أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - اللعب الإسرائيلي على الحَبْلين الفلسطينيين!















المزيد.....

اللعب الإسرائيلي على الحَبْلين الفلسطينيين!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2145 - 2007 / 12 / 30 - 12:41
المحور: القضية الفلسطينية
    


كان اللعب على الحَبْلين، أي على "المسارين (التفاوضيين)"، من أهم الوسائل والأساليب التي تُكْسِب إسرائيل مزيداً من القوَّة التفاوضية، التي تُفَضِّل دائماً استعمالها ضدَّ المفاوِض الفلسطيني على وجه الخصوص، فالسلام الذي تَنْشُد لا معنى له، ولا تقوم له قائمة، إذا لم يأتِ من مزيدٍ من التنازل (السياسي ـ التاريخي) الفلسطيني.

من قبل، كانت إسرائيل تلعب على المسارين الفلسطيني والسوري، فكلَّما اسْتَصْعَبَت الحصول على مزيدٍ من التنازل الفلسطيني جَنَحَت لإظهار مزيدٍ من المرونة التفاوضية مع سورية، متوقِّعةً أن يفضي ذلك إلى رَفْع منسوف الخوف والقلق لدى المفاوِض الفلسطيني، فيضطَّر، بالتالي، إلى إعطائها ما تريد، أو بعضاً منه.

الآن، اكتشفت أنَّ اللعب على الحَبْلين، أو المسارين، يمكن أن يكون مُجْدياً أكثر إذا ما اسْتُعيض عن دمشق بغزَّة، فهي يمكنها أن تفاوِض عباس في رام الله توصُّلاً إلى "سلام"، وأن تفاوِض، في الوقت نفسه، هنية في غزَّة توصُّلاً إلى "هدنة"؛ أمَّا الخاسِر الأكبر فهو الشعب الفلسطيني وقضيته القومية، وكأنَّ النزاع بين الطرفين الفلسطينيين هو الوقود الذي بإشعالها له يمكن جَعْل عربة السلام الذي تريد تتحرَّك وتتسارع.

ولعبة "التفاوض المزدوج" هذه إنَّما تقوم على مبدأ تحرسانه الولايات المتحدة وإسرائيل، وتحرصان عليها كل الحرص، وهو استمرار النزاع بين الطرفين الفلسطينيين ولو في شكل "حرب باردة"، فإسرائيل هي التي تحاوِر وتفاوِض كلا الطرفين ما بقيا ملتزمين، أو مُلْزمين، أن يظلاَّ بعيدين عن حلِّ نزاعهما بالحوار والتفاوض.

على أنَّ "الهدنة"، التي قد تبدي إسرائيل مَيْلاً إلى مفاوضة "حماس" في أمرها، مستقبلاً، توصُّلاً إلى جعلها حقيقة واقعة، تحتاج إلى تلبية شرط أمني ـ استراتيجي إسرائيلي في منتهى الأهمية، وهو منعها، أي منع "الهدنة"، من أن تكون طريقاً إلى ابتناء قوَّة عسكرية لـ "حماس" في قطاع غزة شبيهة بالقوَّة العسكرية التي ابتناها "حزب الله" اللبناني في جنوب لبنان.

وهذا الشرط يجب أن تلبِّيه مصر في المقام الأوَّل، فإسرائيل تريد لحدود مصر مع قطاع غزَّة أن تكون سدَّاً منيعاً في مواجهة هذا "الخطر". وتريد لحدود قطاع غزَّة مع مصر أن تكون تحت سيطرة "قوَّة دولية"، تملك من الرجال والأسلحة والمعدِّات والوسائل، ومن الصلاحيات والسلطات، ما يسمح لها بمنع السلاح والذخيرة من الوصول إلى داخل قطاع غزَّة.

وتهيئةً لاتفاق هدنة مع "حماس"، يمكن أن توجِّه إسرائيل ضربات عسكرية إلى "ترسانة الأسلحة" التي تملكها "حماس"، وغيرها، في قطاع غزَّة، فتَقْتَرِن الهدنة، بالتالي، بتقليص حجم تلك "الترسانة".

