أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إبراهيم الحسيني - الشاويش والدرويش1















المزيد.....


الشاويش والدرويش1


إبراهيم الحسيني

الحوار المتمدن-العدد: 2145 - 2007 / 12 / 30 - 12:21
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


نامت نواطير مصر عن ثعالبها "

" المتنبي "
يتناول هذا المبحث موقف 23يوليو 1952 من قضيتي الديمقراطية والتحرر الوطني , فعلا وليس قولا , إجراءات وليست أصوات , ومحاولة للبحث عن الموقف التنظيمي قبل 23 يوليو لأهم شخص وأهم ضابط من ضباط يوليو جمال عبد الناصر , وقدرته الفائقة على السيطرة والمناورة والمراوغة والمؤامرة وموقف ضباط يوليو من الإخوان المسلمين , محاولة لفهم جوهر العلاقة بين العسكر والإخوان , ومدى التأثير المتبادل بينهما , لقد حدد البحث لنفسه هذه القضايا , لا غيرها , ويأمل أن يتعاطى الآخرون مع هذه القضايا دون غيرها , بمعنى أدق قضيتي الحرية والحدود , ويأمل ألا يتلقى ردودا عن الإصلاح الزراعي والتمصير والتأميم ونسبة العمال والفلاحين في الهيئات المنتخبة ودعم حركات التحرر الوطني .. الخ
ولن يلتفت إلى غير ما يتعلق بقضيتي الحرية والحدود .
الشاويش :
لشد ما يثير الدهشة أن ترى أمة , أمة عريقة , تكاد تكون واحدة من أعرق الأمم في التاريخ , من كبيرها لصغيرها , تبحث عن عقد عمل في البلاد النفطية , وبالتحديد في دولة الجزيرة والإمارات الخليجية , تندفع بكل قوتها في طريق , تقاومه شعوب الأرض قاطبة , وتبتكر وسائل وأساليب وسبل مجابهته والنأي بنفسها عنه , وتدفع في دفعه الغالي والنفيس , المال والرجال والدم , طريق البطالة والتنطع والعبودية.
نعم .. العبودية , ليس بالمخيلة الفنية أو المجاز اللغوي , بالمعنى الاشتقاقي اللغوي , والتاريخي الاجتماعي , فمصطلح الكفالة الخليجي مخفف وملطف , ويبدو أكثر تهذيبا من مصطلح العبودية البغيض , لكنه لا يغير من جوهر عملية الاستعباد شيئا , لشد ما يثير الدهشة أن تجد المصري يبيع أثاث بيته , ليشتري عقد عمل , هو عقد إذعان وعبودية , عقد يطوق الرقبة , ويتحكم في الحياة , هان المصري على نفسه , فهان على الآخرين.
الشاويش يصدر المواطنين قوة عمل , والدرويش يتلقفهم عبيدا وإماء .
البلد العربي النفطي الوحيد الذي قدر واحترم المصريين هو العراق .
" لبثت مصر في الظلام , إلى أن قيل : مات الصباح والأضواء 1 "
مصر منذ أكثر من نصف قرن اعتادت وأدمنت التفريط , تسمي الانقلاب ثورة .. وتفرط , تسمي الشاويشية أحرارا .. وتفرط , تسمي المستبد زعيما .. وتفرط , تسمي الهزائم انتصارات .. وتفرط , تسمي تأميم ومصادرة الحرية اشتراكية .. وتفرط , واشتراكيون يعرون ظهورهم للجلادين .. وينحنون , ثم يصفقون ويهتفون لذات الجلادين , ويفرطون في أعز ما لديهم .. أحزابهم ومنظماتهم ,مرضى نفسيين " ماسو كيين " فقدوا الإحساس بالسياط التي على ظهورهم.
