أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حسين علي الحمداني - المعرفة مورد لا ينضب















المزيد.....

المعرفة مورد لا ينضب


حسين علي الحمداني

الحوار المتمدن-العدد: 2158 - 2008 / 1 / 12 - 03:40
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


مكن وصف المجتمع الإنساني اليوم بأنه "مجتمع المعلوماتية" ومنذ بزوغ عصر المعلومات الكوني أصبحت جميع البنى والأنساق محاطة بعوامل التغيير وفي مقدمتها نظم التربية والتنشئة الاجتماعية.وعمقت الثورة المعلوماتية من ظاهرة العولمة، حيث يعتقد البعض أن هذه الظاهرة ولدت بفعل عاملين هما الابتكار التقني في مجال تقنية المعلومات والاتصالات أساسا، وسيطرة النيوليبرالية مقترنة بتقدم الديمقراطية.
ويمكن تحديد سمات مجتمع المعلوماتية الذي شكلته ثورة المعلومات في الأبعاد التالية:
1 ـ المنفعة المعلوماتية: من خلال إنشاء بنية تحتية معلوماتية تقوم على أساس الحواسب الآلية العامة المتاحة لكل الناس، وشبكات المعلومات وبنوكها.
2 ـ صناعة المعلومات ستكون هي الصناعة القائدة في البناء الصناعي
3 ـ النظام السياسي سيتحول إلى الثورة الديمقراطية التشاركية والتي تقوم على أساس الإدارة الذاتية للأفراد.
4 ـ البناء الاجتماعي سيشكل من مجتمعات محلية متعددة المراكز ومتكاملة إراديا.
5 ـ القيم الإنسانية ستتغير وتتحول من التركيز على الاستهلاك المادي إلى إشباع الإنجاز المتعلق بتحقيق الأهداف.
6 ـ أعلى درجة متقدمة من مجتمع المعلومات ستتمثل في مرحلة تتسم بإبداع المعرفة عن طريق مشاركة جماهيرية فاعلة، والهدف النهائي منها هو التشكيل الكامل لمجتمع المعلومات الكوني.
وسوف يؤدي انتشار تقنية المعلومات، وانصهارها في الكيان المجتمعي إلى جعل المعرفة أهم أسس السلطة أو أبرز عوامل الترابط الاجتماعي، وبالتالي فإن إشاعة المعرفة تزيد من فاعلية المجتمع وحيويته ومنسوب ديمقراطيته، ومناعته ضد أساليب الاستبداد والغزو الثقافي.
ستكون مجتمعات الغد قائمة على المعرفة وهيمنتها، والتعليم أحد المصادر التي ستعزز التنافس الدولي، وخاصة في إطار مجتمع المعلومات، كما أنه إحدى الوسائل لنقلها بأشكال منظمة، ولذا تحتاج نظم التعليم لأن تكون متوجهة نحو المعرفة بصورة أكثر شمولا مما عليه في الوقت الحاضر، وستنمو البيئة المؤسسية التي يمارس التعليم فيها من حيث الحجم والوظيفة بحيث يصبح بمثابة مجمع تعليمي Educational Complex وتتحول المدارس والكليات إلى قنوات رئيسية للتواصل والاتصال، وتحويل المجتمع إلى مواقع لعملية التعلم.
وقد أضفت المعلوماتية سمتها على أهداف التربية كما حددتها اليونسكو في وثيقتها "التعليم ذلك الكنز المكنون" وهي أهداف: التعلم للمعرفة، والتعلم للعمل، والتعلم للكينونة، والتعلم للمشاركة.
ويشير بوزمان Bozemanإلى أن مستقبل المدارس مرتبط بشكل كبير بتقنية التعليم المتمثلة في الحاسوب "ثقافة التقنية" والذي أصبح يدخل في جوانب العملية التعليمية من تدريس وإدارة وتقويم وبحث وتواصل مع الآخرين، بحيث أصبحت ثقافة التقنية من عناصر المدرسة المعاصرة.
ويقترح البعض الآخر (دونا اوتشيدا وآخرون) أن تلاميذ القرن الحادي والعشرين سوف يحتاجون إلى فهم كيفية معالجة واستخدام تلك المجلدات المتضاربة، ويتوقع أن يقوم بعض التلاميذ بصناعة ثقافة جديدة وأن يشرح آخرون الثقافة المستخدمة بلغة بسيطة، وتلخص ماري فوتريل عميدة مدرسة الدراسات العليا التربوية والتنمية البشرية بجامعة جورج واشنطن التحدي بقولها: "نحن بحاجة إلى تدريب أكثر فاعلية للمدرسين يؤكد على الوصول إلى المعلومات ومعالجتها".
الأبارتايد المعلوماتي
علينا أن نرد الاعتبار إلى المستقبلي الأمريكي إلفين توفلر صاحب "صدمة المستقبل" و"الموجة الثالثة" و"تحول السلطة" وغيرها. فقد أكد توفلر أن المعرفة مورد لا ينضب وهي البديل للموارد الأخرى. وتقلل المعرفة الحاجة إلى المواد الخام والعمالة والوقت والحيز ورأس المال وتصبح بذلك المورد المحوري للاقتصاد المتقدم وتزيد قيمتها أن السلطة في مجتمع المعرفة ليس مصدرها الحزب أو الفرد أو الدولة، بل التحول الخفي في العلاقات بين العنف والسلطة والمعرفة فيما تنطلق المجتمعات نحو صدامها مع الغد.
هذا هو السر الخطير المثير لعصر تحول السلطة كما ينهي توفلر خر سطور كتابه "تحول السلطة".
إن الشعوب العربية مهددة بالخروج من جنة المعرفة وحيث الشرط المحدد لاكتساب المعرفة ليس استيرادها أو استعمالها بكفاءة، بل إنتاجها كقيمة مضافة للإبداع والابتكار وثمة تخوف أن يصبح تراجع المعرفة القائمة على الابتكار المحدد للتخلف وبالتالي تراجع القدرة على التنافس.
ومن ثم يمكننا أن نفهم لماذا تقدمت النمور الآسيوية التي ركزت على انطلاقة تعليمية في حين تعثرت دول أمريكا اللاتينية التي لم تهتم بالتعليم.

ثمة توقع لظهور "أبارتايد معلوماتي" حيث تتم إزاحة دول الجنوب في هذه العنصرية الجديدة وحيث يصبح الأفراد الأميون حاسوبيا فائضين عن الحاجة، فقد أصبحت القوة في يد من ينتج المعلومات ويرسلها، وهو ما يمكّنه من أن يتلاعب بها.
ويعبر ثابو نبيكي رئيس جنوب افريقيا عن هذا الأبارتايد المعلوماتي الجديد بقوله: "إن نصف البشرية لم يستخدموا الهاتف مرة واحدة في حياتهم، مع أن ولاية مانهاتن الأمريكية تضم خطوطا للهاتف أكثر مما يوجد في كل أقطار إفريقيا جنوب الصحراء".
يقف العرب خارج خط التقسيم الرقمي The Divide Digital حيث تخلو قائمة أهم 55 دولة تتصدر البيئة التحتية الاتصالية من دول عربية وهي قائمة يتقدمها السويد والنرويج وفنلندا وأمريكا وسويسرا واستراليا وسنغافورة وهولندا واليابان وكندا وألمانيا وهونغ كونغ.
صحيح أن حوالي المليار من البشر يفتقدون إلى الغذاء والمياه الصحية والمسكن ومعرفة القراءة والكتابة لكن أيضا سيطرد من مجتمع المعرفة أولئك غير الحاصلين على التعليم العالي.
ودون الدخول في متاهة الأرقام والنسب يمكننا الحكم على تدني مؤشرات رأس المال المعرفي في المجتمع العربي وأهمها: متوسط سنوات التمدرس، عدد الصحف اليومية لكل ألف من السكان، عدد أجهزة التلفاز لكل ألف من السكان، عدد العلماء والمهندسين العاملين بالبحث والتطوير لكل مليون من السكان، عدد طلبات تسجيل براءات الاختراع لكل مليون من السكان، وعدد الكتب المنشورة لكل مليون من السكان، عدد خطوط الهاتف الرئيسية، عدد مشتركي خدمة التلفون المحمول، أو استخدام شبكة الانترنيت لكل ألف من السكان.
باستثناء بعض البلدان العربية التي جهّزت بعض مدارسها الابتدائية وجامعاتها بالتقنيات المعلوماتية والاتصالية، يمكن القول إن المنظومة العربية في إدخال التقنية إلى أساس المجتمع في المدارس والجامعات والمكتبات، قد فشلت حتّى الآن، إذ لا يستخدم الانترنيت سوى عُشر السكان العرب أغلبهم من الشرائح المتوسطة والمرتفعة اجتماعيا، ولذا يبقى هناك الكثير مما ينبغي عمله لتبني تقنية المعلومات، إلى جانب أن توصيل المدارس بشبكة الانترنيت جاء أقرب إلى الديكور منه إلى التوظيف الحقيقي، وأن تكون تقنية المعلومات وسيطا حقيقيا في التدريس وفي تدريب المعلمين.
يقسم الأبارتايد العنصري العالم معرفيا إلى شمال وجنوب، كذلك يقسم المجتمع الواحد إلى شمال وجنوب حيث لا يزال العرب يسعون إلى محو الأمية الأبجدية في حين أن العالم المتقدم يتحدث عن محو أمية الحاسوب (نتذكر أن نصف أجهزة الحاسوب المرتبطة ببعضها البعض يوجد في الولايات المتحدة).
والأبارتايد الجديد يعني وجود حلقة ضيقة من المستفيدين من تقنية المعلومات مقابل قاعدة عريضة من الأميين، وهو ما يعني ظهور نخبوية جديدة إعلامية الطابع informationelitism حيث تستأثر جماعات وشرائح وبلدان معينة بالمعلومات على حساب حرمان أقطار الجنوب، الأمر الذي سيعمق الفجوة المعرفية، والتي تعني تسييد فقر معلوماتي لغياب البنية التحتية المناسبة للاستفادة منها والجهل باللغة الإنجليزية كأداة للتعامل مع شبكات المعلومات (وهو ما يعني أيضا تسييد الهيمنة الثقافية الأمريكية خاصة والغربية عامة).
ثمة تساؤل أخير: هل تظل الفجوة المعلوماتية وخط التقسيم الرقمي قدرا مستحكما أمام العرب، وإمبريالية جديدة تسيطر علينا؟ وهل يمكن الوصول إلى مجتمع المعرفة دون الدخول في المجتمع الصناعي الحداثي؟ ما نريد أن نقوله بما إننا في العراق الجديد نبني إنسان جديد علينا ان نحث الخطى في سبيل بناء معرفي حقيقي للإنسان العراقي قائم على أسس صحيحة تؤدي بالنتيجة لسد الفجوة الكبيرة التي تفصل بيننا وبين الآخرين ولا سبيل لنا لردم هذه الفجوة إلا من خلال المدرسة التي هي أساس النهوض بالمجتمع.



#حسين_علي_الحمداني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النهوض بالواقع التربوي
- الديمقراطية في عراقنا الجديد
- أسباب العنف عند الأطفال
- مدير المدرسة الناجح
- صراع اصوليات لا صراع حضارات
- ملامح النظام التعليمي الجديد
- استراتيجية مقترحة لإعداد معلم مدرسة المستقبل
- الشراكة بين المدرسة والبيت
- الديمقراطية وخلق المفاهيم الجديدة
- ماهي مناهجنا لتعليم حقوق الإنسان؟؟
- الحاكم والمثقف
- الشباب العربي.. مشكلاته وقضاياه
- كيف نستطيع أن نخلق جهازا تربويا يحمل رسالة
- صياغة مفاهيم جديدة
- العنف والإرهاب وأسبابهما
- لمن تكون انتماءاتنا؟
- بناء الديمقراطية
- المفهوم الحديث للتسامح
- الدين والدولة .. قراءة في الواقع العربي


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حسين علي الحمداني - المعرفة مورد لا ينضب