أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - منير شحود - بئس الخطاب القومجي: صاخب ومتعالٍ ولا إنساني














المزيد.....

بئس الخطاب القومجي: صاخب ومتعالٍ ولا إنساني


منير شحود

الحوار المتمدن-العدد: 663 - 2003 / 11 / 25 - 07:22
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


في خضم الصراخ المهول الذي ينبعث من الحناجر القومجية, تضيع قيم ومُثُل وطاقات ومصالح, ولا نحصد سوى الريح.  وهذا الأسلوب في الذود عن الحمى لم يبتدعه البشر, ويمكن أن نلاحظ أصله في الغابات الاستوائية, حيث أوْكَلت بعض الأنواع الحيوانية لأفراد منها مهمة السهر على أمنها وراحتها, بأن تقف أو تجثم أو تقبع في أماكن خاصة لتراقب المكان, وتطلق صيحات الإنذار عند اكتشافها لمصدر من مصادر الخطر. وإذا كان ذلك أمرا حيويا عند مثل هذه الحيوانات, فإن تقليده في المجتمعات البشرية الأكثر تعقيدا بكثير فيما يتعلق ببناها الداخلية  وعلاقاتها الخارجية, لا يقدم سوى صورة كاريكاتيرية محزنة تميط اللثام عن ضعفنا, والهراء الذي نعيش فيه, فنسهِّل مهمة أعدائنا المفترضين في اجتياحنا المادي والرمزي على إيقاع النعيب القومجي الغرابوي الكريه.
يحاول الخطاب القومجي بناء أمة وهمية ليحجب دوره في تمثيل المتورطين في خراب الأمة الحية, إن سلمنا بحقيقة وجودها وتجاوزنا الجدل القائم بهذا الصدد. وهو, أي الخطاب القومجي, يتعالى ليتعامى, ويتعامى ليهتف بـ "مصالح الأمة". إنها أمة صلصالية يشكلها ويفبركها على هواه ثم يتعبدها بلا خشوع, ويسلمها لأول غاصب.
والإنسان هو الذي لا قيمة له في أيديولوجيات الصراخ القومجي, فهو يساق ليزج مغتربا في القطيع, أو يذبح بلا ثمن قربانا لـ "مصالح الأمة". فحتى مقابره الجماعية الواقعية ليست إلا السماد الذي ينمّي عنفوانها وهيبتها على المدى المنظور, ناهيك عن تعزيز ثرواتها الباطنية النفطية بتراكم الجثث المتعفنة!.
والخطاب القومجي تآمري بالضرورة. ففي محاولته لإخفاء عيوب الواقع والأسباب الحقيقية لانهياره وإفساده, فإنه يلجأ لاتهام الآخرين, ويبالغ في تقدير قوة الأعداء ليتهرب من بناء مقومات صراعه وتفاعله معهم ومنافستهم في سبيل خدمة مصالح أمته الحقيقية.
وهو شوفيني ومتعجرف وحالم, يطوف حول ذاتٍ ليست راشدة, تعبر عن نفسها بالصراخ, وتحاجج بالعناد... نار تهب لتنطفئ, وتضخُّم يتسع لينهار, ويتمزق من أول وخزة.
ولا يكتمل الخطاب القومجي دون رحابة الإنشاء اللغوي. وكلما تدفقت جداول اللغة العربية سلاسة, وازداد خرير شلالاتها صخبا, نضج الخطاب القومجي وتألق. ونظرة واحدة إلى عويل غلاة ممثليه على الفضائيات العربية توضح ما نريد قوله, وبالصوت والصورة!.
أتعيش أمة بالصراخ والعويل؟ أو تبنى بالوهم؟ كيف لأمة أن تحيا وتعيش ويحترمها العالم دون أن يحترم أبناؤها بعضهم بعضا, ويسهر حكامها على رعاية مصالح وحيوات من يفترض أن يكونوا قد أودعوهم الأمانة, وساعدوهم في حملها. انه العقد الذي يجب أن يتفق عليه الجميع ولا يُستثنى منه أحد, تعزِّزه عدالة القانون, ويترسخ بالتضامن والتكافل والتسامح.
لا توجد أمة حرة أو عزيزة إلا كمحصلة لعزة وحرية أبنائها, فيدافعون عنها لأنهم يدافعون عن حريتهم وعزتهم, لا لأي سبب آخر. وما لم يذوقوا طعم الحرية المسئولة فليس لديهم ما يدافعون عنه, فهم عبيد على أية حال, ولا يهم من هو السيد. ألم تتحول هذه الأمَّة إلى أَمَة, بفضل ممثلي الخطاب القومجي, ومصالح أسيادهم؟.
وفي زمن العولمة وتداخل المصالح تتجلى أهمية التفاعل بين الأمم والشعوب وإثبات الوجود وتبادل المعرفة والثقافة بأشمل معانيها, وتضافر الجهود الخيرة لتتحول هذه اللحظة التاريخية الفريدة إلى فرصة لأنسنة المجتمع البشري وازدهاره ورقيِّه. أما هؤلاء الذين يحاولون وقف عجلة التاريخ, بتأجيل استحقاقات لابد منها تارة, أو بالهروب إلى الأمام...وفي كل اتجاه تارة أخرى, حفاظا على مصالحهم الضيقة, فستتقطع بهم السبل عاجلا أم آجلا, مهما علا صراخهم وتلونت سحناتهم.



#منير_شحود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محللون يحللون التحلل والحلول


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب في نيويورك
- الاتحاد الأوروبي يعاقب برشلونة بسبب تصرفات -عنصرية- من جماهي ...
- الهند وانتخابات المليار: مودي يعزز مكانه بدعمه المطلق للقومي ...
- حداد وطني في كينيا إثر مقتل قائد جيش البلاد في حادث تحطم مرو ...
- جهود لا تنضب من أجل مساعدة أوكرانيا داخل حلف الأطلسي
- تأهل ليفركوزن وأتالانتا وروما ومارسيليا لنصف نهائي يوروبا لي ...
- الولايات المتحدة تفرض قيودا على تنقل وزير الخارجية الإيراني ...
- محتال يشتري بيتزا للجنود الإسرائيليين ويجمع تبرعات مالية بنص ...
- نيبينزيا: باستخدامها للفيتو واشنطن أظهرت موقفها الحقيقي تجاه ...
- نتنياهو لكبار مسؤولي الموساد والشاباك: الخلاف الداخلي يجب يخ ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - منير شحود - بئس الخطاب القومجي: صاخب ومتعالٍ ولا إنساني