أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خضر محجز - نسغ الحرية: لذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية















المزيد.....

نسغ الحرية: لذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية


خضر محجز

الحوار المتمدن-العدد: 2149 - 2008 / 1 / 3 - 10:47
المحور: الادب والفن
    


ـ 1 ـ
قبيلة الشعب
في الأول من يناير،
من كل عام،
تعلن قبيلة الشعب انطلاقتها المتجددة.
في الأول من يناير،
من كل عام،
من باطن أمنا الأرض،
يصعد نسغ الحرية..
من قلب الأرض المأسورة يصعد..
من قلوب الفتيان، الذين يدخنون السجائر بعيدا عن أعين أمهاتهم، يصعد.
من رسائل الفتيات، إلى فرسان أحلامهن المجهولين، يصعد.
من عيون الأمهات، الواقفات على شرفات البيوت، يصعد.
من حقائب الأولاد، الذاهبين إلى رجم الحجارة قبل الحصة الأولى، يصعد.
في الأول من يناير،
من كل عام،
يصعد نسغ الحرية،
وتتشربه الشجرة التي هي من قلب الأرض.
إنها شجرة الأضواء،
يصعد نسغها من الأرض،
ويضيء السماء.
وإنها القبيلة الفلسطينية.
وإنه يوم الأول من يناير،
للعام الذي يلي اختطاف غزة
ـ 2 ـ
تشابه
في ليلة الأول من يناير،
أمس،
في الليل،
رأيت الجنود..
كانوا ملثمين ومهرولين وصاخبين.
تأملتهم مليا..
كانوا قد رفعوا القبعات الصغيرة السوداء عن مؤخرات رؤوسهم،
واعتمروا الجوارب السوداء.
حثت نفسي:
هناك تشابه قوي بين (الكيـﭙاه) والجورب
فكلاهما يغطي رأسا غير موجود.
ـ 3 ـ
من ثقبي الجورب
افتح يا كلب..
هكذا صرخ الجندي الذي يقبض راتبه من ثمن "الدخان المحرم".
ولكن الطفل المرتعد لم يفتح،
لأنه كان مشغولاً بالرعدة الهائلة، في مفاصله.
افتحي يا شررررر...........
ولكن "الشررررر" لم تفتح،
لأنها كانت مشغولة بهدهدة الطفل المرتعد.
افتح أنت يا كبير يا عررررر.
ولكن "الكبير العررررر..." لم يفتح،
لأن زوجته كانت قد أمرته برفع الراية فوق الجدار..
عندما أصابته الطلقة في ظهره،
وأحس بسخونة السائل المتدفق،
ركز الراية بين حجرين على السقف متعجلاً،
ثم التفت إليهم.
وعندما رأى عيني إمام المسجد تلتمعان من ثقبي الجورب.
أدرك أنه على كان حق عندما هجر صلاة الجماعة.
ـ 4 ـ
لزوم ما يلزم
أيها الأطفال،
إنه يوم الأول من يناير،
يوم الشعب والشجرة والحرية.
أيها الأطفال،
ليأخذ كل منكم شطيرته الجافة وليرحل.
ليمتشق كل منكم ورقة وقلما،
ولا ينس أن يأخذ علبة الألوان، وليرحل..
ورقة، وقلما، وعلبة ألوان، وشطيرة جافة.
هذا هو كل ما يلزمكم اليوم،
لترسموا علم فلسطين،
ولترفعوه عاليا في وجوه الجنود،
المغطين رؤوسهم، بكل ترهات الشياطين.
ـ 5 ـ
تساؤل
سأل الطفل أمه:
لماذا يصنعون الكتب؟
قالت الأم:
