أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - مصدق الحبيب - الحريّة الأكاديميّة ونظام التعليم الحر المستقل















المزيد.....

الحريّة الأكاديميّة ونظام التعليم الحر المستقل


مصدق الحبيب

الحوار المتمدن-العدد: 2158 - 2008 / 1 / 12 - 08:29
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


**"ليس هناك امضى من التعليم اذا‎ ‎ما سُخّر لتكثيف الجهالة في العقول عن طريق حشوها بالحقائق ‏المطلقة المقدسة"**‏
هنري آدمز (1838-1918)‏
مبررات الحرية الاكاديمية:‏

يتجسد هدف الجامعات المركزي في العمل على استكشاف وتمحيص الحقائق واختبار الفرضيات ‏وتطوير النظريات عن طريق البحث العلمي، وتوسيع دائرة المعارف وتنمية الابداع عن طريق ‏التعليم ، وتعميم ومتابعة وتعديل التطبيقات النظرية من خلال التواصل مع المجتمع والاستجابة الى ‏حاجاته المادية والثقافية. يتحقق هذا الهدف عبر آلية انتاج المعرفة الخلاقة واعادة انتاجها من ‏خلال حامليها من الاجيال المتتابعة من الطلاب، ليس فقط كمتخرجين، انما كمواطنين صالحين ‏مؤهلين ومبدعين في خدمة المجتمع ومخلصين في تأمين مستلزمات بقاءه وتطوره. ولايمكن ‏صياغة وتنفيذ ماهو ضروري لتحقيق ذلك الهدف من دون توفر مواده الاولية من موارد اقتصادية ‏واجتماعية وفكرية كافية وموجهة بوضوح وانسجام باتجاه الهدف المنشود. على ان تفعيل عمل تلك ‏الموارد وتعظيم مردوداتها يستلزم المناخ الصحيح لنمو ثمارها ونضوجها. يتمثل هذا المناخ بجملة ‏الحريات الاكاديمية الضرورية لتحقيق الهدف التعليمي كحرية الاستعلام واستقصاء الحقائق وحرية ‏البحث العلمي والاستنتاج المنطقي وحرية النشر وتوزيع النتائج العلمية وحريات التعليم والتعلّم التي ‏تنطوي جميعها على وجوب جعل عمل الاكاديميين غير خاضع للتسلط الاداري والسياسي ‏والاجتماعي والديني. على ان هناك صنفان مترابطان من الحرية الاكاديمية، وهما: الحرية ‏الاكاديمية الفردية التي تحمي الاستاذ من التعسف السلطوي داخل الجامعة وخارجها. والحرية ‏الاكاديمية المؤسسية التي تحمي الجامعة كنظام من التعسف السلطوي الذي يمارسه السياسيون ‏ورجال الدين والمتنفذون بقوة المال اوالسلاح او النسب او العشيرة او الطائفة. ولايمكن البتة ان ‏تسود هذه الحريات وتعمل عملها من دون اشاعة القيم الظهيرة التي تسندها وترسي دعائمها. ‏والتوكيد هنا على القيم، وليس الشعارات والاوامر والاجراءات، انما القيم المتأصلة في الضمائر ‏كقيم الايمان بحياة الانسان وحقوقه المدنية، والايمان بالتعددية الفكرية والانفتاح الثقافي واحترام ‏الاختلافات، وقيم الانتماء والمواطنة وتكافؤ الفرص والمساواة والعدالة الاجتماعية. على ان القيم ‏الانسانية هي الاخرى لاتنشأ بقرار حزبي او قانون سياسي انما تحتاج الارضية الاقتصادية ‏والاجتماعية والفكرية المناسبة والوقت الطويل اللازم لنموها وتطورها.‏

