أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - المنصور جعفر - الحفارين وأهل الطبقات















المزيد.....



الحفارين وأهل الطبقات


المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)


الحوار المتمدن-العدد: 2146 - 2007 / 12 / 31 - 11:02
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


يعرض هذا المقال الكتاب لبعض ظروف نشوء وتكون حركات الحفارين وأهل الطبقات وهي من حركات عموم العمال والكادحين التي حدثت في إنجلترا زمان ما قبل تحكم رأس المال في هذه الجزيرة المتوسطة بين شمال أوربا وجنوبها. وهو التحكم الذي إنطلقت منه الرأسمالية بعنف الإستعمار لتتحكم في كثير من بلاد ومجتمعات العالم، مستغلة ومهمشة لها، وإذ ينشر هذا المقال الطويل والكتاب البسيط بعض أخبار هذه الحركات المطمورة في كتب التاريخ بحكايا الملوك وغزواتهم وجمال قصورهم وإحتفالات زواجهم، وسيرورة نشوء أولياء العهد وأمراء العرش فهدفه من تحرير قصة النضال القديم لحركات المستضعفين أن يظهر للقراء جزءاً قيماً من التاريخ الثوري في أوربا حجبته كثير من ظروف السياسة وظروف النشر ولم تزل، كما يقدم هذا المقال ترجمة لبعض دعاوى ووثائق هذه الحركات، مع ذكر بعض ما كان من أمرها، لعل تدبر ما كان من أمرها وتمحيصه وحصحصته والإتعاظ بنقاط قوته ونقاط ضعفه في الظروف المختلفة وتقدير تناسبها مع حالنا قد يفيد البعض في تدارك بعض أمور مجتمعاتنا بذخيرة حية من عظات نضال تلك الآيام وعِبره.
1- ماهي حركات الحفارين وأهل الطبقات؟

هي بعض من الحركات الثورية التي وسمت جوانباً متنوعة عددا من تاريخ بلاد إنجلترا على مشارف مرحلة الرأسمالية الكبرى، وقد تبلورت حركات الحفارين The Diggers وشقيقتها حركة (أهل الطبقات)The Levellers وتكونت من إرث إحتجاجي وإنتفاضي وثوري طويل في تلك البلاد، أبرزه ما كان ممتداً ما بين سنوات 1066 و1715 وهي سنوات نهاية الإستعباد الداخلي وتبلور الإقطاع بشكله العسكري الديني داخل إنجلترا ثم أفوله وبداية تبلور رأسمالية إيلاف المال والتجارة مع توسعات حرف وأعمال الصناعة والتمويل. وقد إمتدت آثار تلك الحركات بإحتجاجات عمالية ونسوية وجماهيرية من أواسط القرن السابع عشر إلى سنة 2003 ولم تزل متأججة حتى الآن. وهي سنوات بروز الرأسمالية والإستعمارالقديم كنظام إقطاع دولي إستمر إلى ستينيات القرن العشرين ثم تحور إلى شكل إستعمارحديث، وكذلك بمزيج من الشكلين الإستعماريين في الوقت الحاضر.

وقد ظهرت هذه الحركات كما في كل مراحل التاريخ الإنجليزي بتأثير حاجات ومطالب متنوعة إقتصادية إجتماعية وسياسية وثقافية تعلقت جميعها بأمور رئيسة في حكم موارد العيش ونمط توزيع آلاته وجهوده وثمراته بين الناس رأساً وأُفقـاً بما في هذه الأمور من جدل الطبقات وجدل الأقاليم، وجدل أمور التعامل بينها أو معها، وكذا الجدل بين فئاتها وبين أفرادها، وما يواشجها من أمور اللغة وأمور الدين، والهيئة السياسية لإنتظام أو تدافع جُل هذه التعاملات والتقاسيم البشرية.

وقد كانت حركات الحفارين وحركات أهل الطبقات على تنوعها محلاً لنشاطات متشابهة ولأسماء عدداً في تبلورها، فمنها ما حاز وإنفرد بإسم "الطبقات"The Levellers على مافي الكلمة الإنجليزية من مخاتلة تربطهم بالتطلع والتسلق والإنتهازية وكذا ما سمي بإسم "الحفارين" The Diggers من حرث الأرض وحفر المناجم، وقتكانت الأعمال بسيطة في نوعها وقليلة في عددها وشاقة مهلكة في القيام بها آنذاك الزمان الزراعي الإقطاعي حديث التجارة. وقد رمت هذي الحركات الشعبية الثورية التي وضح أمرها في عشيـة النصف الثاني للقرن السابع عشر في تخوم السنوات من 1640 إلى 1650 إلى تحقيق نوع من الحرية والإشتراكية والتعاضد في أمور العيش قائم على إزالة وإلغاء الملكية الخاصة لوسائل عيش المجتمع، ومنع إنفراد أحد بأمورها بين الناس لحاله.

وقد كان الحفارين وكثير من أهل الطبقات حينذاك القرن السابع عشر محرومين من أسباب ووسائل العيش وأياديـه: فلا أرض يزرعونها ويقتاتون منها ولا عمل مأجور يتكسبون منه، حتى بدأت تجمعاتهم حول المدن والقرى تتكسب من إحياء الأرض الميتة ومن خشب الغابات، وقد كان كسبهم في تدافع ونزاع مع الإقطاعيين وأتباعهم الذين ما إن يروا إنبات الحفارين وأهل الطبقات للأرض وحُسن كُفرهم أو إثمارهم لها حتى يأتون لنزعها وغنمها منهم بمغالطات وحجج تملك أو حجج إرتفاق أو إنتفاع أو بدعاوى حماية عرض المنطقة أو توقي خطر وغيرها من حجج ما أنزل الله بها من سلطان.

وقد كان بعض أسلاف الحفارين وأهل الطبقات قبل هذه الحالة من الثوار الذي مهدوا للحكم النورماني(الفرنسي) الجديد لإنجلترا وقد كانوا في النظام المشاعي القديم أصحاب أراضي ومهن وإن ألهاهم التكاثر حينها فقد ألقوا بأيدي حياتهم في التهلكة وجارت عليهم الآيام بنظام معاملة وتبادل المنافع بالنقود بموازينه المطففة، كما جارت عليهم بالضرائب المرهقة والجبايات فحرموا بالسلبين تدرجاً من موارد الرزق وحقوقه وحرياته. و إذ تثاقلت عليهم الأعباء وقد خفت موازينهم وقل زادهم وضاقت عليهم الأرض بما رحبت بما فرضته على عموم الناس ظروف وتطورات التملك الحربي القديم لأمور إنجلترا وأراضيها منذ عهود صراع الفايكنغ وأهل شمال أوربا وسكاسونيا Normans ضد الرومان وأهل جنوب أوربا طوال القرون الممتدة بين سنوات 70م وسنوات 1066. وقد كان النزاع بين أهل شمال أوربا وأهل جنوب أوربا حول أمر الجزيرتين البريطانية والآيرلاندية الكائنتين بينهما قائما طوال قرون عددا حتى فاز بها سنة 1066 نورمان فرنسا منتصرين بالقوة على حكم أسلافهم الشماليين منهم والجنوبيين للجزيرتين البريطانية والآيرلاندية وطردوهم منها وقهروهم فيها حيث تولى وليم الفاتحWilliam the Conqueror أمر إنجلترا حاصراً مواردها في حساب دقيق لئيم عرف سخرية بـ"حساب يوم القيامة" حيث كان في شدته ألئم وأفظع من حصر عبدالله بن أبي السرح موارد مصر حين وليي عليها. وككل الغزاة أقطع الفاتح وليم نواحي إنجلترا على قادته ونصرائه وأعفى محاسيبه تجار لندن الذين كان أولياءهم وأحبارهم في فرنسا قد مولوا غزوه ضد حكم إنجلترا القديم ناجين به من عنت كثير كان محيقاً بهم قبله.

وقد تكونت من ذلك (الفتح) وآثاره طبقتان كبيرتان: طبقة سيدة حاكمة هي طبقة السادة واللوردات، وطبقة أخرى عاملة محكومة تضم عامة الناس من الفلاحين والعمال والمستضعفين في الأرض كثيراً ما أجملت بإسم "الحفارين" وكانت بين الطبقتين طبقة ثالثة منافقة لهما عظمها من شرائح السوق City وهي تبيع خدماتها للملوك والسادة وتتكسب عندهم بمظاهر ومطالب البؤساء ودعاوى خدمة حاجاتهم وتحقيق بعض مطالبهم وآمالهم.

وبين هذه الطبقات الثلاث كان هناك صراع شديد حول السيطرة (= الديكتاتورية) على موارد العيش والحياة وكان ميزان ذاك الصراع هو ملك الأرض ومنافعها. بينما كانت الغلبة في تملك الأرض في هذا الصراع الطبقي وغيره للقوة القاهرة وجيشها إذ تعلو كفة القوة الباطشة على كفة حقوق وطموح بقية البشر إلى العيش في سلام. وقد تبلورت في هذا الأتون وملكياته وثوراته حركات جماعات الحفارين وحركة أهل الطبقات وحركات اخرى مشابهة. وكانت حركات الحفارين بقيادة أخو الصفا الرفيق جيرارد وينستانليGerrard Winstanley تبتغي للعامة حرية وحق الضرب في الأرض والرزق منها والنفع بها في إشتراكية وسواسية وعطاء.

وكان جيرارد وينستانلي قد تأثر في رفاقيته هذه بدعاوى العمرانية (الماسونية) مُذكان تاجراً لندنياً فخيماً مثقفاً، حيث كُلُف من تباين أحوال الناس حوله وتغير أحوال سوقه بدعاوى وأصول الحرية في العمل والسواء في الحقوق والتعاضد بين الناس في التنفع بأرض شيوع مشاع ملكها وكدحها وخيرها ونذر نفسه لذلك متجرداً من كل أمرٍ ناصب ومن كل أمرٍ جازم.

كذلك تبلورت حركات أهل الطبقات من عامة الحفارين واهل الطبقة الوسيطة بقيادة جون ليلبورن John Lilbourn وريتشارد أوفيرتون Richard Overton وتوماس برينس Thomas Princeوويليام فالوين William Walwyn وقد كانوا إذ تشتغل فيهم ضرورات وتوقعات التغيير السياسي هادفين إلى تمثيل رأي الناس عامة وكافة في سلطان أمرهم وفي حكم شؤون عيشهم رابطين ذلك الحكم وتمثيل مصالحهم فيه بتحقيق بإنتخاب الناس بشكل دوري عام لنوابهم ورؤساءهم، وإقرار الدولة لحريات الإعتقاد والتنظيم والتعبير، وتحكم المجتمع في جريان القضاء وإتجاهات تحقيق العدالة، وتثبيت نظام مالي عادل للدفوع والضرائب والفوائد يضمن لهم الإشتراك في خيرات مجتمعهم ونيل بعض من ثمرات جهودهم وفتح موارد وفرص العمل لهم لمقابلة شيء من حاجاتهم وضبط المعاملة بين الناس في المنافع بما يقيهم شرور العنت والحاجة.
2- من هم الحفارين وأهل الطبقات؟

لم تكن دالة إصطلاح "الحفارين" حينذاك بدقة دالة الإصطلاح ومهنيته في الزمن الحاضر: حيث خالطت التسمية حينها فهوم ودالات فهوم "العامة" أو "العموم" و"الجمهور" و"الشعب" و"الناس"، حيث لم تكن الفروق السياسية والطبقية-المهنية بين هذه الفهوم والدالات المتنوعة لها واضحة في أذهان الناس وعامتهم وفهمهم لها إلا إزاء سلطان اللوردات والملك، بمنطق (نحن) و(هُم) بما فيه من إستقراء ذاتي للفروق بين علامات الثراء والأبهة وصولجاناتها الظاهرة وعلامات الفقر والجوع والبؤس والضنك ورقة الحال وصعوبة العيش .

وبتلك الفهوم المتنوعة شملت إصطلاحات "الحفارين" أو "العموم" أو "الشعب" عدداً من الفئات منها فئة الحفارين عمال الأرض والمتكسبين من التنقيب الحر وفتح المناجم، والحراث وعمال الزراعة المعطلين عن العمل، وفئات الباعة الجوالين، ومؤجري الباطن، وكذا بعض آخر عددا من فئات الحرفيين والصناع كالخياطين والإسكافيين والنجارين والطوابين ورماة الطوب وكثير من عموم ويوميي ورحالة أهل البناء والعمران (الماسونز) سواء أكانوا من أهل الأرياف أو من أهل المدن، وقد إلتبست تسمية الكادحين بالحفارين لتواشج الحال بينهما، ولكن تسمية "الحفارين" تمددت بخلط طبقي آنذاك في الفهم والإصطلاح ودالاته شاملة كل من الفلاحين والعمال بل وكثير من شرائح الفئات الوسطى المهمشة حتى وصل الخلط إلى حدود إنبهام الفوارق الطبقية وتموهها، مثل ما في كل المناطق الوسيطة في اللغة والحياة السياسية-الإقتصادية-الإجتماعية، حيث تتشابه فيها آيات المعاش وأياديه ويختلط فيها الأمر إختلاط الفحم المتقد بالنار.

أما في ناحية الجغرافيا السياسية لحركات الحفارين والطبقيين وعموم السياسة الشعبية في إنجلترا فتلاحظ فيه سمة التباين حيث يختلف مستوى حركات الإحتجاج والإنتفاض في مثلث شرق إنجلترا وشمالها بالزيادة في العدد والنوع عما ما حدث من إحتجاج وإنتفاض في مثلث غربها وجنوبها وذلك بسبق في البطولة للشرق: حيث فاز الشرق بــ 12% من الثـورات في إنجلترا في الزمان بين سنة 1509 وسنة 1553 ثم بـ 22% من الثورات التي حدثت في الزمان الممتد بين كل من سنة 1603 وسنة 1625 ، ثم تأجج أمر الثورات في غرب إنجلترا مستعرة من ما نسبته 20% بين سنة 1509 وسنة 1553 إلى ما نسبته 33% من الثورات التي حدثت بين سنوات 1603 و 1625. وقد كان ذلك بتوالي منفصل بين كل من المنطقة الشرقية والمنطقة الغربية لإنجلترا ولم يحدث في التاريخ إن إجتمع أمرهما معاً، ولعل ذلك لسبب من بعض الحواجز الطبيعية والإجتماعية الثقافية بين قسمي إنجلترا أو أجزاءها، مذكان الجزء الشرقي دنماركياً زراعيا منبسطاْ، وكان الجزء الغربي بويلزه وجباله ووهاده رومياً ورعوياً وغابياً نأهيك عن الطبيعة والأحوال في إسكوتلاند وإيرلاند.

وقد إستقام الأصل الطبقي لقيادة حركات الحفارين والطبقيين من أشباه البؤساء إلى البؤساء أنفسهم: فإذ شكل أشباه البؤساء نسبة تقارب الـ 50% من قيادات حركات السياسة الشعبية في الزمن الممتد بين السنوات 1509 و1533 فقد صار أمر هذه الحركات أشد بين سنوات 1603 و1625 حين إنخفضت نسبة الميسورين في قيادتها إلى نسبة قدرها 40% من عموم قادة هذه الحركات الشعبية، كما صادف ذلك الإشتداد إرتفاع نسبة البؤساء من العامة وصغار الحرفيين في قيادة هذه الحـركات من نسبة 20% من جملة القادة إلى نسبة أكبر قدرها 53% من جملة القادة. ومن هذا التحول يمكن أن تُلاحظ فاعلية أصحاب الحاجات الكبرى في قضاءها. كما إن إنخفاض نشاط الحركات حين كانت قياداتها تاجرة ميسورة قد يفيدنا بحدوث بعض التشتت في أداء من تجتمع فيهم مصالح عدداً. ولكن الظروف العامة قد تكون هي المسهم الأكبر في نشاط تلك الحركات أو في خمودها بصورة أكثر تأثيراً فيها من نوعية أو عنصرية قياداتها.

وقد تنوعت وتراوحت وتحورت أسباب غضب الشعب والعامة وضربهم النظام (العام) بين تلاث مواجهات عددا وهي:
1- مواجهة عسف سلطان الكنيسة وضرائبها،
2- مواجهة عسف الدولة والمحاكم ،
3 - مواجهة أمور الضرائب والرسوم.

في هذا المثلث إنخفضت الإحتجاجات لأسباب من سلطان الكنيسة من ما نسبته 8% بين السنوات1509 و1533 إلى الصفر في السنوات بين 1603 و1625. كذلك زاد إنخفاض نسبة الثورات القائمة في مواجهة عسف الدولة من 11% إلى 1% ، وأما بسبب الرسوم فقد قلت الثورات في ذات الفترتين من 20% إلى 7%. وتعكس هذه الإحصاءات الشحيحة المصدر والخجولة من توثيق أحداث إنفراط الأمن في مناطق موثقيها وكنائسهم ومحاكمهم (تحسناً) في الأحوال في جهة بينما قد تعكس في جهة أخرى إنتشاراً واسعاً لآليات القمع ولآليات التغيير السياسي ونمواً في أدواته وأشكاله يختلف عن حال الإحتجاجات العنيفة وهياجات قرى الريف ضد جيوش الملك وإقطاعييه وتابعيهم من الجند والعُمد والنُظار: حيث تحولت المقاومة التي تشير الإحصاءات إلى خمودها من حالات محدودة إلى حرب أهلية شاملة كانت لها بالطبع تطوراتها من الأحداث الصغرى إلى الأحداث الكبرى.

من هذه الفقرات قد يسهل توصيف حركات الحفارين بأنها كانت حركات إجتماعية سياسية لفئات المهمشين في إنجلترا تتبلورحيويتها ودعاويها من المجال الإقتصادي-الإجتماعي وسياساته، وفي بعض الآحيان تتخذ شكل العنف المضاد لعنف السلطة المباشر وغير المباشر الماثل في الحرمان من الحقوق. وكما يمكن القول إن التقافة العامة لحركات تلك الفئات كانت تمثل ثقافة إقتلاع الحقوق وإرجاعها من غاصبيها. وإن الحركات ككل كانت حركات متنوعة في محلاتها ومناطقها الجغرافية ، ولكن رغم إختلاف تفاصيل مطالبها ونشاطاتها وأهدافها فبالإمكان وصف هذه المطالب بشكل شامل بانها: مطالب تتعلق بالعدل في المجتمع من ناحيتيه الإقتصادية والسياسية.
3- ما هي العلامات البارزة في حياة الحفارين والطبقيين؟
إضافة إلى مَسدس البؤس المكون من الفقر والجوع والتشرد والجهل والأمية والأمراض، فقد كانت التمردات والإنتفاضات ضد هذه الأوضاع وبعض أسبابها جزءاً أصيلاً من حياة الحفارين بل أبرز علامات وجودهم وحياتهم وعطائهم للإنسانية وحفرهم مجري العصر الحديث في أتون التاريخ كما ورد عن نظراءهم من ومضات شعت بها قصيـدة "مريم ومي" للشاعر محجوب شريف حين أشرق بقصيدة عن الشباب الكادح: حفارين مجاري العصر، نصراً ..نصر، نساجين خيوط الشموس، كهربجية الظلمات، وأجمل ما تكون الدنيا خطاطين ورسامين.....إلخ، إذ كانت الإنتفاضات تمثل فعل الشعب وإسهامه المباشر في مايعرف الآن بإسم "السياسة" حينذاك الزمان الملوكي الحروبي. ولكن في أكثريتها التلقائية والعفوية لم تكن كل إنتفاضات الحفارين مقرونة بتنظيم محكم ووعي تام بأولاتها وأواخرها وكيفية تحقيق مطالبها ولكن كانت للحفارين في مواجهة جند الإقطاع مزية مكونة من خبرات العمل الشاق ومظالمه وألم الجوع وضغط حاجات البشر في أسرهم، مما دفعهم للبحث عن حقوقهم، وحفزهم إلى التعاون، وإلى البر ببعضهم والتقوى من نوازل الظُلم، وإلى الجهر بالحق في وجه الظالمين وطاغوتهم ثم محاولة تغيير الباطل بأيديهم باذلين في ذلك دمائهم.
4- بعض أسباب حركات الحفارين وأهل الطبقات:
1- تطور النشاط الإقتصادي الإجتماعي وزيادة حاجاته وعجز علاقاته القديمة عن الوفاء بحاجاته، خاصة مع ضيق الأرض وبخس عائدات الزراعة، إذ نمت الأعمال الحرفية والورش وزاد الطلب على الأخشاب والفحم والمعادن وزادت الهجرة إلى إنجلترا، وإزدحمت المدن وزادت أسعار السكن والطعام وتكاليف العيش، وقد زادت الأمور سوءاً على ما فيها من مجاعات متفرقة منذ سنة 1527 إلى سنة 1630 بزيادات الضرائب والرسوم حيث توترت علاقات الأرض والسلطة وتنازع سادتها والمسودين بها مصالحهم، ومع تفاوت وإضطراب مصالحهم تنازع الناس أمور الحكم والولاء.

2- قيام الزراع من أثر ضيق الأرض وإنقباض فُرص الكسب وتصعب المعاش وأمور الحياة بالتحول من البوار والسلبية إلى النشاط الحرفي والنشاط السياسي، كما تحول جموع الأجراء والكادحين من كتلة خاملة مهملة مستضعفة إلى قوة سياسية تفهم لعبة الحكم والإستقرار والثمن الذي يجب أن يقدمه النظام الحاكم للحفاظ على وجوده العام وعلى بقية مصالحه .

3- توسع الثورات ضد توسع الملكيات الكبرى على حساب الصغرى وضد حجز الغابات والمناطق التي كانت ملاذاً وأمناً لمهمشي الأرياف والمدن، وضد تقليص حماية الحكم للبوساء من ممارسات إغلاء الآدام وترك سياسات توفير الطعام وضبط أسعار ما يباع منه ويشترى، خاصة بعد إنتفاضات سنة 1624

4- زيادة تحالفات الكادحين والشرائح الثورية من الطبقة الوسطى ضد إتجاه التحالف بين الملك وكبار ملاك الأراضي، وتوسع الصراع إلى مقدمات حرب أهلية صار لكل طرف فيها مَلِك.

5- تضارب قوانين المشاعية أو الجمهورية البريطانية الجديدة The Commonwealth حينذاك في جهة تحديد "الملكية" وطبيعة حدودها بالمعنى الحكومي لملكية الملك أو بمعناها المالي لأصحاب الأملاك وذلك مع إختلاط تقدير قوانين الجمهورية الجديدة في بريطانيا لشروط وأبعاد الإختصاص بمُلك الأرض المشاع والعموم، والغابات، وإمازة وتفاوت مصالح كبار الزراع وصغار الفلاحين فيها وتباين حقوق الإنتفاع وحقوق الإستعمال للمناجم والغابات، وإختلاف كل ذلك مع التقاليد والأعراف القديمة لكل شريحة طبقية.

5- ماهي فوائد ثورات الحفارين واهل الطبقات؟

كثيراً ما تقوم الأضاليل ومبثوثات الوسواسين بتصوير الثورات للناس كهياجات وزوبعات فارغة لا تنتج سوى إهراق كثير من الدماء وزيادة في عدد ونوع الضحايا الآلآم مع إحداث كم قليل من التحسينات. وإن كان هذا بنظر محدود إلى زمان الثورة وجيلها المباشر لأحداثها فإنه لايصح بالنظر إلى المنافع التي تنتجها الثورات لأعداد كبرى في محيطها ولأجيال عددا بعدها: فكما أودت الثورات الرأسمالية بحياة بلايين الأفراد في حروب الإستعباد والإستعمار وإنقلابات النهب لحصار والسيطرة العسكرية والإقتصادية، فقد أدت نفس الثورات الرأسمالية المنحى إلى فوائد كبرى للإنسانية بتحرير الموارد من سيطرة العنصرية والإقطاع رغم إطلاقها لمعاملات وتراكمات رأس المال. وكذلك إن كانت ثورات التقدم والإشتراكية على قلة فظاعاتها وعظم تضحياتها قد قدمت في أزمنة قصيرة مباني مادية وإجتماعية وثقافية هائلة وفرت للبشرية آلاف السنوات وحفظت حياة بلايين البشر، فبشيئ من الإيجاب الكامن في هذه النظرة تحاول هذه الفقرة -لا المقال- التجاوز عن حساب خسارة الثورات إلى رصد بعض فوائدها ومنها:
1- إرتقاء حركات الحفارين وحركة الطبقيين بالمستوى الحضاري للوجود البشري بتطويرهما الأساس والأفق الإجتماعي لإشتراك الناس في أمور الثروة والسلطة وتحويل حياتهم وعيشهم عن نظام الملكية المُطلقة والأرستوقراطية لموارد الحياة ووسائلها إلى نظام الأولغشارية (حكم الأغنياء) البشري، الأسهل عن الملكية المطلقة، مولدين ديمقراطية الإنتخاب التي تغيرت سماتها وسلوكها من الحال الشعبية إلى سمات السلطان المحيط بها بنزعاته الإقطاعية والأولغشارية والرأسمالية.

2- إنعاش القضاء وحس العدالة في الدولة المسيحية كمالك منصف جهة (الأمور الشيطانية) لتسويق الطعام وبيعه.

3- تطوير علاقة السوق والدولة من علاقة واحدية قوامها السيف إلى علاقة تبادل منافع قوامها المال ومصالحه.

4- توفر الطعام وإنتظام حضوره بين الناس.

5- تحول الناس من السلب والقعود والرجاء وإلتماس الحلول الفردية الخاصة إلى الإيجاب والفعل السياسي الجمعي.

6- إنتظام السوق والحركة التجارية لتلبية حاجات الناس وسعيها لإرضاءهم.

7- تيسير دخول الناس إلى قطاع الأعمال الحرة من السلطان الملكي والإقطاعي، وتطور النشاط الحرفي والتجاري.

8- الحد من إحتكارات الطحن وتيسر الترخيص للطواحين والحد بذلك من حجم التعطيل عن العمل في الريف.

9- السماح للناس بجانب حر من الحفر والتنقيب عن المعادن.

10 - إعادة توزيع السُلطات والموارد وتقويم نظام الحكم بمشاركات شعبية أكثر سعة وسلطاناً عما قبلها.

6- بعض أشكال القلاقل والثورات الشعبية زمن الحفارين:

1- الإتهام الجماعي من الجيران لأحد المسئولين .

2- التعلق بآيات الكتاب المقدس ضد الأثرياء والكانزين وفضح تناقضهم مع دعاوى الصبر والتحمل.

3- تجمع الناس بالآحاد و العشرات والمئآت والألوف لنصرة هدف لهم .

4- تهديد شخوص السلطة والموالين لها أو لهم.

5- إظهار القوة المنظومة، تجمعاصً وسيراً ووهتافاً ورفعاً عفوياً للبيارق والرايات والعصى و إشهار الأسلحة المتوافرة

6- إظهار تعزيز القانون وإحترام القيم العامة وذلك بشكل جماعي فج غليظ ضد بعض الدهماء والعاهرات.

7- التجمع والهزج على إيقاع ضرب الطبول وصدح الأبواق وخبط العصى والملاعق على القحوف.

8- تجمعات ومسيرات لبس الأقنعة والسخرية والهزء وتجمعات الإهانة والتجريس.

9- الحروب القروية وحروب النساء المتعلقة بالطعام والأولاد والزوج وصولاً إلى إحتكاك أهل القرية بالسلطات (العامة).

10- التجمهر تحت شعارات عامة مخاتلة مثال لها شعار : "يسقط الظلم"، وكذا تحت عصبيات القرية [هم و(نحن)].

11- الجمعيات والتنظيمات والمنتديات ومليشيات فتوات القرى بعرفاءها ونقباءها ومقدمينها وعقداءها وعمدها.

12- الطرق والجمعيات الدينية أو جماعات مكافحة السحر ومكافحة النشاط الهدام.

13- الشائعات، والمنشورات المكتوبة أو المطبوعة والعرائض والمذكرات.

14 – تظاهرات الإحتجاج أوالمطالبة أو الرفض براياتها وهتافاتها والعصيان المنظوم المسلح وهي سياسة حديثة

7- بعض الصدامات والثورات التي حدثت في إنجلترا بعد (نهاية) الإستعباد الإجنبي لأهلها:

عبر القرون الممتدة من القرن الحادي عشر إلى القرن التاسع عشر كانت المصالح والتحالفات تتجادل أمر إنجلترا بين الملك والإقطاعيين في جهة الطبقة الحاكمة وبين الكادحين والميسورين من أهل السوق وبائعي الأعمال ونحوهم في جهة "الشعب" و"العامة". وقد أخذ هذا الجدل في زمن الحفارين المنتهي في التخوم الأولى للقرن الثامن عشر صوراً رافضة لإرادة الحكم والنظام الملكي الإقطاعي لتوزيع الموارد والسلطات في بعض جزئياته، ثم تطور الأمر بمصالحه وتحالفاته من رفض الجزئيات إلى رفض وإزالة النظام الملكي كله في أربعينيات القرن السابع عشر بكل ما فيه من تخصيصات عنصرية لموارد الثروة ولمقاليد سلطة تنظيم تعامل الناس فيها، ومن ذلك التطور تأسست أول جمهورية في إنجلترا حاولت أن تواشج النظام العشائري التعاوني القديم في ديمقراطتيه وحكمه الشعبي المحلي ولكنها تراجعت وإندثرت بسبب من تخلف كينونتها الإستملاكية والضرائبية والإنفاقية عن مستوى تطور الإنتاج وحرفيته وآلاته وموارد عمله وتمويله، كما تضعضعت بالتأثير السالب لقوى السوق بتأثير مستوى تشغيلها للناس ومستوى دفعها للضرائب والرشى على أمور الحكم، حتى إبتعدت تلك الثورات وإنفصلت عن أصلها الشعبي وغابت عنه وأخذت منحى سوقي رأسمالي تتميز فيه قوى المال والتجارة بحرية أعمالها ونشاطها. ولكن إضافة إلى كثير من الهياجات والتمردات والصدامات والحروب التي عمت إنجلترا بين القرن العاشر والقرن الرابع عشر ضد سادتها الدنمارك ثم ضد سادتها الفرنسيين فقد كانت هناك معالم أخرى في التطور الإقتصادي الإجتماعي والسياسي والثقافي لهيئة إنجلترا وتحور طبيعتها السياسية من سُلطة وديكتاتورية الملوك إلى سُلطة وديكتاتورية سادة السوق وحرية تملك رأسمالهم لموارد المجتمع، وكانت من هذه المعالم بعض الصدامات والقلاقل والإنتفاضات والثورات الآتي بيانها:

1- ثورة لندن سنة 1381 وقد إنتشر شررها إلى نهاية القرن الخامس عشر.
2- قلاقل سنوات 1536- 1549 و1580 بين الحرفيين والميسورين ضد الملك وتحريضه العامة ضدهم.
3- ثورات سنتي 1606 و1607 وسط إنجلتراMidlands بدعوى أخلاقية بدأت ببيوت اللهو وإنتهت لإدانة حكم الملِك.
4- إنتفاض وورويكشير Warwickshireسنة 1620 بقيادة كهنة ستراسفورد ضد التدخل في تكوين لجان الإغاثة.
5- إنتفاضات سنوات 1625 و1626 و 1628 مع تبلور الخلاف الديني بين البرتستانت والكاثوليك وصراعات الأقاليم كأحد أشكال الصراع الطبقي بين طبقة السادة وأصحاب الريع في جهة و طبقة العامة وأهل السوق في جهة ضد.
6- قلاقل ومنشورات سنة 1631 في محيط كنيسة القديس بولس St. Paul بتنازع أمر تنظيم المنطقة وأحوال أهلها بين مجالس العمال وأهل السوق وإيلافاتهم وشركاتهم بجهة، وأهل الحُكم في جهة ثانية، وأهل الكنيسة وإصلاحاتها بجهة ثالثة.
7- ثورة سنة 1634 بقيادة حفاري المناجم في مناطق ديربيشير Derbyshire .
8- التوتر بين العامة والشحاذين في جهة والميسورين بقيادة آلكسندر بويل Alexander Powel في شيستر سنة 1638.
9- تظاهرة لندن الكبرى في مايو سنة 1640 ضد أسقف كانتربري وإقتحام مقره في لامبث
10- إنتفاض أهل السوق والعامة في ديسمبر 1641 ويناير وفبراير 1642 ضد بطش الملك وفداحة ضرائبه وغلظة جبايتها
11- قلاقل يوليو 1642 مع تأسيس البرلمان (مجلس كبار أصحاب الحرف والتجار والأعيان) لجيش خاص به.
12- أحداث 22 أغسطس 1642 وبداية حرب (التحالف) الشعبي-الرأسمالي ضد الملك والنظام الملكي .
13- ثورة 26 منطقة خلال سنوات 1641-1643 ضد النظام الملكي وكذا في أوآخر النظام الجمهوري .
14- 1642-1660 الحرب لأهلية وقتل النظام الملكي وإعدام الملك وتأسيس مشاعة الثروات The Commonwealth أو الجمهورية في بريطانيا بقيادة سادة السوق وأحباره ومديرهم كرومويل ودعم رأسمالية هولاند اليهودية الأندلسية الأصل .
15- إعادة الحكم الملكي بنشاط العموم واليعاقبة Jacobeans ضد إنفراد السوق بأمور الحياة و(الفوضى) التي سببها، حيث عاد الحكم الملكي بإتجاهات أكثر علمانية للحكم وبحكمة وشدة في أمور الضرائب والحقوق والحكومات المحلية.
16- تمرد وثورة وإنقلاب وغزو نوفمبر 1689 وتولي رأسماليي هولاند وبنوكها بقيادة وليم البرتقال أمر إنجلترا.
17- ثورات إسكوتلاند وويلز وآيرلاند وتحول الثورة الفرنسية لسند لها ضد الحكم الهولاندي- الإنجليزي حتى سنة 1821
18- القلاقل والعصيانات والتمردات والإنتفاضات العمالية، العفوية منها والنقابية المنظومة بداية من سنة 1814 وإلى سنة 1926 حيث وؤدت فيها الثورة العمالية الكبرى بالقمع العسكري والدموي العنيف بقيادة وزير الداخلية آنذاك وينستون تشرشل كما إمتصت في تلافيف تأسيس حزب العمال حيث ربطت الحركة العمالية بسياسة السوق وديمقراطية إنتخاب نوابه.
19- قلاقل وإضرابات نقابات العمال وحركات مناهضة الإستعمار في بعض سنوات الثلاثينيات ثم في السنوات الخمسينيات والستينيات والسبعينيات في القرن العشرين بالترافق مع حركات السلام ومعاداة العنصرية وحماية البيئة.
20- إنتفاض نقابات العمال بالإضرابات والإعتصامات والتظاهرات الكبرى والعصيان غير المسلح، سنتي 1985 و 1986
21- بعض القلاقل والتظاهرات الكبرى ضد العنصرية والتضامن مع اللاجئين في بعض أعوام التسعينيات
22- التظاهرات ضد ديون العالم الثالث وسياسات العولمة والرأسمالية وللتضامن مع النقابات وأصحاب المعاشات 2000-
23- التظاهرات المليونية الكبرى بداية من سنة 2003 المطالبة بوقف الخصخصة ودعم الإقتصاد الداخلي والحقوق الإجتماعية للمواطنين في التعليم والصحة وأجور العمل والتأمينات الإجتماعية رافضة الحرب على أفغانستان والعراق وحتى التظاهرات الكبرى القادمة في مارس سنة 2008 ومابعده الداعية لوقف سياسات حرية السوق ومكافحة الأزمة الإقتصادية وإنسحاب القوات البريطانية من العراق وأفغانستان وإنهاء إحتلال البلدين ووقف سعار الحرب ضد إيران.

7-2 مؤشرات عرض القلاقل والصدامات والثورات:

1- تشير وقائع هذا الرصد العمومي المتواضع لبعض أحداث الصدام السياسي والثورات في إنجلترا ما بعد نهاية النظم الإستعبادية القديمة إلى تواصل وتطور تراكمها القديم ضد جزئيات نظام الإقطاع وكلياته مفتتة له، كما تشير إلى تواصلها في العصر الحديث ضد نظم الرأسمالية والإستعمار القديم والجديد والأنشطة الإمبريالية معارضةً ومخربة لها. ومن هذا العرض المختزل قد يتضح الدور الصغير الذي لعبته حركات الحفارين و الطبقيين في نقل المجتمع الإنجليزي وتطور أحواله من مجاهل وحُفر القرون الوسطى إلى معالم وطرق الحياة الحديثة ذات التقاسيم الأكثر إجتماعية وإنسانية لحيازات الأرض والمنافع والحقوق والسلطات المتصلة بها، وهو دور على صغره وبساطته، واشج تضحيات عظيمة واكبته وحقق نجاحات كبرى في تحويل كثير من صيغ الإقتصاد والسياسة وتغيير أقانيم الإعتقاد والعيش والثقافة في إنجلترا والعالم.

2- وبجمع هذه النقاط يمكن القول بإن دور حركات الحفارين وحركات الطبقيين وغيرهم من الحركات الثورية التي أسهمت في تبلور الأفكار التقدمية القومية والإشتراكية والإشتراكية العلمية يمكن من وصفه ككل بصفتين اساسيتين هما:
1- صفة الفاعلية، و2- صفة الأهمية التاريخية، كصفات موضوعية لأعمال تتجاوز في تأثيراتها النطاق المحدود لأهلها وبلادها إلى نطاق دول العالم الأخرى ومجتمعاته ومافيها من صراع طبقي وتطور إجتماعي متنوع الأشكال.


3- كذلك إن كانت ثورة الناس في بلد ما كإنجلترا تحدث بتواتر (منتظم) كل ثلاثة أو خمسة أو عشر سنوات إحتجاجاً من الناس على السياسات السارية فيهم أو طلباً لتغييرها، فإن تواتر هذه الأحداث تجعل (نظام) حياتهم العام كله جديراً بالتساؤل. كما إن توالي هذه القلاقل في تراكمها وتنوعها عبر سنوات طوال بشكل موصول بعضه ببعض يجعل أمر حقيقة شرعية وديمقراطية وفاعلية حكومات إنجلترا محلاً للفحص والتمحيص. بداية من شرعية المُلك وهيمنة مؤسسات السوق (السيتي) وليس نهاية بديكتاتورية حسابات بنك إنجلترا وبنوكه وإنفراد أهلها بتحديد أسعار العملة والفائدة، وتوجيه الإقتصاد بها.


4- ولكن في جانب آخر فإن هذه القلاقل والثورات قد تفيد أيضاً في تطوير وتنمية كثير من حركات التغيير السياسي في دول العالم الإخرى ومجتمعاتها وذلك بمحاولة التسآؤل عن طبيعة الحركات الثورية التي حدثت في مجتمعات تلك البلاد، وإدراك ظروف تكونها وقوتها وتقدمها وظروف ضعف تماسكها وتفتتها وتراجعها، وظروف تجددها وقوتها ونشاطها، وكذا ظروف القطع معها وتجاوزها والتقدم منها إلى ما هو أكثر تناسقاً علميةً وثوريةً في مختلف عناصره وأبعاد صلاته وحركاته ونهج توزيع وضبط تفاعلاته.


5- وفي المستوى الدولي للإتعاظ والإفادة من هذه الدروس في مجالات العمل الإجتماعي والعمل السياسي والنشاط الثوري بشقيه المديني والعسكري سواء القائم حاضراً في بلادنا أو المتوقع حدوثه فيها مستقبلاً فقد تفيد محاولات الإجابة على هذه التسآؤلات في تجديد حركة الاحزاب الشيوعية والتقدمية وفي علاج بعض أخطاء العمل الثوري، وقد تعين على كسب بعض المنافع والخبرات التي تفيد في تقدمها تقدماً متناسقاً مع تطور عناصر تكوينها ومع تفاعلات العناصر والمجالات المحيطة بها و متناسقاً بالضرورة مع مبادئه وأهدافه الإشتراكية العلمية.

8 - بعض معالم الحركات الثورية للحفارين وأهل الطبقات:

8- 1- بعض التنظيمات والإتجاهات المؤثرة في تبلور حركتي الحفارين والطبقيين:
واشج نشوء حركات الحفارين جدلاً متنوعاً في إقتصادات المجتمع الإنجليزي وسُلطاته وثقافاته، وأزعم ان تبلور حركات الحفارين والطبقيين قد تأثر بنشاطين تغييريين كبيرين سبقا تأسيسهما بقرون واستمرا في تجديد الحياة وبقيتا فاعلتين إلى الآن في وقتنا الحاضر هذا وهما: نشاط جمعيات إخوان الصفاQuakers ، ونشاط الحركات العمرانية أو الماسونية (Masonry) : فمع إنقسام المذاهب الدينية في إنجلترا مع أطراف الصراع الطبقي والإجتماعي وتوالي الملك وجبروت إقطاعه مع مذهب الكاثوليكية (الشريعة) وتوالي قوى السوق وأطماعه مع مذهب البروتستانتية (الإحتجاجية) رفضاً من أصحاب الاعمال التجارية والحرفية (الحرة) لتحديدات الملك والكاثوليكية لحرية ربوهم الأعمال والأموال، ومع ميل عدد كبير من الناس في دوائر الدولة والسوق إلى نحلة التطهرية Puritanism المتزمتة، فإن هذا الإنقسام الطبقي والإجتماعي والديني والثقافي الكبير مثلث الأطراف كان من مؤججات نشاط جماعات "إخوان الصفا" بطابعها الصوفي العملي والعلماني وهي الجماعات التي كانت ولم تزل معروفة بين الناس بأسماء: الرفاقية Friars، والصداقة Friendship والخفاقين )الكواكرز( .Quakers


وقد سعي أولئك الأصفياء سعياً حثيثاً في إخراج الناس من قهر الاطراف الثلاثة وظلماتهم وذلك بمذهب الحكمة الإشراقي القائم على حرية وإحترام الإعتقادات، وقرار الإيمان بالخير في نفس الإنسان وأعماله بعيداً عن الأشكال الزيف للإيمان والتشديدات السياسية والقانونية عليه، وبعيداً عن التصنيمات الفكرية أو الحركية لحياته، حيث إستفاض إخوان الصفا بزهدهم في إن الإيمان موصول ببعد الفرد وأعماله عن أمور التكاثر والإسراف والطاغوت والسلطان، ورهين في تحققه وتجليه وإشراقه بإقتراب الفرد إلى البساطة والبعد بالزهد عن طلب الأشياء الدنيا، والإنصراف من شؤون الأنا ومجاراة الدنيا إلى طلب الحكمة ونشر الخير في الناس على رسل مبادئي الكفاية (بالضروري) والإتجاه إلى تحقيق الخير بالكدح والعطاء والتعاضد والإشتراكية والصداقة والمحبة والسلام في جهود العمل وفي تقاسم منافعه وثمراته وإعمارها وتنميتها.


وإلى جوار هذه الحركة النوبية في أصلها القديم كانت هناك حركات العمرانيين (الماسونية) وهي أيضاً ذات أصل سوداني نوبي قديم نشأت فيه في قديم الزمان قبل أن تتوطن في آسيا، وقبل أن تعيد غرسها في أوربا ما بعد اليونان وروما جماعة وصُفُة فرسان أو حِيِران ذاالنون القدس المعروفين بإسم فرسان المعبدThe Knights Templar . وقد كانت جمعيات العمرانيين (الماسونية) هذه حركات علمية وعملية مهتمة بأمور الإعمار المادي والإعمارالثقافي للحياة، إذ كانت تبني وتشيد بنظام بديع وإحسان جميل وافر الآلآت والمباني والأفكار الجديدة مسهمةً بقدر كبير في تحريك ونقل المجتمعات الأوربية والإنجليزية من حالات العصور الوسطى وضيق الإنتاج فيها إلى مفاتح العصور الحديثة ببسط ما فيها من نظم قاسطة وآلات قادرة وإنتاج وافر وتعليم راق بالمدارك وسياسة منفعة وإقتصاد حديث منظوم الأعمال رغم فوضى موارده وتخديماته.

وقد كانت هذه الجماعات والحركات العمرانية (الماسونية) جماعات قوية نشطة حققت معظم اهدافها الأولى في تنظيم أمور الحياة وتحديث نظمها ووسائلها وذلك قبل أن تضعف لحمات هذه الجماعات والحركات بتأثير كثير من عوامل التقدم والتفاوت الإقتصادي –الإجتماعي والثقافي وتأزم التباين في المصالح الطبقية: حيث تفرعت هذه الجماعات والحركات وإنقسمت وتفتت إلى تيارات متنوعة بعضها لازمته سمات رأسمالية محافظة تكرس حق التملك المفرد الخاص لموارد المجتمع كأدآة وحيدة لتطوره، وبعضها تحول تيارات أخرى شعبية وعمالية ونقابية ومجتمعية كانت تقدمية في عمومها عن حالات الإقطاع وعنصرياته وعن كثير من الحالات الرأسمالية للإشتغال بالمال، فكان بعضها مهتماً بالعلم والتعليم، وبعضها مشغولاً بالإصلاح الديني، وبعضها بأمور الطب، وبعضها بأصل تاريخها وطبيعة إختصاصها إشتغلت بالعمران والهندسة والبناء والتجهيز والتمدين، وبعضها بامور تنظيم الإقتصاد والأعمال التجارية والصناعية والمالية الموصولة به، وبعضها بأمور الأعمال الخيرية، وبعضها بإصلاح القوانين والإدارة، وبعضها بالتعاون، وبعضها بسياسات العدل وحُسن القضاء، وبعضها بأمور الحكم والسياسة وما يتصل بها من أمور قسطسة الحقوق والسلطات وما فيها من ثورات.

وقد خالطت كثير من حركات التغيير في أوربا تأثيرات حركات الأخوة المسيحية بجماعتيها الأساسيتين النابعتين من مذاهب التصوف الأندلسي وأنهاره وبحاره وتأثيراته في مسيحيي البرتغال وجنوب فرنسا وهما جماعة "أخوة القديس دومنيك" Dominicans Brotherhood وجماعة "إخوة القديس فرانسيس" Franciscans Brotherhood بفيوضهم المتنوعة في عوالم المسيحية ومجتمعاتها. وقد خالطت الجميع جماعة "الجزويت Jesuit العجيبة وهي جيش البابا المدني والإستخباري، على ما كان -ولم يزل- فيها من إختراقات الدول ومخابراتها ومن تباطنات مذهبية وسياسية وطبقية وإشراقية وماسونية شتى في دواخلها. ومن تلك المخالطة قد تتضح بعض أسباب الميول السلمية والقدرية كثير من حركات الحفارين واهل الطبقات وماهية الصياغات الدينية لنشاطها وأهدافها في ذلك الزمان الإنجيلي الثقافة، كما قد تتضح حقيقة جمع تلك الحركات ووشجها في تصوراتها ودعاويها ومواثيقها ونشاطاتها واعمالها بين بعض معالم الطبيعة الأخلاقية وبعض معالم الطبيعة السياسية، وقت كانت "السياسة" إصطلاحاً مخصوصاً مقبوضاً ضيقاً يدل على حكم ديني ماثل في قرارات الملوك ومقتضيات رفعتهم.

8- 2- قيادة حركات الحفارين وطبيعة دعوتهم:
إرتكزت قيادة الحفارين على العوامل الشخصية لتميز أفرادها بالصدق والجسارة وقد بقى في التاريخ ذِكر لبعض قادة حركات الحفارين وهو ذكر قليل مقتضب يقل كثيراً عن عظمة دورهم في فتح مجرى التاريخ الحديث والمعاصر، ولكنه في جهة أخرى ذِكر يوافق المستوى الثقافي المتواضع للتأريخ في ذلك الزمان المعتم بأخبار الحروب والملوك وغزواتهم وعدد جيوشهم وأسماء قادتها والمُظلم بحشويات الفقه واللغة اللاتينية والشروح البدائية لمنطق أرسطو، وأسرار السحر وعظمة الرومان وعداوة اليهودية، إلا تفتحات يسيرة لبوادر حركة التنوير وتبلور فهوم العقلانية والرشد والعلم ونفخ الروح الإنسانية والإجتماعية في حياة الناس وثقافاتهم بعد ألوف السنين من الحياة الوحشية والعبودية والإعتقادات الخرافية والدينية، ومن بين هؤلاء القادة الذين أسهموا في بلورة العصر الحديث بحضاراتيه الرأسمالية والإشتراكية ومدنياتها: جيرارد ويليام ستانلي:


جيرارد وينستانلي Gerrard Winstanley (قائد الحفارين):

1- لمحات من حياته وأعماله:
وينستانلي رجل لانكشيري الأصل كان تاجراً لندنياً ميسوراً ومثقفاً ذي صلات بإخوة الصفا وبعض الجماعات الماسونية، تحول من حياة المال والتجارة إلى الزهد وحياة الرعي أنفة من أطماع السوق أو مُخرجاً منه بسببها مقهوراً مطروداً مفلساً.

وقد جمع وينستانلي الناس بلين جانبه وقوة منطقه وفصاحة بيانه ومسيحية لسانه وذلك لأجل "الخلاص" بالعمل الجماعي في أرض المشاع العمومية Common Land والحرية بهذا العمل الجماعي وإشتراكية الجهد فيه والثمرات من حالة القهر الذي ينتجه الفقراء لنفسهم بخضوعهم للأغنياء إذ يصنعون لهم ثرواتهم ويضاعفون جبروتهم بالخضوع لهذا القهر والسكوت عليه . وبينما يجني المُلاك من الخضوع لهم والعمل لمصلحتهم ثروات طائلة يراكمونها ويكنزونها مستأثرين بخيرات كدح العاملين فإنهم يلقون بالفتات إلى الكادحين الذين ينتجون هذه الثروات ويصونونها لهم. ولكن في المجتمع الإقطاعي الآفل وفي المجتمع الرأسمالي الوليد كان تنظيم جموع المهمشين في سبيل حريتهم من البؤس، كان بحاجة إلى بصر حديد وإلى نظرة ثاقبة سديدة وفكرة شمولية مرشدة وإلى بيان فصيح عنها، وكان لمن تصدوا لقيادة حركات التغيير الإجتماعي والسياسي قدرات مفيدة في هذا الصدد، سما بعضها في ذاك الزمان إلى مراقى الوعي السياسي أو قاب قوسين منه مقدمين إسهامات عددا في هذا التغيير، ومن ذلك بعض ما ورد في أعمال وينستانلي ومعانيه البديعة التي ترجمتها عن نصها الإنجليزي القديم بحرف بسيط جداً تقتضيه ضرورة الموازنة بين أدبية الترجمة وحرفيتها :


2- مقتطفات من بعض كتابات وينستانلي وذكر لبعض أعماله:

(( إذا أصر الأثرياء على قبض هذه الأرض فاتركوهم يعملون فيها بايديهم، وكذلك فليتركوا كل الذين يقولون بان الأرض لهم ولكنها ليست ملكهم، أتركوهم ليعملون معاً ولياكلون خبزهم معاً في الجبال والتلال. أفإن كانت حيازة الأرض تعطي الإنسان إمتلاكاً لها، فكذلك العامة وإحياءهم الأرض المشاع، فعمل الناس جماعة عليها وإحياءهم لها يجعلها شيوعاً لهم. وليرى العالم من بعد هذا من يعمل في الأرض بحقها ويثمرها ومن يبقى فقيراً؟ إلا الكسالى والفاسدين، فالفقير الذي سيعمل لشيطان مصلحته سيعيش في سعادة وهناء))

وقال ((هذه الدعوة والنشاط ثورة سلمية أُسست على السوية والسواسية والسواء)) كذلك قال: (( يستقل النساء والرجال بأعمالهم لا يتملكون ما يتملكهم ولا يقولون هذا لي وهذا لكم، بل يقول واحدهم هذا عملي وهذا عملك، يضعون أيديهم في أيدي بعضهم، يحرثون الأرض معاً، ويرعون النِعم، ويشيع بينهم خير الأرض وإثمارها فلا بيع أو شراء ولا إثمان وأسواق، بل الأرض في شيوعها وعموم خيرها لكل إنسان، وهو مولاها وهو سيدها))

وقد صاغ جيرارد وينستانلي بيان تأسيس حركة الحفارين المرتبطة به ونشره إبان شهر يناير 1649، حافلاً بالكثير المثير مما سنعرض له في فقرة قادمة.

في أبريل 1649 قاد جيرارد وينستانلي أتباعه لبناء وتعمير مخرج ومشاعة لهم في تل القديس جورج St. George Hill ، وهي أرض يباب كائنة في منطقة صريSurry فيها إقتسم المهمشين المتجمعين فيها مع الأرض: الجهد والعمل والثمر.

ولكن ضد تلك الإشتراكية الغضة والنظام النوبي والثقفي واليثربي ثم المحمدي القديم الذي أحيته صعوبات الحياة في رميم أوربا وإنجلترا، ثار جيران المشاعة ضدها بدعاوى ومماحكات لجوج منها: دعوى حماية الأرض من التعدي، ودعوى الوقاية من فتنة عمالهم، ودعوى الحذر من غضب السلطات، وكذلك دعوى الحد من (إحتمالات) تجاوز الأنعام والأعمال لحدود أرض المشاعة!! وإزاء تفاقم هذا الجفاء رحل الشيوعيون القدامى من تلك المنطقة وتركوها وأسسوا مشاعة جديدة في منطقة ىيمى كوبهام Cobham في ناحية "المرعى الصغير"Little Heath بداية من شهر أغسطس 1649، وهناك أيضاً تآمر ضدهم أتباع الإقطاعيين وأصحاب الزراعات الكبرى كما إنقسمت المنطقة في أمرهم إذ عاداهم الملوك وناصرهم سواد الناس وعمومهم من الفقراء والمحرومين والبؤساء. ومع ضعف حالهم وضغط الجبابرة عليهم وإنفتاح الأرض أمامهم هاجر الحفارين مرة اخرى سنة 1650 إلى منطقة كادينجتون Caddington ذات التاريخ الثوري وقد إنتشرت دعاويهم في مناطق إنجلترا المعطونة بأمطار الظلم والقهر والإستلاب الطبقي والعنصري مثل برادفوردشيرBradfordshire وبيكنجهامشيرBuckinghamshire ملهبين حركة عمال الزراعة المعطلين عن العمل وفقراء الزراع والفلاحين والحرفيين ضحايا ضرائب الحرب ونقص الغذاء ونقص الكساء في تلك البلاد الرطبة الباردة. فأضحوا بفضل تعاضدهم فيها ينتجون حياتهم من جديد يدفئون أجسادهم ومشاعرهم بعدما كانوا مهشمين مكسورين شحاذين ككثير من الإنجليز الذي مضغتهم أنظمة السوق وغلواء الملكية الخاصة للأرض وإنفراد بعض الناس بمنافعها طمعاً وخوفاً بعدما كانت مشاعات وحواكير لأهلها في إيلافات سهمية يكشفها تاريخ صفة Shire )شير( = سهم التي تعقب كثير من أسماء مناطق إنجلترا مثل يوركشير ولانكشير وكيمبردجشير وأكسفوردشير.وشيشير وجلوسترشير وبكينغهامشير وبرمينجهامشير...إلخ


8- 3- لمحات من الأدب السياسي لحركات الحفارين:
من حياة العمل الإشتراكي وحكم الناس لأمور حياتهم ووسائل عيشهم بدأت توفر الدفء والطعام والملابس في مشاعات العمال والحفارين وبدأ بعض الوعي والأدب في الإتقاد وبعضه الآخر في التفتح، وقد عبرت عن ذلك بعض مقولات قديمة للعامل هنري دانيل Danyell Henry في حِلة كنتشKentish Town ومنها ((لإن الأغنياء يأخذون أكثر فليس لدينا سبب [منطقي] لفقرنا))

كما قال ((الحرب توثر على الأغنياء وتجعلهم يدركون قساوة قلوبهم جهة الفقراء، فالواحد منهم يكنز المئآت والمئآت لرفاهه فتأتي الحرب فتأخذها منه، لذا فلتدركوا أيها الفقراء أن ليس سوى فلاحتكم وزرعكم الأرض المشاع أمر يمكنه أن يهيئ لكم أحوالاً ميسورة ))

وقال: (( قلوب الأغنياء قاسية: يمنعونا إذا شحذنا في أبوابهم، والقانون ينهي حياتنا إن نازعناهم، والجوع يقتلنا نحن الفقراء ، حيث لا نستطيع أن نجد عملاً ولا مال لنا ولو سرقنا نشنق ولو شحذنا وسألنا لا أحد يعطينا، لذا فمن الأفضل لنا أن نعيش حياتنا سيفاً من أن نعيشها جوعاً، يجب علينا أن نثور للشيوع لنُشهِد إنجلترا أسخى مواسمها! ))

وقال ((يجب علينا أن ندرك إن الأرض أُمنا، وإن الله قد أعطاها للإنسان فهي مشاع له وحرث للفقراء وهذا الحق في شيوعها من طبيعة قانونها، فكيف لإنسان أن يطغى في أرض الله ملكاً لها ورباً؟ إن الذين على سُلطة كنائسنا [بموافقتهم على تملك الأرض والطاغوت على الناس بها] يحيلون الفقراء إلى عبيد وإلى حيوانات لطواحين المُلاك، ولقد كسدت تجارتنا وأنفقنا كل ماعندنا، وزوجاتنا وأبناءنا يبكون لأجل قطعة خبز، وحياتنا شقية بحياتنا فأكثرنا له خمسة وستة وسبعة وثمانية وتسعة عيال عليه وبعملنا لانجد خبزاً لواحد منهم!؟ إن هذه الأغلال حية عند جميع مُلاك الأراضي يقهرون بها إخوتهم ، فالحرية والسواسية لعباد الله بلا ملك لسلفنا أو لخلفنا، وفي عقيدتنا أن الأول [القوي] يجب أن يكون الأخير وأن الأخير [الضعيف] يجب أن يكون الأول، وإن من يحرث ويغرس يجب أن يحصد ثمار حرثه وغرسه))

بعض دالات أدب الحفارين
1- تؤشر خطابات الحفارين بتفاوتها في الشكل والمضمون وإختلاف ظروف إصدارها وحفظها وإعادة نشرها إلى إمكان تفاوت المصالح الطبقية في التعامل معها في الزمن الحاضر، ولكنها تؤشر إلى منطق الأمور في زمان حركة الحفارين، كاشفة عن جمال في التعبير السياسي بما فيها من صدق في تسجيل وقائع البؤس وروعة وبهاء في سبر وعرض ألم البشر بجمال منطقي يكشف سير التفكير في عموم الحالة المحزنة لأصحابه وتقدمه من تناول الظاهرة إلى مناقشة السبب والنتيجة ونبط الذهن البشري من ذلك التحليل وإتقاده بالفكر والخيال وخفق الأمل في التغيير وتوقد العزم إليه. كما يدل أدبهم إلى إن سير نشاط الحفارين كان وفق خططهم بإرادة قوية وإن كانت تصوراتهم للمستقبل في حاضرهم المحزن ذاك غباشاً طشاشاً.

كذلك فإن أدب "الحفارين" وكلماته المفعمة بحالة تهميشهم وبأهدافهم ووسائل حريتهم يكشف عن حقيقة إن آحآد وجموع الإثرياء والفئات الوسطى التي نفرت منهم كحركة مهمشين وكادحين وإستقبحت نشاطهم وعادت فيهم هذه النزعة الشيوعية الوليدة، لم يكونوا واهمين في تصورهم لإتجاه الحفارين إلى إقامة ديكتاتورية بروليتاريا (= سلطة كادحين) تلغى موازين تطفيف المنافع والأعمال والأرباح ومايتصل بها من حكر للأرآضي وكنز للأموال، حيث سماها أولئك الطغاة: طغيان أهل الطبقاتLevellers’ Tyrant أو طغيان المتطلعين، وقد صدق الجبارين الطغاة في خوفهم من حركة المستضعفين البسطاء إذ كان أولئك العمال والحفارين صادقين في ضيقهم بنظام تهميش وجودهم وإستضعاف كينونتهم، عازمين على تغييره، كما كان أولئك المستضعفين في الأرض جادين في إرادتهم الحياة والعيش الكريم من عمل يدهم، واثقين في صحة إرداتهم وسلامة هدفهم ناهضين إليه بعزم يريدون الرفعة والإمتياز في الوجود بعطائهم وخيرهم لايَظلِمُون أحداً ولا يُظلمون .

8-4- مزية التقدم إلى التغيير وخطره:

لم يقتصر الحفارين على تكرار إنتفاضات الجوع لأجل الطعام التي كانت تكتفي بحسنات خفض أسعاره أو ببعض الإغاثات دون أن تتناول موضوع إنتاج أو أسس توزيع الطعام، بل تجاوزوا ذلك الحال البائس وتقدموا عليه مناقشين أموراً أعظم مثل ((حقيقة ضرورات وأسباب حياتنا)) و((بعض الأثرياء تتضاعف أرباحهم من عمل العامة ويعطينا أسهماً ومنهم جون فريكمان John Freemanوتوماس نونتينجهام Thomas Nottinghamوجون كليندون John Clendon ، وبعض الزراع أعطونا البذور، بركة الله ضاعفت لنا الخيرين، والذين وجدناهم ضدنا كانوا دوماً أعداء البرلمان من الأول إلى الآخر، ولكن البركة في الحكام [الجدد] الذين يتركونا نحن الفقراء نعمل لإنتاج الُذُرة ليبيعوها لنا، يجب أن نباركهم لهذا ولكن نحذر منهم الأشرار، والواجب أن نصلح حالنا بنفسنا ونمهد الطريق لمضاعفة خيرنا))


وبنفاذ "الحفارين" من أقطار المشاكل إلى أسباب الأزمات المولدة لهذه المشاكل، أضحوا مولدأ للأفكار والأوضاع المتعلقة بحرية الناس في العمل وبحقهم في نيل موارد ووسائل العمل وحقهم في جني ثماره لأنفسهم دون كيل أو كنز أو حيد، ومع سقوط سلطة سوق الحرفيين والتجار في لجة التناقض بين حقوق التملك الفردي وحقوق المجتمع في موارده، برزت قوة حركات الحفارين ومشاعاتهم الحديثة تكشف في نشاطاتها ومنشوراتها زيف حرية السوق والطبيعة الرأسمالية لها، وتبين مدى إنحرافها عن شعارات الحرية والإخاء والمساواة التي كان أهل السوق يتشدقون بها في وجه الملك والإقطاعيين أصحاب الريوع القائمة على الإمازات الطبقية العنصرية، فبدأت سلطة السوق على مشاعة الثروة The Commonwealth أو الجمهورية في قمع حركات الحفارين بشدة بل وقمع عموم حريات التنظيم والتجمع والتعبير والنشر وحرية الإعتقاد لما تشكله مفاعلاتها المضادة لحرية السوق من خطر على وحدة وسلامة النظام (العام) الجديد.