" خمس دقائق مضت , وأصبح الجميع عراة . ثم انهالت ماكينات الحلاقة , لتزيل أخر المعالم المميزة للأفراد , وارتدى الجميع ملابس من قماش يشبه الخيش . وانهالت عشرات العصي واللكمات والرفسات وتحمس البعض فنزع أحزمته الجلدية وانهال بها 2"
" وفجع القاضي – رغم عسكريته – من هول المفاجأة , المتهمون جميعا مضروبون ضربا مبرحا بدت آثاره جروحا ودماء وجبائر وأربطة تلفهم جميعا 3 "
أكثر من نصف قرن مضى على ليلة 23 يوليو 1952 , تلك الليلة التي تغيرت بعدها مصر , صعدت قوى , وهوت قوى , عروش سقطت , وعروش قامت , غاب عن مسرح السياسة قادة وزعماء , وتقدم إلى المشهد قادة جدد , وزعماء جدد , مضى الملك إلى المنفى على ظهر المحروسة , ومعه حكم الأسرة العلوية , وقد تركت في مصر حينها دموع ومآس في جانب , وبهجة وأفراحا في جانب آخر , وقبل أن نمضى مع دولة ضباط يوليو , واجبنا تقرير مجموعة من الحقائق :
ليس من المجازفة القول أن محمد على الحاكم الوحيد في التاريخ وإلى الآن الذي اختاره المصريون بإرادتهم الحرة والمستقلة , وفرضوه فرضا على الخليفة العثماني " وطلبت الجماهير المصرية تعينه واليا على مصر مايو 1805 , وصدر الفرمان له بذلك يوليو 1805 4 "
" لا شك أن محمد علي كان يأمل في حكم مصر , ولكن ليس بالسلاح ولا الانقلابات العسكرية , يريد أن يكون وصوله إلى السلطة العليا بصوت الشعب . 5 "
ومحمد علي هو من خلص مصر من دولة العبيد والأرقاء " دولة البذل والبرطلة .. الدولة المملوكية
" صار لا يترقى في هذه الدولة إلا من يبذل المال , ولو كان من أوباش الناس أو السوق , لشره المماليك في جمع المال . 6 "
وقد رفض محمد علي في خطوة فارقة ومتقدمة سيطرة رجال الدين و الخضوع والانصياع لمؤسسة الفكر الديني , الأزهر ونقابة الأشراف
" ويمكن التذكير بمعارضة بعض شيوخ الأزهر لأسلوب دراسة الطب الحديث , بحجة تحريم التشريح , مما اضطره نقل مدرسة الطب إحدى ضواحي القاهرة 7 "
وقد أدخل الطباعة و أنشأ , المطبعة الأميرية , وأدخل الصحافة , وأنشأ جريدة " الوقائع " الرسمية , وما كان يفرق بين مسلم ومسيحي أو غيرهما
"حتى أطلق البعض عليه باشا النصارى 8 "
وما كان الشيخ رفاعة الطهطاوي إلا ثمرة من ثمار البعثات العلمية التي انفتح بها محمد علي على الثورة الصناعية وحضارة العالم الحديث :
" ليس من يفتح البلاد لتشقى مثل من يفتح البلاد لتسعد 9 "
أنشأ مدرسة الطب والمهندسخانة , بنى الترسانة البحرية وأسطولا يجوب البحار , أقام القناطر .. شق الترع والرياحين .. حفر المصارف ..نظم الري .. وسع الرقعة الزراعية .. أدخل محاصيلا جديدة .. ترك تراثا عظيما – هو وابنه إبراهيم باشا – للعسكرية المصرية , والأهم من كل هذا أن حدود مصر لم تتآكل , بل امتدت وتوسعت توسعا رأسماليا .. في ذلك الزمان كانت قفزة ضخمة إلى الحداثة ..
