أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - السمّاح عبد الله - أغنية ألى النهار ، المشهد الثاني















المزيد.....

أغنية ألى النهار ، المشهد الثاني


السمّاح عبد الله
شاعر

(Alsammah Abdollah)


الحوار المتمدن-العدد: 2147 - 2008 / 1 / 1 - 09:33
المحور: الادب والفن
    



مسرحية شعرية
ـــــــــــــــــــــــــ

اَلْمَشْهَدُ الثَّانِي

المكان نفسه .
في المنتصف تجلس المرأة ، وأمامها الرجل ، وعلى مسافة منهما يجلس الأب الرجل والأب في حالة إعياء وانهاك تامة ، غير أن الأب يكاد يشرف على الموت

الأب :

( بصوت يكاد لا يخرج منه )

أريدُ قطرةً واحدةً فقط
أبُلُّ شفتيَّ
لي يومان لم آكلْ ولم أشربْ
لِتَرْحَمِينِي يا بُنَيّتي

المرأة :

( تضربه بفرع الشجرة على رأسه )

منذ جلستَ معنا
وأنتَ لا تملّ من تكرار ذلك الهُراءِ
ليتني ما جئتُ بك
ليتني تركتُ جسمك العجوزَ في الغبار
لكي تموتَ مصلوبا
وحيدًا
ناشِفًا
على فروع الشجْرة الناشِفة العجوز

( تعاود ضربه مرّة أخرى )

إن لم تكن مللتَ من تكراره
فقد مللتُ من سماعه
ماذا تريد أن تفعل بعد كل ما فعلت ؟
عشتَ كثيرًا
وتزوّجتَ
وأنجبتَ
كنتَ في هذا المكان
عندما كان به عشرون رجلا وامرأةً
وكان كل رجلٍ
يأكل وحده أربعَ تمراتٍ
ويستمتع بالنهار
كان النهار يملأ المكان
وكنتَ تستطيعُ أن تجلسَ في الشمسِ
تمدّ رجليك
لتشربا منها
وتمنحاك خَدَرًا حلوًا لذيذًا
يتمشَّى في حناياكَ
فتسترخي
أما اكتفيت ؟
أما شبعت ؟

الرجل :

( متهالكا )

أريدُ تمرةً أخرى
وقطرةً واحدةً
كي أستطيعَ أن أقبلك

المرأة :

( باستهزاء وهي تقلده )

كي أستطيع أن أقبلك !

( تواصل حديثها كالحالمة )

إني أريدُ أن تفي بوعدك القديم
أريدُ ليلةً دافئةً كاملةً
تبدأها بالقبلاتِ
وتضُمُّني بكفَّتيكَ
ناهداي لم يمسّا منذ أعوامٍ بعيدةٍ
أريد أن تجوسَ راحتاك في بطني
وفي فخْذيْ
أريدُ أن تفعلَ فيَّ ما سمعناه من الجدود
عندما كان هنا في ذلك المكانِ
عشرون امرأة
وحفنةٌ من الرجال
وكان كل رجلٍ وامرأةٍ
يُمَضّيَانِ ليلةً دافئةً كاملةً
على الأقلِ مرّتين في السنة

( تنظر للرجل وكأنها تذكرتْ شيئا )

هل أنتَ خالي أم أخي ؟

الأب :

( بصوت شديد الانهاك )

أريدُ قطرةً واحدةً فقط

الرجل :

أظنني أخوكِ
كانت أمنا تحملنا على ذراعيها معا
كنتُ أنا أطولَ منكِ
كنتِ تَحْبِينَ ولا تمشِين مثلي

المرأة :

لا
أظن أن أمي ولدتك من أبيها
الأب :
قطرةً واحدةً

المرأة :

( تواصل حديثها )

سمعتُها تقول مرةً
إن أباها وأبي قد منحاها ليلةً دافئةً
ذات يوم
وبعدها حملتْ
وكنتَ أنت

الرجل :

من تستطيعُ أن تقولَ إن رجلا بعينه
أبو ابنِها ؟
إن النساءَ يضطجِعْنَ للرجالِ
مثلما يأكلنَ أو يشربْنَ
أو يمشِينَ أو يقعُدْنَ
أو يبكِينَ أو يضحَكن
وفجأةً
تمتليءُ البطونُ بالأبناء
المرأة :
هذا زمانٌ مرّ
عندما كان الرجالُ يملأون ذلك المكان
وعندما كان الرجالُ قادرينَ

الأب :

قطرةً

المرأة :

وعندما كان لدينا شجرٌ
ومطرٌ
وخشبٌ
ونارْ
وعندما كان يجيئنا النهارْ

( تنظر لأبيها باشمئزازٍ ،وتخاطبه )

إذا وافقتَ أن تموت
أعطيك تمرةً
وقطرتيْ ماءٍ
وقرقوشة

الأب :

( في إنهاك تام )

موافقٌ موافقْ

المرأة :

وإن عاندتَ

الأب :

كلا سأموتُ

( تخرج من جيب جلدتها الأيمن تمرةً ، تدقق النظر فيها مليا ، وتقول )

تمرةٌ كبيرةٌ
وأنتَ هكذا أو هكذا ميّت

( تعيدها ، وتخرج غيرها ، أقل حجما ، ينهض الرجل مستندا على الحائط ، ويبدأ في الاقتراب منهما ، ترمي المرأةُ التمرة على الأرض ، فينقض الرجل ليخطفها ، فتضربه المرأة بفرع الشجرة على مؤخرته ، فتقع التمرة بجوار الأب ، الذي يمد يده بسرعة ، ويلتقطها يضعها في فمه بلهفة ، ويلتهمها ، يستمد بعض القوة ليسند جسمه على الحائط ، وبعد أن يمضغها يقول )

