أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبدالحسين الساعدي - مقاومة مدينة الكاظمية عام 1963














المزيد.....

مقاومة مدينة الكاظمية عام 1963


عبدالحسين الساعدي

الحوار المتمدن-العدد: 2147 - 2008 / 1 / 1 - 08:20
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


مثل كل المدن الأبية الرافضة الذل والخنوع ، ومثل كل المدن الجميلة التي تأنف أن تسكنها خفافيش الظلام كانت مدن العراق على موعد مع قدرها في مقاومة أنقلابيي شباط الأسود الذين وأدوا ثورة تموز وهي ما تزال فتية ، وأدوا حلم الكادحين والفقراء والمثقفين والأحرار برؤية غدٍ مشرق خالٍ من الظلم والعذاب والعوز والفاقة .
لقد بدأت علامات الردة والمؤامرة تلوح في الأفق القريب ، وأخذت تتسرب الإشاعات بوجود ردة سوداء لقلب نظام الحكم الجمهوري الأول ، فبادر المخلصون من أبناء هذا الشعب وقواه وطلائعه الثورية الى التنبيه للخطر القادم والمحدق بالثورة والشعب والوطن ، إلا أن تهاون ولا أبالية قيادة
( عبدالكريم قاسم ) كانا يشجعان الآنقلابيين على المضي في تنفيذ مخططهم الدموي الأسود .
لقد حل الثامن من شباط عام ألف وتسعمائة وثلاثة وستين ليعلن عن ذبح الثورة من الوريد الى الوريد ، وليقيم عرس الدم السادي ، والذي لم يفرق بين هذا وذاك ، فقد طال حمام الدم المجنون هذا قيادة الثورة والشخصيات الوطنية والمناضلين والشرفاء من أبناء الشعب ، وكل من يقف بوجه الردة الصفراء التي أحالت المدن والشوارع والملاعب الى جحيم لايطاق ، وأستبيحت الحرمات على أيدي القتلة المتعطشين للدماء البريئة .
أخذت الدبابات تزمجر بسرفها وتدخل وتستبيح المدن العراقية الواحدة تلو الأخرى ، وتقتل كل من يقف في طريقها وتعتقل من تشاء وعلى الشبهة ، وأصبحت البلاد في هرج ومرج ، ومشاهد الخراب الذي حل نتيجة دخول الدبابات والقصف للأحياء السكنية ظاهر للعيان لا سيما الشعبية منها والتي كانت تشكل القاعدة الجماهيرية لثورة تموز ، حيث أبدت رفضها لقدوم الأنقلابيين الذين أتوا على ظهور الدبابات الأمريكية كما أعلن عن ذلك قادة الآنقلاب .
أنبرت المدن بجماهيرها للدفاع عن الثورة والوقوف بوجه الأنقلابيين ، ولم تكن جماهير هذه المدن تنتمي لحزب بذاته أو لطائفة أو قومية أو فئة معينة ، بل كانت تنتمي لهذا البلد الذي أسمه العراق ، وما كان دفاعها عن شخص الزعيم بحد ذاته أنما خرجت على بكرة أبيها لتدافع عن الثورة المباركة وعن منجزاتها والمكاسب التي تحققت ، والأحلام المعقودة على تقدم العراق وآزدهاره ولكي تمنع خفافيش الردة من أن تعشش في مدن وأحياء أخذت ترى النور آنئذٍ وتتنفس الصعداء بفضل الثورة المباركة .
الكاظمية واحدة من تلك المدن الأبية التي رفضت أن تفتح أبوابها للآنقلابيين ، وخرجت الجماهير وبشكل عشوائي الى الشوارع للسيطرة على المباني الحكومية والمراكز الحساسة ، وقطع الطرق الرئيسة ، وغلق مداخل المدينة أمام دخول الدبابات والقوات العسكرية المؤتمرة بأمرة الأنقلابيين ، خرجت هذه الجماهير وهي عزلاء من أي سلاح إلا من إيمانها وآندفاعها العفوي وحبها للثورة وحنقاً على قوى الردة .
لقد وضعت قيادة المقاومة التي آنبثقت وتشكلت ساعة سماعها خبر الآنقلاب خطة للسيطرة على مبنى القائمقامية ومركز الشرطة الملحق بها ، وفعلاً سقط هذا الهدف في الساعة الأولى بيد المقاومين دون مقاومة تذكر ، ثم تقرر آتخاذ مبنى أعدادية الكاظمية مقراً لقيادة المقاومة نظراً لموقعها المثالي ، بعد ذلك تقرر الهجوم والسيطرة على قاطع شرطة النجدة ، حيث يشكل الهدف الستراتيجي الثاني بعد مركز الشرطة ، وتم فعلاً إسقاط هذا الهدف بعد معركة بطولية خاطفة وأصبحت المدينة برمتها بيد الأهالي المقاومين .
بالرغم من السيطرة على الأهداف الحيوية داخل المدينة فضلاً عن مداخلها الرئيسة ، وبعد إن قسمت المدينة الى قاطعين شمالي وجنوبي ، إلا أن القوات العسكرية الحكومية الزاحفة صوب المدينة كانت بالحجم والتسليح ما يفوق حجم المقاومين وتسليحهم ما أدى الى قلب المعادلة لصالح القوات الحكومية خاصة بعد إن خدعت الجماهير المقاومة برفع صورة الزعيم ( عبد الكريم قاسم ) على الدبابات الزاحفة على المدينة موهمة تلك الجماهير بأنها قوات صديقة .
لقد تم الدخول للمدينة وجرى آسترجاع قاطع شرطة النجدة والقائمقامية ومركز الشرطة ، وأنتشر الجيش في المدينة بعد إن بدأت الدبابات والمدفعية بدك المدينة بالقنابل الثقيلة ما جعل المقاومون ينسحبون الى داخل الأزقة الضيقة التي يصعب على الدبابات والآليات الدخول إليها ، وبدأت صفحة جديدة من القتال داخل أزقة الكاظمية الضيقة .
بعد أن آتخذت قيادة المقاومة قرارها بالآنسحاب من إعدادية الكاظمية ، وحث الجماهير على الآنسحاب والتراجع التكتيكي والآختفاء والتواري عن الأنظار حفاظاً على أرواح الجماهير والأهالي في معركة غير متكافئة .
في هذه الصفحة ضرب المقاومون آيات من البطولة والشجاعة في التصدي للقوات الحكومية ، وكان الشهيد سعيد متروك رمزاً لهذه المقاومة ، فقد قاوم الآنقلابيين بعد إن جرح في الآشتباكات مع إحدى الدبابات ، فتم تعقبه من قبل العسكر والتمكن من أعتقاله وآقتياده الى خارج داره وتنفيذ حكم الإعدام به رمياً بالرصاص ، أعدم سعيد متروك على جدار إحدى المدارس في منطقة المحيط القديم بعد إن رفض وبكل أباء أن تعصب عيناه فصرع شهيداً وهو واقف يهتف بحياة الشعب وموت القتلة الساديين ، وقد لقبته الجماهير على أثرها بـ ( قمر الكاظمية ) ، وبذلك طويت إحدى صفحات النضال المجيد والمشرف ، ولكن لم تطفأ جذوة المقاومة والنضال البطولي عند الشعب العراقي .





