أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غريب عسقلاني - حكايات عن واقع الحال















المزيد.....

حكايات عن واقع الحال


غريب عسقلاني

الحوار المتمدن-العدد: 2161 - 2008 / 1 / 15 - 09:39
المحور: الادب والفن
    


1- نشر الوجه

قامت الطوشة في الحارة القبلية, رمى مجنون حجرا في البئر واندفع مئة عاقل لإخراجه دون جدوى, وكالعادة توارى المجنون كائنا من كان"رجلا أو صبيا أو امرأة " صاح من صاح, وجاح من جاح, وحدث الهبش والنبش, وسقط من سقط, وانطلقت صيحات التفزيع, وصار التجييش والتجميع, وانخطف الدم من الوجوه وتحول إلى لطم على الخدود, سال الدم ووقع القتل, وانتشرت الرداحات والنواحات, وتنادى المخاتير والوجوه لمنع الشر, وانطلق أبو الدبعي لتسيير الجاهات قبل أن يستجير الناس بأصحاب البنطلونات والكرفتات, الذين يضيعون الحقوق تحت ستار القانون, ولا يفشّون القلوب, ولا يطفئون الدم الفائر في الصدور, ما يجعل الرجل يصوم أربعين عاما ليأخذ حقه ويعيد لشرفه اعتباره ومقداره.. فالأعراف لها أصولها, والعادة على ما اعتاد عليه الناس, فإذا وقع القتل انعدم التفتيش, ومن سال دمه له الحق وهو الطالب, ومن طالت يده ظالما كان أو مظلوما عليه الحق وهو المطلوب حتى جده الخامس والعياذ بالله.
صاح أبو الدبعي على زوجته:
- ناوليني عباءة الجوخ يا وليّه
استعاذت من كل الشياطين,وبصقت في عبها تطرد الشر, فالطوشة حامية وعباءة ابو الدبعي ستبذل قصارى جهدها لوقف الشر, فالقتيل كبير حمولته ولم يصمد أمام جروحه..
عبثا حاول أخذ وجه منع الشر, وقبل أن تصل الجاهة بيت المغدور كانت منازل قد أحرقت, ومتاجر نهبت, ومزارع دمرت, ففوعة الدم تبيح ما لا يباح, وتستبيح ما لا يستباح, وعلى الطرف المطلوب أن يخلي جميع الساحات, ولما كان الأمر أسرع من قدرات الناس, حصلت الاشتباكات ووقع قتيل آخر من الطرف الطالب وازدوجت المصيبة على الطرف المطلوب, الذي كان بواحدة تنوء بها الجبال, فأصبح باثنتين لا يرفع أثقالهما غير الواحد القهار.
طُردت الجاهة مرة ومرة, ووردت وفود البنطلونات, ورقص الشر, لف أبو الدبعي العباءة حول وسطه, ولوح بحطته وعقاله وصاح في الناس:
- يا أهل المروءة, الدم فايع والعقل ضايع, والبلاد داشرة, والنفوس نافرة, والوقت لا يساعد, والعباد مش طايعه, لازم أخذ الوجه مهما كلف الأمر.
رد عليه مختار الحارة الشرقية:
- الرأي يا أبو الدبعي؟
- نشر الوجه على الطرفين واللي يكسر ملحوق من الجميع.
- أين الرجال تحطهم بين الحمولتين والكل يطارد وراء رزقه؟
وقعوا في حيص بيص,حتى جاء من يخبرهم أن الشرطة فرضت نطاقا على الحارة القبلية وطلبت من الجميع التزام البيوت, قال أبو الدبعي:
- إيش فَهَّم البوليس في هيك مسائل
***
بعد صلاة العشاء فح أبو الدبعي, ونفخ على قوات الشرطة..ماحكته أم الدبعي:
- طيب أسكتي واحده ناقصه عقل, إيش عرفكِ بالعوايد, نادي على الدبعي الكبير؟
- راح يودي إبريق شاي للشرطة.
---------------------------
---------------------------
2 -في عز الصيف