" محمد على هو الشخص الوحيد الذي كان في قدرته تحويل تركيا من العمامة الفاخرة إلى رأس حي حقيقي .10"
ونعود إلى ضباط يوليو 1952 , ويعتقد الكاتب أنه ينأى بنفسه عن أحقاد وضغائن الزمن الشخصية , صراعات ومنافسات وأحن الحياة الحزبية مع الدولة الناصرية , الكاتب ليس من معاصري عبد الناصر , بينهما نصف قرن تقريبا , ولم يقع في براثن زنازينه وجلاديه , ولم يخضع هو أو أسرته الصغيرة أو عائلته المتواضعة أيضا للمصادرات أو التأميمات أو الحراسات , فقط هي مصر التي تتردى إلى هاوية سحيقة , هاوية الضمور والفقر والتخلف والتبعية , الإلحاق وليس الدمج , وفقرة عابرة في مذكرات اللواء محمد نجيب
" وأخذت أعنفه – يقصد عبد الناصر - وأهاجمه على استباحة أموال الشعب لنا .. ورفضت أن يخلط بين أموال الناس وجيوبنا الخاصة .. وكدت أن أطلب منه أن ينزل من السيارة . 11"
استوقفتني وجعلتني أقف لمراجعة أفكاري عن عبد الناصر ودولته , يستعيد ذهني أسئلة , كانت تراودني , وظلت تطاردني , كنت أهشها عن رأسي , وينتبني الخجل عندما تتداعى في عقلي , من هم ضباط الحرس الحديدي ؟ ولماذا لم يكشف عنهم الضباط الأحرار وقد صارت الوثائق والأوراق في أياديهم ؟! لماذا أغلقت التحقيقات في حريق القاهرة ؟! لماذا انفصل السودان عن مصر ؟! كيف والاتحاديون حازوا أغلبية مقاعد البرلمان ؟! خاصة وهو مطلب بريطاني أمريكي مشترك , طالما تحطم على صخرة الوفد , ماذا دار في اللقاء المنفرد بين عبد الناصر والأزهري ؟! جعلت إسماعيل الأزهري يغير موقفه من الوحدة إلي الانفصال ؟ وكيف لسلطة تأخذ بالقومية العربية عقيدة ومنهاجا تفرط في السودان سلة غلال الأرض ؟! وما علاقة فصل السودان بالتخلص من محمد نجيب ؟
والباحث يكن احتراما وتقديرا لبعض قيادات الحركة الناصرية : النائب حمدين صباحي والأستاذ أحمد حسن و كثير من الود والمحبة للدكتور عبد الحليم قنديل والمناضل كمال أبو عيطة فطالما جمعتنا الزنازين .
في بداية ستينيات القرن العشرين خلت مصر من الحياة السياسية ..
" خرج الجيش من الثكنات .. وانتشر في كل المصالح والوزارات المدنية .. فوقعت الكارثة التي لا نزال نعاني منها إلى الآن في مصر . 12"
الأحزاب العلنية سبق الانقضاض عليها والعصف بها , بقرار تطهير الأحزاب , ثم أعقبه إلغاء وتحريم وتجريم الأحزاب , والتنظيمات السرية الشيوعيون والإخوان غيبتهم زنازين ضباط يوليو , ومعظم ضباط الحركة سرحوا في المنافي وصالونات الذكريات والاستراحات والمناصب الإدارية العليا بالحياة المدنية , النقابات العمالية والمهنية والغرف التجارية والاتحادات الصناعية صودرت , والقضاة اعتدى عليهم ونكل بهم , ولم يعد في مصر إلا الرئيس والمشير وأذنابهما , اقتسما السلطة والنفوذ , الرئيس استأثر بالحياة المدنية , والمشير المؤسسة العسكرية " مؤسسة القوة " الجيش , حتى وقعت كارثة يونيو الغامضة , فقد أعلنا الرئيس والمشير الحرب !! بإغلاق مضيق تيران وسحب قوات الطوارئ الدولية من رفح , ولم يحاربا بل أصدرا أوامرهما بالانسحاب غير المنظم دون السلاح !! السلاح شرف الجندي وعزته وكرامته , هل هانت عليهما كرامة وعزة الجيش المصري ؟!
من حقنا الآن أن نشك ونتهم .. ؟
واغتنمت الولايات المتحدة الأمريكية السلاح السوفيتي , أخضعته للفحص والتحليل في معامل البنتاجون و سي آي إيه , واغتنمت إسرائيل سيناء سدس مصر , والجولان السورية , وما تبقى من فلسطين : غزة والضفة الغربية , وتفرغ الرئيس لتصفية صراعه مع المشير , الذي انتحر أو نحر , مازلنا بين هذا وذاك , وتحقق للسيد الرئيس مبتغاة وانفرد بالسلطة .
" لقد فقد الشعب رجولته وكرامته يوم أصبح لا يملك من مقاديره شيئا , وأصبح كل فرد مهددا في يومه وغده , في عمله وأسرته .. فقد حرية الكلمة وحرية الرأي وحرية العمل وحرية الحركة خوفا من الخوف , لقد تحول الشعب والجيش إلى قطيع من الأغنام 13"
هذه نص عبارات أحمد طعيمة في رسالته إلى عبد الناصر بعد هزيمة يونيو , وأحمد طعيمة هذا هو من رتب ودبر ورشي مع عبد الناصر والصاوي محمد الصاوي مظاهرات وجحافل عمال النقل البري الذين خرجوا في أزمة مارس 1954 يهتفون بسقوط الحرية وسقوط الديمقراطية !! أه .. لو كان كارل ماركس حيا لانتحر أو توارى خجلا .. ونستكمل معه : " لقد تعددت أجهزة الرقابة خلال سنوات الثورة وأصيبت كلها بالفشل .. وزاد الطين بله أن الجيش أصبح أيضا من أجهزة الرقابة في الدولة .. المباحث الجنائية العسكرية . 14"
" وبدأ محمود يحكي عن التعسف الذي نلاقيه داخل المعتقل من القائد وضباطه والجلد الذي وصل حد جلد المرضى وسوء التغذية الذي نتعرض له ومنعنا من طوابير الشمس والورقة والقلم والكتاب والصحيفة والراديو 15"
" اجري ..
الكرابيج والعصي الغليظة لا تترك فرصة للتفكير
اركع ..
وضربات الشوم ودبشك البندقية لا تكف عن العمل في جسدك ..
وعلى الصفين كلاب الحراسة تنهش ..
وبدأ الجنرال النازي يمارس هوايته مع الرجال العرايا .. 16"
ونذهب إلى شاهد آخر من الضباط الأحرار , ومن نفس خلية التنظيم السري للإخوان في الجيش مع جمال عبد الناصر :
" فكم من نفوس قتلت , ورجال صلبت , وجسوم مثل بها وهي على قيد الحياة , وبالنسبة لشخصي , فقد نالني من هذا العذاب الكثير والذي لا يحتمله بشر17"
عبد الناصر قبل 23 يوليو 1952
عبد الناصر والإخوان :
" ثم قلت له : إذا كان عبد الناصر ماركسيا كما تدعي , فلماذا يزج بالماركسيين إلى السجن ؟ فرد يوسف صديق قائلا : وإذا كان جمال عبد الناصر حسين إخوانيا , فلماذا يزج بالإخوان داخل السجن ؟! 18"
من مصر الفتاة إلى الإخوان , ومن الإخوان إلى الشيوعيين , ومن الشيوعيين إلى مايلز كوبلاند , يعطي عبد الناصر انطباعا لكل من يلقاه أنه قريب منهم وأنه معهم , هذا جمال عبد الناصر رجل غني , متعدد الوجوه والمواهب !! ومتنوع الاتجاهات !! ديناميكي فاق ميكيافلي , لم يخلص لفكرة , ولم يخلص لتنظيم سياسي حتى التنظيمات التي أنشأها بنفسه ولنفسه .. هيئة التحرير .. الإتحاد القومي .. الإتحاد الاشتراكي .. طليعة الاشتراكيين , ولم يخلص حتى لأسم مصر , أزاله من الوجود , لصالح كيان وهمي أسمه الجمهورية العربية المتحدة , التنظيم الوحيد الذي أخلص له عبد الناصر هو التنظيم السري للإخوان , كما يؤكد المستشار الدمرداش العقالي عضو التنظيم السري للإخوان , والذي يؤكد أن " عبد الناصر كان الرجل الثالث في التنظيم السري للإخوان بعد عبد الرحمن السندي بناء على وصية الإمام حسن البنا الذي كان يحس بدنو أجله بعد الإرهاب الذي اغتال الخازندار والنقراشي باشا , الذي أوصى – حسن البنا - أن يكون الأمر من بعده للسندي , وإن لم يكن يؤول الأمر إلى عبد الناصر وأن الصراع بين عبد الناصر والإخوان لم يكن بين قوي سياسية متباينة , ولا برامج تتنافس وتناهض بعضها البعض , بل هو صراع على السلطة , سلطة التنظيم وسلطة الدولة , بين عبد الناصر والهضيبي والسندي على إمامة الإخوان .. 19"
" التنظيم السري المدني للإخوان كله كان يؤيد عبد الناصر ضد حسن الهضيبي , ولم يعتقل عبد الرحمن السندي رئيس التنظيم السري للإخوان عام 1954 , وكان أعوان عبد الرحمن السندي خارج السجون في عهد جمال عبد الناصر .. 20"
" من الثابت أن اليوزباشي جمال عبد الناصر حسين قد انخرط في صفوف الإخوان المسلمين 1942 مشكلا مع عبد المنعم عبد الرءوف وأبو المكارم عبد الحي ومحمود لبيب الجهاز الخاص للإخوان المسلمين في الجيش . 21"
" وقد بايع جمال عبد الناصر حسن البنا المرشد العام للحركة بنفس الطريقة التي بايعه بها أي عضو آخر في التنظيم أو الحركة , وأصبح من 1942 عضوا عاملا في الإخوان المسلمين22"
" إن حسن البنا كان حريصا أن يظل ما بينهما سرا خافيا حتى على كبار الإخوان أنفسهم .23"
عبد الناصر والحرس الحديدي :
" وأصبحت العلاقة مع جمال متصلة , ولما عرف بنقلي إلى سلاح الحدود , فوجئت به يزوروني هو وعبد المنعم عبد الرءوف وفاجأني مفاجأة لم تزل تحيرني حتى الآن , وقال جمال وعبد المنعم عبد الرءوف أنهما يستطيعان تدبير عملية إلغاء نقلي وإعادتي إلى سلاح الفرسان بأسرع ما يكون .
ولم تزل هذه الظاهرة تحيرني حتى الآن .. وتحيرني معها ظاهرة عبد المنعم عبد الرءوف , فقد كان وثيق الصلة مع الإخوان , ووثيق الصلة بعبد الناصر , ووثيق الصلة بعزيز المصري , ثم هو وصلة الهمز مع القصر الملكي وتحديدا مع يوسف رشاد .
وعندما أبديت دهشتي , قالا : إن النقل سيلغى بواسطة القصر الملكي , وتحديدا بواسطة يوسف رشاد , وقد كان يوسف رشاد يد الملك التي يحركها وسط الجيش .
وإن كان " عبد الناصر " قد تعامل معه " يوسف رشاد " عن طريق آخرين منهم عبد المنعم والسادات ومصطفى كمال حلمي .
المهم هو أن المعجزة قد تحققت , وعلى غير المتوقع لم أبق في سلاح الحدود شهرين أو ثلاثة وتقرر نقلي من جديد إلى سلاح الفرسان . . 24"
ولا تعليق من عندنا !!
