أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - قاسم الجلبي - انا و الشاعر السياب في كلبجه واحده














المزيد.....

انا و الشاعر السياب في كلبجه واحده


قاسم الجلبي

الحوار المتمدن-العدد: 2154 - 2008 / 1 / 8 - 07:24
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


قرأت عدة مقالات في الاونه الاخيره عن الشاعر المرحوم شاكر بدر السياب في الحوار المتمدن و رجعت بي الذاكره الى صيف عام 1957 .
كنا خمسة طلاب نحتفل بنجاحنا الى الصف الخامس الاعدادي ( ثانوية الاعدادية المركزيه في بغداد ) و كان مديرها في ذالك الوقت السيد علاء الدين الريس ذات النظارات الطبيه المعتمه و صلعته المشهوره . كنا نحتفل في احدى مناطق بغداد في كرادة مريم كنا نغني و باصوات هادئه( اغنيه القمح للموسيقار محمد عبد الوهاب) و فجأة و بدون مسوغ و سبب واضح حوصرنا من قبل شلة من رجال الشرطه السريه في عهد الملكي البائد . و بعد ان فتشوا ملابسنا فلم يجدوا غير بعض القصاصات الشعريه الرومانسيه منها و السياسيه .
وبعد ذالك ذهبوا بنا الى مركز شرطه كرادة مريم و اتصلوا ببقيه اعضاء البوليس السري في بغداد للتعرف علينا . فكنت انا اسكن منطقه الحيدر خانه ( منطقه جديد حسن باشا ) و زملائي في منطقه الفضل و بعد ان فتشوا بيوتنا و التحري فلم يجدوا عندي غير بعض الكتب للادب العالمي( مكسيم كوركي في معترك الحياة و اخرى لتولستوي و كوكل و غيرها) و كتب اخرى للكاتب العلماني المصري سلامه موسى وسبق لهذه الكتب قدت اشتريتها من سوق السراي و اخرى اهديت لي من بعض الاصدقاء.
كانت التهمه الموجهه الينا في حينه هي محاولتنا الى الاعتداء على السفاره الفرنسيه المتواجده في كرادة مريم بالاضافه الى هذه التهمه , تهمة انتمائما الى الحزب الشيوعي العراقي .و بعد التحقيق معنا ارسلونا مخفورين الى مديريه الامن العامه ( التحقيقات الجنائيه ) الواقعه في شارع النهر خلف المحكمه الشرعيه وهناك قابلنا مديرها المجرم بهجت العطيه الذي اسمعنا الكثير من السب و الشتائم و هددنا بالضرب المبرح اذا لم نعترف على هذه الواقعه و نحن كنا بريئين هذه الواقعه .
و بعدها هذا التحقيق دفعوا بنا الى السرداب و هناك استقبلنا بعض المعتقلين السياسيين و قدموا لنا بعد المساعدات البسيطه. كنا نفترش الارض و ننام على حصران قذره ملطخه بالصخام الاسود و كان السرداب مقرونا بالرطوبه العاليه و رائحه العفن كان الاكل لا يتجاوز على صمونه واحده و استكان شاي واحد مع ثلاث وجبات اخرى متكونه من مرق و صمونه واحده .
بالصباح كنا نخرج لقضاء حاجتنا مع الاغتسال بالماء فقط و هذا قبل مجيء موضفي هذه الدائره المصلطه على رقاب الشعب .
و في احدى اليالي دخل علينا الشاعر بدر شاكر السياب و هو مرتدي بدله زرقاء فاتحته اللون مع ربطه عنق تدل على شخصيه الهادئه الرزينه, جلسنا بالقرب منه بعد ان قدمنا له بعض المساعدات البسيطه و تعرف علينا و زادت دهشته عندما علم بأننا طلاب اعداديه .
بدء السياب يتحدث عن الوضع السياسي المأساوي و على خنق الحريات , و يجب علينا النضال ضد هذا الضلم و الطغيان و على الشعب العراقي ان يناضل و بلا هواده على اسقاط الحكم الملكي الجائر. و بعدها بدء يتلوا علينا بعضا من شعره السياسي و اتذكر مضمون و محتوى احداهن .
يستيقظ........المناضل السياسي المعتقل.......... على اصوات اقدام الشرطي الحارس اصوات حذائه ( البسطال) و هي تغدوا و تروح من امام زنزانته......... و في اليل ينام على صراخ و عذابات المناضلين في الزنزانات الاخرى........ من اجل ان ينتزعوا منهم الاعترافات.
