أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - توفيق أبو شومر - بين تربية العقول ... وتربية (العجول) !














المزيد.....

بين تربية العقول ... وتربية (العجول) !


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 2152 - 2008 / 1 / 6 - 02:30
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


نعم هناك فرقٌ كبيرٌ جدا بينهما، فتربية عجلٍ واحدٍ فقط وليس مجموعة من العجول، مدة شهر واحدٍ في حظيرةٍ، تُدرُّ على صاحبها ربحا أكثر من مرتب شهر قمري كامل لمُربي العقول، أي لمدرسٍ من المدرسين، وإذا أحسن مُربي العجول إعلاف العجل وتسمينه فإن ربحه قد يفوق مرتب المدرس في شهرين أو أكثر، لأن العجل يُباعُ دائما بمقدار حجمه وشحمه، لا وفق شكله وسيرته وعقله،أما إذا تمكن صاحبُ العجل أن يختار الشراء والتسمين في موسم ذبح العجول، فإن ربحه الصافي من العجل قد يفوق ما سبق بكثير.
لامَ أحدُ مُربي العجولِ أخاه الذي يحول دون التحاق أحد أبنائه بصناعة تربية العجول وذبحها، بدلا من الدراسة ومشقتها، فهذا الأخ في نظر أخيه - مُربي العجول - لا يحب الخير لابنه ، فلن يكون ابنُهُ في المستقبل صاحب نعمه ، لأنه حكم على ابنه بالشقاء الأبدي في المدارس والجامعات، ليخرج في النهاية موظفا، راتبه الشهري أقل بكثير من عمل نصف يوم عيد الأضحى،ليس في تربية العجول ، بل في ذبحها، إذ أن ما يتقاضاه ثمنا لذبح العجل الواحد في ساعة يبلغ مائة وخمسين دولارا، ماعدا ما يأخذه من أضحية الذبح كجلدها ورأسها !
المشكلة أن أخاه الذي لا يرغب في أن يسمح لابنه أن يلتحق بصناعة عمه في تربية العجول، يعمل هو الآخر مُربيا (للعقول)أي مدرسا، منذ أكثر من ربع قرن، وهو لا يملك بيتا مستقلا لأولاده ، ولا يستطيع لعُسره وضيق ما في يده الإنفاق على تعليم أبنائه الخمسة إلا بمعونة أخيه مُربي العجول الذي يعمل هو وأولاده الذين أخرجهم من مدارسهم في الصفوف الأولى ليتعلموا فن المهنة، فن تربية العجول.
والأخ مربي العجول يعيش في بُحبوحة من العيش الرغيد، وتجري النقود في يديه كما الهواء، وهو يقول : إن كثيرين استفادوا من تجربته في الحياة وتأثروا به إلا أخاه الذي يُصرُّ أن يورث أبناءه الفقر والفاقة والعوز!
قصة الأخوين - مُربي العقول ومُربي العجول -أعادتني مُجبرا إلى زوايا التاريخ لأجد بأن مهنة تربية العقول إحدى المهن التي لم تحظَ بالازدهار مطلقا في التاريخ، على الرغم من أن المهن تزدهرُ في عصر وتكسد في زمنٍ آخر، إلا تربية العقول ، فأبو عبد الله البكري الأندلسي يقول عن مهنة(الوراقة) أي مهنة الكتب وتربية العقول بالأوراق، :
أنها أكسد المهن وأحفظ له بيتين من الشعر ::
أما الوَراقةُ فهي أنكدُ حرفةٍ ... أوراقها وثمارها الحرمانُ
شبَّهتُ صاحبها بصاحبِ إبرةٍ.... تكسو العُراة وجسمها عَريانُ
أما أبو حيان التوحيدي فقد أفقدته مهنةُ الوراقة عقلَهُ فصاح قائلا : " إنني لا أرتزقُ من التأليف والنسخ وتزويق الكتب بالخط الجميل في أشهرٍ مثلما يرتزق البليدُ في يوم "
ثم أقدم على فعلة شنعاء قبل أن يموت ، فأحرق كتبه كلها وهو يقول : " والله ما أحرقتك إلا بعد أن كدتُ أحترق بك"" وقال وهو يُحرقها :
"النارُ أولى بالذي أنا جامعٌ
إما لدفءٍ أو لنضج طعامي "
كما أن إمبراطور شعر الحكمة (المتنبي) يقول :
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله .... وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
ويقول آخر : وحلاوة الدنيا لجاهلها ..... ومرارة الدنيا لمن عقلا
ويقول :
مَن لي بعيش الأغبياء فإنه .... لا عيشَ إلا عيشُ من لم يعلم !
حتى المتنبي مات مقهورا كما مات أبو العلاء المعري زاهدا موتورا ، وهذا ينصرف على أغلبية المبدعين من الفلاسفة والمفكرين، فأرسطو وأفلاطون وكانط وسبينوزا ونيتشه كانوا على هذه الشاكلة، ولم يشذَّ عن القاعدة إلا قليلون ممن نجحوا في جعل صناعة العقول تكئةً توصِّلُ إلى الثروة كما فعل فولتير حين أصبح مليونيرا، بعد أن صار إقطاعيا في بيرن وكما فعلتْ كاتبة سلسلة قصص هاري بوتر (جوان كاثلين رولينجز ) المولودة عام 1965 في أدنبرة ببريطانيا وهي بالمناسبة مُدرِّسةٌ أي مُربية عقول أدركت بعد خمس سنوات من العمل في مهنة تربية العقول أنها مهنة الفاشلين فلجأت إلى تربية الخرافات فنشرت عام 1990 (هاري بوتر وحجر الفيلسوف) قصة من السحر الأسود، فتحولت من مهنة تربية العقول، ومن كونها امرأة مُطلقة يائسة إلى مليونيرة يبلغ سعر الجملة الواحدة التي تكتبها في فن السحر ثلاثمائة وستين جنيها إسترلينيا فقط لا غير، وسعر الجملة الواحدة السابق يعادل في وطني مرتب شهر لمدرس يوشك أن يتقاعد من عمله!
وأخير ألا يحق لنا أن نتساءل عن سرِّ ما يجري في عالمنا ، هل هو عفويٌ، أم أنه يجري بمخطط مدروس؟
هل تفتيح العقول وتنشيطها يعتبرُ خطرا على مستقبلنا ؟
وهل تفتيح العقول وتربيتها يُهدد أمن البشرية ويُعرّض المغامرين السياسيين والقادة والتُّجاروالفاشلين فيها للخطر؟
ولماذا أصبح المدرسون هم أفقر الطبقات وأقل البشر رتبة ومرتبا في معظم بقاع الأرض، إلا في بعض الدول فقط ؟
ويبدو أن الحكمة الجديدة التي أنحتُها أصبحتْ هي الأساس :
تربية العجول أفضل التجارة
أما العقولُ فمهنةُ الخسارة ؟!!





#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تنبَّهوا واستفيقوا أيها العربُ !
- من إسرائيل دولة يهودية ... إلى إسرائيل دولة [ اليهود]!
- قتل النساء بادّعاء الشرف جريمة بشعة تُخلُّ بشرف الرجال !!
- الإعلاميون العرب والتسلية على أسماء الشخصيات الأجنبية !
- الإعلام ...لواء مدرع في سلاح الشركات متعدية الجنسيات !
- الإعلام العربي ... كلام حتى الموت !
- هل ستصبح غزة تحت وصاية حلف الناتو ؟!
- إعلان براءة إيهود أولمرت بعد لاءاته الثلاثة !
- الحوار المتمدن نافذة لأكسجين الحريات
- هل الوطن العربي هو الذي يُهاجَر منه .. لا إليه ؟!
- هل يملك الفلسطينيون حق رفض حضور مؤتمر أنابولس؟
- لماذا يخسر العربُ الحروب ؟!
- إحالة غزة إلى التقاعُد !
- المخزون الاستراتيجي الإسرائيلي من الأسرى الفلسطينيين !
- من يُحصي جرائم إسرائيل في حق الثقافة ؟!
- هل يتمخض مؤتمر الخريفة فيلد ... (ورقة ) !
- رواية شيفرة دافنشي ... بين الحقيقة والخيال !
- ما أكثر كُتَّاب المقالات ، وما أقل أثرهم !!
- تركيا وفلسطين وأمريكا وقوانين العنصريات !
- ميكافيللي هو مؤسس نظرية الفوضى الخلاّقة !!


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - توفيق أبو شومر - بين تربية العقول ... وتربية (العجول) !