8 -5- علاقات الحرية الثورة والتأميم:
في نشاط جانب من الحفارين وفي حركة أهل الطبقات في سنوات 1640 ومابعدها دعا الرفيق ليلبورن إلى تحقيق حرية الناس بإلغاء موجبات تقييد وسائل عيشهم وأهدافهم حيث قال: (( مادامت السلطة في البرلمان فهي أصلاً للشعب يكسبها أفراده كحق لهم بالميلاد فيصبح الخدم سادة أنفسهم بإلغاء الطاعة لسادتهم وأربابهم وحكامهم)) مما يقود لإنهيار نظام الفصل بين المنافع الخاصة والمنافع العامة. ومع هذه الدعوة الشيوعية القديمة تفتحت دعاوى عدداً جديدة كان منها:
1- رفع القيود عن نشاط الحرفيين

2- حق العمال في إنتخاب إدارتهم

3- هدم التنظيم الإقطاعي للموارد والسلطات

4- إدارة أعمال الدولة والتشريع والقضاء باللغة الوطنية بدلاً عن اللغة اللاتينية التي تجعل أمور العدل طلسماً على الناس

5- وقف الضرائب الدينية

6- تخديم الوسائل السياسية والإصلاحات التشريعية والإدارية والإنتخابية لصالح العمال

7- تفعيل الأساليب المدينية بصياغة ونشر المواثيق، وممارسة السياسة، ودعوة الناس، وصوغ مطالبهم في عرائض ومذكرات تقدم لجهات الإختصاص بواسطة تجمعات وتظاهرات كبرى، توكد على ضرورة إجابتها كحق للناس.

8- 6- مهر الحرية:
إضافة لعشرات الشهداء الذين سقطوا جراء القمع في نواحي المملكة وقراها، فقد كان للحركة وجود في "الجيش الجديد" قاوم مظالم السوق، فإستشهد منهم جندي واحد هو روبرت لوكير Robert Lockyer فأحسن الثوريين وداعه حيث أودوعه في ذاكرة الشعب نجماً هادياً إلى القيم العملية المفيدة ونبراساً إلى شموخ قيم الكرامة والحرية في حياة الناس وعزتهم بها. في ذلك الوهب السخي عبر موكب جنازة الشهيد شوارع لندن بين دهشة سكانها من هذا العرض السياسي- الجنازي الفخيم، الذي لم يشهدوا مثله في ترح أو في فرح: فقد كان في مقدمة الموكب ألف من الرفاق ساروا في صفوف منظومة من خمسة أو ستة أفراد منتظمين الخطى تتقدمهم ثلة من ضاربي طبول العزة الضخمة ومن نافخي أبواق المجد، وقد سارت خلف النعش ألوف وألوف وألوف أخرى وخفق الموكب بشارات وأعلام الثوريين الحمراء والزرقاء، وشارات الحداد السوداء، فكان موكب الوفاة والإستشهاد بحق مجالاً لإحياء نبض الحرية والكرامة والفداء في الناس الذين ألهاهم التكاثر وشغلتهم جزئيات الحياة الدنيا عن سؤدد الحق فيها وكبرياءه.

8-7- إعلام الحفارين:
إضافة إلى المشافهات والشائعات والمنشورات وعرائض المطالبات والخطب العامة فقد كان لحركات الحفارين وعموم الكادحين ومن والاهم أو مال إليهم من الناس مجلة أسبوعية إسمها "الرشيد" The Moderate وقد صدرت في بواكير الثورة الجمهورية بين سنوات 1641 و1649 ولم تك "مجلة الرشيد" تختلف كثيراً في زمانها ذاك عن السمة التقدمية البرجوازية لكثير من أدوات الأعلام اليسارية المعاصرة والحاضرة فقد كانت مثلها تفضل عرض أخبار السياسة على عرض تطورات الآداب والفنون وبحوث العلوم الطبيعية، ولكن حينذاك الزمان كان أمر العناية بالسياسة على علاته في الذهن يمثل تقدماً كبيراً في أمر الصحافة وشؤون الإعلام: فوقتذاك كانت الصحف تجارية إعلانية في الغالب الأعم منها، تنشر أخبار البضائع والشُحنات، وكانت في سياسياتها لاتخرج عن توصيف أخبار الملك وكبار سادة الدولة وبعض نساءها، فكان ان سمت عليها مجلة "الرشيد" الثورية بما حفلت به من أخبار وتعليقات ومقالات كاشفة ثاقبة وجرئية ونقاشات موضوعية، وببعض الإحصاءات والإشارات الفلسفية والعلمية التي سمحت بها ظروف العلم والثقافة أوآن تلك الآيام.

8- 8- مكاسر حركات الحفارين:
كانت لحركات الحفارين مواطن ضعف عددا منها:
1- ضعف صلة مهمشي المدن بالأريف الزراعية وضعف صلة مهمشي الريف بالمدن وأحوال نظم الدول وحضارتها.
2- التناقض الفئوي والطبقي في الريف وزراعاته ومراعيه بين كبار الملاك وجُل الزراع، وبين فئات كبار الفلاحين وصغارهم وبين المُلاك والمستأجرين والمجاورين، وكذا بين التابعين والأجراء، وبين أهل الأرض العالية وأهل الأرض الدنيا ، وبين أهل الحرف وأقارب التحضر والمدنية وأهل الزراعة وقطع الأخشاب وصيد السمك البعيدين عن التمدن.
3- تناقض موقف الحركة وخطابها بين الشراسة العامة ضد الأغنياء والسادة دون ميز بينهم أو نشد التحالف مع بعضهم.
4- إضطراب فهم إصطلاح "الشعب" بين معناه الأصيل البروليتاري ومعناه البرجوازي الذي يضم الصالح والطالح وإحتكار صفة تمثيل "الشعب" بدلاً من التواضع عنها أو التحالف مع غيرهم من الفئات ليسعوا معنى الإصطلاح .
5- تشوش تقديرهم للمؤهلات وكونها إمتيازات ناتجة من باطل وقائمة عليه أو هي كفاءات ذهبية تستخلص منه .
6- تشوش فهم الحفارين لفلسفة التمثيل السياسي وطبيعة نيابة الفرد الواحد ومدى (حُكمِه) لأمر الجماعة من الناس.
7- إختلاط أمر الدولة والحكومة عليهم بما فيه من سلطات وضرائب ورسوم وتفويضات وإمازات وإئتلافات وحزازات البشر والموظفين ودوران وتثبيت الوظائف ووتغير التعيينات.
8- ميوعة إصطلاحات "الشعب" و"العامة" و"الفقراء"و"الأغنياء" و"الأحرار" وقلة الإرتباط بفئات الخدم وفئات الأجراء
9- إرتباط الحركة بأصحاب الأسر وأرباب البيوت والعوائل وعزل الشباب والعازبين عن التواصل معها..
10- كانت منشوراتها عامة لكل الطبقات بينما كانت خطاباتها في تلك المنشورات مخصوصة لفئة وطبقة معينة محرومة.
11- طرح قضية الفقر بخطاب ديني ينتهي بطبيعته إلى جدليات فهم "الإحسان" وتوكيد مؤسساته بينما تطرح في جهة ضد قضايا الإصلاح الزراعي والديني ضد نفس سلطة مؤسسات الإحسان وفهومه.
12- الإرتباط بضحايا البؤس العام والضرائب والملمات السلطوية وإفتراقهم عن جمهور العمل وعصبه البشري.
13- تباين علاقات الفئات الوسطى بقضايا الفقر والإصلاحات وتنوع وتباين نظرتهم إلى فئاتها وإلى قيمها وإلى صدقية بعض شرائحها وأفرادها..


بعض دالات الأخطاء:

1- بعض نقاط الضعف كان نتيجة ظروف المرحلة التاريخية التي تبلورت فيها حركة الحفارين بما فيها من جهل وخرافة وأمية، وبعضها كان نتيجة أخطاء ذاتية، لم يتم كشفها أو علاجها بالشكل الملائم أو كان نتيجة موازنات أخرى إتصل حسابها بالطابع البسيط والفرد لتوجيه أمور الجماعة مما كان مألوفاً في تلك السنين ولم يزل.

2- تشتت كثير من الجهود بسبب الفقر النظري والثقافي وتضعضعها.

8- 9- بعض المعالم الفكرية والعملية في حركة الحفارين:
1- تميزت الإتجاهات الفكرية والعملية لحركة الحفارين بشكل عام بإقترانها بتقدم القوى الأساسية في المجتمع وحياته العملية من حالة نقص ضرورات العيش والتكالب عليها إلى حال الكفاية منها بزيادة الإنتاج وحسن توزيع ثمراته.

2- في الجوانب المنظومة من حركات الحفارين وعموم الكادحين آنذاك الزمان، كان التعبير والتوضيح السياسي القائم على الحقائق الإقتصادية الإجتماعية شيئاً جديداً في ثقافة ذاك الزمان التي كانت قائمة على فهوم سطحية للدين، وعلى فهوم ملكية وإقطاعية متعنطزة لأمور الحياة، وعلى كهنوت في مجال العقائد وفلسفة الوجدان، وعلى نزوع شخصي تآمري لتوجيه أمور الحكم والسياسة، وفي ذلك الظلام المدلهم كان تقدم حركة الحفارين بمواثيق مكتوبة توضح طبيعة أصولها وقواها وأهدافها وتبين أفكارها جهة هذه الأمور أو تلك الأحداث أمراً فعالاً في إنارة وتبديد ظلمات ذاك الزمان.

3- الفقر العام آنذاك الزمان في الجوانب العلمية الإجتماعية الدقيقة وقرب أعمال الحفارين خضمذلك الفقر إلى الفطنة والبصارة، فرغم حفول أعمال الحفارين بكثير من الموضوعية والمنطقية في عرض (الواقع) وبعض عناصر أزمته وكيفية وجدوى تغييره، إلا إن فقر ثقافة ذلك الزمان من أفكار و أدآب وعلوم الفلسفة والتاريخ والإقتصاد والسياسة والإجتماع والثقافة لم يمنع الحفارين من شق جانب من المجرى العام لنشوء وتطور أنظمة ري هذه الحدائق الفكرية وسقي بذورها وغروسها بفكرهم ونضالهم ودمهم حتى تفتحت وأنبتت من كل زوج بهيج، قام من بعدهم برعايته وتنسيقه.

9- بعض قادة وأعمال حركة الطبقيين:

9-1- جون ليلبورن John Lilbourn ( إستقلالية نضال العمال):

1- لمحات من حياته وبعض أعماله:
ولد جون ليلبورن سنة 1615 في ريف إنجلترا لعائلة متوسطة الحال وفقد أمه باكراً وتعلم وصار بزازاً في لندن يبيع الأقمشة والملبوسات، وفي سنة 1637 قابل جون باستويك John Bastwick الذي قطعت أذنيه لكتابته منشوراً ضد السلطة الكنيسية، وذهب بحجة منه إلى هولاند (قيل لطباعة كتاب باستويك) وكانت هولاند الحرفية والمالية حينها مفاعلاً ثورياً ضد الإقطاع والكاثوليكة، وفي 13 فبراير من العام 1637 غُرم ليلبورن خمسمآئة جنيه وجُلد، وأهين وسُجن، فكتب في السجن أول أعماله الكبرى "صنيع الوحش"The Work of the Beast سنة 1638 وبعد سنة كتب : "أخرجوا منها.. يا شعبي" Come Out of Her, My People ، مهاجماً ظُلم الكنيسة، وفي أول جلسة للبرلمان سنة 1640 بعد غياب 11 سنة رأى البرلمان إطلاق سىراح الثوريين المعتقلين فكان من الناجين. وفي بداية الحرب الأهلية سنة 1642 إنضم ليلبورن إلى جيش البرلمان وقتكان البرلمان مطية أهل السيتي من كبار الحرفيين والرأسماليين حصان الحرية من الإقطاع لعموم الشعب وسرعان ما قبضه الملكيين وحاكموه بتهمة حمل السلاح ضد الملك. ولكنه نفذ من الإعدام بمساومة قوية قام بها البرلمان.

وفور حريته إنضم ليلبورن مجدداً إلى الجيش ورُقى، ولكنه إبتعد عن دخول الجيش الجديد لسلطة السوق (البرلمان) في أبريل 1645 لرفضه فرض القسم الديني البروتستانتي مدخلاً له.. فقدم في نفس السنة إلى لجنة تحقيق (برلمانية) لمعارضته كبت الحريات الذي قامت به سلطة السوق (السيتي) مجسدة في البرلمان. ثم أصدر ثلاثة مؤلفات بعد ذلك فحقق معه مجدداً وأطلق سراحه ثم اعتقل في يوليو 1645 في سجن "نيوجيت" Newgate Prison الرهيب بتهمة مماثلة إثر بلاغ قدم ضده هذه المرة أستاذه ومرشده ورفيقه جون باتسويك لسلطة السوق (السيتي) المجسدة في ما عُرف عامةً بإسم "حكومة البرلمان" أو "ديكتاتورية كرومويل". ولكن ليلبورن إستمر في كتاباته الناقدة وإستمر إضطهاده وحرمانه من حقوقه المالية عن سنوات خدمته في الجيش بل وغُرم أربعة آلاف جنيه (آنذاك) وسُجن لسبع سنوات، كتب فيها خمسة مؤلفات كبرى هي:

1- "تشريح طاغوت السادة" (1646) Anatomy of the Lords Tyranny.
2- "إكتشاف الطاغوت العادل" (1647) Regal Tyranny Discovered .
3- "إعلان رأي المُضَطَهدَين" (1647) The Oppressed Man s Opinions Declared .
4- "كشف الأغلال في حرية لندن" (1648) London s Liberty in Chains Discovered .
5- "مطالب آلاف المواطنين" A Remonstrance of Many Thousands Citizens وكان معاوناً في كتابة هذا الكتاب لجهد الرفيق العتيد ريتشارد أوفيرتون Richard Overton .

بعد إطلاق سراحه في أغسطس 1648 ، إشتغل ليلبورن بحقوق الجنود، مخترقاً ديكتاتورية السوق من حيث لم تحتسب، منبهاً إياهم وعموم الناس إلى إنهم كجنود يقاتلون لأجل سلطة البرلمان بينما يحرمون بقوانين نفس البرلمان من حق التصويت لإنتخابه ! إلا قلة اثرياء فيهم حيث كان حق التصويت رهين بقدر معين من سعة الحال بعلامات التملك ودفع قدر باهظ من الضرائب، وقد ربط ليلبورن تصحيح هذا الوضع بدعوته إلى عموم وحرية وسنوية التصويت والإنتخاب، وذلك كى لاتفسد السلطة.

وفي سنة 1647 قام الرفيق جون ليلبورن مع الرفاق فالوين William Walwyn وريتشاد أوفيرتون Richard Overton وجون ويلدمان John Wildman بتأسيس حركة الطبقيين Levellers Theالتي أصدرت مجلة الرشيد The Moderate ونظمت إجتماعات النقاش والمطالبة، وكانت زوجته إليزابيث نشطة بين النساء وبين جموع هذه الحركة الإجتماعية السياسية

وبعد نشاط جم ونضال مضطرم وكفاح عظيم قبضت سلطات جيش السوق على الرفاق بتهمة التحريض على الشيوعية، وأرسل الرفيق ليلبورن إلى "برج لندن" الذي تحول حاله من قلعة للملكية وصار في عهد الجمهورية سجن النظام الجديد، وفي المحكمة رفض المحلفين إدانته، بل وأقروا بتعويضه ثلاثة آلاف جنيه وأرضاً واسعة له في دورهام، ولكن مع إستمرار ليلبورن في نقد المظالم ومحاولة تغييرها حوكم وصودر ورفض كرومويل طلباً لإطلاق سراحه وقعه عشرة آلاف مواطن.

وإذ زاد نقد ليلبورن لطاغوت سياسات حرية السوق التي تضطهد الكاثوليك والآيرلانديين وتعدم الملك بمحاكمة مصطنعة، فقد رأت سلطة السوق نفيه فخرج إلى هولاند لأربعة أشهر وقبض عليه سنة 1653 عند عودته إلى وطنه إنجلتراحيث حوكم وكالعادة برأه المحلفين ولم يطلق سراحه، وأخذ إلى سجن بعيد في جزيرة معزولة إسمها Guernsey فشكا مدير السجن الجمهوري الذي أودع فيه من ان المشاكل التي سببها ليلبورن للسجن فاقت المشاكل التي يحدثها عشرة من عتاة الملكيين.
وفي ذلك السجن القصي الرهيب كتب ليلبورن عن صلته بجماعات إخوان الصفا Quakers وأسباب إنضمامه إليهم، وعندما أتم الأضطهاد إلتهام صحته أطلقت سلطات السوق سراحه سنة 1656 حيث خرج من سجونها منهكاً عليلاً قبل سنوات قليلة من نهاية النظام الجمهوري، وإرجاع النظام الملكي بثوب جديد أكثر نظاماً وديمقراطية، ولكنه لم يشهد ذلك ففي منزله في إليتهام Eltham لاقى جون ليلبورن ربه في 29 أغسطس 1657 وكان عمره آنذاك 43 سنة قضى أكثرها في عطاء فكري وعملي جليل للمستضعفين في الأرض.

9- 2- فقرات من بعض إسهامات ليلبورن الفكرية:

1- في "ميثاق الطبقيين" (مارس1647):
((لا يجب أن يُجَرم أحد أو يُعَاقب لدعوته أو نشر رأيه في الدين))

2- في "إقرار حق الإنسان في الحرية " ( 1647) The Free Man s Freedom Vindicated:
(( كل إنسان حي يتنفس على وجه الأرض، رجلاً كان أم إمرأة هو بالطبيعة ممااثل ومساو لصنوه في الإرادة والكرامة والقرار وفي الإعتداد والسمو، فبالطبيعة ليس لأحد الناس أي سلطان أو سيطرة أو هيمنة على أحد منهم ))

3- "حرارة القسم" Rash Oaths (1647):
(( جميع الناس في إنجلترا، فقيرهم وغنيهم، يجب أن يكون لهم صوت في إختيار من يصنع القانون [الذي ينظم حياتهم] ))

4- في رسالة للطبقيين في منطقة كنت (1648):
((هذه هي الطريقة التي عملنا بها في لندن: لقد إخترنا بضعة رجال في كل منطقة يكونون لجنة تنظم مطالب أهل المنطقة في عرائض، وتقوم على نقاشهم وتثقيفهم، وعلى جمع إسهاماتهم))

5- "ضد إعدام الملك شارلز الأول" (1649):
(( أرفض ان اكون أحد القضاة الذين يحاكمونه ، حيث لا يعدو الحكم عليه أن يكون جريمة قتل ولو كان مذنباً في كل الجرائم المتهم بها ، وذلك لأن المحاكمة تتم بمن لا حق له في القيام بها))

6- في "كشف أغلال إنجلترا الجديدة" (مارس1649) England’s New Chains Discovered كتبه مع توماس برينس Thomas Prince وريتشارد أوفيرتون Richard Overton:
(( إذ لم تكن قلوبنا مثقلة بذنوب المآسي الحاضرة والمخاطر المحدقة بالأُمة فعطفك علينا [أيها المواطن] يبقينا صامتين، ولكن المأسآة وخطر العسف والقمع الذي نتعرض له أكبر منه وهو وشيك محدق بنا نراه داهماً لنا ما دمنا أحياء بلا حول لنا ولا قوة تمنعه، لذا لا نملك إزاءه إلا الكلام وحتى البكاء والعويل والنواح والصراخ إلى أن تسمعنا أو يأخذ الله بيدنا:

إن إقصاء الملك ومجلس السادة (اللوردات) والعصف بسيادة مجلس العموم، وجعله ممراً لقرارات الحكم والمسيطرين عليه، وتخصيص القضاء ومجلس الدولة، وسلب صوت الناس في أعلى مؤسسات سلطتهم كل هذه الأشياء مهما حسنت مقاصد من دبروها فهي بمن معهم من دهاقنة الناس في سبيلها إلى الحدوث، إما بإزاحتهم من طريقهم إلى السلطة والثروة أو بإستثمارهم لهم في ذات الغايات. فهم يتحدثون عن الحرية، ولكن عن أية حرية يتكلمون وهم يقبضون على الصحافة، وهي من لوازم حرية الأمم، وتخديمهم ليهوذا كجلاد وقضاء عليها لا يستطيع رجال الدين أو القضاء رده؟ أية حرية بقيت والجنود المخلصين البواسل يجبرون على ركوب الخيل بوضع مقلوب وسيوفهم مكسورة على رؤوسهم لتقديمهم عريضة أو خطاب إلى العدالة عن تهدد حرياتهم. أفإن لم يكن هذا منزعاً لكسر روح الإنجليز بما لم تحلم به ستراتفورد وكانتربري، فقد علمنا الآن أن لا فرق بين الأشياء...))