والتوصُّل إلى هذا الاتفاق إنَّما يعني أنَّ "الالتزامات الأمنية" الفلسطينية بموجب "خريطة الطريق" قد نُفِّذت في قطاع غزَّة أيضاً، وإنْ لم يأتِ تنفيذها هنا من طريق السلطة الفلسطينية؛ كما يعني أنَّ معاناة أهله، والناجمة عن استمرار واشتداد "الحصار (الاقتصادي) الدولي" المضروب على قطاع غزة، ستشرع تَقِلُّ وتتراجع. وفي مناخ كهذا، يصبح ممكناً تذليل بعض العقبات من طريق استفادة القطاع وأهله من نتائج "مؤتمر باريس".

إنَّ إسرائيل، على ما نتوقَّع، ستحرص كل الحرص على أن يكون اتفاق الهدنة مع حركة "حماس" مقتصراً على قطاع غزَّة الذي تسيطر عليه تلك الحركة منذ منتصف حزيران الماضي، وعلى أن يكون أيضاً اتفاقاً غير سياسي في محتواه الأساسي، وطويل المدى، فهي لها مصلحة جليَّة في أن تدير تفاوضها السياسي مع السلطة الفلسطينية في مناخ من الهدوء والأمن بينها وبين قطاع غزَّة.

وإنَّ من الوهم بمكان أن يُعْتَقَد أنَّ إسرائيل ستفاوِض "حماس"، إذا ما فاوضتها، توصُّلاً إلى تضمين اتفاق الهدنة ما من شأنه أن يعيد الوضع في قطاع غزَّة، ولو جزئياً، إلى ما كان عليه قبل منتصف حزيران الماضي، فهي تريد لهذا الاتفاق أن يلبِّي لها ما تحتاج إليه من الأمن والهدوء هناك، وأن يهيئ، في الوقت نفسه، لمناخ يسمح باستمرار النزاع بين الطرفين الفلسطينيين بلا حلٍّ.

وتذليلاً لعقبة كبيرة من طريق إبرام اتفاقٍ كهذا، قد تبدي إسرائيل استعداداً لعدم اشتراط أن تعترف بها "حماس"، التي في المقابل ستبدي معارضة لجعل اتفاق الهدنة على صورة اقتراحها القديم الذي بموجبه تَقْبَل هدنة مدتها عشر سنوات إذا ما لبَّت إسرائيل شروط "الحل السياسي المرحلي" الذي تريده "حماس".

وهذا إنَّما يعني أنَّ اتفاق الهدنة سيكون أمنياً، أي غير سياسي، وجزئياً، أي يشمل قطاع غزَّة فحسب، وقصير الأجل، أي يستمر حتى انتهاء المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وانتهاء ولاية الرئيس جورج بوش.

حتى الآن ليس في المواقف الإسرائيلية المُعْلَنة ما يشير إلى اتفاق وشيك مع "حماس" على الهدنة، أو التهدئة، فاستمرار الأعمال العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزَّة، والمحسوبة العواقب (السياسية) جيِّداً، هو ما يَشْغُل الحيِّز الأكبر من الخطاب السياسي الرسمي الإسرائيلي.

القيادة العسكرية الإسرائيلية تَزْعُم دائما أنَّ الجيش الإسرائيلي قادر (من الوجهة العسكرية الصرف) على حل مشكلة "إطلاق الصواريخ" من خلال قيامه بـ "عملية عسكرية برية واسعة"؛ ولكن توقُّعها أن تؤدِّي تلك العملية، التي سيكون شمال قطاع غزة مسرحا لها، إلى مقتل نحو 100 جندي إسرائيلي هو ما يردع، حتى الآن، الحكومة الإسرائيلية الضعيفة (إسرائيلياً) عن القيام بها.

وعليه، ليس من خيار عسكري جيِّد سياسياً بالنسبة إلى تلك الحكومة (حتى الآن) سوى الاستمرار في خوض الحرب عن بُعْد مع تشديد الحصار المضروب حَوْل قطاع غزَّة، لعلَّ هذا وذاك يؤدِّيان مستقبلاً إلى اتفاق هدنة (عبر طرف ثالث، أو أطراف ثالثة) يلبِّي، في المقام الأوَّل، الشروط والمطالب الإسرائيلية.

وغني عن البيان أنَّ الهدف النهائي للأعمال العسكرية الإسرائيلية، التي هي (في معظمها وجوهرها) من نمط الحرب عن بُعْد، هو جَعْل ترسانة الأسلحة في قطاع غزَّة في أصغر حجم ممكن، فعندئذٍ فحسب يمكن أن يُتَرْجَم اتفاق الهدنة بإجراءات وتدابير أمنية أكثر فاعلية لجهة مَنْع تهريب الأسلحة والذخائر عبر الحدود بين مصر وقطاع غزَّة.

إنَّ علاقة إسرائيل بقطاع غزَّة، وإلى أن يتهيَّأ لها من الأسباب ما يَحْمِلها على إبداء اهتمام حقيقي وجاد بأمْر التوصُّل إلى اتفاق هدنة مع "حماس"، ستظلُّ على ما هي عليه الآن من حربٍ عن بُعْد، تَعْنُف وتشتدُّ أكثر فأكثر، ومن حصارٍ يَرْفَع في استمرار معاناة أهله. أمَّا علاقتها بالضفة الغربية فلن تتعدَّى في جوهرها وأساسها "التفاوض المستمر في مناخ استمرار الاستيطان"، وكأنَّها تريد للمفاوِض الفلسطيني أن يعتاد مفاوضتها في مناخٍ كهذا. وتريد لهذا "التفاوض المستمر في مناخ استمرار الاستيطان" أن يظل بلا نتائج يُعْتَدُّ بها فلسطينياً بدعوى أنَّ السلطة الفلسطينية لم تَفِ بَعْد بالتزاماتها الأمنية بموجب "خريطة الطريق" حيث تبسط سيطرتها، أي في الضفة الغربية. حتى نتائج "مؤتمر باريس" لن يُسْمَح لها إسرائيلياً بأن تَظْهَر في الضفة الغربية على هيئة تَحَسُّن مستمر وحقيقي في الحياة الاقتصادية لأهلها، وكأنَّ الهدف الإسرائيلي هو تحويل الوعود والتعهدات المالية والاقتصادية في "مؤتمر باريس" إلى وسيلة لممارسة مزيدٍ من الضغوط على السلطة الفلسطينية حتى تُنَفِّذ من طرف واحد "الالتزامات المتبادلة" بموجب "خريطة الطريق"، وبما يرضي الطرف الإسرائيلي، الذي هو الآن غير راضٍ عمَّا يَنْظُر إليه على أنَّه بداية تراجع لإدارة الرئيس بوش عن الخيار العسكري في مواجهة "إيران النووية"، فَلِمَ تُذلِّل إسرائيل العقبات من "طريق أنابوليس" إذا كانت تلك الإدارة عازمة على التراجع عن خيار الحرب ضد إيران؟!

اليوم تريد إسرائيل لمفاوضاتها مع السلطة الفلسطينية أن تجرى، وأن تستمر، في مناخ استمرار الاستيطان، ومن غير أن تتمخَّض عن نتائج بدعوى أنَّ السلطة لم تَفِ بالتزاماتها الأمنية تلك، وستحرص على إبقاء نتائج "مؤتمر باريس"، أو معظمها، أو أهمها، حبراً على ورق؛ أمَّا غداً فإنَّها تريد لتلك المفاوضات أن تستمر في مناخ "الهدنة (مع قطاع غزَّة)" أيضاً. ويكفي أن تنجح في هذا وذاك حتى يصبح المفاوِض الفلسطيني فاقِداً لكل ما يجعله مفاوِضاً حقيقياً لخصمه!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عاصمة -الغلاء العربي-!
- فساد ثقافي وتربوي!
- -متى- و-أين-.. فيزيائياً وفلسفياً
- هل أعاد بوش السيف إلى غمده في مواجهة إيران؟!
- -تسونامي- السنة الجديدة!
- ولكم في -قِصَّة إبليس- حِكْمَة يا أولي الألباب!
- قنوط رايس!
- قرار صبُّ الزيت على نار التضخم!
- هل تريدون مزيداً من -الإيضاحات- الإسرائيلية؟!
- -التقرير-.. مسمار دُقَّ في نعش!
- بعضٌ من جوانب صورة الكون في مرآة -النسبية-
- حتى لا ينفجر -لغم أنابوليس- بالفلسطينيين!
- رِفْقاً بحاويات القمامة!
- كيف للسلام أن يَحْضُر في غياب -المفاوض العربي-؟!
- بعضٌ مما سنراه ونسمعه اليوم!
- قرار -قطع الشكِّ باليقين-!
- مجلس نواب يُمثِّل 560 ألف مواطن لا غير!
- يوم تكون -الوعود- كالعهن المنفوش!
- الانتخابات معنى ومبنى!
- هذا الخيار التفاوضي الجديد!


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - اللعب الإسرائيلي على الحَبْلين الفلسطينيين!