قلب تاريخي

منير شحود

الحوار المتمدن-العدد: 665 - 2003 / 11 / 27 - 04:28
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

لقد اكتشفت, متأخرا, أن بعض المسؤولين لا يفرقون بين مؤسسات المجتمع ومزارعهم الخاصة بسبب طول إقامتهم في هذه المؤسسات – المزارع. إذ اعتقدت, لفرط سذاجتي, أن العمل المؤسساتي يهدف إلى خدمة المصلحة العامة في مؤسسة تتبع القطاع العام!. وانطلاقا من كل ما سبق أعلن صراحة وعلى رؤوس الأشهاد برنامجا تاريخيا انقلابيا يتلخص بالآتي:
1.  إدانتي للمواطن الروماني "سبارتاكوس" على اقترافه التحريض على العصيان وقيادته ثورة العبيد باعتبار فعلته هذه سابقة تاريخية خطيرة تزعزع الاستقرار وتطيح بالسلم الاجتماعي وأطلب محاكمته؛ واستبقها بطلب نبش رفاته والتمثيل بها عقابا له على عصيانه الأحمق!.
2.  شجب واستنكار جميع أشكال مزاعم  دعاة عصر النهضة والتنوير في أوروبا, ومقلديهم من أصحاب النوايا الحسنة والسيئة في باقي أنحاء المعمورة, بسبب بدعهم المتعلقة بحقوق الإنسان وحرية الفرد والمجتمع المدني والديمقراطية, والتي ما كان لها أن تظهر لولا التربة الخصبة التي وفرتها لها الرأسمالية الشمطاء وابنتها الإمبريالية المسعورة وحفيدتها الجاحدة العولمة!.
3.  اعتبار كل مواطن  تسول له نفسه الحديث عن الإصلاح والتغيير, بدءاً بـ "مارتن لوثر" وانتهاءً بمحاولة انتخاب عريف الصف في إحدى مدارس "زيمبابوي", محرضا على العنف وضاربا عرض الحائط بهيبة الأمة وموهنا لعزيمتها, في الوقت الذي تتصدى فيه لكافة أشكال العدوان والمؤامرات.
4.  إعلان كتاب (قصة الحضارة) مجرد كذبة تاريخية!. وأدعو لحرقه في مهرجان حاشد بعد مسيرة زاحفة.
5.  استلهام قيم القرون الوسطى الغراء وأمجادها, وأعمال مبدعيها من مجوس وعرب وعجم, وتعزيز الوحدة الوطنية بالاعتراف بالقيان والجواري والغلمان مواطنين أحرارا. واعتماد "ألف ليلة وليلة" دستورا معصوما تسرح فيه رعيتى وتمرح.
6.  دعوة أحد مقدمي البرامج الشرطوية في التلفزيون ليشغل منصب رئيس الشرطة متمتعا بكافة الصلاحيات القضائية, مع علاوة محقق اكسبرس مع كل من تسول له نفسه العبث بأموال الآخرين, ومن ثم تبذيرها في أماكن اللهو على الملذات الخاصة.
7.  مزرعةُ وخصخصة المؤسسات العامة وتحويلها إلى مزارع إقطاعية نموذجية يملكها الأسياد ويعمل فيها المواطنون أجراء متساويين تفاديا للنزاعات الطبقية. مع القيام بدورات تدريبية تأهيلية لهؤلاء الأجراء, يتعلمون فيها الانحناء بتواضع على الطريقة اليابانية, ومن ثم تطويرها لاحقا للسجود بغية بزِّ اليابانيين وتحديث عاداتهم.
8.  وعلى الصعيد الثقافي, وفي مجال الغناء, سأعيد الاعتبار لمواطنتي "رويدة عطية" بعد أن فشلت في الانتخابات التيوديمقراطية في التلفزيون الحريري. وبخصوص المسرح فسأحاول جاهدا إقناع الراحل الكبير " سعد الله ونوس" بالتعاون مع اتحاد الكتاب العرب في القرون اللاحقة بهدف تطوير مسرح "التطبيل والتزمير" شريطة أن يتخلى عن عبارته الشهيرة: "إننا محكومون بالأمل"!. وسيضم المتحف الوطني تماثيل مذيعي التلفاز حرصا على الذاكرة الوطنية.
9.  وفي المجال العلمي, وبقصد التوفير والتقتير والحرص, أعلن اختلافي في الرأي مع هارون الرشيد والمأمون, فأغلق الجامعات وأحولها إلى "أسواق الهيل", مع تشغيل أساتذتها في النقل والترجمة والسطو على التراث العالمي, ومنحهم مقدار وزن كتبهم خبزا وعيشا.
10.  وعلى الصعيد السياسي ستحل الإدارة القائمقامية والشامانية عوضا عن السياسات القوموية والقومجية والأصولوية والماركسوية. وأعتمد الجاهلية مرجعية إيديولوجية.  وسيتحول البرلمان إلى مسرح الدمى ويتبع وزارة الثقافة والسياقة. وذلك ضمانا لوحدة مملكتي العتيدة بجبهاتها وتجمعاتها وأحزابها المعارضة منها والموالية.
11.  وسيكون بيت المال تحت تصرفي شخصيا, أو من ينوب عني من ذوي القربى. أجمع المال بالدنانير من فقراء رعيتي قبل أغنيائهم, وأغرف منه الدراهم لألقيها على الشعراء المداحين والكتبة المأجورين والعسس الميامين. وسأتكرم على رعيتي بما يسد الرمق, وأفتح حدودي ليهاجروا منها إلى بلاد العجم. وسأقوض, غير آسف, نظريات الاقتصاد العتيدة بدءا بـ "آدم سميث" مرورا بـ "ماركس" وانتهاء بآخر موضات عولمة الاقتصاد.
12.  وأحرس ثغور البلاد بجيش عرمرم ينام فيها بسلام واطمئنان, بعد تفنيد مزاعم جهابذة الحرب التقليدية كـ "رومل" و "جوكوف"  و"منتغمري", وأبطال حروب العصابات مثل الجنرال "جياب" و" غيفارا", ومن لف لفهم وخاض الحروب على منوالهم. 
13.  وسأعيد الحمام الزاجل إلى سابق عهده في مجال الاتصالات والأخبار, وأطيح بالخليوي والراديو والتلفاز. وتحل إدارة نسوانية لتقصي الأخبار وتحليلها ورسم السياسات المبدئية, وذلك عوضا عن وكالات الأنباء والصحافة. والسلام عليكم ......

#منير_شحود (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات