ميزانية حرب

سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2159 - 2008 / 1 / 13 - 05:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

منذ أيام .. أقر البرلمان الإسرائيلى (الكنيست) الموازنة العامة لعام 2008 بغالبية 64 صوتا فى مقابل 31 من أصل 120 صوتاً.
وتبلغ هذه الميزانية 78 مليار دولار (314 مليار شيكل) بزيادة 12 مليار دولار عن ميزانية 2007 التى وصلت إلى 68 مليار دولار.
وما يهمنا من هذه الميزانية – فى هذا المقال – هو الرقم الخاص بموازنة "الدفاع" الذى يصل إلى نحو 12 مليار دولار، وهو ما يناهز 15% من إجمالى الميزانية.
لكن هذه النسبة – رغم أنها ليست قليلة – خادعة، لأن هذه الأرقام لا تعبر إلا عن الميزانية المباشرة، لأننا إذا أضفنا كل مركبات الأمن فى جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية الإسرائيلية، وخاصة ميزانية أجهزة المخابرات ووزارة الأمن الداخلى وأيضا الانفاق على الاستيطان فى الضفة الغربية وهضبة الجولان السورية المحتلة فإن تكلفة "الأمن" فى إسرائيل – حسبما يؤكد موقع "المشهد الإسرائيلى" – ترتفع لتستهلك حوالى 30% من ميزانية الدولة. وهو رقم كبير بكل المقاييس.
وحتى من دون هذه المركبات المضافة – حسبما يرى الموقع ذاته وهو موقع مهم ويتسم بالرصانة – فإن "ميزانية الأمن فى إسرائيل تبقى كبيرة جدا بالمقارنة مع ميزانيات مشابهة فى دول العالم ،فهى تساوى ميزانيات الأمن فى دول غنية مثل كندا واستراليا. وعلى مستوى الشرق الأوسط فإن ميزانية الأمن فى إسرائيل تساوى ميزانية تركيا التى تبلغ مساحتها وعدد سكانها أضعاف أضعاف مساحة وسكان إسرائيل، كما أنها أعلى من ميزانية مصر وإيران".
والمستوى العالى لميزانية الأمن فى إسرائيل يبرز بشكل خاص إذا تأملنا نسبته من الناتج القومى، فهى تساوى 8% من الناتج القومى، فى حين ان هذه النسبة لا تتجاوز 3% فى دول غربية، و4% فى الولايات المتحدة ودول شرق أوسطية أساسية.
ورغم أن إسرائيل تتغنى بأنها "واحة الديموقراطية فى الشرق الأوسط" فإنه من الملفت للنظر ان الهيئة العامة للكنيست (البرلمان) ليس من صلاحيتها البحث فى ميزانية الأمن، ولا حتى اللجان البرلمانية ذات الصلة، مثل لجنة المالية، ولجنة الخارجية والأمن. ويتم الاقتصار على تشكيل لجنة مقلصة جدا من خمسة أو ستة نواب، من أصل 120 نائباً، للبحث فى ميزانية الدفاع، وعادة ما "تبصم" هذه اللجنة المنتقاة على مطالب الجيش.
وهذه الصورة تبين لنا عدداً من الأمور:
أولها وأهمها أن إسرائيل دولة "حربية" فى المقام الأول وأن المؤسسة العسكرية بها هى "أم المؤسسات" وأن التركيب الرئيسى للميزانية مصصم لخدمة أغراض دولة لا تفكر إلا فى التوسع والعدوان، ولا يشغلها هاجس أكبر من الهاجس "الأمنى".
الحقيقة الثانية هى أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية فوق البرلمان وفوق باقى المؤسسات.
الأمر الثالث أن هذه الميزانية الضخمة – بكل المعايير – لم تمنع الإدارة الأمريكية من زيادة دعمها لميزانية "الأمن" فى إسرائيل من المساعدات العسكرية الأمريكية التى تبلغ 2.4 مليار دولار سنوياً، اتفق رئيس الحكومة الإسرائيلية ايهود اولمرت مع الرئيس الأمريكى جورج بوش على تمديد فترتهما لعشرات سنوات أخرى، أى حتى عام 2018، بينما لم يتورع الكونجرس الأمريكى عن خفض 100 مليون دولار من المساعدات المخصصة لمصر وربط باقى المبالغ بشروط وقحة.
وكل هذه الحقائق .. ينبغى أن تكون نصب أعيننا دائماً حتى لا تخدعنا مظاهر "السلام" البارد مع إسرائيل والعلاقات المراوغة مع الإدارة الأمريكية.

#سعد_هجرس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات