أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد الفاهوم - العولمة والأصولية والإسلام















المزيد.....

العولمة والأصولية والإسلام


وليد الفاهوم

الحوار المتمدن-العدد: 2159 - 2008 / 1 / 13 - 05:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


* في العولمة المتوحشة يأكل القوي الضعيف، يفصفصه لحمًا ويرميه عظمًا *
*العولمة*

لا شك أن هذا المصطلح مركّب، وليس له تعريف محدّد. فكل يعرّفه بحسب موقعه وموقفه الإجتماعي والسياسي والإقتصادي وحقل ثقافته أو إختصاصه. لذلك فهنالك إشكالية في تعريف العولمة في الزمان والمكان أيضًا. ولذلك أيضًا لا مركز محددا له، لكن في هذا العصر يعتبر العلماء أن المركز الأساسي للعولمة هو أمريكا الشمالية، والمركز الثاني هو أوروبا وأن الصين واليابان أخذتا تحتلان المركز الثالث... أما الباقي آسيا وكل إفريقيا ودول العالم الثالث قاطبة فتحتل موقع الهامش وهي عبارة عن سوق إستهلاكي غير منتج.
وللعولمة كما هي اليوم جانب مهم هو الجانب الإقتصادي العلمي والتكنولوجي والتاريخي والطبقي والثقافي والسياسي. وهي في مسارها الحالي عملية متحركة تقود في نهاية المطاف إلى هيمنة رأس المال. ففي العولمة المتوحشة يأكل القوي الضعيف، يفصفصه لحمًا ويرميه عظمًا.
ومهما كان اسمها؛ غلوبالايزيشن أو موندياليزم أم إنترناسيوناليزم أو أي إيزم آخر فهي في هذا العصر لن تتخلّى عن كونها متوحّشة وتقود بالتالي إلى نوع من الاستعمار الجديد الذي يعتمد الاقتصاد، والذي لا يحتل الأرض إنما لقمة الخبز.. فيه تتحكم في السوق العالمية شركات عملاقة عابره للقارات والقوميات.
إنها ظاهرة عالمية قديمة في عالم جديد. يتحكم فيها المركز بدول المحيط. إنها ليست أيديولوجية إنما نتيجة لأيديولوجية رأس المال أو للأيديولوجية الرأسمالية الكلاسيكية الممتدة في العرض وفي الطول وفي العمق من المركز إلى دول الأطراف. حتى وصل الأمر إلى إعتبار العولمة أمركة.. بنقل رأس المال من خلال الشركات العملاقة من المركز إلى دول المحيط لاستغلال الأيدي العاملة الرخيصة بشروط المركز.
وقد حاول بعض العلماء الأمريكيين إلباس طابع ثقافي لهذا الصراع الطبقي الإقتصادي كأن يقول واحد مثل هانتنغتون..عن صدام الحضارات لأن هذا الصراع هو صراع بين ثقافات.. بيد أنه في الواقع صراع اقتصادي وصراع قيَم وليس صراع حضارات. من هنا يظهر الإسلام وكأنه ضد العولمة، بيد أنه في الواقع ضد قيَم الإستغلال والغربنة والهيمنة الأمريكية. وتظهر الحضارة الإسلامية وكأنها ضد باقي الحضارات غير الإسلامية وكأن الصراع هو صراع حضاري كما جاء في نظرية هانتنغتون الأصولية التي تعتمد على النظرية الرأسمالية الكلاسيكية... فيتّهم بالأصولية حتى من قبل بعض الأصوليين الغربيين. إن هذه النظرية تخدم الغرب وبالذات أمريكا الشمالية وأكثر دقّة هي تخدم المصالح الرأسمالية الأمريكية والشركات العملاقة العابرة للقوميات في الهيمنة على العالم إقتصاديًا وسياسيًا وثقافيا. وهذا في الواقع يعود بنا إلى أصولية إقتصادية وخصخصة وسوق حرّه عالمية وحشية.
لنذكر.. أنه في سنوات السبعين من القرن الماضي إرتفعت أسعار النفط ولم تغدُ الدول العربية والإسلامية المصدرة للنفط دولاً عدوّة إستراتيجيًا لأمريكا وحسب وإنما دول أمريكا اللاتينية أيضًا. كما نرى اليوم تشافيز ينضم إلى قائمة الإرهابيين من وجهة نظر أمريكا.



