الدولي سينغمس في إعادة ترسيم حدود معترف بها دوليا. و كما يقول بنزمان أن تقييمات جيش الدفاع الإسرائيلي هذه تفتح مجالا لمناقشة بدائل لحل الدولتين.
الديموغرافيا:
و بسبب رفض شارون لمواصلة المفاوضات ، فان العديد من البارزين المؤيدين لحل الدولتين يعتقد ، أن الوقت لإيجاد حل قائم على اساس دولتين آخذ في النفاد. ساري نسيبة ، وعامي ايالون ، فلسطيني وإسرائيلي على التوالي و الذين يسعون لحشد تأييد شعبي لمجموعة من المبادئ الأساسية للتسوية الدائمة ، عبروا عن القلق. مؤيدون رئيسيون لاتفاق جنيف مثل ديفيد كيمشي شخص القلق نحو تعزيز مبادرتهم ، معتبرا أن معارضي الاتفاق سيقودون إسرائيل إلى أسفل الطريق, إلى دولة ثنائية القومية. وفي داخل المؤسسة الإسرائيلية ، رئيس الوزراء السابق ، ايهود باراك ،و رئيس أركان الجيش موشيه يعالون , وأربعة ، من رؤساء الأجهزة الأمنية السابقين عبروا عن خوفهم من أن تردد الحكومة قد يجعل إسرائيل تنزلق إلى واقع ثنائية القومية. نائب رئيس الوزراء ايهود اولمرت ، وهو عضو في حزب الليكود ، فاجأ الكثير من المراقبين عندما قال:
" ليس لدينا وقت غير محدود. المزيد والمزيد من الفلسطينيين غير مهتم بالتفاوض ، ولا بالحل القائم على أساس دولتين ، لأنهم يريدون تغيير جوهر الصراع من النموذج الجزائري إلى نموذج جنوب إفريقيا. من نضال ضد "الاحتلال" ، إلى النضال من أجل شخص واحد ، صوت واحد. وهذا هو ، بالطبع ، كفاح أنظف بكثير ، وأكثر شعبية - في نهاية المطاف أكثر قوة . بالنسبة لنا ، انه يعني نهاية الدولة اليهودية".
ملاحظات اولمرت تلمح إلى مدى تأثير الديموغرافيا ، وليس التعايش ، في تدعيم القضية الصهيونية في فك الارتباط. يقول ارنون صوفر من جامعة حيفا أن إجمالي عدد السكان إلى الغرب من الأردن سيصل إلى 15،5 مليون دولار بحلول عام 2020. وبالتالي فان 6،4 مليون من اليهود سوف لا تشكل سوى 40 في المائة من السكان ؛ الأغلبية ( 8،8 مليون) سيكونون من العرب الفلسطينيين. صوفر يؤكد أن التعادل الديمغرافي بين اليهود والعرب موجود بالفعل ، إذا كان لنا أن نستثني غير اليهود ، وغير العرب المقيمين في إسرائيل من العد. أدت هذه الحسابات بكبير المفاوضين في عهد باراك ، جلعاد شير ، ليدعو الإسرائيليين إلى "تحديد حدودنا بأنفسنا وان نبني جدارا من حديد ضد الخطر الديموغرافي" الذي يتهدد الأغلبية اليهودية بين البحر الأبيض المتوسط والأردن. الجدار العازل بالضفة الغربية حصل على تأييد واسع لأنه يمثل هذا الجدار الحديدي.