9- 3- قسطاس أو برنامج أهل الطبقات :
نظم الطبقيين مطالبهم جهة عدد من المسائل السياسية الإجتماعية والثقافية والإقتصادية مما تلخصه النقاط الآتية:
1- عومية حق التصويت لكل الرجال.
2- سنوية الإنتخاب .
3- حرية الإعتقاد والتدين (علمانية الدولة) .
4- حرية التعبير ورفع الرقابة عن المطبوعات من الكتب والصحف.
6- إلغاء النظام الملكي ومجلس اللوردات .
7- إشراك المجتمع في أعمال القضاء بنظام المحلفين أو طائفة العدول.
8- رفع الضرائب عن الناس الذين يقل دخلهم عن ثلاثين جنيها في السنة .
9- تثبيت سعر أقصى للفوائد على إستعمال أموال الغير بحيث لا تتجاوز المراباة 6% من الأموال.
10- حرية الأعمال الحرفية من قيود الإقطاع والعنصرية [كان الترخيص للحرف مربوطاً بخبرة وصلات عائلة طالب الرخصة ، وبإستقرار إقامتها، وطبيعة ولاءها لحكام المنطقة والبلاد، وبنوع تدينها، إضافة لمسائل أخرى ]


9-4- ريتشارد أوفيرتون Richard Overton (تحالف الكادحين مع الطبقة الوسطى ):

1- لمحات من حياته وأعماله:
وُلد أوفيرتون إبان سنة 1625 وبعد جهود مفردة طويلة أسس في سنة 1646 حركة أهل الطبقات Levellersالإجتماعية السياسية مع الرفاق جون ليلبورن John Lilbourn و ويليام فالوين William Walwyn وجون ويلدمان John Wildman ، وكانت حركة معاصرة ومواشجة لحركة الحفارين تشترك معها في البنية الطبقية العمالية والنزعة الجمهوية الثورية لنشاطها. وقد إجتهد أوفيرتون في نضاله ضمن هذه الحركة حيث كَتب ونَظَرَ ونظم الناس ضد مظالم الملكية والإقطاع والكاثوليكية وضد مظالم المشاعة أو الجمهورية الجديدة ومظالم حرية السوق وسلطانه فيها وفي البروتستانتية. وقد تواصل نضاله في ظروف قاسية فعقب فشله ورفيقيه جون فيلدمان John Wildman وإدوار سكسبي Edward Sexbyفي محاولة لتغيير نظام الحكم السوقي في أوائل الخمسينيات أَمَنَ أوفيرتون حريته ونفسه في بلجيكا المجاورة، ولكنه ما إن عاد من جهجهة المنافي إلى إنجلترا سنة 1655 حتى قبضت عليه السُلطة مجدداً بتهمة كتابة وتوزيع رأي له. وقد جرت حياته على منوال النضال ومشاق عيشه حتى تُوفي سنة 1664 قبل عامين من حريق لندن.

2- بعض أعمال اوفيرتون :
كتب اوفيرتون أكثر من خمسين مؤلفاً تبددت جميعها إلا أكثرها ذيوعاً وإنتشاراً حيث خلدت بين الناس وفي التاريخ بصدق معلوماتها وحسن ترتيبها مظاهر وأسباب أزماتهم وصحة إستنتاجاتها وجمال أهدافها وآمالها وقوة وسلاسة منطقها ورونق لغتها، وبهاء وقعها في حياة الناس، ومن هذه الأعمال:

1- "إنذار إلى مجلس السادة (اللوردات) ضد تحكمهم في حريات وحقوق الأمة"
An Alarum to the House of Lords against their Insolent Usurpation of the Common Liberties and Rights of this Nation. . وقد قبض على أوفيرتون بسببه حيث أُلقى في سجن نيوجيت الرهيب وذلك في سنة 1646


2- "إصابة لب إمتيازات مجلس غفلة السادة اللوردات من سجن نيوجيت" (1647)
An Arrow Shot from the Prison of Newgate into the Prerogative Bowels of the Arbitrary House of Lords

3- "ميثاق الشعب" (1649) An Agreement of the People (بالتعاون مع الرفاق ليلبورن وفالوين بإختلاف في العنونة)


4- "كشف أغلال إنجلترا الجديدة" England s New Chains Discovered. ( بالتعاون مع الرفاق ليلبورن وبرينس)


5- "مطالب آلاف المواطنين" (يوليو 1646) A Remonstrance of Many Thousand Citizens (بالتعاون مع الرفاق جون ليلبورن و توماس برينس) واعتقلوا بسببه وعذبوا ثم أُطلق سراحهم


6- "سهم ضد كل الطغاة" (أكتوبر 1646) An Arrow against All Tyrants.


7- شارلز الثانيCharles II وقد سجن بسببه بعدما عاد من ملاذه في بلجيكا

3- مقتبسات من بعض أعمال أوفيرتون :

1- من "سهم ضد كل الطغاة":
(( كل فرد في الطبيعة أعطى ملكته في الطبيعة لا تسلب منه ولكل ملكه الخاص الذي لا ينزع منه إلا بحق أو يكون ذلك المزع مخالفاً لطبيعة الأشياء وأحكام السواسية والعدالة بين الناس. ليس لأحد سلطان على حقوقي وحرياتي وليس لي ذات الأمر على أحد، فأنا فرد أتمتع بنفسي وملكي ولاأتجاوز حدودهما وإلا صرت متعدياً على حق إنسان آخر، دون حق. والناس سواسية بالميلاد وكذلك أملاكهم وحرياتهم وحقوقهم، وإذ نكدح إلى الله في هذا الدنيا بالطبيعة لكل حريته وملكه فيها مما قدر لكل إنسان في فؤاده وكتابه مما لامنزع له إلا بباطل، فالكل في هذا الكدح سواسية يتمتعون بحقوق ميلادهم والحرية التي أعطاهم الله لها. وهي بالطبيعة مطلب وحاجة، لاجار يحتال أو يستعبد جاره، والطبيعة تبعد الإنسان عن الأذى والمكروهات، وتجعل أحوال العدل والسواء معقولة مقبولة لا تنزع من كائن ولو من طاغية، ومن هذا النبع أو الجذر تتأصل جميع السلطات البشرية، لا بمنحة إلهية مباشرة للبشر كما يمنح الملوك الناس، بل بمنحة إلهية مباشرة إلى الطبيعة تحملها للبشر. فمثلما وضعهم الله فيها ينبتون وليس من أحسن من الله صنعاً. فهذه [الحرية والكرامة والحقوق] نعمة آلهية للإنسان لا تُعطى ولا تمنع بأية دعوة ولو بدت حسنة. ومن يستكثر منها سارق ناهب لحق غيره وهو خاسر لها ولهم، ومن يهملها يندم، ومن يقبضها يتلفها. وكل إنسان خُلق ملكاً ونبياً ورسولأ داعية في دائرته تتحدد بوصلتهر ويستقيم أمره بإنفراد وتميز، لايجتمع أمره مع غيره إلا جمعةً أو مجلساً أو لجنة تمثل حقه الطبيعي وحريته [مع الآخرين] في تصريف أمره....))

2- من "إعلام بميثاق حقوق الشعب" ( أول مايو 1649):
((نحن الشعب الحر، الذين أعطانا الله كينونتنا ومعنانا والفرصة في التأثير، نعمل بما يوافق حكمته، بإسمه اللهم، وبإجلال لإرادته وعظمته: نتفق على دعوة حكومتنا إلى إلغاء كل السلطات القمعية، وأن تقسط وتحدد كل السلطات العليا والدنيا، وأن تزيل كل المظالم المعروفة، وأن تعلن للعالم إتفاقنا على إن السلطة العليا لإنجلترا والأقاليم المرتبطة بها ستتمثل في جمعية شعبية يتكون مجلسها [الحاكم] من أربعمآئة رجل ممن لا تقل أعمارهم عن واحد وعشرين سنة، يتم إنتخابهم من بين الناس (من غير الخدم والمحكومين أو جند الملك السابق وحشمه) ))

3- من "مطالب آلاف المواطنين":
(( نحن متاكدون أن القضية التي إخترناكم لأجلها رجال البرلمان لايمكن أن تنسى، ان تقيلونا من كل أنواع الإضطهاد والعسف والظلم، وأن تجعلوا مشاعة الثروات وجمهوريتها محلاً للسلام والهناء. ولإنجاز مهمتنا فقد أوليناكم نفس الثقة والإرادة التي نوليها أنفسنا، لتعدلوا فينا مانعدل في أنفسنا، إن كان صالحاً إختيارنا لكم كأشخاص نعتقد بانهم مؤهلين وموثوق بهم لتجنب كثير من المشكلات. ولذا فعليكم ان تتذكرونا كقوة ثقة دائمة متجددة لامحيد عنها ولامبدل لها، فوجودنا، مهما تفاوت إختيارنا لكم، يتصل بمدى تحقيقكم دستور هذه المشاعة [الجمهورية] في سنة واحدة حسب قوانيننا، فالبرلمان يجب أن يدعى مرة في كل سنة أو عند الحاجة. وكما تعلمون فنحن مبدأكم، وانتم وكلاء لنا ونواب عنا وممثلين، وهي حقيقة لايمكنكم إنكارها، فإن قمتم أنتم أو أي من يمارس سلطة بالخروج على أمرنا وأختيارنا، فحينذاك لا تكون تلك السلطة سوى قمع وإضطهاد، بينما نريدها حرية حيثما توجهنا، وإذ تضحى مختلفةً عن طبيعة كونها حرية فهو ما تفهمونه جيداً))

4- من "صيد الثعالب" (مارس 1649) :
(( ياااكروميل ، يااا إيرتون: كيف مر زمن قليل وقد غير النجاح كثيراً من أهل السلطة: من كان يتصور إن مجلس الجيش كله سيتحرك ليضع إناساً للإعدام لمجرد إشتراكهم في طلب؟ من كان يتصور أن يرى جنوداً في الخدمة العسكرية يجبرون على ركوب الخيل في وضع مقلوب وسيوفهم مكسورة على رؤوسهم ومُغرَمَين لمجرد مطالبتهم بحق ووضع عادل؟ هل هناك من هزيمة وخداع أشد من هذا؟ كيف لأناس يحملون أرفع درجات القداسة والتدين أن يخادعون الله وبلادهم أكثر من هذا ؟ كل هذا الوعظ ، وهذا الصيام ، وهذه الصلوات والتلاوات والتراتيل ليست إلا تشدقاً بإسم الله ونبيه. إنك إن تتحدث إلى كرومويل بإقتضاب عن أي شي، فسيقبض يده إلى صدره ويشخص ببصره ناظراً إليك، وأشهد الله إنه قد يبكي وينوح ويستغفر، حتى لو كان يريد أن يقطعك إرباً إربا في أول فرصة))

9-5 - بعض النقاط في حركة تفكير أوفيرتون وفي عموم إتجاهات التنظير في حركة الطبقيين:

تعكس بعض كتابات أوفيرتون وتطوراتها ثلاث نقاط هامة في حركة تفكيره وإتجاهه وإتجاه حركته وهي:

1- التطور من الظنية والفردية إلى الموضوعية والجماعية.

2- التحور من نقاش ونقد مظالم السلطة والمناداة بإسقاط الملك وتغيير الحم كأمر عام إلى نقاش مفصل حول موضوعية العدالة الجديدة وفاعلية الحقوق والحريات المعلنة في تغيير وقائع الحياة إلى الأحسن كأمر محدد معين في عالم السياسة أو كأمر محدد ومعين لعالم السياسة مما يقارب في الإثنين عكوفاً وتمحيصاً ودقة ما نسميه اليوم بـ"التخصص".

3- هم نظرته وتقديراته بالتغيير السياسي لهيئة نظام الحكم كمفتاح للتغييرات الإقتصادية الإجتماعية والثقافية حيث وضعتها تنظيراته -وفق مستوى الوعي في تلك الآيام- في المقام الثاني والتالي لتغيير هيئة السلطة بدلاً أن تكون مندغمة في ذلك التغيير، إندام الضوء في شعاعه.

4- الثقة الزائدة في سير التطورات السياسية، ثم خيبة الأمل في جدواها، مما يعكس ضعف التقديرات والحسابات السياسية لعناصرها الموضوعية والبشرية والثقافية ولتغيرات الظروف وإهمال الإحتياط لتبدلاتها ببدائل مناسبة لها في عددها وفي حجمها وفاعليتها، حيث يمثل العمل (الثوري) بهذه الطريقة أي بلا إحتياط لتغيراته وتقلبات ظروفه نوعاً من المغامرة أو المجازفة غير المُحكمة.

5- الطابع الفردي في تنظير وتنظيم العمل القيادي تأثراً بالأسلوب المألوف للبشر طيلة آلاف السنين، وإهمال الدفع بكوادر جديدة لتغذيته في كل عدد من السنوات.

10- طبقية وشمولية قضية المرأة:
في ذلك الزمان الذي إنتهى فيه حكم الرجال إلى الطغيان والإستغلال والتهميش والتوتر والصدام والحروب كان لقضية المرأة موقع شمسي في مجرة الحركة الطبقية، وقد مثل دور قلب الشمس في تلك المسرحية الكونية التاريخية نضال وأعمال السيدة إليزابيث ليلبورن. ليس بجهد إمرأة المناضل ورفيقته فحسب بل بنضالها المتفرد في الجبهة العامة والجبهة النسوية مما جعلها نجمةً يمانية هادية لإسراء حركات حقوق المرأة والحركات النسوية في العصور الحديثة.

10-1- أسطع خفقاتها:
كان أسطع أعمال إليزابيث ليلبورن Elizabeth Lilburne هو: "مطلب المرأة" A Petition of Women الذي أصدرته النساء في حركة الطبقيين وصاغته ليلبورن ونشرته في الخامس من شهر مايو سنة 1649 حيث كانت كلمات ومعاني تلك الوثيقة النورانية قوية في ردها على رفض ممثلي سلطة السوق سماع رأيهن حيث جاءت كلماتها على النحو الأتي :

((طالما كنا متوكدات من ان الله خلق الإنسان على صورته، وبإنتباه إلى أن الدين ساونا والرجال، إضافة إلى إشتراكنا وتداغمنا معهم في كسب حرية هذه الجمهورية، لا يمكننا إلا أن نستغرب نظرة إحتقاركم إلينا، وإندهاشكم من تقديمنا مطالبنا وممثلاتنا إلي حضرة مجلسكم الموقر. أفليست لنا مصلحة مماثلة للرجال في هذه الأُمة وفي هذه الحريات والضمانات المذكورة في عريضة الحقوق وكل القوانين الصالحة الأخرى لهذه البلاد؟

أوليست حياتنا أو أعراضنا أو حرياتنا أو ممتلكاتنا حرام مثلما هي حرام في الرجال؟ إلا بتمرير قانون بثلة من رجال الحي المخلصين؟ أتتصورون إننا حمقاوات ناقصات عقل لانرى ولا نلاحظ ولا نشعر بفداحة الكسر والتخريب اليومي لدفاعات وركائز سلامنا ومصالحنا وعفصها ودهسها بالأقدام بالقوة الغاشمة للسلطة الطاغية؟

أترانا نقعد في بيوتنا ورجال مؤمنين مخلصين كرفاقنا الأربعة المعتقلين في "البرج" تقتحم الجنود بيوتهم، ينزعونوهم من أسرتهم لمجرد خوفهم وحرصهم على أنفسهم وزوجاتهم وأطفالهم وعوائلهم؟ أليسوا أزواجنا وأنفسنا وبناتنا وعوائلنا؟ وبإعتماد بنفس القوانين التي تحرم الظلم والفظائع مثلما هم فيه؟

لا لهذا لهذا العسف: رجال دين كالسيد روبرت لوكير . Robert Lockyerيقدم لمحكمة عسكرية يحاكمه فيها مستشاروه!! والأكثر وحشية أن يعدم بالرصاص؟ هل تُهرق الدماء وقت السلام؟ ألم يحرم الله ذلك؟ أولنكون مسيحيين يفترض فينا القعود والقرار في بيوتنا بينما رجال حق كهؤلاء يتصدون مراراً لظلم الرجال وباطلهم ينزعون ويساقون إلى الذبح؟ أيجب ألا نهتم لمعاناتهم؟ وأن لا تحن قلوبنا وتشفق عليهم مما هم فيه؟ أليس من رجل رشيد يتصدى لهذه الوحشية والظلم؟))
10-2- تقدير لبعض نقاط رسالة المراة:

1- تعكس الرسالة تنظيما وجماعية في العمل.
2- تكشف الرسالة عن الطابع الوطني والديمقراطي لنضال النساء آنذاك وبعده النسبي عن طرح "النوع" .
3- تؤمي الرسالة إلى عزلة التنظيم وضيق جماهيره.
4- تكشف ظروف الرسالة وطبيعة بيان سطورها عن الطابع الثانوي لوجود ونضال المرأة في تلك الأزمان.

11- وجون ويلدمان John Wildman:

1- بعض الجوانب في حياته وأعماله:

ولد جون ويلدمان (فيلدمان) سنة 1621 ودرس الحقوق في كيمبردج ولندن ونمى تنظيرات ثورية في السياسة والدين، وكان مناقضاً بارزاً للإستبداد والحكم الملكي عامةً وللملك شارلز الأول ومن تلاه، فكان كتلة كبرى من النشاط الثوري المتقد يخطب ويكتب وينشط مبيناً ومحرضاً ومحشداً ومنظماً لقوى المجتمع ضده، ومع تبلور إنتفاضة الحرفيين والتجار وإستعارها حرباً صريحة للقضاء على الحكم الملكي برمته وبداية عهد جمهورية السوق إمتشق ويلدمان وهو العالم والمنظر الحقوقي دوراً عسكرياً صقيلاً في الجيش الجمهوري الأول المعروف بإسم "جيش البرلمان". وإبان سنة 1646 قام الرفيق ويلدمان مع الرفاق ليلبورن وإوفيرتون وفالفين بوغيرهم بتأسيس جماعة "الطبقيين" بقسطاسها أو برنامجها الديمقراطي السياسي الإقتصادي -عُرض في فقرة سابقة- وقد أصدر الرفاق حينذاك الزمان مجلة الرشيد The Moderate منظمين الإجتماعات وأنشطة التثقيف والنقد وتنظيم المجتمع، حاصرين مطالب الناس بموضوعية رافعين ومقدمين رأيهم في عرائض إحتجاج أو مطالبة منضبطة قوية الى السلطات.

في سنة 1647 إنتخبت الوحدات العسكرية في الجيش ممثلين لها لنقاش "ميثاق الشعب" An Agreement of the People الذي كان عبارة عن مسودة الدستور الذي إقترحه الطبقيين لتكوين نظام جديد للحكم غير النظام الملكي بعنصرية إقطاعه وطغيانه، وهو النقاش الذي تم وعرف بإسم "نقاش بوتني" Putney Debates لتمحيص وحصحصة هذا الميثاق ومن ثم تقديمه ليكون الدستور الضابط لأسس وأعمال المشاعة أو الجمهورية الجديدةCommonwealth .

إزاء الإصرار الشعبي-العسكري بقيادة ويلدمان (فيلدمان) على عالمية النشاط التحرري قام هنري إرتون Henry Ireton من قيادة "الجيش الجديد" New Model Army الذي جرى تكوينه كبديل عن كل من قوات الشعب وقوات الملك المهزوم برفض النقاط المتعلقة بعالمية الثورة أو الثورة العالمية، بحكم إرتباط قيادة الجيش الجديد وتمثيلها القوى التجارية والمصرفية في سلطة تحالف الحرفيين والتجار، مما جعلها بعيدة عن هموم وآمال الحرفيين وحاجاتهم وطاقاتهم ولكنها إذ قبلت أن يكون حق التصويت عاماً لكل الرجال فقد إستثنت فئتين هما فئة "الخدم" -وهو إصطلاح فضفاض في مجتمع خرج لتوه من الإقطاع- وفئة المُغرمين أو الغارمين Alms-Takers في مجتمع ذي إقتصاد مخسر!!