*الأصولية*إن أصل كلمة فاندامنتاليزم من الغرب ومن أوروبا بالتحديد كما يقول صادق جلال العظم في كتابه عن الأصولية. كما يحدد نصر حامد أبو زيد في كتابه نقد الخطاب الديني أن أصل الكلمة مستورد من أوروبا وأمريكا فكانت نشأته بطائفة البروتستانت الافنجليين منذ بدايات القرن الماضي.. تلك الطائفة التي تفضّل العهد القديم على العهد الجديد.. وهي بالتالي ترجع بنا إلى أصول التوراة. فالأصولية تعود بنا إلى الأصول ولها علاقة بالسلفية التي هي الإرتداد إلى الوراء والحذو حذو السلف الصالح وتقديسهم وتقديس تراثهم والإلتزام بالنص الحرفي دون ملاءمته للواقع ودون تأويله بحسب روح العصر، ومن ثم الارتداد بالواقع الاجتماعي والتاريخي إلى العصور السالفة وتكريس نزعة العودة إلى الوراء وإلى الماضي حتى في مسألة الزّي وإطلاق اللحى وحف الشوارب وفرض الحجاب... ولا يدري نصر حامد أبو زيد كيف يمكن لنا في هذا العصر أن نقتدي بالصحابي عبد الله بن عباس- حبر الأمة وترجمان القرآن- الذي فسًّر الرعد بأنه: "ملَكٌ يسوق السحاب بمقلاع من فضّة".
والأصولية والسلفية، سواء كانت في اليهودية أو في المسيحية أو في الإسلام أو حتى في الأيديولوجيات، تقودنا إلى الالتصاق بالنص "شبرًا بشبر وذراعًا بذراع" وتؤدي بنا إلى الثبات أو النكوص في عالم متحرك وبالتالي إلى الانغلاق والتعصب وعدم اعتبار الآخر والاستقواء بالدين.. والاستقواء بالمال في حالة أيديولوجية رأس المال. ولا فرق في هذه الحالة بين شعارات: الإسلام هو الحل والكاثوليكية هي الحل والبروتستانتية هي الحل واليهودية هي الحل و... الرأسمالية هي الحل.
أعتقد أن الأصولية الإسلامية في العصر الحديث بهذا المعنى جاءت كرد فعل للأصولية الغربية والأمريكية. وقد أتتنا هذه الأصولية أيضًا تعبيرًا عن تأكيد الهوية الدينية والقومية أحيانًا عن طريق الإنغلاق والتقوقع والتعصب نتيجة الخوف.. وعن طريق العداء للغرب إحتجاجًا على الإضطهاد والإستغلال الإقتصادي السياسي والطبقي بعباءة دينية. فعلى الرغم من أن الإسلام يشكّل جزئية صغيرة في تكويني وتكوين هويتي إلاّ أنه حين تهجّم بوش الإبن على الدين الإسلامي كبرت هذه الجزئية وتضخمت بهدف الدفاع عن النفس والكيان والوجود.
وعليه فإن الأصولية مهما كانت دوافعها هي ضد الانفتاح وقبول الآخر كما هو. ولذلك أيضًا لا أرى فرقًا بين أصولية إبن لادن وأصولية هانتينغتون، فكلاهما يتغذيان الواحد من الآخر... وكلاهما يستغل الدين من أجل الدنيا.. ويخلط ما بين الدين والسياسة.



