أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - السمّاح عبد الله - أغنية إلى النهار ، المشهد الثاللث















المزيد.....

أغنية إلى النهار ، المشهد الثاللث


السمّاح عبد الله
شاعر

(Alsammah Abdollah)


الحوار المتمدن-العدد: 2149 - 2008 / 1 / 3 - 12:19
المحور: الادب والفن
    



مسرحية شعرية
ـــــــــــــــــــــــــ

اَلْمَشْهَدُ الثَّالِثْ

المكان نفسه .
الرجل والمرأة يجلسان متواجهين ، الإعياء متمكن منهما .
لا كلام .

( كل فترة ينهض الرجل وينظر من الكوة ، ويعود ليجلس مرة أخرى )

الرجل :

ما زال موعدُ الشرابِ لم يَحِنْ

المرأة :

( تخاطبه وهي غير ملتفة إليه )

لم يبقَ غير تمرةٍ وحيدةٍ
ولا عشاء لي أو لك

الرجل :

( مصعوقا )

والماء ؟

المرأة :

قطرتان تعلقان في القارورة

الرجل :

وما العمل ؟

المرأة :

ليس أمامنا سوى أن ننتظر

الرجل :

ننتظر النهار ؟

المرأة :

نعم
ننتظر النهار
لأنه لابد أن يجيء

الرجل :

(يضم ركبتيه إلى صدره ، عاقدا يديه عليهما )


فترة صمت


( يرفع عينيه إليها ، وكأنه تذكر شيئا )

هل العصافيرُ ستوقظُ الموتى ؟

المرأة :

نعم
تنقر في أكتافهم
فينهضون
كي يسيروا خلفها إلى الجبل

الرجل ؟

والرجلُ البهيّ ؟

المرأة :

هناك لن تجوعَ
أو تعطشَ
أو تصدأ روحُك الظمأى إلى الجنس
ألرجل البهيُّ
والتمورُ

( تمدد جسمها في استرخاءةٍ انثويةٍ ، وتمرر يدها على بطنها ، تواصل حديثها هامسة )

وفرشةُ القشّ
وسقفُ المطرِ

( تنظر إليه )

وعدتَني بحضنٍ دافيءٍ
وقُبلتين

الرجل :

( متلعثما )

نعم وعدت
لكنني لا أستطيع أن أرفع راحتيَّ
لو قاسمتِني تمرتك الأخيرة
سأستطيع

المرأة :

( تخرج من جيب جلدتها الأيمن آخر تمرة ، ترميها له وتقول )

كُلْها كلَّها وحدك
وبعدها تعال

( تمدد جسمها على الأرض في وضع جنسيّ ، وتغمض عينيها ، تواصل حديثها هامسة )

هيا تعال

الرجل :
( يخطف التمرة ، يلتهمها ، يمضغ ، يمضغ ، يمضغ ، وعندما ينتهي يخاطب نفسه )

ليست كافية
لكنها شهيةٌ جدا
وآخرُ التمرات

المرأة :

( ما زالت تواصل نداءها الظاميء)

تعال
تعال

( يقترب الرجل من المرأة خطوة ، ثم يبتعد خطوتين ، يدور حولها ، ثم يدنو منها ، يقعي بجوارها ، يتحسس جسمها ، وفجأة ينتفض ويجري ، ممسكا بالقارورة ، تنتبه المرأة لسرقته ، تنهض خلفه ، يجري من أمامها تلاحقه ، تمسك به ، تشد القارورة منه ، يتشبث بها ، يدوران حول بعضهما وهما ممسكان بالقارورة،تقع القارورة على الأرض متكسرة ، ينبطحان على بطنهما ، يحاولان أن يمصَّا قطرتي الماء السائلتين على الأرض ، لا يفلحان ، يستلقيان على ظهرهما مجهدين )


فترة صمت


( تقف المرأة ، ترفسه برجلها عدة مرات ، يئن متوجعا وهو يتراجع ، حتى يتكوم في الركن ، تقف المرأة في مواجهته مواصلة لومه وتأنيبه )

أفسدتَ كل شيء
أفسدتَ حتى لحظة الحلم الجميلة

الرجل :

كنتُ ظامئا جدا
وكان حلقي يرتجف

المرأة :

أنا أيضا شعرت بارتجافة الروح
وبرد البدَنِ

الرجل :

وكنتُ قد قدّرتُ أن قطرةً واحدةَ تكفي لبلّ الحلقِ

المرأة :

صار جسمي مثل ريشةٍ خفيفةٍ
تصعد
حتى آخر الفرحِ
وتهوِي
لقرار الجرح
لا تبتغي منك سوى مسّ الأصابع

الرجل :

انتويتُ أخذ قطرةٍ واحدةٍ فقط
كي لا أموت

المرأة :