#عبدالحسين_الساعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سجن الكوت وداعاً والى الأبد
- - سيدة الأعصر - مهداة الى مهناز (1)
- المتحف
- إنتفاضة الحي 1956 .... ذاكرة تتجدد
- المجد لذكرى أنتفاضة تشرين الثاني عام 1952
- أي قنون للآستثمار نريد ؟
- كابوس
- ذاكرة
- في ذكرى منفى بدرة الحدودي
- العراق _الإدارة والدولة الحديثة
- مقصلة الفجر
- صرخة الموتى
- المسخ
- فضاءٌ رحبٌ
- يوم السلم واللاعنف في العالم 2/10
- عودة الدرويش
- العالم أجمل دون نظارات ......... قصة قصيرة
- ثمالة الكأس : قصة قصيرة
- الذروة
- أوبرا عايدة


المزيد.....




- روسيا تدعي أن منفذي -هجوم موسكو- مدعومون من أوكرانيا دون مشا ...
- إخراج -ثعبان بحر- بطول 30 سم من أحشاء رجل فيتنامي دخل من منط ...
- سلسلة حرائق متتالية في مصر تثير غضب وتحليلات المواطنين
- عباس يمنح الحكومة الجديدة الثقة في ظل غياب المجلس التشريعي
- -البركان والكاتيوشا-.. صواريخ -حزب الله- تضرب مستوطنتين إسرا ...
- أولمرت: حكومة نتنياهو تقفز في الظلام ومسكونة بفكرة -حرب نهاي ...
- لافروف: أرمينيا تسعى عمدا إلى تدمير العلاقات مع روسيا
- فنلندا: معاهدة الدفاع مع الولايات المتحدة من شأنها أن تقوض س ...
- هجوم موسكو: بوتين لا يعتزم لقاء عائلات الضحايا وواشنطن تندد ...
- الجيش السوداني يعلن السيطرة على جسر يربط أمبدة وأم درمان


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبدالحسين الساعدي - مقاومة مدينة الكاظمية عام 1963