وانطلاقا من مبدأ ان الحق لايتجسد الا من خلال استحقاق الجميع، وان الحقيقة ليست حكراً على ‏احد، فان احلال الحق واستبيان الحقيقة مضمون بالسعي الحر والحثيث لبلوغهما. السعي المتسلح ‏بالمعرفة بوصفه حق جمعي يشرعن كشف الحقيقة بمساهمة الجميع ويعمم فائدتها للجميع. ولذلك ‏فان الحرية الاكاديمية تشكل العامل الحيوي الرئيس في حماية الاستقلال الفكري وتسهيل السعي من ‏اجل اكتشاف المعارف واختبارها وتجريبها عمليا. كما تلعب الدور الاساس في السماح بالتعبير عن ‏الافكار المختلفة والمشاعر المغايرة عبر النتاجات العلمية والادبية والفنية دون اعاقة ادارية او ‏تدخل سياسي اوملابسات اجتماعية او دينية. وفوق هذا وذاك، دون تخوين وطني او تكفير عقائدي، ‏ودون عقوبات سماوية او دنيوية. ‏

لمحــة تأريخيـــة:‏

تُرجع موسوعة أوكسفورد الانكَليزية أول استخدام لمصطلح الحرية الاكاديمية الى عام1901 في ‏انكَلترا. ولكن الاستاذ مايكل باك يختلف مع هذا التأريخ في بحثه الموسوم "الحرية الاكاديمية ‏وتحرير اساتذة الامة" المنشور في مجلة "فكر وعمل" الصادرة في خريف 2007. يؤكد الاستاذ ‏باك بالتوثيق بأن تأريخ الحرية الاكاديمية يعود في الولايات المتحدة الى زمن أقدم بستة عشر سنة ‏من التأريخ الذي أفادت به موسوعة أوكسفورد. بالاضافة الى ذلك، فان تعبير الحرية الاكاديمية لم ‏يرد في ذلك التأريخ كمصطلح عابر انما ورد كمفهوم محدد قيد المناقشة في المقال الموسوم "ماهي ‏الحرية الاكاديمية؟" للكاتب أندرو وست الذي نشرته مجلة "الشمال الامريكي" عام 1885. ويذهب ‏الاستاذ باك الى التوضيح بأن المفهوم كان قد استعير بالاصل من الفكرة الالمانية الابداعية حول ‏حرية البحث العلمي والتي عرفت بشقيها المترابطين المعنيين بحرية التعليم وحرية التعلّم ‏‏(‏Lernfreiheit , Lehrfreiheit ‎‏ ) التي وجدت جذورها في الدستور البروسي لعام 1850 . وكانت هذه ‏الفكرة من ضمن العديد من الافكار الالمانية التي لاقت شعبية ورواج في الوسط الاكاديمي ‏الامريكي في نهاية القرن التاسع عشر والتي تتمحور حول جعل البحث العلمي المحور الاساسي ‏للعمل الجامعي. وليس من قبيل الصدف ان يتزامن الاهتمام بالبحث العلمي وشيوع افكار الحرية ‏الاكاديمية والشروع بالتنظيمات النقابية والمهنية للدفاع عن حقوق التدريسيين. فقد شهدت تلك ‏الفترة توسيع مهام ومسؤوليات جمعية المعلمين الامريكية وتحويلها الى منظمة التعليم الوطني ‏الامريكية عام 1870. كما تم تأسيس جمعية اساتذة الجامعات الامريكية عام 1915. وكنتيجة ‏للنهوض بحقوق الاكاديميين تميزت تلك الفترة باطلاق حرية البحوث والاستكشافات العلمية وتوسيع ‏نطاقها وتزايد استقلال التدريسيين فيما يتعلق بوضع المناهج وصياغة فلسفة التعليم وتخطيط ‏اتجاهاته.‏

