أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبداللطيف الخفاوني - الشعريّة المنبوذة… حينما يصبح الجسد حساسيّة هجاء دائمة تمجّد الحلول في النّص ّ! .















المزيد.....

الشعريّة المنبوذة… حينما يصبح الجسد حساسيّة هجاء دائمة تمجّد الحلول في النّص ّ! .


عبداللطيف الخفاوني

الحوار المتمدن-العدد: 2161 - 2008 / 1 / 15 - 09:39
المحور: الادب والفن
    


* -الكتابة كانتزاع للجسد من واقعها الخاص : عودة الدلالة من قرابة المحكي السّيرذاتي الى سياقها العام.

تتجاوز تجربة الكتابة ، الفتية والمثيرة للجدل للمدونة المغربية : "حليمة عبد القادر "، كونها حالة بوح متمرد يفضح عالم اضطهاد الأجساد المهدورة و المنبوذة ، الى اقتراف فعل كتابي متميّز يبلور شعرية سخط عنيف ، حدّ ايقاض مقص الرقابة الرجعي و افزاع أعين بعض الظلاميين المتساقطين من كتاب بعض المدونات ، و احداث رجة عميقة في مواقف قراء المدونات العربية التي يتزايد أعدادها باستمرار.
ليس هذا المقال انفعالا وجدانيا يستند الى غواية القراءة العابرة ، بل محاولة وضع نقطة ارتكاز اعمق لنقاش احدى مسائل الهامش الاجتماعي و تحديدا ما يمكن ان نسميه ب : "الشعرية المنبوذة". انه ربط مبرر بنظري بين الادب الهامشي و قضية محورية هي: تحرر المرأة.
ليس بوسعنا ها هنا الانحراف بالنقاش الى حقل حجاج علم الاخلاق المهدِّد باسقاطنا في معيارية ميتافيزيقية ، أو تناول كتابات المدونة من منظور سيكولوجيا الجنسانية أو سوسيولوجيتها المستنفذة أيضا ، بل فقط تناول " نصوص " المدونة من وجهة نظر جماليةِ و واقعيةِ " الادب " الفعّال عموما ، و حساسيته الصادمة خصوصا.
ان المدوّنة اذ تنحث لنا صورة صادقة عن احدى العوالم الانسانية المظلمة ، تطرح السؤال التالي على نفسها : "أليس من حقي الإستخفاف من العالم ؟ و فضحه؟". انه السؤال الاكثر دلالة على شعرية متمردة تتخذ السخرية أداة تبرّر بنظرها مشروعية كتابتها الموجّهة لقارئ مفترض! ، ليس لأن لديها حسابا تصفّيه مع هذا "العالم" الذي يضطهدها بجفاء و يقطعها عن كل حميمية فيه أساسا ، بل لأنها تريد قلب معادلة وضعها لتكشف أن الانحراف بعكس ما هو سائد - في اعتقاد الكثيرين - هو انحراف الذات المطلقة / المجتمع و ليس انحرافها / وضعها الذاتي ، الذي يحمل هنا شكل حالة سريرية ( واقعة مرضية ) لا ارادية هي نتاج مدمر للانحراف الأول . اننا هنا ازاء وعي عميق يتجاوز قاعدة المعايشة الانسانية الخاصة الى افق تفكير أشدّ عمقا فيها . و هذا وحده يعطي تدويناتها صفة النوعية و يضع كل حكم أخلاقي - اجتماعي عليها في قفص الاتهام ، كما يسفّه دعاوى تسلط الديني على كل نقاش يحاول الامساك بظواهر اقتصادية - اجتماعية كالتدعير / البغاء.

لكأنما حليمة تقرع بابا موصدا للخروج.....تبحث عن منفذ و لو عبر الكتابة يفضي الى شيء ما !.

بنظري ليست تجربة الكتابة لدى المدوًُنة مجرّد ترجمة لمأساة شخصية ، بل أكثر من ذلك ، انها نداء مفاجئ من داخل ما يجري بالأعماق ، بل هي ازاحة لصخرة تسد انبعاث صوت ضحايا يقدرن بمئات الآلاف بوطننا. يكتوين كلّ يوم بنار امتهان الكرامة و الاستغلال و كل اشكال العنف و الاضطهاد. و لأن ما يميّز كتابة حليمة زيادة عن فرادة حقلها الدلالي هو قوة نفسها السّردي ، و جمالية لغتها التعبيرية ، تلك التي أثارت انتباه أغلب قراءها ، فاني سأستعرض جوانبا أهم ، أرى انها تؤسس لخصوصية كتابة ناقمة ناهضة من عمق القعر الاجتماعي ، على شكل نقاط مركّزة كالآتي :

* ∟ انّ ما تفعله المدوِّنة ببساطة هو : تجاوز فعل المساررة الذاتية و حميميّة البوح الى تسليط ضوء فاقع على أعتم البقع : على عالم البغاء..ذاك العالم الناتج عن نظام اقتصادي - اجتماعي سائد ، لن يزول الا بزواله....... اننا هنا أمام تفجيرحاد للتناقض بين خصوصية التلفّظ و عمومية مرجعية الواقع ، و لن يبدو لنا هذا أشد وضوحا الاّ اذا ما تمثّلنا النص كأثر يشبه وثيقة أو بيانا تراجيديا و ليس فقط كنص سيرذاتي ضاج بالبكاء .