في سنة 1654 إنتخب ويلدمان (فيلدمان) لمجلس العموم وتصدى لديكتاتورية كروميل وفساد وإستبداد جمهوريته فأضطهد ويلدمان وأعتقل وسجن ولم يطلق سراحه إلا بعد وفاة كرومويل سنة 1658، ومع عودة الملكية واصل ويلدمان نضاله ضد زيف الحريات وضد زور الملكية وبهتانها، فلما كانت سنة 1683 أعتقل ويلدمان من جديد بمحاولة قلب نظام الحكم بل وبمحاولة إغتيال الملك وولي عهده الطفل، ومن ذلك الإتهام الغليظ تم تهريبه وتأمينه في هولاند المجاورة حيث إلتحق بخدمة تنظيم الثورة الإنجليزية الثانية التي عرفت فيما بعد بإسم "الثورة الظافرة" وهي الثورة التي في لجتها قام "وليم البرتقال" William the Orange مك رأسمالية هولاند وحكومتها الحرفية- التجارية، بتولى أمور إنجلترا في سنة 1689 معلناً عدداً من القوانين القمعية ضد الشعبيين وضد الملكيين السابقين وضد الكاثوليكية وضد الآيرلانديين والإسكوتلانديين والويلز، وبعد ذلك قام على تأسيس بنك إنجلترا في يوليو 1694 برأسمال (يهودي) لرفع النشاط الرأسمالي في إنجلترا والعالم وكانت هولاند مركز تجميع وإدارة هذا التمويل.

ولكن مع مواصلة ويلدمان النقد والتحريض على إنتزاع الحقوق والتقيد بالمواثيق الشعبية ومعارضته عملية تأسيس بنك إنجلترا تم عزله من منصبه كقائد إستخبارات، ومات بصورة مريبة سنة 1693.
2- ديكتاتورية رأس المال :

وإذ تحول الحكم الثوري الذي ناضل لأجله ويلدمان إلى شركة لممارسة الإرهاب والثراء فذلك لا يرجع إلى قلة حيلة فيلدمان فحسب أمام النشاط الدقيق المحكم لقوى التجارة والمال التي حالفت الحرفيين لإسقاط الحكم الإقطاعي مرتين، بل يرجع أيضاً وفي جانب أهم أكثر موضوعية إلى تلك العملية السياسية المعروفة في التاريخ بعملية تأسيس بنك إنجلترا Bank of England الذي مثل رافعة كبرى لمستوى الصراع الإقتصادي للقوى الإجتماعية والسياسية في إنجلترا وأوربا وآلة متقدمة لنظم إدارتها للموارد والمصالح في قصة بالغة الثراء بدأت معالمها في الوضوح مع تولى "وليم البرتقال" عرش إنجلترا حيث نظم مع أولياءه في هولاند قرض مال قدره مليوناً وربع من جنيهات الأرطال الذهبيةGolden Pounds وكانت أهم قواعد القرض هي:
 كتم أو ستر أسماء المقرضين (بنظام الوكالة بالعمولة يخفي فيه الوكيل إسم موكله)
 ضمان القرض بميثاق تأسيس يمركز أمور المال العام للدولة ومؤسساتها في بنك إنجلترا
 تقنين معادلة قيم الذهب بسندات ورقية تحمل قيمتها معادلة الذهب بالورق نحو 1: 10 (عشرة أوراق مقابل باوند الذهب)
 إدارة الدخل العام للدولة وتأمين أصوله بإدارة البنك أموال الضرائب

وبالتأسيس الفعلي للبنك في يوليو 1694 في قلب السيتي ومباشرته لأعماله أصبح هذا المخطط الذي يجعل الدولة وجميع وجوه النشاط الإقتصادي فيها رهينة للبنك، يجلب عائداً سنوياً متضاعفاً لرأس المال المستثمر فيه وذلك بقيامهم بإضافة فائدة سنوية على تخديم البنك للأصول الموجودة فيه (من وضعها ومن صرفها). وبهذا الربا نجح البنك وأولياءه وأحباره في تحويل الديون التي شكلت رأسمال البنك البالغ قدرها 1.25 مليون وربع مليون رطل ذهبي إلى عائدات بلغت في سنة 1698 مبلغاً قدره 16,000,000 ستة عشر مليوناً من الباوندات الذهبية، وهي الملايين الذهب التي سندت حاكمية البنك لأصدار وتقعيد عشرة أضعافها من النقود الورق وفوائدها خاصةً مع جلب (شركة) شرق الهند للقناطير المقنطرة من ذهب البنغال والهند وخزنها في البنك، إضافة إلى عائدات مستعمرات أمريكا ثم ما تلاها من مستعمرات أفريقيا والتحكم في الصين مما ذهبت مقابل مركزته ومضاعفة نشاطاته وأرباحه مئات ملايين الجالونات من الدماء ومئات ملايين من الأرواح، ولم تزل.

-3- بعض الملحوظات في سيرة ويلدمان وأعماله:
في ختام هذه السيرة المقتضبة لحياة ويلدمان يمكن ان نلمح بعض التواصل بين كفاءته العملية في مجالات الفلسفة والحقوق على بساطتها في تلك الآيام، وهمه بأمور التنظيم والقوة العسكرية في الثورة الديمقراطية ضد النظم الإستبدادية. كما يمكن أن نلمح تفرداً في أداءه قد يكون ناشئاً من طابع شخصيته او مهماته. كذلك نلاحظ (هزيمة) مشروع الميثاق القائم على الكلمات رغم تمريره شكلاً وتراجعه موضوعاً أمام الإستثناءات الصغيرة القاتلة التي أدختلها القوى الرأسمالية فيه بإصطلاحات مخاتلة مفتوحة تجعل سلطة تحديدها وضبطها في وقائع الحاضر عملية سياسية رأسمالية .

11- وليام روبرت والوين (فالفين) William Robert Walwyn

11- 1- جوانب من سيرة حياته وأعماله:

ولد وليام فالفين في نيولاند من منطقة ووركسترشير Worcestershireسنة 1600 وتوفي سنة 1681، حيث بدأ حياته العملية صغيراً بالإشتغال بأعمال الحرير مع تاجر له ثم إستقل بأعماله وإنضم إلى شركة "كشوف التجار البحرية" (الإستعمارية) The Merchant Adventurers Company ومع تجارته كان وليام على مذهب النقاء والطهرانية ثم أصدر مؤلفه "قسوة عبودية إنجلترا" England s Lamentable Slavery سنة 1645 مندداً فيه بمظالم الملكية والإقطاع وفي سنة 1646 أسس مع الرفاق الذين سبق ذكرهم ليلبورن ويلدمان وأوفيرتون جماعة "الطبقيين" ببرنامجها الديمقراطي العام ، وفي سنة 1647 إمتشق فالفين سلاحه وقاتل مصطفاً مع رفاقه في الجانب الجمهوري ضد جيوش الملكية والإقطاع.

وقد أضحى فالفين زعيم الطبقيين في لندن وأحد منظري ميثاق الشعب An Agreement of the Peopleالذي كان عبارة عن مسودة دستور يجلي الحقوق والحريات العامة، وقد ناهض فالفين موقف "الجيش الجديد" الذي حل محل كل من قوات الشعب المسلحة ومحل القوات الملكية الإقطاعية المهزومة، حيث رفض فالفين إصرار قادة الجيش الجديد الرأسماليين الأصل والإتجاه وواجه ضغطهم على ممثلي الحرفيين والشعبيين لتقييد حقوق الإنتخاب ومنع التعاملات الدولية للثورة الجمهورية، حيث إشتغل فالفين ضد هذا الموقف الرجعي الأصيل بالنقد وتحريض الناس على التعريض بإستبداد الجيش الجديد ومموليه، ودعوة جنوده إلى التمرد والثورة على المستبدين الجدد وفاءاً لنضالاتهم وتضحياتهم ومبادئهم القديمة ضد إستبداد الملك والإقطاعيين، ومع تأجج نشاط فالفين رفاقه قامت السلطة الجديدة بإعتقالهم جميعاً في 28 مارس 1649 بتهمة الشيوعية حيث أرسلهم مجلس قيادة الثورة المعروف بإسم مجلس الدولة إلى سجن "برج لندن".

بعد إطلاق سراح فالفبن تواصل نشاطه الثوري من جهة إحترام حرية الإعتقاد وأصدر لأجلها مؤلفات عددا كان أبرزها:
1- كشف أصول الأذى (1649) The Fountain of Slander Discovered ,

2- الوعظ الزيف Counterfeit Preaching (1649)

3- دفاع ناجز Just Defence (1649)


11- 2- ملحوظات على عموم ماورد من نقاط سيرة حياة فالفين وأعماله:

1- قيام تحالف ونشاط حركة عمال حرفيين على الثقة المطلقة في شركاءهم التجار وعموم الرأسماليين.
2- ضعف قدراتهم النظرية والتنظيمية والتفاوضية والإحتياطية سواء من حيث الإعداد لنقاش ميثاق الشعب أو من ناحية تكتيكات إقرار مواده وماتتطلبه من حماية شعبية وإنتباه إلى مخاتلات اللغة التي تخديمها في التعديلات الراسمالية على الميثاق الدستور مما جرده بكلمة أو كلمتين أدخلهم الرأسماليون عليه كإستثناءات من كل مضمونه الديمقراطي الشعبي.
3- إتجاه المعتقلين السابقين منهم إلى الدفاع عن قيم عامة بدل الهجوم والإقتحامية والروح الفدائية التي كانوا يتحلون بها.
12- من وثائق المقاومة:

هناك عدد قليل من الوثائق عن حركات الحفارين والطبقيين قد يتجاوز الألف وثيقة، ترجم هذا المقال بعض قليل منها ومنها ما سيترجم كاملاص في الفقرة التالية وهو نص وثيقة تكشف بعض نشاطات حركة الحفارين وأبعادها ولو بعنوانه الطويل:
إشهار مباشر من الناس الفقراء المضطهدين في إنجلترا إلى كل من يسمون أنفسهم أو يطلق عليهم سادة الأرض بواسطة هذه الأمة التي بدأت الحسم وعبرت حواجز الخوف والإضطهاد وتاهبت لممارسة قطع الغابات والأشجار التي تنمو في المشاعات والاراضي المهملة.

طبعت في سنة 1649

A Declaration from the People of England Directed to all that call themselves, or are called Lords of Manors, through this Nation; That have begun to cut, or that through fear and covetousness, do intend to cut down the Woods and Trees that grow upon the Commons and Waste Land .

Printed in the Year 1649

نحن الموقعون على هذا البيان إذ نقوم بدعواه بإسم كل الناس الفقراء المضطهدين في إنجلترا فإننا نعلن لكم سادة الاراضي والأملاك الذين تقررون إحتكاركم لها بإسم الملك تكنزون به جهدنا وثروتنا وكينونتنا: إن الأرض لم تخلق لكم وحدكم لتضحوا سادتها ولنكون عبيداً لكم وخدماً وشحاذين، ولكنها خلقت معاشاً للناس كافة دون إمازة لبعضهم، أما متجارتكم بها وبثمراتها فعمل قميئ سببه الحرب القائمة على القتل والنهب.

إن توالي بعض الناس على بعضهم يحنق أسفلهم، وما قوة حيازة الأرض وتملك الأشياء التي خلقت بسيوف أجدادكم الذين قتلوا تابعيهم ومؤيديهم و-سلبوا أراضيهم وأورثوها أبناءهم، لكم، فإن كنتم لم تقتلوا ولم تنهبوا ولم تسرقوا فإنكم الآن تحوزون ما تكون بالقتل والنهب والسرقة والسلب بالسيف فلا تشرعون ما أجرم فيه آبائكم، وسبقى هذا العار على رؤوسكم ورؤوس أبناءكم لأجيال حتى نستأصل سلطتكم الدموية الناهبة من وجه الأرض.

إن تقديرنا لحقوق الملِك يجعلنا أكثر عطفاً على إخوتنا، والدمع والأم في قلوبنا إليه وقد أخذنا عهد السكينة والمحبة وميثاقها منه، لذا فإن قلوبنا تتحرر من الخوف من البشر عامة وبالذات من الخوف منكم، وخيارنا وخلاصنا المعزوم عليه في نفسنا كامن في الحب من الكل إلى الكل، وفي الضرب والحرث في الأرض العموم والمهملة، وهذا الميثاق لا يجب لومنا فيه، ولابد أن تقف قوانينكم عن إضطهادنا لأجله إلا إذا أقرت هذه القوانين إهراق الدماء البريئة التي تجري في عروقنا.

لإعتقادنا إنكم وآباءكم قد حزتم أملاككم بالقتل والنهب وأبقيتموها لأنفسكم بذات الوسائل دوننا نحن الذين نشترك سواسية معكم في ذات الحق في الأرض، بحق قانون خلقها. أفإن لم تك لنا قدراتكم في الإستعانة بشيطان حيازة وتحديد الأملاك والأرض بكل ثمارها وأنعامها ومنافعها التي صنعت لتكون منبتاً ومخزناً لمعايش الإنسان ونعماءه دون ميز. فالآن ولرفع تحديدكم عنها فلتعلموا إننا لانشتري ولا نبيع، وإننا بعد أن تحقق وتقدم أعمالنا سنسقط طاغوت النقود وآلهيتها المدعاة، فالمال ليس إلا جزءاً من الأرض ناتجاً منها وليس خالقاً لها، فالخالق الحقيقي الذي أعطى الملك لم يتنحى، وإن كان بعض الناس جعل الذهب والفضة إلهه وحكمه، لا طعام ولا شراب ولا كساء بدونه. فمن هذا الجعل جاء الطغيان الذي نبت منه سادة الأرض ماثلاً في صورة نقود، مصطنعين منه قانوناً باطلاً، أن لاحق لإنسان في بيع أو شراء أو طعام أو ملبس أو أي نفع معاش بين البشر ما لم تكن صورة هذه الإله محفورة في ذهبه وفضته. وكما للشيطان علامته 666 فسيماءها على وجوه أتباعه وفي آياديهم: النقود الدائرة في إنجلترا تحمل هذه العلامة بسلطان المُلك والإيمان، وهي من علامات آخر الزمان ودجاله مما نرفض الإيمان به، بل نؤمن بحرية الناس في التمتع بنعمة الإرض حلالاً دون أن يحملوا علامة الشيطان في آيديهم وأغراضهم وان يتناولون الطيبات بلا نقود كما تحدث أزآيـا Isaiah.

إننا بعد تحقق وتقدم مشروع مجتمعنا الأرضي سنغير أسلوب المعاملة بين الناس من الذهب والفضة إلى المعادن الأخرى لا للبيع والشراء الذي يجعل الناس يسلبون الأرض ومنافعها من بعضهم مما يجعل بعضهم سادة وبعضهم شحاذين وبعضهم حكاماً وبعضهم محكومين، ويجعل بعض كبار القتلة والسراق سجانين وجلادين يسجنون ويشنقون الضعفاء والمستضعفين من الناس.

فإننا إذ نتأهب لنعمل معاً في الأرض بإرادة وعزيمة واحدة وللحرية بأن كل إنسان ورفيقه التمتع بخلقهم، وبالطعام من أمهم الأرض حيث يعطي الكل ما في كيانه من فكر وعمل لله وحده، وحيث تسود الحقيقة كل كائن، نقول لكم: إن كل إنسان كما أخيه، وقد خلقنا سواسية بلامزية أعطيت لأحد في حُسن خلقه. لذ فالقانون الذي يجعل بعض الناس أرباباً لبعضهم الآخر ليس سوى قانون إضطهاد وجبروت يستعبد الأبرياء ويهرق دمهم، وانتم وقضاتكم ومحاميكم وعدالتكم وجدتم لتعلون على الإنسان علواً كبيراً .

لنوضح هذا الأمر ونقرب المعاني التي عندنا إلى الفهوم، ونشرح ما نروم إليه كمحدثين متسببين بالحق الذي يوجه أعمالنا، فإننا نرى بأننا وُجدناللتنعم بالمنافع التي وجدت لنا وحرمنا منها وأبآءونا بإعمال سلطان السيف وحكمه، حيث غمر أو دفن سر الخلق تحت التقاليد كما في حديث بارات Parrat من الجامعات والكليات إلى الدارسين: إنه منذ تسلط سيف القتل والسرقة وتأسيسه الحكومة التي تفتح السجون والقبور كانت تجبر الناس على الرضوخ، ولكنها لا تستطيع البقاء لوحدها دون هذا السيف وهذه القوة القاتلة فهي بذات السيف وجدت وبذات السيف تبقى لا بملك الحق أو قانونه الذي لا يعلى عليه، والذي قسم الزمان جعل لحكومة الحق الوقت الملائم، لذا فالأمة يجب أن تكسب شرف الحكم وجلاله بحكم الحق لا بحكم السيف والمشنقة. وبنظرة أشمل لسلطان الحق في قلوبنا، نرى للآخرين كما نرى لمعاشنا: إذ تدفعنا معاً حاجة أجسامنا إلى العمل والحرث في الأرض العموم والمهملة.

وإذ نرى ونجد أنفسنا فقراء نحتاج الطعام وقت حضن الأرض للبذور منتظرين إنباتها وإثمارها فنحن –لحينذاك- بحاجة إلى المحاريث والعربات والتموين لزرع الأرض ، لذا رغب في إعلان شروطنا لكم ولكل الذين يملكون ثروة الأرض كانزين لها، نحن لا نضع قيداً وقد نرى أتباعكم يجوعون إلى خبز الذين لهم فيه حق مماثل لحقكم بحكم قانون الخلق، لذا نعلن لكم ولكل المتعاملين بالنقود وفنون البيع والشراء للأراضي وثمراتها إنه يجب عليكم الحرص عليها ووضعها بين أيديهم فالكفر والغرور والباطل والأنوية لا توجد ولاتنفع في يوم القيامة.

وهدفنا الرئيس الذي نتجه إليه ونعمل له لحاجتنا هو:
1- أن نقطع ونستخدم على أفضل ما يكون الغابات والأخشاب في الأرض العموم لصالحنا ولصالح إخوتنا الفقراء في كل أرض إنجلترا.
2- أن نزرع أرض العموم لتدر علينا خبزاً نأكله لحين إثمار ما زرعناه.
3-- لا نتعرض لممتلكاتكم وحيازاتكم إلا ماكان عاماً منها حتى تأخذكم روح العطاء فتقدمون الأرض والمنافع للناس،وهي التي في حوزتكم بمفعول القتل والسلب والنهب، فنأخذها بهذه الروح المعطاءة لا بقوة السيف الغاشمة الظالمة مدمرة الخلق، حيث إن الإنسان وجد ليعمر لا يخرب.

ونحن نتأهب لبعث هذا الإعلان وإشهاره في الخارج لكل من يهمه الأمر أملاً في أن يسمع بعضكم المالك المتملك للأشجار و يرى إنها تقطع لمصلحته ونفعه الخاص في معالجة لأرض العموم من فاريتكم التي تنسبونها إلى الفقر ، فإننا نحيطكم بان الناس الفقراء المضطهدين قد هبوا لحقوقهم وأنتم لا تعطونهم سوى الكلام المعسول والكلمات الخُلب، وتحدثون بعضنا إن الحُراث سيأكلون حقوق الفقراء، وسيعمونهم عن رؤية مصالحهم بينما انتم أيها السادة الأثرياء أصحاب الملك الحُر فتكونون مُعظم ثرواتكم من العموم، ولعل ذلك سبب حشركم لهم مع البهائم والأنعام. إن الفقراء المواشجين للعموم لهم الفضل الأدنى والمكانة الدنيا من الحظ وهم في عملهم محاسبون من قبلكم لذا نرفض إتهامكم لنا بالغش ولا ننحبس عن حقنا بالخوف من هذا الإتهام مادامت الأرض قد جُعلت لنا مثلما جعلت لكم، فإن كانت الأرض لنا نحن المستضعفين والفقراء فأشجارها لنا ونحن لها.