يقول أحمد حمروش " ولم يكن هذا التنظيم – الحرس الحديدي - خاضعا للحرس الملكي أو للجيش , وإنما كان تنظيما سريا خاصا , يرتبط بالسراي عن طريق يوسف رشاد الطبيب البحري وياور الملك "
وفي فقرة أخرى " واستمر هذا التنظيم يواصل عملياته الإرهابية السرية , ويتعرف على أخبار الضباط ليبلغها للسراي 25"
عبد الناصر والولايات المتحدة الأمريكية :
مايلز كوبلاند .. محمد حسنين هيكل .. مصطفى أمين .. علي صبري .. جمال عبد الناصر .. ماذا يجمع هؤلاء الأربعة مع مايلز كوبلاند ؟ ما القواسم المشتركة بينهم ؟ ومن هو مايلز كوبلاند ؟ 26 "
ما دور الولايات المتحدة الأمريكية في نجاح ضباط يوليو ؟
" وقد حضر كاتب هذه السطور شخصيا عدة اجتماعات في منزل الملحق العسكري الأمريكي بالزمالك مع جمال عبد الناصر وكان الكلام يدور في مسائل خاصة بالتسليح والتدريب والموقف الدولي والخطر الشيوعي على العالم بعامة والشرق الأوسط بخاصة وأن الولايات المتحدة ستساند أي نهضة تقوم في مصر , لأن بقاء الحال على ما هو عليه في مصر ينذر بانتشار الشيوعية , وهذه الاتصالات بالسفارة الأمريكية كانت في الفترة من عام 1950 – 1952م 27"
ويستطرد في فقرة أخرى :
" ومما لا شك فيه أن عبد الناصر وهو المنظم الحقيقي لحركة الضباط الأحرار كان على صلة أكثر وثوقا بالسفارة الأمريكية 28"
ساعة صفر يتلقاها يوسف صديق الشيوعي المنظم , قبل ساعة سفر الحركة , إذا ما نجحت الحركة يتصدر ناصر وعامر مقدمة المشهد , وإذا ما فشلت الحركة يستطيع ناصر وعامر أن يأتيا بشهود من جنود كتيبة يوسف صديق , يشهدون بارتداء ناصر وعامر ملابسهما المدنية , وأنه قبض عليهما طبقا لتعليمات يوسف صديق الشيوعي , وحينذاك يتدخل حيدر باشا قائد أركان حرب الجيش لصالح أبن أخته ومن معه , ويلصق الاتهام بالمنظمات الشيوعية , أليس يوسف صديق أحد رجالهم ؟ وليذهب الشيوعيين إلى الجحيم !! الإنجليز والأمريكان سيدعمون هذا الاتجاه , وسيميل القصر إلى هذا التفسير , ميكيافلي يرفع القبعة وينحني .. والشيطان نفسه يتوارى خجلا .. ؟!
لماذا نذهب إلى هذا الحد في التفسير التآمري ؟
أولا : المناخ الذي تدور فيه الأحداث مناخ تآمري ولا يجب استبعاد احتمال مهما صغر أو كبر حجمه .
ثانيا : عبد الناصر رجل هنا .. ورجل هنا.. ساق هنا .. وساق هنا , هو مع كل التنظيمات وضد كل التنظيمات , شخص لا ولاء له ولا إخلاص , مع الإخوان .. ومع الشيوعيين .. مع الحرس الحديدي .. ومع المخابرات الأمريكية , واعتقد أن هذا هو أحد الأسرار والألغاز والأحاجي التي كانت بين ناصر وعامر .
ثالثا : باستثناء يوسف صديق وخالد محيي الدين وبعد ذلك بقليل محمد نجيب , نستطيع دون مخاطرة القول أن الضباط العشرة الآخرين في مجلس قيادة الثورة انحدروا من تنظيمات فاشية وشبه فاشية , مصر الفتاة والإخوان المسلمين , يستلهمون نازية هتلر , ويبادرون بوضع خطط ووسائل للاتصال بالقوات الألمانية في العلمين , وقد انخرط بعضهم في أعمال إرهابية والقتل الفردي لم يكتب لها النجاح : عبد الناصر والسادات ..