ساهمت طبيعة الوسط الاكاديمي الامريكي مساهمة خاصة في تنمية وشيوع افكار الحرية ‏الاكاديمية ليس في الولايات المتحدة فحسب انما في بقية انحاء العالم. فخلافا للجامعات الاوربية ‏التي تأسست في مراكز المدن خلال القرون الوسطى بوحي من ارادة المتعلمين والمثقفين واستجابة ‏لنشاط الاوساط الفكرية والثقافية السائدة آنذاك خصوصا في أوربا الغربية، نشأت اغلب الجامعات ‏الامريكية الاولى تحت وصاية وتمويل جهات بعيدة عن الوسط الثقافي وتلبية لحاجات نمو رأس ‏المال وتطور المؤسسة الصناعية وشيوع الذهنية التجارية. لقد كان من شأن هذا الاختلاف ‏الجوهري ترسيخ فكرة ان الاساتذة مجرد عاملين مأجورين لدى ادارات الجامعات شأنهم شأن بقية ‏المهنيين والمحترفين الذين تستخدمهم الشركات الكبرى. كان ذلك جليا في المراحل الاولى عندما ‏كان هدف الجامعة الاول هو النهوض بالدراسات الاولية التي كانت تخصصاتها ومناهجها تستجيب ‏لحاجة السوق وتسمح بهيمنة البورد الاداري على استحداث تلك التخصصات وصياغة تلك المناهج. ‏وهنا يؤكد الاستاذ باك بان الامر اختلف تماما في مرحلة التركيز على البحث العلمي حيث لم يكن ‏بمقدور الهيئات الادارية ومجالس امناء الجامعات تقييم عمل الباحثين العلميين المتخصصين مما ‏فسح المجال لضرورة التقييم من قبل زملائهم العلماء. وبهذا بدأت بوادر انهيار الهيمنة الادارية ‏واحداث التغييرات الهيكلية في ادارة شؤون الجامعات بما يضمن المساهمة الفعالة لمنتسبيها من ‏الاساتذة. والاستنتاج الحاسم هنا هو انه كلما ازداد التركيز على البحث العلمي والتخصصات الدقيقة ‏كلما زادت استقلالية اساتذة الجامعات وتوسعت دائرة مساهماتهم في ادارة شؤونهم وترسخت ‏المعاييرالموضوعية في تقييم ادائهم. ‏

لقد واجه الاكاديميون الامريكيون عقبات كبيرة وخاضوا كفاحا طويلا من أجل الخروج من تحت ‏مظلة هيمنة رأس المال الاحتكاري وانتزاع استقلالهم المهني، لاسيما في المراحل الاولى من النمو ‏الاقتصادي والاجتماعي التي اتسمت بالصراع العنيف المستميت بين العمل ورأس المال في ظل ‏الانفجار الصناعي وظهور التكتلات المالية والتجارية العملاقة التي اخذت تبتلع المزيد من الكيانات ‏الصناعية والتجارية الصغيرة، الامر الذي ساهم في احتكار سلطة القرار وتركيزها في اعلى الهرم ‏واعتبار كل مايقع تحت رأس الهرم تابعا مطيعا. وكان للتجمعات المهنية والنقابية الدور الكبير في ‏اسناد الاكاديميين ودعم قضيتهم من دون التفريط بمصالحهم التي كان السبيل اليها يمر من بين ‏اصابع رأس المال الاحتكاري. وكان للاسلوب السلمي الدبلوماسي الذي سلكته التنظيمات المهنية ‏للاكاديميين والذي عمل على كسب القانون وثقة الرأي العام وتعاطف مؤسسات الصحافة والاعلام ‏الاثر الكبير في النجاح الذي احرزته تلك التنظيمات في حماية مصالح منتسبيها وتأمين مستقبلهم. ‏ولاشك بأن تنظيمات الاكاديميين كانت، والى حد كبير ماتزال، توازن نفسها على الصراط المستقيم ‏بين ان تحترم حرية التعبير والامانة العلمية وتوفي بمستلزماتها من جهة ، وبين ان تحافظ على ‏نعمتها من عطاءات ومنح رأس المال وتحجم عن التفريط بالمساهمات التمويلية الضامنة لبقائها من ‏جهة اخرى، وذلك من دون الوقوع في درك التحول الى تابع متخاذل يخون ضميره ويتنكر الى ‏رسالته. ‏