مطت أم الدبعي الزغرودة, بمناسبة نجاح الدبعي الكبير في الجامعة, وهاهت ترد النجاح لأبي الدبعي وشاربه الذي يقف عليه الصقر, والذي لولاه ما فهم الولد الكيمياء والفيزياء وعلم الحاسوب في جامعة الأزهر, أما الجامعة الإسلامية فقد رفرفت مع الزغرودة الثانية, التي أطلقتها أم الدبعي نكاية بالجارة التي خطفت عريس الدبعية, لكن النصيب حدد المصائر, فالعريس للجارة, والتفوق للدبعية التي تصدرت قسم اللغة الإنجليزية.
ردت نساء الحارة على ترديدات أم الدبعي, فانتشت وصدّرت ضحكتها, وجلقت فمها الذي يتسع لفرخة بلدية محمرة.
في المساء هدأت الدار, وبرم أبو الدبعي شاربه, وفح في وجهها:
- هيّصتي, ولميّتي نسوان الحارة..
- يا سبعي أحنا لا زوّجنا ولا طَهّرنا, حرام نلّم الحبايب يوم نجاح الأولاد؟.
- وتفزع علينا النسوان بالسكر والشوكلاته وكله سداد ودين..
- ما أنت أبو العوايد
- على رأيك هي جايه من رطل سكر وبكيت شوكلاته..
وعلى العشاء تغامز الدبعي الكبير مع الدبعية, فانهدل شارب الأب, قال:
- مالكم عاملين مثل القرود إللي قاطعه حبالها؟
قال الولد:
- الجامعة ..
فتح الرجل عينيه وأذنيه للحديث عن الملابس والرسوم والكتب والمواصلات ومصاريف الكافتيريا, غرق في الصمت, وصحا على زوجته تربت على كتفه, تطمئن الأولاد:
- البركة في جمل المحامل..
انفجر الجمل:
- كيف يا أم الفهم يا فهيمه؟
أُسقط في يدها, فالرجل لم يسرح إلى العمل من يوم الإغلاق, ولم يبق معها ما يكفي لسجائره, والبقال يسجل كل شئ ما عدا السجائر, ولا يتوقف عن إعلان موقفه الصارم:
- الأكل نتحمله, أما الكيف بطلوه, والراس إللي تدوخ من قلة الكيف في الوقت الصعب حلال قطعها..
وحتى لا يطير رأس الجمل توفر أم الدبعي السجائر من المصروف مقابل مقاطعته لمجالس العرف والعادة, وما تتطلبه من مصاريف, في وقت لم يعد الأخ أخا ولا الجار جارا, وقد أخذ اليوم الأسود مدخرات الأيام البيضاء.
لف أبو الدبعي جسده بالعباءة الكشمير, آخر ما تبقى من أيام العز والغندرة, ونأى بنفسه عن النقاش, فهجم الأولاد على أمهم التي انهارت بعد إضافة رسوم وكتب الصغار بعد إعلان وكالة الغوث حالة التقشف وتقليص الخدمات صرخت:
- شابف يا رجل, الكفرة ملاحقينا على مدارس الأولاد وشوية الدواء في العيادة.
أحكم العباءة حول جسده, وأغلق فمه وأخذ يرتجف في عز الصيف..
-------------------
-------------------
3 - حذاء أبو الدبعي

تفطحت قدما دحموس العتال, تحت وطأة ما سكن ظهره من ثقيل الأحمال وخفيفها, نزف معها ماء جسده عرقا تفصد من مسامات جلده, وطيّر روائحه النفاذة, وترك رواسب ملح شاهدة على شقاء الأيام.
ادخر دحموس بعض النقود, وسرحت غزالته وراء غزاله بنت أبو ضهر بائع الكرشات والسقط أمام باب المسلخ, وقرر أن يحوش عنها أسراب الذباب, ويكمل معها نصف دينه, ويعرف معها الماء الساخن والفراش الدافئ..
ذهب لصديقه أبو الدبعي:
- تذهب لأبي ضهر وتخطبها.
- اعتبرها في بيتكَ..
جهز دحموس نفسه عريسا, ولبس لأول مرة بنطالا جديدا ليس من بقج التموين, ولا من بالات سوق فراس, وحلف أبو الدبعي:
- عليَّ الطلاق خروجكَ من داري وحمامكَ عندي.
طال مكوث العريس في الحمام, وتعالت أصوات الشباب وأصحاب عربات الكارو والعتالين, أطل دحموس وهمس في أذن أبو الدبعي:
- لو تسلفني حذاءً
- أحسن بسطار ميري أحمر للعريس.
وانطلقت الزفة, وتحنجل أبو الدبعي,وكلما مر العريس على كومة تراب يصيح:
- دوس ولا يهمك فداك البسطار, والله ما طلع إلا يوم العيد, يا عم الغالي غالي.
مرت الزفة على أرض زلقة, فشمر دحموس وحاول تفادي الخبص, صرخ أبو الدبعي بأعلى صوته:
- خبّص يا عريس.
خلع دحموس الحذاء وأكمل الزفة حافيا بثقة, مر الموكب عن بيت أبو ضهر, زغدت الصبايا غزالة وقرصنها من خاصرتها فغابت في الضحك, تمتم دحموس:
- حقكِ يا غزالة فرحانة, كيف لو أكملنا الزفة بالبسطار.
سألته غزالة:
- ايش بتربطم يا عريس؟
- زفة الحافي ولا كنادر الناس..
وصل الموكب بيت العريس, وأعلن أبو الدبعي:
- صباحية مباركة يا عريس..وهذا نقوطي..
وألقى بالحذاء إلى حضن غزالة, أخذته ممتنة وهمست في أذن العريس..
- الله يجعله فأل خير.
-----------------------
-----------------------
4 - أبو الدبعي وتصريحات هانبعي