عبد الناصر حاول قتل حسين سري باشا رجل الملك .. وفشلت المحاولة .
والسادات حاول قتل النحاس باشا زعيم الوفد ورجل الأغلبية .. وفشلت المحاولة .
لا أحد يطيق الحرية :
يعتقد بعض الباحثون والمحللون أن عبد الناصر مات وقضى نظامه 5 يونيو 1967 , وبعض آخر يعتقد بموته أو مصرعه 28 سبتمبر 1970 , أي يربط بين موته الإكلينيكي وقضاء نظامه , وآخرون يعتقدون بمصرع نظام عبد الناصر مع انقلاب السادات 15 مايو 1971 , النظام بمعنى هياكل ومؤسسات وآليات صنع القرار , ونحن من جانبنا نصيغ الإجابة على هيئة تساؤل : هل انتهت الدولة الناصرية بموت أو مقتل عبد الناصر , أم رحل الشخص وبقى النظام ؟ النظام الذي أسس قواعده وأقام أركانه ودعم بنيانه ضباط مارس 1954وعلى رأسهم عبد الناصر , ويعتقد الكاتب أن حكم الفرد , القائد الملهم والزعيم المفدى , مازال راسخا , والاستبداد مازال راسخا , والدولة الشمولية مازالت مهيمنة , المواطن المصري يتنفس ويدخل دورة المياه بتوجيهات السيد الرئيس , ومازال الحزب الحاكم الذي لا يتغير واجهة لأجهزة الأمن العلنية والخفية , ومازال الجيش يحسم أزمات النظام الكبرى .. انتفاضة الشعب يناير 1977 .. وانتفاضة جنود الأمن المركزي 1986 , هل عاد الجيش إلى ثكناته ؟ هل خلت الحياة المدنية من العسكر : محافظين ورؤساء مدن وأحياء ورؤساء مجالس إدارات شركات قابضة ومؤسسات ؟
وليس من المخاطرة القول أن سيف الأحكام العسكرية " قانون الطوارئ أو الأحكام العرفية " مشهرة على رقاب المصريين من يوليو 1952 إلى اللحظة التي نكتب فيها هذا البحث سبتمبر 2007 , أكثر من نصف قرن والأمة المصرية في حالة طوارئ , تخضع للحكم العسكري الذي يعصف بالحريات والديمقراطية والتعددية المقيدة إلا ما يمنحه الحاكم أيا كان أسمه عبد الناصر .. السادات .. مبارك , أمة مهزومة .. لم تهزم يوم 5 يونيو 1967 , هزمت يوم سلمت مقاديرها ومصائرها وإرادتها للبعض منها , يوم فرطت في حريتها , وهتف البعض منها ضد الديمقراطية
تناولنا نظام 23 يوليو في قضيتي الديمقراطية والموقف من الاستعمار .. الحرية والحدود ..
في الأولى : احتقر الديمقراطية وازدراها وأقام نظاما مكينا من الاستبداد يضرب بجذوره في عمق التربة المصرية , ألغى الدستور , احتكر – وما يزال – السلطة , صفى الحياة السياسية , استخدم القضاء العسكري في غير موضعه وفي غير طبيعته .. وما يزال , تجسس .. نصب أفخاخا .. أشترى ذمما .. أهان .. عذب .. جوع .. شرد .. نفى .. قتل .. وقائمة القتلى طويلة .. وما يزال .. وأبدع المصريون نكتا وأمثالا : الحيطة لها ودان , وفلان راح ورا الشمس .
والثانية : استجاب عبد الناصر للمطلب البريطاني الأمريكي وفصل السودان عن مصر , ثم ورط مصر بإعلان الحرب في 1967 وترك سيناء ساحة خاوية للجيش الإسرائيلي يحصد أرواح وأجساد الجنود والضباط المصريين وهم يفرون مذعورين :
عطشى .. جياع .. بلا سلاح .. بلا ماء .. بلا زاد , في حالة من الفوضى يندى لها الجبين- لقد تناقصت أطراف البلاد وتآكلت حدودها من الجنوب والشرق –
ومرة أخرى , من حقنا الآن أن نشك ونتهم ..
" فمن لم يشك لم ينظر , ومن لم ينظر لم يبصر , ومن لم يبصر بقى في العمى والضلالة 29 "
واستخدم ناصر جثث وجماجم شهداء الاستسلام وجرحاه سلما يصعد عليه للإطاحة بعبد الحكيم عامر والإنفراد بالسلطة , وقد استرد ضباط يوليو سيناء بلا سيادة في مفاوضات مخزية فتحت أبواب البلاد للغزاة وأمراء النفط والدراويش والسماسرة , مفاوضات كامب ديفيد التي أعطت إسرائيل فوق ما كانت تحلم به , وهكذا صار المصريون – في تقديري – يسعون حثيثا إلى الشتات ببلدان وإمارات النفط الخليجية ,في ظل علاقات وعقود عمل , تجرف قيم الحضارة والمدنية , و قائمة على الإذعان والكفالة والعبودية , وتحل قيم ثيوقراطية بدوية هيراركية , تعلي من شأن فكرة الدين والدولة الدينية , ونجد أنفسنا – مرة أخرى - مع أمير الشعراء :
ليس من يفتح البلاد لتشقى مثل من يفتح البلاد لتسعد
المراجع :
" 1" الأعمال الكاملة .. أحمد شوقي .
"2" تأملات في الناصرية .. د . رفعت السعيد .
"3" السابق .
"4" محمد على .. كريم ثابت .
"5" السابق .
"6" النجوم الزاهرة .. بن تغري بردي .
"7" رؤية لحادثة القلعة.. حسين كفافي .
"8" محمد علي .. كريم ثابت .
"9" قصيدة محمد علي باشا الكبير .. أحمد شوقي
"10" كارل ماركس .
"11" كنت رئيسا لمصر .. محمد نجيب .
"12" السابق .
"13" صراع السلطة .. أحمد طعيمة .
"14" السابق .
"15" ثنائية السجن والغربة .. د – فتحي عبد الفتاح .
"16" المرجع السابق .
"17" أسرار حركة الضباط الأحرار والإخوان المسلمون .. حسين محمد أحمد حموده "
"18" المرجع السابق .
"19" أسرار العلاقة الخاصة بين عبد الناصر والإخوان . . سليمان الحكيم .
"20" أسرار حركة الضباط الأحرار والإخوان المسلمون .. حسين محمد أحمد حموده "
"21" أسرار العلاقة الخاصة بين عبد الناصر والإخوان . . سليمان الحكيم .
"22" المرجع السابق .
"23" أسرار الثورة المصرية .. أنور السادات .
"24" الآن أتكلم .. خالد محيي الدين .
"25" مصر والعسكر .. أحمد حمروش .
"26" لعبة الأمم .. مايلز كوبلاند .
"27" أسرار حركة الضباط الأحرار والإخوان المسلمون حسين محمد أحمد حموده .
"28" المرجع السابق .
"29" ميزان العمل .. أبو حامد الغزالي .
كتب استعان بها البحث :
أقنعة الناصرية السابعة .. لويس عوض .
تحطيم الآلهة .. عبد العظيم رمضان .
الديمقراطية ونظام 23 يوليو .. طارق البشري .



#إبراهيم_الحسيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليل
- ثقافة الحرمان بين الكاب و العمامة
- إيران في مرمي نيران العولمة


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إبراهيم الحسيني - الشاويش والدرويش1