لكي يرى الناس من خلالها العالم.
قال الطفل:
لماذا يصنعون الأحذية؟
قالت الأم:
لتحملهم بعيدا عن أراضي اتشحت أحلامها بالسواد.
قال الطفل:
لماذا يصنعون الجنود؟
قالت الأم:
لكي يرى الشرير إلى أي حد يمكن أن تكون أعماله رديئة.
قال الطفل:
فلماذا يصنعون الجوارب؟
قالت الأم:
لكي يلبسها الجنود على رؤوسهم، يا بني.
ـ 6 ـ
أسف
عندما هرع الجنود إلى الشوارع.
عندما ملأوا كل الحارات والأزقة الضيقة،
عندما أغلق الناس أبوابهم عليهم، مستذكرين أياما شبيهة أقل بؤساً؛
وقفت امرأة في الثلاثين من عمرها،
على شرفة البيت..
كان صدرها الناهد يتحدى صرخات الجنود.
هرول الجنود في كل مكان،
باستثناء جندي بدا من لهاثه المنبعث من تحت الجورب أنه متعب.
كان المرأة قد امتشقت صدرها.
وكان الجندي قد امتشق أحلامه.
حدث نفسه بأن الجنة جديرة بكل هذا الجري و"الطخ"،
إن كان فيها مثل هذه المرأة.
وعندما قرر استعجال دخول الجنة،
وهيأ نفسه للقفز من وراء السور،
أيقظه صوت الآمر:
يا مجاهد، أطلق.
وعندما أطلق المجاهد،
انبثق الشلال الأحمر من صدر المرأة الثلاثينية،
وقفز الجندي، آسفاً، يبحث عن جنة أخرى،
لا تراه فيها عين الآمر.
ـ 7 ـ
شمعة
انفجرت السماء أضواءً ونيازك،
وملأت أصوات المفرقعات الأجواء والقلوب بالفرح.
كان الأولاد يهرولون في الشوارع.
وبدأ العجائز، الراجعون من صلاة العشاء، يحصون ما تبقى لديهم من النقود،
بعد ارتفاع الضرائب والأسعار،
ليقرروا إن كانوا سيستطيعون شراء الدخان الشامي؛
فسهرة الليلة تحتاج إلى القليل من المتعة.
وكانت زغاريد النسوة المتزوجات تلعلع في الآفاق؛
فالعذارى في بلادي يستبدلن الزغاريد بالورود،
يقذفنها على رؤوس المحتفلين.
ولأنهم لا يحسنون الهروب من الملثمين أمام نسائهم،
فقد اكتفى الرجال بمنح الأولاد قطع النقد الصغيرة، لشراء المفرقعات.
امرأة أربعينية عجزاء،
فيها القليل من الرمق،
والكثير من الغواية،
وقفت لتنير الشرفة أمام عيون المحتفلين.
ألقت على مرآتها نظرة متمهلة..
أرخت خصلة الشعر من تحت المنديل قليلا..
فركت وجنتيها لتبدو أكثر شبابا..
ثم خرجت إلى الشرفة وهي تبتسم.
في يدها كانت هناك شمعة.
ومن وراء ظهرها،
على الجدار المقابل،
كانت صورة الختيار تنافس الشمعة في إضاءة المكان.
المرأة الأربعينية الغاوية أشعلت الشمعة،
ثم التفتت لتعدل صورة الختيار..
أعطت ظهرها للشارع، لتعدل صورة الختيار..
وهناك في الشارع،
وقف جندي يغطي رأسه بجورب مثقوب.
وجه فوهة البندقة ناحية الشمعة،
ثم أطلق..
عندما أحست المرأة بالنار تخترق ظهرها،
كانت قد انتهت من تعديل الصورة.
ورغم كل هذه الزغاريد التي انطلقت من أفواه النسوة المتزوجات،
ورغم كل هذا الورد الذي ألقته العذارى على رؤوس الأولاد،