تشير التجربة الامريكية الى انه بين عامي 1920 و1940 قامت لجان مشتركة من جمعية اساتذة ‏الجامعات الامريكية والمنظمة الادارية للكليات الامريكية بعقد عدة مؤتمرات للاتفاق على دليل ‏العمل الاكاديمي وصياغة المبادئ الجوهرية التي تحكم العمل في هذا الحقل الابداعي. وقد تمخضت ‏هذه الاجتماعات عن اصدار ماسمي ببيان المبادئ الاكاديمية الاولية لعام 1940، والذي تبنته ‏الغالبية العظمى من الجامعات الامريكية والتي لاتزال تتخذه وتلتزم به كدليل عمل معروف لكل ‏الاطراف. وكان هذا البيان قد تضمن مايلي بخصوص حق ومسؤولية الاستاذ الجامعي في ظل ‏الحرية الاكاديمية:‏

‏" يتمتع اساتذة الجامعة بالحرية الكاملة فيما يبحثون علميا وما ينشرون وما يعلّمون طلابهم ‏في قاعات الدرس. وذلك ضمن الاطر العامة لمناهج وفلسفة التعليم الحر المستقل التي ‏يصممها ويقرّها زملائهم في اقسامهم وكلياتهم المعنية. على ان من المستحسن ان يعمد ‏الاستاذ الملتزم الى تجنب الخوض في مناقشة، او فسح المجال للسجال العقيم، في الامور ‏المثيرة للجدل التي تقع خارج نطاق اختصاصاتهم الاكاديمية أو تلك التي ليس لها علاقة ‏بالمادة التي يدرّسون. أما في الجامعات المنشأة اصلا على اسس دينية وسياسية فمن ‏الواجب قيام ادارات هذه الجامعات باعلام من يتم تعيينه بالشروط والمحددات التي تتطلبها ‏تلك الجامعة. كما يتمتع الاساتذة بحرية الكلام الكاملة كمواطنين عندما يتحدثون خارج ‏نطاق المؤسسة الجامعية شريطة ان يؤكدوا على ان وجهات نظرهم الشخصية لاتمثل ‏سياسة وفلسفة مؤسساتهم مراعين في ذلك صيانة السمعة العلمية والاجتماعية للمؤسسة ‏التعليمية التي ينتمون اليها"‏
مسؤولية نظام التعليم الحر المستقل:‏

لايمكن ان يكون الاقتصار على الانعتاق من المحددات الادارية والاجتماعية والسياسية والدينية ‏كافيا او حتى ممكنا لتحقيق الحرية الاكاديمية ما لم تتضمن هذه الحرية ايضا حرية وحق الاساتذة ‏والطلاب في صياغة وبناء نظام تعليمي حر مستقل ورصين يمكنهّم من تحقيق اهدافهم التربوية ‏والتعليمية العليا ويؤهلهم للاستمرار في ابطال مفعول تلك المحددات الخارجية وجعلها غير مؤثرة ‏حتى وان شاءت الاقدار ان يجددها الزمن وتبعثها التغييرات من جديد. ان مسألة التأكيد على بناء ‏وترسيخ النظام التعليمي الحر المستقل الذي تترعرع وتنمو فيه الحرية الاكاديمية تكتسب اهمية ‏بالغة واستثنائية في خضم تعدد الفلسفات واختلاف النظريات وتضارب الآراء وتصادم المواقف ‏وتعارض المصالح واستفحال مؤثرات السياسة والدين وتزايد محددات التقاليد. ولذا فان ما يبرر ‏الدعوة الى تأسيس نظام التعليم الحر المستقل هو كونه النظام الكفوء الفعال الذي يؤمّن: ‏

‏-‏ توسيع وتطوير المهام الاساسية في نشر المعرفة من الدراسة التقليدية لتاريخ وتطور العلوم ‏الطبيعية والاجتماعية والتطبيقية والانسانيات والثقافات والاداب والفنون الى اعتماد ‏الوسائل المعاصرة في الاستقصاء والتحليل العلمي والمختبري، واساليب التفكير الناقد ‏الخلاق، ووسائل الاتصالات الشفهية والتحريرية، وطرق التحليل الكمي والاحصائي، ونظم ‏المعلومات، واساليب الحوار الثقافي والتبادل الفكري والعمل الجماعي وطرق حل ‏المعضلات وتسوية النزاعات. فلابد ان يتزاوج هدف التسلح بالمعرفة مع اهداف تنمية ‏المواهب وتطوير المهارات واشاعة اساليب العمل الاخلاقي وتعزيز الواجب الوطني.‏