اليمين الإسرائيلي ، بما فيه شارون ، حذر منذ وقت طويل من "التهديد الديموغرافي" ، معتبرا أن الهجرة سوف تديم التفوق الديموغرافي اليهودي. ولكن هذه الافتراضات تطير الآن في مواجهة واقع. ليس فقط هناك نقص في احتياطي الهجرة ، كما صرح سالي ميريدور بصفته رئيسا للوكالة اليهودية ، ( هو نفسه مستوطن) ,ولكن لان ما يقارب من 210000 من اليهود الإسرائيليين قد غادروا البلاد منذ خريف عام 2000. تعليقات اولمرت تؤكد أن اليمين يدرك حالة التهديد الديموغرافي. اولمرت يؤيد الانسحاب من جانب واحد ، بالانفصال عن 80 ٪ من أراضي الضفة وكل غزة ، من اجل الحفاظ على يهودية ديمقراطيه. ولشرح الأهمية المفاجئة لمسألة الديمغرافيا ، اقترح احد الصحفيين بان "الأغلبية الصامتة أصبحت على دراية بمصطلح التهديد الديموغرافي وتعلمت ما يعنيه. اليوم يمكن أن يقول معظم الإسرائيليين:
لقد قمنا بالنظر إلى المستقبل ، ذلك لا يجدي. "الخوف من فقدان وجود اغلبيه يهودية ومواجهة حقيقة ثنائية القومية ، يجمع طيفا واسعا من السلسة الإسرائيليين من اليمين واليسار على حد سواء . في عرض جدلي , فان جمود الدبلوماسية الجارية وصعود الخطاب الديموغرافي يمكن أن يؤدي إلى تصعيد الشعور الإسرائيلي بأنه يجب على إسرائيل أن تتحرك بسرعة وبحزم لانتزاع نفسها من المستنقع. نتائج الاستطلاع بين أعضاء ليكود ربما تشير إلى أن ذلك لن يكون في الإمكان في إطار التشكيل الحالي للكنيست ، الذي تنتهي دورته عام 2007.
الديموغرافيا والنهايات
على الرغم من أن أنصار الانفصال ، إما عن طريق التفاوض أو من جانب واحد ، قد يكسبون الحجة الديموغرافيه ، إلا انه ليس من الواضح أن الرأي العام الإسرائيلي سوف يعتمد على تشخيصهم . اليمين الإسرائيلي ، التي عارض في البداية "الجدار الفاصل" في الضفة الغربية ، احتضن الفكرة لاحقاً نتيجة لضغط الرأي العام ، ولكنه غير المسار بهدف تحقيق أقصى قدر من السيطرة على الأراضي الإسرائيلية. الخطر في الحجة الديموغرافيه ، و استخدام الثانية القومية باعتبارها فزاعة ، هي أنها قد تزيد من دعم التطهير العرقي أو التمييز المؤسسي ضد غير اليهود. كما وضح ديفيد لانداو ، وهو محرر في صحيفة هآرتس اليومية ، يقول ، "في حين أن معسكر السلام يأمل أن سيناريو الديموغرافيا الحقيقي والمرعب سوف يعيد المستوطنين أخيرا إلى صوابهم - خشية أن يجد المشروع الصهيوني بأسره نفسه في خطر الموت - فان اليمين يأمل أن نفس هذا التهديد الديموغرافي سيقنع كل إسرائيل في الانضمام إلى صفوفهم.
ناشط السلام المخضرم السلام أوري افنيري يحذر من استخدام الكلام الذي لا مفر منه عن الثائية القومية من اجل تخويف الإسرائيليين اللذين يكرهون العرب . إنهم لا يرون في ذلك أكثر من سبب آخر لطرح المزيد من المستوطنات في جميع أنحاء الضفة الغربية. زعيم المستوطنين إسرائيل هاريل ، يقول انه بمجرد أن تصل الأقلية العربية داخل إسرائيل إلى 40 في المائة فان إسرائيل لن تكون دولة يهودية. هاريل يضيف انه بمجرد أن"تهرب" إسرائيل من الأراضي المحتلة ، فان الضغط الديموغرافي ، سيتكثف عندما يتم توطين اللاجئين الفلسطينيين هناك. وان كان هاريل يمتنع عن اقتراح حل لمشكلة الديموغرافيا ، إلا انه لمح إلى أن الصهيونية لم تعتمد على معجزات ، ولكنها خلقتها . المعجزة التي يريد خلقها غير واضحة ، ولكنها ليست الحل القائم على أساس دولتين.