خرّت بذاءات هانبعي وتهديداته للسلطة الوطنية والرئيس أبو عمار في أذن أبو الدبعي, فصعد الدم إلى يافوخه, وقف شعر رأسه, وجحظت عيناه وإحمرّتا..هجم على الراديو:
- إخرس يا واطي, ولك إنتَ من مراجلها
فزعت أم الدبعي وتخيلت زوجها في الفوعات والطوش, قالت تمتص هياجه:
- هديي..هدي..خير يا زلمه؟
- الواطي بيهدد أبو عمار, وكأن البلاد طابت له..
وأخذ يحرك مؤشر الراديو بعيدا عن الإذاعة الخبيثة, يتوقف عند أطراف الأخبار, جاءه خبر من محطة محايدة "جلالة الملك حسين يقدم العزاء في ضحايا الباص الاسرائيلين" استغفر أبو الدبعي ربه وتمتم لنفسه " لا شماتة في الموت, الاطفال أحباب الله..لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم" وتساءل بصوت مسموع "هل يقدّر الملاعين مشاركة الملك في العزاء, كيف يعرفوا النخوة العربية وهم جَلب من بلاد الله لا أصل ولا فصل"
وفيما هو يتجول يين المحطات فإذا بديفد ليفي يعتبر أن تصريحات هانبعي لا تخدم عملية السلام, يقفز عنه ويتنهد "ليفي بيبكي على السلام.. يا سلام يا دنيا, نسي ماذا فعل بشمعون بيرس يوم توقيع الاتفاقية"..وإذا بيوسي سريد يرى في تصريحات هانبعي بلطجة وزعرنة, هدأ أبو الدبعي وتحير في أمر سريد " لو كان كلامه صحيح لماذا لا يترك وزارة البلطجية والزعران وينفد بجلده ,وإذا كان وزيرا وصاحب رأي لماذا لا يقف على جبل أبو غنيم قدام زعران نتنياهو"..نفخ ونادى:
- رأسي سخن إعملى فنجان قهوة, بطلت قادر أفهم على أولاد الملاعين.
- إنتَ إمبارح قلت عنهم أولاد عمنا
- فشروا
شفط القهوة وسحب نفس سيجارة, حدقت أم الدبعي فيه وقربت وجهها من وجهه:
- أنتَ زعلان.. اتركهم يجربوا ويرجعوا
- علشان يصير الدم للركب
- اللي يبدأ الدم يصبر على عقابيله, كنا بشوية حجاره وخليناهم يشوفوا النجوم في عز الظهر الحمرا, وهذه المرة قدامهم الناس والسلطة.
شرد أبو الدبعي ..ماذا لو حدث وعادوا, وقبل أن تقرأ زوجته ما يدور في رأسه زعق:
- قومي جهزي الأكل, حاكم إنتو النسوان عايزات عرس ترقصن فيه.
- نرقص ونغني ونحدف حجارة ونشم غاز كمان.



#غريب_عسقلاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أجندة غزة وشط الذاكرة - 8 -
- غزة وشطب الذاكرة -7 -
- البلياردو
- غزة وشطب الذاكرة -6 -
- الطبيب والزائر الغريب
- غزة وشطب الذاكرة - 5 -
- أجندة غزة وشطب الذاكرة- 4-
- أجندة غزة وشطب الذاكرة-3 -
- أجندة غزة وشطب الذاكرة -2 -
- أجندو غزة وشطب الذاكرة
- اجندة غزة وشطب الذاكرة
- بطاقة تهنئة في عرس مصادر
- الضرب على قشرة الدماغ
- الخالة أم بشير - قصة قصيرة
- الهدهد والديك الديك الرومي - قصة قصيرة
- أطوار/ المرأة الوردة
- فلة وسكبن صغير - قصة قصيرة
- أول المرايا - فضاء سردي
- الهليون - قصة قصيرة
- ثلاث شجرات يثمرن برتقالا - قصة قصيرة


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غريب عسقلاني - حكايات عن واقع الحال