‏-‏ تبني فلسفة ومناهج التعددية الفكرية ليس كشعار سياسي فضفاض انما كألتزام فكري ‏ومسؤولية اجتماعية نابعة من الايمان بأن التعددية ظاهرة صحية ومنها تُستمَد القوة وفيها ‏تتعظم الفائدة. وهي المفتاح الرئيس للتقدم والازدهار والطريق الى عالم خال من العدوانية ‏والاحتراب.‏

‏-‏ توفير البديل الافضل للتعليم المؤدلج والمسيس والمتحزب والمنحاز. وهو بهذا يضطلع ‏بمهمات بناء الشخصية القوية المستقلة، المتعلمة والمطلعة والمنفتحة والقادرة فكريا على ‏كشف وسائل غسيل الادمغة وتعرية ونبذ اساليب التلقين الايديولوجي والمسخ العقائدي. ‏

‏-‏ تنمية قدرات الطلاب على انتاج المعرفة اينما وحالما تبرز الحاجة اليها وفي ظل الظروف ‏التي تقتضيها. كما يركز النظام على تنمية القدرة على الحكم واتخاذ القرار المبني على ‏اكتشاف واختبار وتقييم البدائل المتوفرة. ويوفر الفرصة لتكوين الاراء وصياغة المواقف ‏وينمي القابلية على الدفاع عن تلك المواقف والبرهنة على صحتها باستخدام الطرق العلمية ‏والاساليب المدنية الحضارية.‏

‏-‏ اتاحة الفرص الوافرة لتمحيص وتقييم البدائل التي تعين الاجيال على ايجاد قيمة للحياة ‏وادراك معانيها السامية والالتزام بقضية الانسان ونضاله السلمي من اجل حياة افضل ‏وسعادة اكبر للبشرية جمعاء. وبذلك يسهم النظام في انقاذ الاجيال من الوقوع في براثن ‏ثقافة العنف والموت وخزعبلات الدين وترهات الكفاح المسلح .‏

‏-‏ اشاعة مناخ الحوار المتكافئ السليم والعمل على تدريب الاجيال على اكتساب فضائل تقدير ‏الاختلافات واحترام التباينات، والاحجام عن الاساءة لمشاعر الاخرين والتعرض ‏لمقدساتهم. كما يعمل على تطوير قوة الاقناع بالحجة والانتصار بالبراهين. وهو بذلك ‏يعزز مبدأ تكافؤ الفرص ويحث باتجاه الاجتهاد والنبوغ، وينتهج التقييم والمكافأة على ‏اساس القدرات والكفاءات والجهود المبذولة. ‏

‏-‏ ضمان الحرية الشخصية ومساعدة الاجيال على التخلص من التردد والانعزال والخوف. ‏كما يعمل النظام على اطلاق العنان للمواهب والكفاءات الخلاقة والسماح لها ان تأخذ ‏مكانها المناسب. يصبح ذلك تحصيلا حاصلا اذا ما نشأت الاجيال على تقليد سماع كل ‏الاراء وألفت الاصغاء الى جميع وجهات النظر كبديل للاحتكار الفكري وثقافة الحزب ‏القائد والهرم العقائدي التي تؤدي الى لجم الافواه بالتهديد والتخويف والتخوين والتكفير ‏والتمييز والعقاب. كما يساهم نظام التعليم الحر المستقل في التأكيد على الحذر من اختطاف ‏الحرية من قبل الغوغاء وتجار الثقافة واستغلالها من اجل كسب المنافع الشخصية ‏وتسخيرها لاغراض تأجيج الصراعات واشعال الفتن واطلاق مشاعر العدوانية والشروع ‏بأعمال الشغب والعنف. ‏