الاتجاهات الديموغرافيه تثير الإغراء لرفض الحل الوسط والنظر في اتخاذ تدابير راديكالية. الهوس الديموغرافي يهدد العلاقات المزعزعة بين الأغلبية اليهودية ومواطني إسرائيل الفلسطينيين. ويقود قادة حزب العمل إلى دعم انتقال مدينة أم الفحم ، وهي مدينة عربية في إسرائيل ، إلى الدولة الفلسطينية المستقبلية . داني مور ، اليساري الذي يدعم نقل المجتمعات التي يقطنها المواطنون الفلسطينيون من إسرائيل إلى الكيان الفلسطيني المستقبلي ، يلاحظ أن من يدعم الحقوق المتساوية لجميع المواطنين يجب أن يدعم التدابير الرامية إلى ضمان أن اغلبيه مواطني البلد يجب أن تكون من اليهود. ووفقا لمور ، المساواة في الحقوق لغير اليهود لن تتحقق إلا عندما لا يكون هناك أي تهديد للطابع اليهودي للدولة. سكان أم الفحم الذين يرغبون في البقاء في إسرائيل يمكن أن يتنقلوا إلى أي مكان آخر في إسرائيل .
وتعليقا على هذه الأفكار ، لاحظ عامون راز كراكوتسكين ، " خطاب السلام لليسار الإسرائيلي يقترح في الواقع التخلص من العرب ، و لذا فإنهم يتطابقون تماما مع الحديث عن الترانسفير . الدعم لإشكال اقل خفية للترانسفير - الطرد القسري أو الهجرة بفعل الحوافز المادية - وصلت ذروتها ( 57 في المائة ) في مسح وطني أجرى في عام 2003 ، وفي حين أن 46 في المائة من الإسرائيليين يؤيد "الترانسفير" القسري للفلسطينيين المقيمين في الأراضي المحتلة ، أيد 33 في المائة ترحيل الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية.
مفارقات المأزق
الحديث عن خيارات الدولة الواحدة لم يتغلب بعد على التيارات القوية التي تؤيد الانفصال والحل القائم على أساس دولتين. ولكن كلما طال أمد حالة الجمود الدبلوماسي و المضي قدما بلا هوادة في التوسع الاستيطاني ، فان الإسرائيليين والفلسطينيين خائبي الرجاء سيصبحون أكثر قربا من صيغة تقاسم الأراضي.
حل الدولتين بالتأكيد سوف تزداد عدم مصداقيته بين الفلسطينيين إذا لم يكن هناك جدية في العملية الدبلوماسية. بالنسبة لبعض الفلسطينيين ، فشل السلطة الفلسطينية بين عامي 1994 و 2000 ل في تطوير مؤسسات تتسم بالمصداقية والشفافية ساهمت في توليد إحساس أن سنوات أوسلو "أثبتت أن الأهداف الوطنية [الفلسطينية] غير قابلة للتحقيق." الحل القائم على دولتين ارتبط أيضا بالطبقة الحاكمة ، وينظر إليها من قبل العديد من الفلسطينيين بالفاسدة وعديمة الكفاءة . توافر مبالغ طائلة من المعونة الدولية خلقت دولة تعيش على المساعدات فشلت فيها النخبة التي تعتمد على السلطة الفلسطينية في التوافق مع دوائرها الانتخابية . و حتى الآن ، فان التيار الرئيسي الفلسطيني يمتنع عن تأييد دولة واحدة في تداوله لأفكار بعد محاصره عرفات وما استثمرته السلطة الفلسطينية على طريق التفاوض في الحل القائم على دولتين. ولكن حتى في التيار الرئيسي ، وهناك تلميحات بإعادة تفكير راديكالية . زعيم بارز في حركة فتح قدورة فارس يدعي انه قد اقترب لتشكيل حزب يدعم حل الدولة الواحدة. فارس يقول لان الفلسطينيين "قد تركوا دون أي أمل… إننا نسعى إلى أي مسار - حتى الضم إلى إسرائيل - وبعبارة أخرى لكسب [الحقوق الفلسطينية] باستخدام عربة الديمقراطية."
ومن المفارقات أن بدايات تآكل دعم حل الدولتين بين الفلسطينيين الوطنيين العلمانيين قد حمل إسرائيل على النظر في اتجاه حماس بصفتها الشريك المفضل. رغم أن الإسرائيليين ينظرون إلى حماس بوصفها من دعاة الدولة الإسلامية الواحدة ، وبالتالي ، هي بالضرورة ملتزمة بطمس وإزالة إسرائيل عن الوجود ، إلا أن البعض من الإسرائيليين لا يتفقون مع هذا الطرح مستشهدا بالعديد من البيانات التي أطلقتها حماس على مر السنين حول قبول الحل القائم على أساس الدولتين مقابل هدنة متبادلة طويلة الأجل (وقف إطلاق النار) .

مفارقة أخرى : انه من بين جميع الفصائل الفلسطينية ، فان الحركة الإسلامية قد تكون أكثر من سيخسر في دولة علمانيه أو دولة ثنائية القومية. وبالنظر إلى تدني مكانة السلطة الفلسطينية وتزايد شعبية حماس ، فان المقاولين السياسيين من فتح قد ينظرون في المطالبة بدولة ثنائية القومية أو دولة علمانيه باعتبارها علامة تمييز حركتهم عن اللاعبين السياسيين الآخرين .
هناك مفارقة أخرى هي أن تزايد استخدام الحجة الديموغرافيه في الخطاب الداخلي الإسرائيلي قد يشجع ، في واقع الأمر ، الفلسطينيين بالنظر إلى فكرة المطالبة بالتصويت داخل كيان وحدوي باعتبارها جذابة بشكل متزايد. المناقشة الإسرائيلية في الديموغرافيا تعزز التفكير في الصراع باعتباره مباراة صفرية الناتج تشكل فيها أعظم نقطة "ضعف" إسرائيلية , أكبر ميزة للفلسطينيين .
التآكل المطرد :
في كتاباته عام 1998 ، تنبأ عزمي بشارة ، "عندما يصبح واضحا تماما أن دولة مستقلة وديمقراطيه تقام فوق كل شبر من الضفة الغربية وقطاع غزة خالية من المستوطنات الإسرائيلية ليست قابلة للتطبيق ، سيكون الوقت قد حان بالنسبة للفلسطينيين لإعادة فحص الإستراتيجية بأكملها . و عندئذ سنبدأ بمناقشة حل دولة ثنائية القومية. التاريخ والإجراءات الإسرائيلية يمكن أن تكون المبرر له . وطوال ما يقرب من عقدين ، حذر ميرون بنفنستي من انه ، في مرحلة ما سيصل التوسع الإسرائيلي إلى نقطة اللاعودة ، التي تتجاوز تنفيذ الحل القائم على دولتين. في الرد على هذه الفرضية ، اقترح العالم ايان لوستيك أن القضية المطروحة ليست "حقائق على الأرض" بل "الحقائق في أذهان الناس."
مستعيرا كتابات انطونيو جرامشي في السجن ، جادل لوستيك أن عمليات توسع الدولة قابلة للتراجع ، لا سيما إذا كانت الأراضي موضع النزاع ليست مقبولة على نطاق واسع باعتبارها جزءا لا يتجزأ من مركز الدولة . و عرض فك الارتباط بين فرنسا والجزائر واستقلال ايرلندا ، التي منحتها إياه بريطانيا ، كأمثلة . ولكن لا يوجد بحر يفصل إسرائيل وفلسطين ، وادعاءات مضادة عن حدود إسرائيل لم تختف. فشل لوستيك أيضا في تقدير ما هو تأثير "الحقائق على الأرض" على حسابات الفلسطينيين في دعم نتائج حل الدولتين. وهذه الحقائق ، على مر الزمن ، تقوض فكرة الدولتين التي يرى لوستيك أنها مرغوبة وحتمية.
وفي حين أن النقاش الدائر حول "الوضع النهائي" للصراع بين إسرائيل والفلسطينيين هو ابعد ما يكون عن الحل ، فان شرعية ، وأسس, ودعم الفصل بين الشعبين يتآكل باطراد ، في المقام الأول عن طريق الإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب . من الناحية النظرية ، هذه العملية يمكن عكسها ، ولكن لا يوجد في الوقت الحاضر زعيم إسرائيلي ، فلسطيني أو زعيم دولي يمكنه أن يغير الاتجاه. ومن الجدير بالذكر أن فكرة الدولتين نفسها ليست عميقة الجذور ، فقد أصبحت بارزة للفلسطينيين والإسرائيليين بعد عام 1988 و أصبحت هي الاتجاه السائد في التسعينات. هل نحن بحاجة إلى عشر سنوات أخرى لنحكم على الحل القائم على أساس الدولتين بأنه بعيد المنال؟
شيء واحد مؤكد : دولة ثنائية القومية لن ترى النور لان ميرون بنفينستي أو قدورة فارس سينشئون حزبا ، أو حملة لدولة واحدة . وكنها بدلا من ذلك ، ستنشأ لأن الانفصال هو المستحيل وفاقد المصداقية . كما لاحظ الصحافي الإسرائيلي آلف بن ، في أعقاب استفتاء الليكود ، "الخطاب تحول إلى اليسار ، والحقيقة والوقائع إلى اليمين ، والفجوة بينها قد ازدادت اتساعا." حل الدولتين بعيد كل البعد عن كونه الحل الحتمي للصراع ، وانه قد آن لنا الغوص في خضم الصراع بين الخطاب والواقع.