* ↓ انّ ما يميز محكيها / كتابتها هنا هو : انها تتحدث من داخل و انطلاقا من تجربتها الشخصية كباغية / "عاملة جنسية " . انها تهشم القوقعة من داخلها هذه المرّة...لكن هذا الحديث بالنسبة للمدوِّنة هو أيضا محاولة للانوجاد بالكتابة خارج مصدّات العزل الاجتماعي. فالبعد الاجتماعي هنا لا تقوم صدقيّته الدرامية الاّ عبر فجيعة النموذج / الذات ،هذه الأخيرة التي لا تنقطع في حديثها الجواني الجارح بل تختار استدعاء الواقع و الميتانص الخارجيين أيضا الى فضاء المتن و التفاعل معهما كقرائن تنصيصيّة تنفّس عن احتباسات الوجدان القاسيّة.

* ↓ انّ الموقف الصحيح الذي يجب على القراء اتخاذه أثناء تلقّي تجربة كتابة مثيرة كهذه ليس حتما هو الموقف الأخلاقي و الديني - الميتافزيقي هنا ، الذين ان استصدرا سيكونان آليين و سينحطان في مثاليّتهما و تجريدهما المعهودين لدرجة السطحية و العسف و ممارسة الارهاب الفكري . انّ الموقف السديد هو استكناه عمق التجربة و التعامل معها من منظور مختلف .....منظور كونها :

♥ صوتا مختلفا استطاع وعي تجربته الانسانية الخاصة جدا أولا ، ثم اختار التعبير عنها بكل جرأة ثانيا، فنجح في التعبير عن حجم الشعور بالاغتراب الذي تعيشه ضحايا امتهان البغاء ، حجم السخط و المرارة الفائضة لدى شريحة من مجتمع تعيد انتاجه نظم الاستغلال و الاضطهاد الواطئة بلا توقف منذ فجر التاريخ...

○ صرخة لامرأة ممزقة / مجهولة ، تملك قدرة فائقة على كشف جزء من ترهيلاتنا التي يخجل البعض من الحديث عنها ، و تعريتها العميقة لمعايشتها الذاتية التي تعكس واقع الآلاف من ضحايا عملية تدعير متزايد و مخيف يزحف على مجتمعنا - لدرجة سابقة طفو دعارة رجالية الى السّطح - ممن يختار البعض تشنيعهن لا بل جلد أصواتهن أيضا و خنقها تحت دعاوى طهرانية ريائية زائفة...

♥ عاصفة آخرى استطاعت ان تغرسها هذه المرة لا امرأة من نساء المجتمع المخملي ، بما فيهن المفكرات النسوانيات البرجوازيات المثيرات ( السوسيولوجية المغربية المعروفة فاطمة المرنيسي كنموذج ) ، و محترفات الأدب السّردي النسائي الايروتيكي المحظوظات ( أمثال الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي و الروائيات المشرقيات : سلوى النعيمي و رجاء الصانع ) . بل انسانة منسحقة من اقصى عمق الهامش. و لولا طبقية مؤسسة النشر التي لا تسمح بسطوع شعرية كهذه تتناول احد حقول الطابو الثقافي ( الجنسانية المغربية ) ، لفجّرت معركة جدل مواقف اكبر مما هي بين قراء / كتاب مدونات كما يجري ها هنا...

○ فجوة أولى تؤسس لسؤال نقدي صارم تجاه ما يظل يعرف بالادب النسائي المحاصر ( رويات بعض المغاربيات و المشرقيات التي تحتفي بسرديات ايروتيكية / خلاعية طريفة ذات مضمون استهلاكي فج ) ، لا بل مساءلة أدبية تلك التجارب - المفترضة - جميعها و قيمة واقعيتها على ضوء تجربة كتابة شقية كهذه ، ذات افق أكثر تفوقا كونها ليست أدبا رخيصا بل شعرية بوح استثنائي/ او شكلا من السيرة الذاتية ، تذكرنا هنا بتجارب أدباء الهامش ككتابات المغربي محمد شكري و الفرنسي جان جينيه...

♥ اعادة اعتبار الى ذات الكاتبة ، تلك الذات التي استنزفتها المعاناة داخل عالم جحيم التدعير / التعهير النابض بالأنين و التأوّهات ( افضل التسمية على ماهو شائع مثل : بغاء ، عهر ، دعارة...) . اذ ان محكيها هو من منظور آخر محاولة عنيدة لاقتصاص رمزي للذات / الضحية من المجتمع ، حيث تصير حشرجة صوتها تطهّرا ساخرا يتمادى متقصّدا غنائية حزينة تحتفي بزفرات الخيبة لافتداء انبعاث مفترض/ مبطّن تسعى اليه جاهدة بقوة...

********************************************************************************************
ردّا على حذف موقع التدوين العربي مكتوب: http://www.makoobblog.com لمدونة : " بائعة جسد " : http://3ahira.maktoobblog.com



#عبداللطيف_الخفاوني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نموذج جديد لشعريّة الهامش المغربي ، مقصّ الرقابة الرجعية يمت ...
- ايفاءا لمسؤوليتنا في محاصرة كل فكر رجعي قروسطوي و دورنا بالت ...


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبداللطيف الخفاوني - الشعريّة المنبوذة… حينما يصبح الجسد حساسيّة هجاء دائمة تمجّد الحلول في النّص ّ! .