وعلى ضوء هذا السبب لنا الحق في معرفة هل نحن أحرار أو عبيد، إذا كنا ما نزال نسمح لكم بسلب الحقوق التي هي لنا بالميلاد؟

سندعوا وسظل ندعوا، ولو قمُعنا، ونحن ندفع الضرائب، ونقدم الربع،ونضحي بأرواحنا لحرية الأمة،مثلكم تماماً، وبقانون وشرعة التعاقد معكم فالحرية في الأرض لنا مثلما هي لكم، سواسية معكم ولو جعنا أو عانينا للحرية، وأخذتنا قوانينكم الطاغية القاتلةو دمرتنا فلانملك سوى الدعوة ومواصلة ما نحن فيه. لهذا قررنا أن نأخذ أرض العموم وغاباتها لتكون معاشاً لنا وننظر لكم سواسية معنا لا فوقنا وإنجلترا أرض أجدادنا معاشاً عاماً مشتركاُ لكل الناس دون ميز أو ضيم لأحد فيها

لهذا نعلنكم أن لا تقطعوا غاباتنا المشاع إلا لمصلحتنا أجمعين، وهو امر نعلنه للفقراء حيثما كانوا بغعلان عام يأخذون به أو يخدمونه للنفع العام. وأعلموا إن أمرنا للعامة وبهم في كل أمم العالم حرية حقيقية للخلق [من سيطرة بعض الناس عليهم] ولهذا نعلنكم إننا قد بدأناقطع غاباتنا العموم، وإن إستحقاقكم فيها مصون بما هو لكم، بلازيادة أو تميز لرفاق مشاعة أو جمهورية إنجلترا Commonwealth of England في أن يتعاملوا بيعاً أو شراءاً لأشجار مملوكة لأي من السادة بمقتضى القوانين القاتلة الطاغية أو في أرض مسلوبة من إخوتنا الصغار وهي مقررة لهم بقانون الخلق وسواءهم فيها مع غيرهم. ولذا نهيب بجميع أهل الخشب ألا يتعاملوا في هذه المنهوبات وقد أعذر من أنذر إلا أن يكون ذلك بإرادة منا، فهي لكم، وإلا فلا تلومن إلا أنفسكم، لو أوقفنا وأممنا شحناتكم بعرباتها، ونحن مثل الملاك لايمكن إسكاتنا بل الشراكة معنا.

إننا لا نريد هذه الغابات لنبيعها ولكنا نريدها أولاً لحاجاتنا وحاجة أطفالنا، والأرض لزرعها فحقاً نريد الا نترك الأرض بوراً لاطفالنا بالتملك الخاص بل تركها لهم حرةً وافرة مشاعة لهم. وهذا في تقديرنا هو الواجب لنضع كل إنسان في مكانه (بالإتفاق مع البرلمان) في إصلاح يقدم حرية الناس سواء الجابي بالسيف أو المحكوم دافع الضرائب والربوع للجابي ليعمر بها الأرض. فإذ جرى الإصلاح مجرى الحق وكلمات الله فلكل مزية وحرية خلقه دون ميز لأحد ضده. إنا نحس بأن هذا هو واجبنا ونقول هذا لكي لانترك لمعارضينا عذراً يوم الحساب ولكي لا يسفك دم غال على باب سجن أو تحت مشنقة لإحقاق هذا الحق، الذين أخذوا أموالنا مقابل الحرية إن تحولوا ضد الطغاة فلا يجب علينا القتال بل الجلد والجهاد والتحمل والصبر على الأذى. وإضافة إلى ذلك قررنا ألا يتصرف أحد أو مجموعة في أية أخشاب جانبية أو مهملة إلا بعد إعلان عام مطبوع أو مكتوب يستفتي الناس في أمرها.

إننا نامل ألا نضطر إلى ان يدعوا المجلس والقوى الحاكمة في إنجلترا الذين نصبوا نفسهم بالوعود والعهود والمواثيق وترسخوا بالصبر والجهاد أن يجعلوا إنجلترا حرة الشعب مقابل جزية يدفعها، وأن يقدموا أرواحهم ضد ورثة الغازي نورمان مستعبد البلاد، بل ننظر إلى الحرية التي جعلت عموماً دون ميز لإنسان فلا نجدها، إلا بأن تحرر أرض إنجلترا من الملكية والإختصاص بها لأحد دون غيره من الناس، وأن تصبح شيوعاً لكل أبناءها كما كانت أرض كنعان، حقاً شيوعاً لكل عشيرة فيها، ولكل فرد في العشيرة بلا إستثناء لأحد سواء في داخل العشيرة أو في خارجها.

نقول بإنا نامل ألا نفقد عطفهم ولا يجعلنا هذا الأمل ننحرف عن مهمتنا ولكن فعلهم سيثبت للجميع إما عطفهم أو تآمرهم نحن نعلم إن الكلم مزية لنا وإن قضيتنا عادلة فإن تبنوها فيلرسلوا بها طفلاً منهم إلينا وسنقابله بمواثيق أربعة:

الأول: ميثاق وطني يلتزم البرلمان والناس جميعاً أمام الله بتقديره والعمل به ان يسعى كل إنسان لحرية أخيه دون مزية لأحد.

الثاني: في النصر الأخير على الملك شارلز لاندعي الفضل فيه ومغانمه من يد الحكم، بل وفق ما تعاهدنا به معهم بدفع الضرائب والربوع وأن نعمل ضد شارلز والذين وصفوا بأعداء الشعب وإنه مع وفاءنا بذلك العهد سنكون أحراراً ، وإن إخترناهم لأمر محدد فلا يكونوا سادة لنا ومُضَطهدِين بل خدماً لآمالنا. وقد ضعف حقنا في هذه النقطة فكل قوانين الإستعباد بالملكية يجب إلغاءها.

الثالث: يثبت حقنا في أرض إنجلترا بالميلاد،كإخوتنا الأقدمين والمساوآة معهم في الحظو بمعاش في الأرض دون ان يتملك أينا أي شيء ليكون سيداً علينا أو سيد أرض منها رزقنا ومعاشنا وهو أمر معلوم من كتاب اليقين [ كتاب ذوالنون (جون) تلميذ النبي عيسى].

الرابع: يجب بحق قانون الخلق أن يكون الإنسان بأجناسه هو سيد الأرض لا موضعاً لسيادة مثيله أو محلاً لإستصغار شأنه بل له الحق في العيش بكرامة في ضوء قانون الحق في سلام وسكينة.

لهذا فبكل الحب نعلن ما في قلوبنا صراحة، بلامواربة أو توقع حب مقابل، بلا جشع أو طمع، أو تخيل لان نكون نسخة منكم، بل عشم في إخلاص وإحقاق العدل وفي إلغاء الملكية الخاصة وهي أصل كل الحروب والدماء المسفوكة والنهب والإستعباد الذي يضر الناس ويؤذيهم.


وُقع لأجل وبالنيابة عن، كل أهل إنجلترا والعالم الفقراء المضطهدين:

Gerrar Winstanley, John Coulton, John Palmer, Thomas Star, Samuel Webb, John Hayman, Thomas Edcer, William Hogrill, Daniel Weeden, Richard Wheeler, Nathaniel Yates, William Clifford, John Harrison, Thomas Hayden, James Hall, ,James Manley, Thomas Barnard, John South, Robert Sayer, Christopher Clifford, John Beechee, William Coomes, Christopher Boncher, Richard Tylor, Urian Worthington, Nathaniel Holcombe, Ciles ChildeSenior, John Webb, Thomas Yarwel. William Bonnington, John Ash, Ralph Ayer, John Pra, John Wilkinson, Anthony Spire, Thomas East, Allen Brown, Edward Parret, Richard Gray, John Mordy, John Bachilor, William Childe, William Hatham, Edward Wicher, William Tench.

13- بعض الأوضاع التي لازمت حركتي الحفارين والطبقيين:

1- تداخل الدعوة للإصلاح الديني بكل مذهبيتها البروتستانتية مع الدعوات المختلفة للتغيير السياسي وضع القدرات الثورية في يد الكنيسة الجديدة، وفرق عدداً كبيراً من الكاثوليك من حالة التعاضد الثوري.

2- هشاشة التحالف بين الحرفيين والعمال وعموم الكادحين مع الرأسماليين من أصحاب المحلات والتجارة والأموال، خاصة بعد القضاء على الحكم الملكي، وضعف إمكانات الحرفيين التعليمية والمهنية عن تولي وظائف الدولة.

3- قيام الحكم الرأسمالي الجديد بالحد من الإتصالات الخارجية للحركات الثورية الشعبية جعلها تفتقر إلى الدعم الدولي في نشاطها بينما كانت القوى الرأسمالية المالية والتجارية في أوربا وإنجلترا تنسق جهودها وأعمالها ضدهم، والإنفراد بحكم إنجلترا لأجل تمويل صناعات بناء السفن والمدافع والأسلحة والإتجاه إلى التوسع الإستعماري.

4- تحويل المطالب العامة إلى طلبات عرائض خاصة تقدم إلى مجلس الدولة الجديد بالطبيعة الرأسمالية لتكوين عضويته فرق القوة العامة لدفعه تلك المطالب وصار إقرارها من قبيل الإحسان والمنحة من الحكام الجدد بدلاً عن كونه أمراً ضرورة لإقامة حكم جديد في نوعه.

5- تمدد السلطة إلى الفئات الوسطى ترك الفقراء بلا سلطة فعادوا إلى المطالبة بحقوقهم في صور متنوعة مفردة كل منها منفصل عن الآخر برفع الأجور هنا وتخفيض الأسعار هناك، والإصلاح الزراعي، وتحسين أحوال الجنود، ورفع الضرائب الباهظة من هذا القطاع أو تلك الفئة.

6 – تمييز "العامة" بمعنى الشعب الذي يمثله البرلمان وهم من متوسطي وكبار الحرفيين والتجار وأصحاب الأموال، و"العامة" بمعنى الدهماء وصغار السوقة من الحرفيين والعمال والمعطلين عن العمل ونحوهم من صنوف البؤساء والكادحين وهم سواد الشعب وأساس ومجال أي إصلاح حقيقي فعال.

7- تحرر الأعمال الإقتصادية من سيطرة ملكية الملك والإقطاعيين وأرباب طوائف العمل بقيودهم العنصرية والعائلية لتضحى تحت سيطرة رأس المال و الممولين!

8 - النظام الرأسمالي الذي تحول إليه الحكم الجديد في صورته الجمهورية وفي صورته الملكية ذات البنك جعل العلاقة بين ضدية بين الفقراء والمتوسطين وجعل التقارب والتواشج ممكناً بين الرأسماليين ببنوكهم ومحلاتهم والإقطاعيين بأراضيهم وكنوزهم وعلاقاتهم.

9- بدايات تبلور الفلسفة العلمية وإستقلال وظهور علم الإقتصاد السياسي وتطور العلوم الحقوقية والقانونية والتعليم والثقافة بسريان الروح الطبقية والفئوية من ثقافة الإختلاف الطبقي بين الكادحين والإقطاعيين والرأسماليين والإختلافات اللاحقة له في مجالات الدين والملكية والسلطة والحقوق والواجبات العامة وطبيعة الدولة وتنظيمها وطبيعة العدل ومقتضياته

10- قيام المدارس والمؤسسات التعليمية والصحف بتوجيه الأجيال الجديدة إلى المجالات العملية وضغط السوق والضرائب على أحوال العيش وسيادة العمل المأجور والنشاط الحرفي الصغير المحكوم بالديون كنمط للحياة قاد إلى تفتت جبهة الفقراء القديمة وزيادة إمكانات تحكم الطبقة الراسمالية التجارية-الصناعية والمصرفية في موارد وقوى وأعمال المجتمع وتخديمها إياهم لتحقيق مصالحها مثلما كان الإقطاعيين يتحكمون في الناس بتحكمهم في الأرض في الزمان الزراعي القديم.

11- بروز الطبقة الوسطى وتمدن ونقودية أنماط التعامل وفقدان عامة الناس الثقة في السياسة والنفور من دعوات التغيير.

12– فشل ثورة يناير 1661 في إسقاط الملكية فتح المجال لقوانين قمعية كثيفة، بينما كان نجاح ثورة 1689 مفتاحاً لإجراءات قمعية وإحتكارات كثيفة للسلطات بإسم الحرية والحفاظ عليها من الأخطار المتنوعة.

13 – إستقواء الإتجاه التراتبي في الدولة بدلاً عن المساواة والديمقراطية وبقاء الريف خاضعاً لمركزها في نواحي الضرائب وتعيين العمد، وإستمرار أهله في التمرد والإنتفاض على سوء الأحوال.
14- أشكال المقاومة الثقافية ضد إجراءات القمع، وبعض الأوضاع التي واشجتها:

في سنة 1662 صدر قانون التراخيص Licensing Act الذي فرض إجراءات التسجيل والرقابة على الصحف كما أسس مكتب للرقابة على الصحف والمطبوعات كان بقيادة السير روجر لإسترانج Sir. Roger L’Estrange وكذلك كان الأمر بعد ثورة 1689 حيث أطبقت الممنوعات على حرية الكلمة وضاق نظر الحكام بحرية التفكير في التغيير وإنطلاق دعوات الإصلاح بدلاً عن ان يستوعبوها في نظام سياسي ثقافي لنشر الأفكار الجديدة وتحصيفها يتم إستثماره في نواحي الحياة المختلفة، ولكن إزاء تمدد القمع وتوسعه نشط الثوار المعارضين للإستبداد الملكي في صورتيه الإقطاعية والرأسمالية في نشر افكارهم معتمدين على عدد من الوسائل والوسائط منها:
1- طباعة الكتب والمجلات في أوربا وتهريب المطبوعات إلى إنجلترا.
2- الكتابة والنسخ باليد.
3- النقاش في دوائر المحاكم والقضاء.
4- تقديم الطلبات والخطابات المفتوحة إلى دوائر الدولة كالشرطة، والبرلمان والمحاكم.
5- مجالس أخوان الصفا
6- مجالس اللهو وبيوته
7- الإضمار والمواربة والمخاتلة في اللغة
8- النميمة و الشائعات
9- أحاديث المقاهي وقراءة الإعلامات السياسية ومناقشتها فيها بصوت عال حيث صارت المقاهي سمنارات ثورية
10- المنشورات
11- التظاهرات

كانت المصلحة التجارية لأصحاب المقاهي والمطابع والجرائد تتعارض مع قوانين القمع الرأسمالية مما أفشل كثيراً أسلوب الرقابة والمنع، ولكن تطورت الأمور بإتجاه الحرية حين دخل الخلاف المذهبي اللحم الحي للعرش الإنجليزي مع إحتمال تولي الشقيق الكاثوليكي للملك البروتستانتي أمور الحكم حيث ظهرت الأزمة المعروفة بأزمة الإقصاء Excluding Crises التي حدثت في زمان ما بين السنوات 1678 و 1681 وخالطتها أبعاد فرنسية وهولاندية جمة إضافة إلى تغايرات المرشحين للخلافة. وقد تقاريت حكومة الملك في تلك الأزمة مع فرنسا وحق الوريث بالميلاد، بينما إتجه البرلمان بتكوينه الرأسمالي وحساسيته من إطلاقية قدسية الملوك الكاثوليك وضرائبهم إتجه إلى التقارب مع هولاند التي كانت محكومية رأسمالية صرفة مسيطرة في أقاليم النذرلاند، وكان من نتيجة هذه الأزمة حل البرلمان سنة 1680 وإجراء إنتخابات جديدة في نوعها تقلل تأثير الرأسماليين وقد تقارب فيها صف الملك مع بعض القوى الشعبية والريفية وتصاعد الخلاف السياسي بين الناس والملك حتى أخذته قوة تضامن الحرفيين والرأسمالية المحلية والهولاندية أخذ عزيز مقتدر.

في تلك الفترة الملكية التالية لعهد الجمهورية دخل قطاع كبير من الناس في النقاشات وحملات جمع المطالب والتواقيع وتقديم العرائض وعقد الإجتماعات والتظاهرات والقراءات والمسيرات العامة ونشط التحزب بين الناس: إذ شمل الإختلاف كتلتي العامة منهم والخاصة، وإستعر الخلاف بينهم مع وقوف حزب الإقطاع والحرية بفهمه لها بسمات الطبيعة والدين وهو حزب الأحرار Whigs مع إقصاء الكاثوليك من وراثة الملك، بينما في الجهة الضد وقف الحزب القديم للمحافظين المعروف بإسم The Tory Party مع إستقلالية الملك وشؤونه عن الجدل والخوض العام. ومع عدم تجديد قانون التراخيص فرضت الرقابة على حريات التنظيم والتعبير بقوانين مكافحة التحريض وإثارة الشغب، ومن عقوباته الرهيبة عانى تجار وباعة المطبوعات ومتداوليها.

ومن تصاعد الخلاف حول إطلاقية او نسبية المُلك ووراثته وتصرفاته وتمدد هذا الخلاف في المجتمع والدولة والعالم وزيادة القمع وتفاقم الأزمة الإقتصادية-الإجتماعية وضحت الحاجة إلى سياسة جديدة للحُكم خالية من أمور التدين ومن الإستبداد الملكي، كما وضح الدور المركزي للإعلام في كسب المعارك السياسية إلى جانب القوة العسكرية، وظهر ما عرفه هيبرماس Habermas بالمجال "العام" للسياسة أو الجو "العام" Public Sphere. بعدما كانت السياسة مجال تدبير للملوك وخصيصة دهاقنة وجواسيس ووشايات وقصص وعسس وقيادة جيوش وحشد كهان وتفاسير دين، ونساء وخدم قصور. وفي ذلك الجو (العام) كان الكابتن تومCaptain Tom يقود التظاهرات ضد "المؤآمرتين اللتين يتعرض لهما شعب إنجلترا" وهما حسب تقديره المؤآمرة البابوية والمؤآمرة التجارية، بينما كانت التظاهرات الأخرى المؤيدة والمضادة للملك تستعر .

ومع شدة الخلاف كانت إجراءات القمع تتفاقم حتى منعت الحكومة الطباعة العامة ومنع القضاء مناقشة الأمور العامة، وكانت الصحيفة الوحيدة المسموح لها بذلك هي صحيفة "راصد لندن" London’s Gazette Observatory لصاحبها السير رويرت لإسترانج L’Estrangeعميد الرقابة.

بعد وصول القمع إلى منتهى عجزه وفشله جاء دور الإغراء حيث أعفيت الصحف والمطبوعات الموالية للحكم الملكي من الضرائب بل ودفعت الدولة أكثر من قيمتها فوزعت بثمن بخس وأأرباح أكبر ووزعت أخرى مجاناً في شوارع لندن، مما أضر مصالح عدد من الطابعين وعدد اكثر من الموزعين زادوا نار الثورة بغضبهم ونشاطهم حطباً ولهباً.

مع تفجر الغضب الحرفيين والرأسماليين على الملكية القديمة وإستدعاءهم وليم البرتقال من هولاند لحكم إنجلترا، صدر منشور المقاومة الأكبر بعنوانه الطويل: "إشهار بالأسباب الشاملة للظهور المسلح في مملكة إنجلترا لحماية العقيدة البروتستانتية وإقامة القوانين والحريات في إنجلترا وإسكوتلاند وإيرلاند"
Declaration of the Reasons including him, to Appear in the Arms in Kingdom of England for the Preserving of the Protestant Religion and for Restoring the Laws and Liberties of England, Scotland and Ireland

ويمكن القول بأن هذا المنشور مثل من ناحية صحافية عامة نهاية النظام الإقطاعي القديم وبداية النظام الرأسمالي.

ومع هذا المنشور يمكن القول إن مرحلة جديدة من المقاومة الثقافية قد بدأت ضد نظم الإستبداد القديم المؤسسة على الملكية الخاصة سواء أكانت ملكية إقطاعية كما كان الحال في الماضي أو ملكية رأسمالية متدسترة مما بدأت بعض علاماته في الظهور وإضافة إلى إتساع الطباعة كانت ابرز علامات هذه المرحلة نشاط المقاهي كسمنارات سياسية.وقد تميزت بالآتي:

1- الروح المواطنية التي جمعت الكثير من الناس على مختلف فئاتهم وكانت للمرأة مشاركة فيها وإن صار لكل مقهي فيما بعد نوعية معينة من الرواد بعضها للخاصة وبعضها للعامة.

2- تبلور أحاديث المقاهي كمفاتح حداثة وحلقة تطور معرفي وثقافي إذ إجتمعت فيها بـ(يُسر) كل من المعلومة والبيان والخطاب والنقاش والحصحصة للوضع والقرار السياسي وعقلانية ورشدية يقيمها النقاش الحر من كثير من تقعيدات وتعقيدات المراتب والصفات حيث الرأي طليق من سلطان قائله لا يحميه إلا صدقه وسعة منطقه.