فكانت هذه القصيده التي نشرت في حينها في احدى الصحف العراقيه هي السبب في اعتقاله و ارساله الى مديريه الامن العامه كما اعتقد.
بعد هذه اللقاء زادت معنوياتنا و زال الخوف من نفوسنا لاننا مكنا مازلنا طلاب اعداديه لا تتجاوز اعمارنا ال19 سنه ولا زلنا في طور التعلم و البحث عن الحقيقه و الاستفاده من تجارب الاخرين .
و بعد عده ايام في تواجدنا في السرداب بدئوا بأرسالنا الى مراكز الشرطه المختلفه في بغداد فقد ارسلوا زملائي الى مركز شرطه السراي قرب القشله في بغداد اما انا و الشاعر السياب فب كلبحه واحده الى مركز شرطه الكاظميه .
ركبنا سيارة التكسي و معنا شرطيين و عند وصولنا الى منعطف للدخول الى شارع الرشيد بالقرب من المصور ارشاك , طلب الشاعر السياب من الشرطيين بالتوقف لبعض الوقت و كانت الساعه بين 2-3 ضهرا لعله ان يجد احدا من معارفه او موضفي دائرته لاخبار عائلته بأنه معتقل في مركز شرطه الكاظميه ولكن الشرطيين لم يوافقوا اللا بعد دفع الرشوه لهم.
و في مركز شرطه الكاضميه التقينا بالكثير من المعتقلين من طلاب الجامعه حيث كان اكثرهم من سكنة الكاظميه و كان اهلها و اهل المعتقلين ايجابيون معنا و يحثوننا على الصمود و النضال من اجل اسقاط الملكيه التي جلبت لنا الثالوث المشؤم الجهل المرض الفقر .
هناك تعرفت على الشاعر محمود النقدي الذي كتب قصيده في حينها اسمها محمود القمر اما القمر فكان رمزا على رغيف الخبز حيث كان يصف في شعره معاناة شعبنا العراقي من الجوع و المرض و الفقر .و كان هناك نقاشا سياسيا يوميا في داخل المعتقل بين سجناء السياسيين جاؤا من سجن نقره السلمان و بين الشاعر السياب , كان يحاورهم و في ذهنه الكثير من التساؤلات و الملاحظات حول الماركسيه كمفهوم انساني متجدد و بين المفاهيم القوميه و التي كانت تطرح من قبل الشاعر اللا انه اعترف اخيرا بأن الماركسيه هي العلاج الاوحد لكل مشاكل العالم و هي البلسم الشافي لكل معاناة الطبقه العامله.
فألف تحيه الى المناضلين الرواد و الى شاعرنا السياب الذين زرعوا في قلبونا حب الناس كل الناس باختلاف انتمائاتهم القوميه و الطائفيه و الى الابطال الذين مهدوا لنا الطريق من اجل النضال ضد الاستبداد و الرجعيه و الانعتاق من العبوديه و اقف اكراما و اجلالا الى كل الرفاق الذين علمونا ان نناضل من اجل وطن حر و شعب سعيد و لا يسعني هنا الا ان اذكر اصدقائي الاخرين الذين قضوا معي ايام قاسيه و واجهتنا اصعب حالات الخوف فيه حينه المرحومين احمد الهاشمي و محمد فاضل و السيد طارق عبد الكريم و نوري محمد و انا قاسم الجلبي كاتب هذه السطور المتواضعه وشكرا



#قاسم_الجلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل سيكون حكم المباراة الفاصله بين فريقي العراق (اسود الرافدي ...
- التغزل ببغداد
- غناء و اناشيد السجون......الى الاخ السيد حسقيل قوجمان المحتر ...
- مناقشه مقالة السيد الخزرجي.................................. ...
- في ذكرى 8 اذار عيد المرأه العالمي
- اغتيال امرأه وجريمه جديده اخرى
- مارك كيميت الارهاب والفاشيه................................. ...
- اجتماع القوى الوطنيه و الديمقراطيه في العراق


المزيد.....




- إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب ...
- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - قاسم الجلبي - انا و الشاعر السياب في كلبجه واحده