الأب :

وعدتِني بقطرتيْ ماءٍ
وقرقوشة

المرأة :

نعم وأنت
وافقتَ أن تموت

الأب :

نعم نعم

المرأة :

( تخرج من جيب جلدتها الأيسر قارورة الماء ، يبدأ الرجل في الدوران حول المرأة والأب ، بينما ينبطح الأب على ظهره ، رافعا يديه الاثنتين في لهفة ، وفاتحا فمه على آخره ، تسقط المرأة قطرة في فيه ، وتقول )

ألقطرةُ الأولى

الأب :

إلىَّ بالأخرى
إلىَّ بالأخرى

المرأة :

( تسقط القطرة الثانية ، مازال الرجل
يدور حولهما ، تقول )

ألقطرةُ الأخرى

( تعيد القارورة لجيب جلدتها )

الأب :

( ينهض ، وكأنه استعاد بعض قدرته
على الحركة ، يمد يده إليها كالمتسول)

وعدتِني أيضا بقرقوشة

المرأة :

( ترفع الحجر المعقوف ، وتخرج قرقوشة ، وترميها إليه ، يهم الرجل بالتقاطها ، فيسبقه الأب )

وها أنا وفيتُ بالوعد
منحتُك التمرةَ
والقرقوشة
وقطرتيْ ماءٍ

الأب :

( يقول مستجديا ، وهو ممسكٌ بالقرقوشة )

أريد قطرةً واحدةً فقط
أبُلُها بها

المرأة :

ليس لدىّ أيّ شيءٍ آخرٍ لأجلك

الأب :

لا بأس
فلأفتتها بإصبعيَّ
ثم أزدردها كأنها تمرة

( يقسم القرقوشة إلى نصفين ، والنصف إلى نصفين ، وهكذا حتى تصبح قطعا صغيرة ، فيفركها كلها بيديه ، ثم يلقي بها في فمه . بعدها يتسمر مكانه )

المرأة :

( بحسم )
آن أوانُ الموت

الأب :

( مرتجفا ، ومرتعبا )

أمهليني لغدٍ
أريد أن أكمل هذا اليوم
لن أحتاجَ تمرةً
ولا ماءَ
فقط
أريدُ أن أعيش بعضَ الوقت

المرأة :

( تتقدم إليه ، تغير لهجتها ، وتخاطبه كالحالمة )

ألموتُ ليس سيئا كما تظن
فعندما تنام في الحفرة
ويلفك الترابُ
سوف تأتيك عصافيرٌ ملوّنة
تدور حول كتفيك
وتنفض الترابَ عن عينيك
وتطلق الزقزقة الجميلة
فتفيق
وعلى مرمى البصر
ستبصر الجبل
ألجبلُ الذي تأوي إليه
هذه العصافيرُ الملوّنة
انهض
وسِرْ وراءها
وكلما خطوتَ خطوةً إليه
ستحسّ أن الشمسَ من ورائه
تبدأ في الشروق

الأب

تبدأ في الشروقْ ؟

المرأة :

وكلما اقتربتَ منه
يبدأ النهارُ

الأب :

يبدأ النهارُ ؟

المرأة :

فاصعد الجبل
فثَمّ رجلٌ يستقبل الموتى
بهيٌّ
رائعٌ
وطيّبُ الكلام
يمدّ كفه اليمنى إليك
مملوءة تمرا

الأب :

مملوءة تمرا

المرأة :

وكفّه اليسرى
بها خبزٌ طريٌّ لا تبلّه بالماء

الأب :

خبزٌ طريٌّ لا أبله بالماء ؟

المرأة :

وبعدها
سيهطل المطر
تشرب منه ملء راحتيكَ
سيكون حولك الماءُ
ولا تشربه
ويكون حولك التمرُ
ولا تأكلُه

الأب :

( يبدأ في السير وهو يردد كلامها
وراءها كالمأخوذ )

حوليَ التمرُ ولا آكله

المرأة :

وبعدها
سيحضر الرجلُ البهيُّ
امرأةً مغسولةً
يدعوكما للاضطجاعِ
فوق فرشةٍ من القشّ
وسقفٍ من مطر

الأب :

فرشة من القشّ
وسقف من مطر ؟

المرأة :

نعم نعم
وسقف من مطر

( تنظر للناحية الأخرى ، وتوجه
حديثها للرجل )

إذهب به
وعد من غيره

الرجل :

هيا بنا يا أبتي

( يشده من يده ، ويمشيان معا )


ستار

= يتبع =

{ نشر المشهد الأول من هذه المسرحية الشعرية في عدد الحوار الوطني رقم 2145 الأحد 30 ديسمبر 2007 }

==========
السمّاح عبد الله
==========



#السمّاح_عبد_الله (هاشتاغ)       Alsammah_Abdollah#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أغنية إلى النهار ، المشهد الأول
- القرويون ليلة رأس السنة
- تهيئة الفرحان
- أماسي مرفوعة
- خسران
- وجودو تأخر أكثر مما يجب
- لوركا
- نذر
- نشيد
- حواف الجنة
- لسش تدل عليك الحقول
- ليس تدل عليك الحقول
- وشكل أحبابه في الدخان
- آدم
- عم صباحا حبيبي
- كان الباب شبه مغلق
- أبو نواس
- وحشة الليل الخطيء
- شجر الحواف
- تخطيطة العاشق الساذج


المزيد.....




- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - السمّاح عبد الله - أغنية ألى النهار ، المشهد الثاني