كنتُ أبغي قُبلةً واحدةً فقط
كي لا أموت
أفسدتَ كل شيء
أفسدتَ كل شيء

الرجل :

( مهتاجا وثائرا )

لِتَضْرِبِيني
لم يعد يهمّني
ولم يعد يوجعني ضربك لي
ولم يعد يخيفني زعيقُكِ الهادرُ
مِمَّ أخاف ؟
لم يعد لديكِ تمرةٌ
ولا قرقوشةٌ
ولا قطرةُ ماء

المرأة :

( تغير لهجتها القاسية )

ما زال في يديَّ حلمٌ
سوف نحياه معا
ما زال في جيبيَّ فرحٌ
سأرشّه على المكان
ما زال في عينيَّ حبٌّ
سوف يحبو حولنا
وينشر الأمان

الرجل :

( بيأس لا نهائي )

ما زلتِ تحلمين ؟
لم يعد ينفعنا الحلمُ
ولا الفرحُ
ولا الحبُّ
ولا الأمان

المرأة :

سيقبل النهار

الرجل :

( يقف من قعدته )

لن يقبل النهار
من هذه اللحظة فلنجلس معا
ننتظر الموت

المرأة :

اسكت

الرجل :

وحتى الانتظار لا يفيدُ
فلأذهب أنا للموت
قد حفرتُ حفرتين بجوار حفرتيْ أبي
وأمي
لي ولك

المرأة :

( بلهفة ورعب )

لا يا أخي
لا يا حبيبي
لا تدعني
لم يعد في ذلك المكان غيرنا
هيا نغني للنهارِ
فالنهارُ طيّبٌ
ويعشقُ الأغاني
اعزف
وها أنا أغني

( تتجه ببصرها للسماء ، وتبدا في الغناء ، في نفس اللحظة التي يبدأ الرجل فيها السير ، بطيئا ، متهالكا ، يائسا ، في اتجاه الحفرة )

يا أيها النهارْ
هذا المكان منذ أعوامٍ يلفه الغبارْ
يا سيدَ الشمسِ
وصاحبَ الأمطارْ
يا أجملَ الذكورِ
يا ربيبَ الفرَحِ
حُطَّ
على حيطانِ هذا المطرَحِ

( تنتبه إلى أنها تغني وحدها ، تنظر إليه يكون قد غادر المكان نهائيا ، تجري خلفه ، تصل إلى حافة المكان ، يبدو أنها تراه وهو يهبط الحفرة ، تصرخ )

لا
لا يا أخي
لا يا حبيبي
( في إنهاكٍ تام تسقط على الأرض ، تواصل غناءها
بصوتٍ يكاد لا يخرج منها )

هذا المكانُ منذ أعوامٍ
يلفه الغبارْ
وخاصمتنا الشمسُ والأمطارْ
وجسمنا مع الظلامِ
صار يابسَا
ووجهنا
أصبح عابسَا
وطال الانتظارْ
وطال الانتظارْ

( يخفت صوتها تدريجيا ، حتى لا نكاد نسمعه ، إلى أن تسكت تماما ، كأنها مغشيٌّ عليها )


فترة صمت


( ثمة أصواتٌ تصل إلى أسماعنا ، يبدأ النور يتسلل للمكان ، وشيئا فشيئا يغمر المكان كله ، تنتبه المرأةُ للتحول الفجائيّ ، تكون في حالة إعياء تامة ، تغلق عينيها وتفتحهما غير مصدقة ، تصرخ بصوت نحيل ، مبحوح ، مقتول )

جاء النهار
وها هي الأمطار
وها هي الأمطار

( تفتح فمها لتلتقط قطرات المطر ،
وقبل أن تتزوقها ، تسقط ميتة )

ستار


النهــاية

{ نشر المشهد الأول من هذه المسرحية الشعرية في عدد الحوار الوطني رقم 2145 الأحد 30 ديسمبر 2007 ، ونشر المشهد الثاني في عدد رقم 2174 الثلاثاء 1 يناير 2008 }

==========
السمّاح عبد الله
==========



#السمّاح_عبد_الله (هاشتاغ)       Alsammah_Abdollah#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أغنية ألى النهار ، المشهد الثاني
- أغنية إلى النهار ، المشهد الأول
- القرويون ليلة رأس السنة
- تهيئة الفرحان
- أماسي مرفوعة
- خسران
- وجودو تأخر أكثر مما يجب
- لوركا
- نذر
- نشيد
- حواف الجنة
- لسش تدل عليك الحقول
- ليس تدل عليك الحقول
- وشكل أحبابه في الدخان
- آدم
- عم صباحا حبيبي
- كان الباب شبه مغلق
- أبو نواس
- وحشة الليل الخطيء
- شجر الحواف


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - السمّاح عبد الله - أغنية إلى النهار ، المشهد الثاللث