أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعدي يوسف - تابعو التابعين














المزيد.....

تابعو التابعين


سعدي يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 2157 - 2008 / 1 / 11 - 11:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تـــابِِعو التابــعِين !
تَنتجُ عن نظام المثقف التابع ، في مجرى العمل ، ظواهرُ عدّةٌ ، من بينها ظاهرة تابِعي التابعِ .
عليّ ، بدءاً ، القول إن مصطلح تابعي التابعين قديمٌ جداً في موروثنا الثقافي ، بل يعود إلى القرن الأول الهجريّ ، مع تدوين الحديث النبويّ ، إذ كان الحديث الصحيح يؤخَذُ عن الصحابة ، ثم عن التابعين
أي عن تابعي الصحابة ، لكنّ هؤلاء التابعين كانوا يقلّون مع الزمن ، ويُقتَلون مجاهدين في الحروب ، لذلك أُجيزَ أخذُ الحديث عن تابعي التابعين ، أي عمّن سمعوا الحديث من التابعين .
المقصودُ بتابعي التابع في نظام المثقف التابع ، هم الأشخاصُ الذين يعملون لدى مثقفٍ تابعٍ ، يأتمرون بأمره ، ويتلقّون معاشَهم منه ، ويدينون له بالولاء الدائم أو المؤقت ، حسب كل حالة .
كيف صار التابعُ متبوعاً أي ذا أتباعٍ ؟
في الغالب ، يكون هذا الشخص موهوباً في النصْبِ والاحتيال ، سارقاً ، شديد التلوّن والتقلّب ، لا تهمّه الجهة التي تموِّلُه ما دامت تقدم له المالَ أو المنصبَ أو الحماية ، أو هذه الأمورَ مجتمعةً . ربما كان هذا التابعُ الأولُ شخصاً يتمتع بتاريخٍ مرموقٍ أو معقولٍ في السياسة والثقافةِ ، يوماً ما ، لكن تاريخه لم يَعُدْ غير ذكرى بعيدةٍ ، أو أنه صار يُستخدَمُ وسيلةً مضافةً للنصْب والاحتيال وتحقيق المكاسب المادية والوظيفية والاجتماعية ، في مجتمعٍ تخلخلتْ قِيَمُه تحت وطأة هزّاتٍ كبرى .
الإدارةُ الاستعماريةُ ، أو الوكيلةُ ، تَعهَد إلى التابع الأول بمسؤولياتٍ معيّنةٍ ، في الوظيف العامّ ، أو في أنشطة الإتّصال والإعلام ، أو الأمر الأمنيّ . آنذاك يتعَيّنُ على التابع الأول تشكيل مجموعة العمل الأولى من عناصرَ يختارهم هو ، فتتشكّل ، بتشكيلهم ، الكوكبةُ الأولى من تابعي التابع .
قد كنتُ أشرتُ في مادةٍ سابقةٍ إلى أهميةِ التماهي ( مع المستعمِر أو الوكيل ) لدى المثقف التابع .
هذا التماهي سوف يبرز ، بصورة حادّةٍ ، حين يكون للتابع تابعون .
التابعون هم ، سيكونون الأداةَ المستخدَمةَ لتطبيق التماهي .
هذا التابعُ الأولُ ، كما أسمَيناه ، سوف يُطَبِّقُ عُقَدَه على تابعيه المنكودين ، المنكوبين :
الخادمُ ( للمستعمِر والوكيل ) يريد أن يظهر بمظهر السيّد .
إنه يتعالى على تابعيه ، ويشمخ بأنفه إزاءهم .
يعاملهم معاملةً سيئةً ، ويسرق من أجورهم ، ويبذر الفتنة بينهم ، ويجعل واحدَهم يتجسس على الآخر .
يطلب منهم أن يؤدوا مختلف مظاهر التعظيم والإجلال له ، من التحية الذليلة إلى المديح المنافق .
يتقصّدهم فرداً فرداً ، في محاولةِ إلغاء فرديةِ المرء ، وكرامته .
وبالإمكان القول إن العمل لدى المستخدِم الأصيل ، صار أفضل بكثيرٍ من العمل لدى المستخدِم الوكيل ، أي هذا التابع الأول ، التابع ذي التابعين .
*
ماذا ستكون مواقف تابعي التابع ، مع الزمن ؟
من متابعةٍ ملموسةٍ للظاهرة ، يمكنُ القولُ إن تابعي التابع لا يصبرون طويلاً على ما هم فيه . إنهم يتململون شيئاً فشيئاً ، ويشرعون في الجهر بآرائهم المقتصرة ، عادةً ، وتحوّطاً ، على ظروف العمل . ثم يكون التسللُ من الدائرة
إلى دائرة عملٍ أخرى .
إلا أنهم سيظلون يحملون إلى الدوائر الأخرى سلوكياتٍ رديئةً ، في مثل العدوى .
والقليل منهم ، يفلح في أن يستنقذ نفسه من الخراب .
لكنّ عدداً من التابعين يظل مع التابع الأول ، بعد أن أصابهم الخرابُ إصابةً لا خلاص منها .
*
ظاهرة تابعي التابعين ستظل قائمةً ، بل أنها لتتسعُ وتزداد خطراً ، مع انكفاء الـمُثُلِ ، وخفوتِ ألقِ الحرية .
غير أن الوعي الوطني ، وانبعاث الذات العظمى ، كفيلانِ بتحرير تابعي التابعين ، تحريراً نهائياً .



لندن 09.01.2008




#سعدي_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاث قصائد مُبْتلّّة
- المثقفُ التابعُ مطروداً
- آليات انمساخ المثقف الحرّ مثقفاً تابعاً
- المثقف التابع : محاولة التماهي مع المستعمِر
- خريطة العراق في قلادة برقبتي...ولن أعود تحت راية أمريكية
- لِمَ الهجرةُ ... إذاً ؟
- أربع قصائد
- الحربة الثلاثية
- وتقدّرون فتضحك الأقدار
- نظام المثقف التابع وعلاقتُه بتأييد الاحتلال
- الشاعر العراقيّ الوحيد - سركون بولص ( 1944-2007 ) ، يرحل في ...
- خريف باريس ، ربيع الأمل
- الاستنكار أضعف الإيمان
- قصائد نيويورك 3
- قصائد نيويورك 2
- The three coloniesالمستعمرات الثلاث
- قصائد نيويورك
- ديوان ُ صلاةِ الوثَنِيّ
- فرقة المشاة الثامنة الأميركية The American Eighth Infantry D ...
- ديوان حفيد امرىء القيس


المزيد.....




- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...
- السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت ...
- سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
- عملية احتيال أوروبية
- الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
- -بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ ...
- مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا ...
- عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
- إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعدي يوسف - تابعو التابعين