#أماني_أبو_رحمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإجابات قد تغيرت
- لم يوجد يسار حقيقي قط في إسرائيل. الفصل العنصري الإسرائيلي ه ...
- دولة واحدة ليست زيت الأفعى : ردا على مايكل نيومان
- استعراض كتاب : نهاية التسامح -- العنصرية في القرن الحادي وال ...
- لماذا لا يعترف الإسرائيليون المناهضون للصهيونية بحق إسرائيل ...
- ماذا ستكون فلسطين الجديدة ؟
- خارطة الطريق إلى الفصل العنصري الإسرائيلي : نقاط خطة -السلام ...
- فلسطين : دولة واحدة للجميع
- طريقا واحدا للأمام : دولة واحدة
- الصهيونية باعتبارها إيديولوجيه عنصرية : إحياء موضوع قديم لمن ...
- ثنائية القومية إسرائيل /فلسطين
- جلسة حوار: الدولتان و -ثنائية القومية-
- ثنائية القومية: خيارا في البحث عن السلام في الشرق الأوسط
- الجدار العازل وأسطورة اليسار الإسرائيلي
- حل الدولة الواحدة : الأقوى بصيرة والأكثر معقولية نيسان / ابر ...
- مؤتمر العودة والبديل الديموقراطياقتراح مشروع مقدم من قبل الل ...
- جوناثان موندر:العودة لحل الدولة الواحدة
- بيتر بروك: حل الدولة الواحدة كنضال تحرري لليهود
- إسرائيل/فلسطين إفلاس حل الدولتين
- بن وايت : حقيقة الدولة الواحدة


المزيد.....




- إنقاذ سلحفاة مائية ابتعدت عن البحر في السعودية (فيديو)
- القيادة الأمريكية الوسطى تعلن تدمير 7 صواريخ و3 طائرات مسيرة ...
- دراسة جدلية: لا وجود للمادة المظلمة في الكون
- المشاط مهنئا بوتين: فوزكم في الانتخابات الرئاسية يعتبر هزيمة ...
- ترامب: إن تم انتخابي -سأجمع الرئيسين الروسي الأوكراني وأخبر ...
- سيناتور أمريكي لنظام كييف: قريبا ستحصلون على سلاح فعال لتدمي ...
- 3 مشروبات شائعة تجعل بشرتك تبدو أكبر سنا
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /19.03.2024/ ...
- إفطارات الشوارع في الخرطوم عادة رمضانية تتحدى الحرب
- أكوام القمامة تهدد نازحي الخيام في رفح بالأوبئة


المزيد.....

- -دولتان أم دولة واحدة؟- - مناظرة بين إيلان بابه وأوري أفنيري / رجاء زعبي عمري
- رد عادل سمارة ومسعد عربيد على مداخلة سلامة كيلة حول الدولة ا ... / عادل سمارة ومسعد عربيد
- الدولة الديمقراطية العلمانية والحل الاشتراكي - مناقشة الصديق ... / سلامة كيلة
- مناقشة نقدية في حل -الدولة الديمقراطية العلمانية- / عادل سمارة ومسعد عربيد
- ماركس وحده لا يكفي لكنه ضروري - تعقيب على رد الصديقين عادل و ... / سلامة كيلة


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ملف: الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين - أماني أبو رحمة - تحدي حل الدولتين