*الإسلام*في البداية علينا التفريق ما بين الإسلام كدين والإسلام السياسي كحركة سياسية، تعمل بالسياسة تحت غطاء الدين وتخلط عمدًا بين الثابت والمتحرك. فالدين- أي دين- ثابت وهو سماوي وإلهي ومقدس.. إنه مسألة إيمان وتصديق بالقلب وعلاقة خاصة بين الإنسان وخالقه. والتديّن يعتمد على الشعائر التي تختلف من دين لآخر. أما الفكر الديني فهو فكر إنساني من الممكن أن يكون أصوليًا وسلفيًا أو إجتهاديًا وتقدميًا وتنويريًا. ومن هذا علينا التفريق بين الإسلام والمسلمين من جهة والمتأسلمين من الجهة الأخرى، بمعنى المتشبهين بالإسلام.
فالإسلام منذ نشأته يعتبر دينًا ثوريًّا.. جاء بجديد للجزيرة العربية ليقلب مفاهيم الجاهلية.. ولا شك في عبقرية محمد الذي أوحى إليه بأن "الحمد لله رب العالمين" وليس فقط رب المسلمين. فهذا الدين الجديد دين معولم ذو مبادئ أساسية ثابتة وذو أركان. وعلى الرغم من أنه دينٌ قوميٌ: "إنّا أنزلناه قرآنًا عربيًا" إلاّ أنه: "لا فضل لعربي على أعجمي إلاّ بالتقوى". إلا أنه ورغم أن الإسلام ثابت فإن المسلمين متغيّرون... في الزمان والمكان.. وهم من شعوب شتى ومن عادات وتقاليد مختلفة فـ... "أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم" (الحجرات آية 3).
والإسلام منذ نشأته جاء ليوحد الكلمة وبالذات بين القبائل العربية التي أدماها التعصّب القبلي وجاء لينعش التجارة في مكة وليلغي 23 كعبة قبلية وليوحدها في كعبة واحدة- ذلك البيت العتيق الذي بناه إبراهيم عليه السلام قرب بئر زمزم وسط الصحراء... والمركز التجاري وجمّاع التنوع اللساني والثقافي واللهجات والممر الحتمي للقوافل نحو اليمن ووسيلة الإتصال مع العالم الخارجي المنفتح على تنوّع الثقافات.
جاء الإسلام لكي يوحد الجميع على كلمة الحق وعلى مبادئه ولم يكن ليوحد الناس لولا تسامحه ولولا انفتاحه على جميع الشعوب والثقافات الأخرى ولولا ذلك لما انتشر.. ولولا احترامه لخصوصية كل شعب وشعب لما انتشر.. فمن هنا جاءت عالميته... من فارس إلى الهند والباكستان والأفغان والصين وإندونيسيا وجزر الهند الشرقية وتركيا وألبانيا وموريتانيا والسنغال...
لقد منع الرسم والتصوير في الجزيرة العربية وحافظ على المنمنمات الإيرانية وطريقة تفكير الفرس المجردة كما ترك العري (نصف البطن) في الهند وإندونيسيا وبالتحديد في جزيرة جاوة كما يخبرنا ابن بطوطة- ماركوبولو العرب- منذ القرن الرابع عشر، القرن السابع الهجري الذي حاول كقاض منع العري هناك ففشل بسبب طبيعة تلك البلاد الحارّة.
أعتقد أن أكبر خطر على الإسلام هم المسلمون المتزمتون الأصوليون السلفيون. وفي النهاية إسمحوا لي أن أقتبس اقتباسين، أحدهما من فاطمة المرنيسي وبالذات من كتابها "شهرزاد ترحل إلى الغرب"- ترجمة فاطمة أزرويل، نشر المركز الثقافي العربي والفنك ط1 -2003 ص 206، والآخر من إبن عربي الدمشقي الأندلسي (1243-1165).
تقول المرنيسي : "فثلت الذين يشتغلون في المجالات العلمية والتقنية في الجمهورية الإيرانية من النساء (32,6%)، كما أن 36% من سلطة الكويت الوطنية العلمية نسوية... ونجد أيضًا بأن النساء يحطمن كل الأرقام القياسية في أندونيسيا وماليزيا إذ أنهن يشغلن بين 40% و45% من المناصب العلمية والتقنية".
أما ابن عربي أمير العالمية الصوفية الذي وصل إسمه ومؤلفاته إلى الدول الإسكندنافية فكتب الشاعر السويدي غورنار أكيلوف ديوانه "حكاية فاطمة" متأثرًا به، فيقول:

لقد صار قلبي قابلاً كلَّ صورةٍ
فمرعى لغزلانٍ وديرٌ لرهبانِ
وبيتٌ لأوثانٍ وكعبةُ طائفٍ
وألواح توراةٍ ومصحف قرآني
أُديت بدين الحب أنّى توجهت
ركائبُه فالحب ديني وإيماني
أعذروني لأنني لم أُلخَِّص تلخيصًا أكاديميًا، أعذروني إذا ما كنت قد أثقلت عليكم!

* (هذه المقالة مبنيةٌ على محاضرة ألقاها الكاتب أمام طلاب الكلية الإجتماعية الإقتصادية في القدس الغربية عشية عيد الأضحى 18.12.07 مدمجةٌ فيها أجوبة على بعض الأسئلة التي أُثيرت من خلالها ومن بعدها).




#وليد_الفاهوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فاطمة المرنيسي.. هل شهرزاد تغيّرت أم نحن؟
- عن التخلُّف والزواج المبكر
- أكتوبر والوردة الحمراء
- حقوق المرأة حقوق الإنسان
- نعم دفاعاً عن الحزب


المزيد.....




- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة
- تمثل من قتلوا أو أسروا يوم السابع من أكتوبر.. مقاعد فارغة عل ...
- تنبأ فلكيوهم بوقت وقوعها وأحصوا ضحاياها بالملايين ولم تُحدث ...
- منظمة يهودية تطالب بإقالة قائد شرطة لندن بعد منع رئيسها من ا ...
- تحذيرات من -قرابين الفصح- العبري ودعوات لحماية المسجد الأقصى ...
- شاهد: مع حلول عيد الفصح.. اليهود المتدينون يحرقون الخبز المخ ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد الفاهوم - العولمة والأصولية والإسلام