‏-‏ تعزيز النظرة الواقعية البراغماتية لحياة الانسان والعالم الذي يحيطه. تلك النظرة البعيدة ‏عن قصر النظر والحديّة والتطرف والتعصب الاعمى، والتي تقوم على حقيقة اننا لايمكن ‏لنا تقسيم عالمنا الى فريقين متناحرين للخير والشر، خاصة عندما نضع انفسنا بجانب الخير ‏ونضع الاخرين بجانب الشر. التعليم الواقعي المنفتح يثبت بالبراهين ان العالم الذي نعيش ‏فيه لايتلون بكل حذافيره بين الابيض والاسود فقط انما هناك اطياف لونية لانهائية العدد ‏تلون كل قسمات العالم الطبيعية والاجتماعية والثقافية. والاهم في ذلك كله هو سعي الانسان ‏لخدمة نفسه وعائلته ومجتمعه وعالمه بأفضل طريقة يتمكن منها.‏

‏-‏ بناء الشخصية القوية الواثقة والقادرة على النقد، وقبول النقد، والنقد الذاتي. على ان يكون ‏الهدف الاول والاخير للنقد بكل صنوفه هو التقويم من اجل الافضل بدلا من ان يكون ‏لمجرد اظهار العيوب وتعرية المثالب وتصفية الحسابات وتحويل الاخطاء الى خطايا.‏

‏-‏ توفير امتيازات تقييم الاداء الذاتية التي يصوغها ويقرها ويديرها المنتسبون فيما بينهم بعيدا ‏عن التقييم الحكومي والمؤسسي، الامر الذي يرفع من مستوى المسؤولية الفردية والجماعية ‏ويعزز شرعية الخبرة والتجربة المهنية ويعطي الكفاءات والمهارات التقييم التي تستحق ‏بموجب المعايير الموضوعية ودليل العمل المنبثق من بين المنتسبين انفسهم. كما يؤمن ‏النظام فرص وآليات الشكوى والاحتكام والمناشدة والتمييز والاستئناف استجابة لمن يرى ‏في التعامل اي تمييز اوظلم او اجحاف. ‏

‏-‏ واخيراً، وليس آخرًا فان نظام التعليم الحر المستقل يعمل على تأمين وصيانة النظام ‏الديمقراطي العام الذي ينتعش ويبقى ويتخلد بالعلم والثقافة المنفتحة والمبادرة والاخلاص ‏في العمل والابداع فيه . على ان نظام التعليم هذا لابد ان يستظل هو الاخر بمظلة النظام ‏الديمقراطي العام الذي تقع عليه مهمات تأمين البيئة الآمنة وتوفير الضمانات القانونية ‏والاقتصادية والاجتماعية اللازمة لتأسيس ودعم نظام التعليم وتعزيزتطوره وازدهاره. ‏



#مصدق_الحبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معرض مصدق الحبيب: ‏احتفال بصري في الشكل واللون والضوء
- هذه هي مسؤولية الجنرال سلطان هاشم
- في مفهوم الحريّة
- حول شرعية الفن الاخلاقية
- حول ماهية الفن
- التكعيبيّة واستحقاق الريادة في الفن التشكيلي المعاصر
- آهٍ ، لو يتقاتل المتطرفون مع بعضهم
- اغتيال الزهاوي: انتكاسة اخرى للثقافة العراقية
- لا تضيّعوا الفنان محمود صبري
- لاتضيّعوا الفنان محمود صبري
- المصالحة الوطنية:تساؤلات في التجربة العراقية وتأملات في تجار ...
- فوز شذى حسون: رسالة الفنانين ضد رسالة الاسلامويين
- الليلة التي حملتني فيها الملائكة الى الجنّة
- حول اصول واخلاق الحوار البرلماني
- تصميم مقترح للعلم العراقي الجديد
- حول تسييس الثقافة وأدلجة الفنون والآداب
- عن العلمانية والدين والسياسة
- حول جدليّة المعيار الجمالي في الفن والادب
- عبد الكريم قاسم: النزاهة الاسطورية والشموخ البطولي
- من صنع العنف عبر التاريخ


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - مصدق الحبيب - الحريّة الأكاديميّة ونظام التعليم الحر المستقل