3 - تنوع موضوعاتها بعضها في الرقابة وبعضها عن الأحزاب والحركات السياسية وبعضها عن حقيقة حق التعبير، وبعضها عن العرائض وبعضها عن طبيعة تمثيل النواب للشعب مادام المصوتين لهم أقل في عددهم من ربع رجال البلاد ومدى مشروعيته في هذه الحالة وبعضها كان حق المنتخبين في العِلم بما يفعله النواب الذين إنتخبوهم داخل المبنى القديم للبرلمان -قبل تعميره بصورته الفخيمة الحالية في عهد الإستعمار الكبير زمن الملكة فيكتوريا- وبعض الموضوعات كانت عن الفروق بين البداوة والحضارة، والدولة والحكومة، وعن طبيعة تعامل الفرد مع السلطة في كل منها ...إلخ
15- بعض ما واشج جذر الحركات الثورية العمالية ومد الحركات الثورية الرأسمالية:

1- ظهور النزعة العقلانية في الفلسفة وتنظيرات الحياة كمجرد تعبير عن إقصاء الفهوم الدينية من آلة السلطة لصالح حرية المنافع التجارية في التملك والترابي والتكاثر، وبُعد هذا الفهم الرأسمالي المفرد للعقلانية كمنفعة وأرباح ونقود عن الفهم العمالي الإجتماعي لها القائم على التعاضد والإشتراكية في موارد وجهود الإنتاج وتقاسم ثمراته بكفاية ضرورات الحياة أولاً

2- تركز النقاش العام حول حقوق الإنسان ومداها في النظم الملكية وفي ظل ملكية رأس المال لوسائل عيش غالبية الناس ومدى تحقق مصالحهم في هيئة التمثيل التي ينتمي أفرادها لطبقة تستغلهم.

3- تغاير إصطلاح "الشعب" وتخديم السلطة العليا له بدالات العدد والعقيدة والنوع والطبقة، بعدما كان محتقراً منفوراً منه، ولكنه صار محتكراً للرجل الأبيض البروتستانتي صاحب الملكية الكبرى وليس لكل أصحاب التملكات الصغيرة.

4- توزع التعليم كمزية ومنحة وليس كحق مع التوزيع السياسي للفرص في المناطق والمدن المختلفة. ومع طبقية التعليم ولكن عدد الرجال القادرين على إمضاء أسماءهم إرتفع من نسبة 35% من جملة الرجال إلى نسبة 45% كذلك الأمر في النساء زاد من 15% إلى 25 % وقد يكون ذلك لزيادة المعاملات التي تحتاج الإمضاء في إستلام الأجور والمرتبات بحكم التطور الكبير في الحرف وتحولها إلى صناعات كبرى في مجالات بناء السفن وسبك وتجهيز المدافع والأسلحة والنسيج وعربات النقل والسفر وتجهيز الأثاث ومقاولات بناء عمران الدولة الجديدة خاصة بعد حريق لندن الكبير في سبتمبر 1666 وتجهيز الجيش في نشاطه في الحروب الخارجية.

5- زيادة لفظ الفقراء في الريف وفي المدن .

6- صعوبة حياة النساء مع تفاقم أزمات العيش وغلاء الأسعار والحاجة إلى العمل وإختلافها مع حاجات خدمة الأطفال.

7- إرتباط نشر وتوزيع الأراء بالنواحي السياسية.

8- إحتكار البرلمان لتمثيل مصالح "الشعب" رغم غنه منتخب من أقل من ثلث السكان، حيث يصوت له من يفوق دخله أكثر 40 شلناً في السنة بينما يبقى العمل والزراع وصغار الحرفيين وخدم المنازل والمكاتب والمزارع وغيرهم من الكادحين خارج نطاق من يحق لهم إنتخاب من يحكم أمرهم.

9- تماهي الصلات بين الحرب والسياسة والفقر وإصلاح أحوال الشعب حيث اخذت السياسة أبعادها الإقتصاديةالإجتماعية والثقافية المالوفة في زماننا.

10 – تقارب الرأسماليين مع الإقطاع والنظام الملكي ضد تعاضد الكادحين والعمال وتقدمهم بمطالب عددا نمت وتضافرت وإستوت بل صارت ميسم السياسة كلها في القرن العشرين بعد توطد النظام الرأسمالي وتحكمه بدولتها وجيشها في عمليات الإستعمار القديم وعمليات الإستعمار الحديث حتى إنتصار الثورة الإشتراكية العظمى بقيادة البلاشفة وبداية موج حركات التحرر الوطني والتنمية .

11- تزايد وتنوع صور العداء الشعبي للملكية مع القبول بالعلمانية وحرية العقيدة لا قبولاً بالمذهب البروتستانتي في ذاته وكلياته، ومن ذلك حرق التماثيل والصور الساخرة للملوك في كثير من مناسبات الجد وكثير من مناسبات الهزء وبعض هذه الحرائق كان تنديداً بالملك جورج والعامة من حولها تهتف الملك جورج ملك قذر King George King Turbid .

12 - تواضع الجدل السياسي وإنحصاره بين الأحزاب قبولاً ورفضاً لسياسة الملكية وقبولهم نظام تملك موارد المجتمع ووسائل عيشه بواسطة بعض الأفراد، وتغييبهم فكرة التغيير الشمولي والجذري لهذا النظام المجحف .

13- إلتباس الخلافات الدينية والمذهبية والصراعات حول الملكية وداخل الأسر المالكة كمحرك فوقي للسياسات العليا تقوده المصالح الرأسالمية أو كوقود لحركة المصالح الرأسمالية.

14- أمور الكنائس والمكاتب والأراضي والقوانين الملكية والضرائب والصلاحيات الإدارية والأحوال والحقوق الشعبية المتصلة بمسائل العدد والنوع وتوزع ما سبق ذكره من عناصر ومهمات عليها صارت محور السياسة اليومية ، وهو تحسن كبير بعدما كانت السياسة اليومية هي سماع الجواسيس وتقريظ الشعراء والعسف بالمعارضين للملكية أو للعقيدة الرسمية هذا أحبسوه وذا أقطعوا رأسه.

15- تخديم الريف وإستغلاله كموضوع في سياسات المدن، بعدما كانت إقتصادات المدن تعاني من سيطرة إقطاعيي الريف.

16- تفتت الحياة الجماعية وإندثار إمكانية إرتفاق سكان المنطقة الواحدة بمورد طبيعي واحد في معيشتهم حيث أحتكرت الغابات والأراضي المشاع ولم يعد بالإمكان أن ترعى غنم الفقير والغني في مكان واحد، وتحولت المدن مع ثقل الهجرة من ضيق الحياة في الريف وصعوبتها إلى معسكرات ضخمة للشحاذة والقذارة والعمل الطويل والإستغلال البشع مما قل تدريجياً بزيادة النشاط الحرفي والتوسع الكبير في النشاط الإستعماري ومضاعفاته للثروة وللخدمات العامة.

17- تجددت الثورات بتقطع من سنة 1725 حتى بداية القرن التاسع عشر ثم تصاعدت في شكل حركات نقابية وسياسية وثورية منذ ذلك الحين حتى تبلورت وتنوعت من جديد مع بروز النشاط الشيوعي بتنظيراته وتنظيماته الطبقية العمالية الأساس والشمولية النهج والحركة والأهداف مما هو محل لمقال وكتاب آخر.

بعض مراجع متصلة بموضوع هذا المقال:
1- J. Burns and M. Goldie The Cambridge History of Political Thought 1450-1700, Cambridge, 1991

2- R. Burt, J. Archer (Eds), Enclosure Act, Property and Culture in Early Modern England, Ithaca1994

3- P. Clarck and P. Slarck (Eds); Crises and Order in English Towns 1500-1700, Routledge & Kegan Paul. London 1972

4- J. Sharp; Early Modern England, A Social History, 1550-1760, Zed, Dorset Rare Books, London 1972

5- R. C. Richardson; the Debate on the English Revolution, Manchester Uni Press,1999

6- John Morrill; the Revolt in Provinces, the People of England and the Tragedies of War 1630-1648, London, Longman, 1999

7- R. B. Manning; Village Revolt; Social Protest and Popular Distribution in England 1509-1640, Oxford, 1988

8- E. J. Hobsbawm; Primitive Rebels, Studies in Anarchic form of Social Movement in the Nineteenth Century and Twentieth Century.. 1st published 1959, Norton Library by arrangement with Frederick A. Praeger, Inc as (Social Bandits and Primitive Rebels) NY, 1965

9- T. Harris, London Crowds in the Reign of Charles II; Propaganda and Policies from Restoration until Exclusion Crisis’s, Cambridge, 1987

10- G. Rude, The Crowd in History; A Study of Popular Disturbances in France and England, 1730-1848 London, 1964 / Serif Publishing 1995

11- J. M. Golby, The Civilisation of the Crowd: Popular Culture in England, 1750-1900, Sutton History ,( review) Journal of Social History - Volume 35, Number 1, Fall 2001, pp. 215-216

12- C. D. Clarck, English Society 1688-1832, Ideology, Social Structure and Political Practice During Incent Regime, Cambridge, 1985

13- F. McGlynn and A Tuden (Eds), Anthropological Approach to Political Behavior, University of Pittsburgh Press, Pennsylvania, 1991.

14- Leftwish, Redefining Politics, People, Resources and Power, Methuen, 1993

15- G. Geetz, The Interpretation of Cultures, London, Basic Books, 1973

16- Adrian Wilson (Ed), Rethinking Social History, English Society 1570-1920 and its Interpretation, Manchester, 1993

17- P. D. Griffith, Secrecy and the Authority in late Sixteen and Seventeenth Centuries, London, History Journal No; 40-4 . 1997

18- Wood, Place of Costume in Plebeian Political Culture, England 1550-1800, Social History 22-1 97

19- J. Bairy (Ed) the Middling Sort of People; Culture, Society and Politics in England 1550-1800, Basingstoke, 1994

20- S. Hindle, the State and Social Change in Early Modern England 1550-1640, Basingstoke, 2000

21- A.Wood, The Politics of Social Conflict, the Peak of Country 1520-1770, Cambridge, 1999

22- M. E. James, Society, Politics and Culture; Studies in Early Modern England, Cambridge, 1986

23- A.Wood, Custom, Identiy and Resistance English Free Miners and Their Law 1550-1800, in Paul Griffiths, Adam Fox and Steve Hindle (Eds.) The Experience of Authority in Early Modern England London, St. Martin s Press, 1996

24- J.C. Scott, Domination and the Arts of the Resistance, Hidden Transcripts, NY, New Haven, 1990

25- D. Hay, Property, Authority and the Criminal Law, in Douglas Hay, Peter Linebaugh, John G. Rule, E. P. Thompson, Cal Winslow; Albion s Fatal Tree, Crime and Society in the Eighteenth Century England, London, Knopf Publishing Group 1975 (Random House & Knopf Publishing Group)

26- R. Simon, Geramcis’ Political Thought, An Introduction, London, Elec Book,1999

27- Elyot, the Book Named The Governor, 1531, Dutton 1962, University of Michigan, digitized at 24 Aug 2006

28- T. Smith, De Republica Anglorum, 1583, Cambridge, 1982

29- E. Dudley, The Tree of the Commonwealth 1509, Cambridge, 1948

30- Francis Beacon, HenryMorley; Eassys or Councels; on Civil and Moral, London, reprint in 1892 by G. Routledge and Sons the Original of Harvard University, Digitized 23 Oct 2007 (www.google.com)

31- Justices, Writing and Rebellion; England 1381. Berkeley, California, 1994

32- W. S. Sibert, Freedom of the Press in England 1476-1776 Rise and Decline of Government Controls. Uni of Illinois Press, 1952, Digitized 18 Jun 2007 (www.google.com)

33- Kate Peters + Contributor Anthony Fletcher, John Guy, John Morrill; Print Culture and the Early Quakers, Cambridge, 2005

34- M. L. Bush, The Plegramge of Grace; Study of the Rebel Armies of October 1536, Manchester 96

35- + Richard Hoyle, The Pilgrimage of the Grace and the Politics of the 1530s, Oxford, 2001

36- F. Rose-Troup, The Western Rebellion of 1549, London, 1913, Original from Uni of Michigan, digitzed; 26 Oct 2006 (www.google.com)

37- J. Councill, Revolt and Peasantry 1549, Routledge & Kegan Paul, London, 1977 Original from Uni of Michigan, digitzed; 27Nov 2006 (www.google.com)

38- P. L. Beer, Rebellion and Riot, Kent State University Press, Ohio,1982

39- A. Vere Woodman, The Buckinghamshire and Oxfordshire Rising of 1549, Oxoniensia 22,(18) 1957.XXII (1957), pp. 78-84

40- L. Stone, The Crisis of The Aristocracy 1558-1641, Oxford, 1965

41- R. Clifton, The Last Popular Rebellion, The Western Rising of 1685, London 1984

42- P. Collinson, The Birthpangs of Protestant England, Religious and Cultural Change in the Sixteenth and Seventeenth Century, Basingstoke, 1988 / St. Martin s Press 1988

43- A.Charlesworth, An Atlas of Ruler Protest in Britain 1548-1900, University of
Pennsylvania Press 1983,

44- Mining Villages Revolts; Essays in the Economic and Social History of Tudors and Stewarts England, Cambridge, 1961

45- J. R. Kent, The Rural, Middling Sort in the Early Modern England1640-1740, Some Economic, Political and Socio-Cultural Characteristics, Ruler History, No 10-1 1999

46- R. Hoyle (Ed) The Estates of the English Crown 1558-1640, Cambridge, 1992

47- A. Flatcher, Order and Disorder in Early Modern England, Cambridge, 1987

48- J. E. Martin, Feudalism to Capitalism; Passant and Landlords in English Agrarian Development, London 1993

49- S. D. Amussen and M. A Kishlansky, Political Culture and Cultural Politics in Early Modern England, Manchester, 1995

50- M. Jackson, An Archeology of Capitalism, Oxford, 1996

51- D. Underdown, Revel, Riot, Rebellion, Popular Politics and Culture in England, Oxford, 1987

52- J. Walter, Social Economy of Dearth in Early Modern England, in his book; Famine, Disease and the Social Order in Early Modern Society, Cambridge, 1989

53- Thompson, Customs in Common; Studies in Traditional Popular Culture, Merlin Press NY,1991

54- J. Walter, Understanding Popular Violence in the English Revolution.., Cambridge, 1999

55- M. S. R. Jenner (Eds), Londonpolis, Essays in the Cultural and Social History of Early London, Manchester, 2000

56- K.Lindley, Popular Politics and Religion in Civil War London, Scolar Press, London, 1997

57- P.K. Monod, Jackobtism and the English People 1688-1788, Cambridge 1989

58- F. Heal and C. Holmes, The Century in England and Wales 1500-1700, Stanford Uni Press,1994

59- J. Morrill, Nature of the English Revolution, London, Longman 1993

60- R. Malcom Smuts, Culture and Power in England 1585-1685, St. Martin Press, NY,1999

61- C. Durston and Jacqueline Eales (Eds) The Culture of English Puritanism 1500-1700, Macmillan, London 1996

62- D. Underdown, Fire from Heaven, Life in an English Town in Seventeenth Century, Dorest, 1994

63- R. Hutton, The Rise and Fall of Merry England, The Ritual Years 1400-1700, Oxford, 1994

64- D. Wahrman, Imagining The Middle Class, The Political Representation of Class in Britain 1780-1840, Cambridge, 1995.

65- Manning, Aristocrats, Plebeians and Revolution in England1640-1660, Pluto Press London 1996.

66- D.Underdown, The Problem of Popular Allegiance in English Civil War, T. R. H.S 5thSer 31,1981

67- Stoyle, Loyalty and Locality, University of Exter, 1994

68- B. Manning, (Ed) Politics, Religion and the English Civil War, Edward Arnold London, 1973

69- Blagden, The Stationers’Company, A History 1403-1959, Allen & Unwin, London, Harvard Stanford Uni, 1960/1977

70- G. Unwin, Industrial Organisation in the Sixteenth and Seventeenth Century, London 1904/1963 also see Gilds and Companies of London.

71- J.C. Davis, The Levellers and Democracy. in Past and Present Jurnal 40, 174-180, 1968

72- Bernstein, Cromwell and Communism: Socialism and Democracy in the Great English Revolution (1895), Routledge London 1963 also in the e-links below; http://www.marxists.org/reference/archive/bernstein/works/1895/cromwell/index.htm

73- M. Wolf (Ed), Levellers Manifestos of Puritan Revolution, NY, 1969

74- M. Goldsmiths, Levelling By Sword, Spade and Word in English Revolution, in Politics and People in Revolutionary England, Blackwell,1986

75- P. D. Halliday, Dismembering the Body Politics; Partisan Politics in English Town 1650-1730, Cambridge, 1999

76- M. Knights, Politics and Opinion, Cambridge, 1994

77- L.G. Schwoerer. Liberty of Press and Public Opinion 1660-1695

78- D. Zaret, Origins of Democratic Culture: Printing, Petitions and the Public Sphere in EarlyModern England. Princeton, 2000

79- L. Schwoerer ,G.Schochet, J. Pocock; The Varieties of British Political Thought, 1500-1800, CUP 1993

80- J. A. Gladstone, Revolution and Rebellion in the Early Modern World. Berkeley: California, 1991

81- D. Parker, Ed. Revolutions and the Revolutionary Tradition in the West 1560-1991. Routledge, London, New York: 2000

82- P. Borsay, The English Urban Renaissance Culture and Society in the Provincial Town 1660-1770, Oxford 1989.

83- J. Pocock, Ed. Three British Revolutions: 1641, 1688, 1776. Princeton,1980

84- C. Hill, The World Turned Upside Down: Radical Ideas During the English Revolution,.Harm-ondsworth: Penguin, 1972

85- Mary Astele; Political Writing, Cambridge, 1996

86- T. Harris, Politics under the Later Stuarts: Party Conflict in a Divided Society, 1660-1715. Harlow: Longman, 1993.

87- A. Sharp, Ed. The English Levellers. Cambridge,1998

88- Andy Wood, Riot, Rebellion and Popular Politics in Early Modern England, London , 2002

89- J. Rule, R. Wells, Crime, Protest and Popular Politics in Southern England, 1740-1850, NY, Continuum International Publishing Group, 1997

90- J. E. Archer, Social Unrest and Popular Protest in England, 1780-1840 Cambridge, 2000

91- E M Wood, N.Wood. A Trumpet of Sedition: Political Theory and the Rise of Capitalism, 1509-1688.: Pluto, London, 1997.

92- K.Wilson The Sense of the People: Politics, Culture and Imperialism in England, 1715-1785, Cambridge, 1995

93- F.Krantz; History from Below: Studies in Popular Protest and Popular Ideology, Blackwell,1988

94- Q. Skinner, The Foundations of Modern Political Thought, Cambridge, 1978

95- D. Cannadine, The Rise and Fall of Class in Britain, Cambridge,1999

96- G Rudé, Ideology & Popular Protest, University of North Carolina Press, 1995

97- http://en.wikipedia.org/wiki/Diggers...e_Levellers

98- Urz.Uni-Heidelberg.De Journal: Literature & Historyissn: 0306-1973volume 16 Issue 1, Spring 2007, Pp 1-25 Http://Journals.Mup.Man.Ac.Uk/Cgibin/Pdfdisp//Muppdf/Lith/V16i1/160001.Pdf

99- The Digger Movement in the Days of the Commonwealth As Revealed in the Writings of Gerrard Winstanley, the Digger, Mystic and Rationalist, Communist and Social Reformer 2006-http://www.gutenberg.org/etext/17480

100- http://en.wikipedia.org/wiki/Diggers
تم في أخر ديسمبر 2007



#المنصور_جعفر (هاشتاغ)       Al-mansour_Jaafar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحوار المسلح (2)
- يا حفيد رسول الله (ص) لا تدعو إلى حرية الإستثمار!
- وقائع موت مُعلن للإنسان
- نقاط صغيرة في تجديد العملية الثورية
- الأزمة الإمبريالية في جذورها وفي محاولات حلها
- كيف تعزز السوق الحرة ضرورة ديكتاتورية البروليتاريا لحياة الن ...
- نقاط في مشروع دستور ولائحة وبرنامج الحزب
- بعض مفارقات حقوق الشعوب وحق الدول في الحفاظ على وحدة أراضيها
- ثلاثة أخطاء قاتلة
- تخلف الأحزاب عن طبيعة الصراع الوطني يفاقم العنصرية والإستعما ...
- حُمرة أنغام الخريف
- نقاط في تاريخ الماسونية... من السودان وإليه
- عن أزمة النظام الرأسمالي ودولته السودانية في الجنوب
- التأميم والمصادرة ضرورة للوحدة والتنمية ومكافحة العنصرية
- الكلمات المتقاطعة والطرق الفرعية
- شذرات
- أطلقوا سراح البلد
- نقاط من تاريخ الثقافة الرأسمالية في بريطانيا، بعض تفاعلات ال ...
- دراسة لأحد ملخصات المناقشة العامة
- الأزمة العالمية و الأزمة السودانية في دارفور


المزيد.....




- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...
- للمرة الخامسة.. تجديد حبس عاملي غزل المحلة لمدة 15 يوما


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - المنصور جعفر - الحفارين وأهل الطبقات