نزل المطر ليعلن حزن السماء..
وعلى الجدار المقابل للشرفة،
على الجدار،
فوق الجثة،
كان وجه الختيار تغسله الدموع.
ـ 8 ـ
الأحمق الطويل
الأحمق الطويل،
الذي سعى جاهداً ليشتغل في ميليشيا الأمر الواقع،
وقف هناك على الطريق يحدق..
الأحمق الطويل،
الذي جاهد طويلاً ليشتغل إماما أو مؤذنا،
أو حتى عامل تنظيف لدورات المسجد،
وقف هناك بين الأزقة يستكشف الشارع للجنود..
الأحمق الطويل الأبيض،
الذي تشوب بياضه صلعة لامعة، تنبئ عن فحولة ذاهبة،
حمل بندقية الجندي المجروح من الحجر،
وواصل الإطلاق..
الأحمق الطويل،
ذو الجبهة الضيقة،
الذي ظنه الناس أول سكناه أستاذا،
لمجرد أنه يلبس سروالا نظيفا،
صار يجري الآن بين الأزقة، ويطلق.
الأحمق الطويل،
الذي يرتدي البنطلونات التي تشتريها له زوجته،
رأى أن أمامه الآن فرصة لكسب رزقه،
فأخذ يطلق..
الأحمق الطويل،
المحمر وجهه من كثرة لحوم الأضاحي المشوية،
عندما أصابه حجر الولد في صلعته،
وسب الرب أمام كل الجنود،
وخشي من ثم على فرصته في العمل،
هتف في وجه القائد:
أن هؤلاء كلهم كفار، ولا رب لهم.
ـ 9 ـ
الحرية
الحرية هي الحرية.
ولا شيء يمكن له أن يخدع الشعب عن الحرية.
الحرية دين،
ولا دين لمن لا حرية له.
الحرية حياة،
ولا حياة لمن كان يرسف في أغلال العبودية.
الحرية نور،
ولا نور لمن أكلت عينيه زنابير الكهوف المظلمة.
الحرية حب،
ولا حب يمكن له أن يعمر قلباً كره كل من أحسنوا إليه.
الحرية كرامة،
ولا كرامة لمن هجر التسول ليشتغل قاتلاً.
الحرية فردوس الله على هذه الأرض،
ولا قيمة للفردوس إذا خلا من كلمة فلسطين.
ـ 10 ـ
ختامه مسك
"يا أيها الناس، ضُرب مثل فاستمعوا له: إن الذين تدعون من دون الله، لَنْ يخلقوا ذباباً، ولو اجتمعوا له. وإن يسلبهم الذباب شيئاً، لا يستنقذوه منه: ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ*مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ، إنّ الله لَقَوِيٌّ عَزِيز" سورة الحج الآيتان73ـ74



#خضر_محجز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البول أيها الأخوة البول:هذا بعض ما نسمع يوم الجمعة
- تغييب الوعي وتسريد التاريخ
- في الوعي والميتافيزيقا
- على أُوْنَهْ.. على دُوِّيْهْ
- الأطفال لا يموتون
- الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين
- سلطة الديماغوجيا.. ديماغوجيا السلطة
- الشوط الرابع* لأحمد حسين: (دراسة في علاقات القوة)
- الوقائع الحقيقية هي التي تجعل النصوص أمراً ممكناً
- كل عام وأنت بخير يا غزة
- دعاء رمضان: يا إلهي، من كان قادرا على صناعة هذه المخلوقات (ا ...
- ما بعد الحداثة: الثقافة، الهوية، التفسير
- أنا بالله، وبالله أنا... يخلق الخلق، وأفنيهم أنا
- ثغثغة عمر حمش في (سيف عنترة)*
- لماذا أضعنا الفرصة - دراسة في المضمر الثقافي العربي: بداية ل ...
- حوارية الأصوات في (خيط القمر) لعمر حمش(*)
- النزعة النصية في القديم والحديث
- فصل فيما لم يقله ابن خلدون في وصول النهابة والحمير إلى أبواب ...
- فصل في جواز قتل المؤمنين بشروط
- دكاترة السودان وكنز على بابا


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خضر محجز - نسغ الحرية: لذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية