أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف - حميد كشكولي - مكافحة جرائم الشرف نضال طبقي















المزيد.....

مكافحة جرائم الشرف نضال طبقي


حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)


الحوار المتمدن-العدد: 2141 - 2007 / 12 / 26 - 11:31
المحور: ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف
    


فرضت الرأسمالية و الحكومات الحامية لها حياة العبودية والذل والاستثمار على القسم الأعظم من البشرية، و خاصة النساء، و لم تعد تكتفي بالاستغلال الاقتصادي والجنسي والجسدي والنفسي فحسب، بل أخذت تتفنن في اكتشاف أبشع وسائل الاستغلال والاستثمار الجشع. وباتت تقوم باستمرار بإنتاج ظروف اضطهاد المرأة و القيم الباطرياركية وإعادة إنتاجها يوميا. فلهذا لا ينفصل النضال ضد اضطهاد المرأة عن النضال الطبقي بوجه العلاقات الرأسمالية للنظام الرأسمالي.
إن التمييز العنصري بحق المرأة ظهر إلى الوجود منذ ظهور الطبقات في التاريخ البشري. وكانت المرأة قبل ذاك التاريخ، أي قبل ظهور الطبقات الاجتماعية، تشارك في مساواة تامة مع الرجل في كل مناحي الحياة، لكن اليوم حيث تسود الرأسمالية يأخذ الظلم الممارس على المرأة بالاشتداد، سواء في العائلة، أو مؤسسات الدولة والمجتمع، والشارع، وأوساط أخرى.
فلم تخفّ أشكال العنف على المرأة رغم ادعاءات الحكومات و المؤسسات الدولية ومنظمات مدنية . ومع الأخذ بنظر الاعتبار فوارق معينة بين بلد وآخر ، تتعرض نساء العالم إلى أعمال عنف متنوعة ، من قمع حكومي رسمي ، و الضرب والإهانات في المجتمع والأسرة و حالات من التحقير والختان والتزويج القسري والاغتصاب و سواها.
وقد تفاقمت في الفترات الأخيرة حالات قتل الشرف والأشكال الأخرى من العنف ضد الفتيات و ازداد عديد حالات ارتكاب المذابح بحق النساء في ظل الثقافات القبلية والدينية. و بعد توسع مجالات تعرف الفتيات على الثقافة الحديثة و المدنية و انفتاحهن على الحريات الفريدة والمدنية و تعاظم أمانيهن وآمالهن، واكتشافهن أساليب الحياة المدنية عبر القنوات الفضائية والانترنت ، ازددن جرأة في التعبير يوما بعد يوم عن احتجاجهن و تمردهن على التقاليد و العادات العشائرية والقومية والدينية البالية .
والأرقام والإحصائيات التي تسجلها الهيئات المعنية في مجال قتل النساء والعنف عليهن مذهلة، وهي متوفرة للجميع عبر الشبكة الالكترونية وسواها من وسائل الإعلام الرسمية و غير الرسمية.

الفتيات يتمردن على التقاليد التي تسلبهن الحريات الشخصية، و تحرمهن من التمتع بالحقوق المدنية المشروعة ، و يقومن بالوقوف بوجه الآداب والرسوم التي تسلبهن حق الاختيار، و تمنعهن من معاشرة أفراد الجنس الآخر ،وممارسة حقوقهن الطبيعية.

وفي أجواء الوحشية العشائرية القومية والسلفية الدينية يقف الأب و العم والخال وكبار القوم في خشية من أن يذهب شرفهم و غيرتهم وقيمهم الرجعية أدراج الريح في طرف ، و في طرف آخر تقف النساء والفتيات الشابات البريئات اللائي لا يطلبن في الحياة أكثر من حقوقهن الطبيعية، و اللاتي لم يذقن من طعم الحياة سوى القليل و يحلمن بالعيش حرات و كريمات وفي أمن وأمان .
سنويا تقع مئات النساء ضحايا التقاليد القبائلية السائدة في الشرق الأوسط و بلدان إسلامية أخرى ، ويدفعن بحياتهن الغالية ثمن صيانة شرف الرجال " المودع في أنوثتهن " ؟؟؟ و القيم الباطرياركية السائدة . وإن ما يؤدي إلى مقتل الشرف بحق المرأة ليس ممارسة الجنس خارج الزواج فحسب ، بل يمكن للتهامس و الإشاعات الكيدية الخبيثة حول سلوك النساء " غير اللائق" و شكل الثياب غير المحتشم ، أو الذهاب إلى السينما ، أو مكالمة تلفونية مع ذكر ما ، وأمثلة تافهة من هذا القبيل .

النساء يُقتلن قتلا فظيعا في سبيل صيانة شرف الرجال والعائلة. فالمرأة تُقتل لسلوكها الودّي مع جنس الذكور، أو لكون تحركاتها و ملبسها وسلوكها غير محتشمة، أو لأنها أحبّت شابا لا ينبغي أن تحبّه كأن يكون خارج سرب فحول الجماعة القومية أو الطائفية أو الدينية كما حدث مع الفتاة الأيزيدية " دعاء" أو فاطمة القتيلة في أوبسالا السويد بيد والدها لأنها كانت على علاقة مع شاب سويدي قبل سنوات من مقتلها ، أو لأنها أرادت أن تعيش في استقلال و حرية وطلبت الطلاق، أو أنها جالست رجلا غريبا في الحافلة ، أو أنها خابرت شابا أو أحبته و أرادت العيش معه.
و هؤلاء القتلة، إما لا ينالون أي عقاب، أو يُحاكَمون بالسجن لمدة ثلاثة أشهر إلى سنة كحد أقصى. ولا بد أن الكثيرين قد سمعوا بمقتل فتيات كثيرات في السويد وبريطانيا و ألمانيا و من أصول شرق أوسطية بيد ذويهن من الذكور.وبعضهن استدرجن إلى البلد الأصلي ليقتلهن ذووهم الذكور من آباء وأخوان وأعمام عقابا لهن على إقامتهن علاقات حب وغرام في بلدان المهجر، مثلما جرى مع الفتاة " بيلا" التي قتلها أبوها وأعمامها في كردستان العراق.
ففي الثقافة العشائرية تكون المرأة ملكا للرجل، وأن سلوكها " السليم والصحيح" و" العفيف" يعكس شرف الرجل والعشيرة، ويترتب على أي سلوك " مخالف " يبدر منها عارٌ يلحق بالعشيرة ورجالها، لا يغسل إلا بدماء المرأة التي بدر منها السلوك غير "العفيف" وغير " اللائق" .
قال والد "بيلا" التي قتلت في زاخو كردستان العراق للتلفزيون السويدي بعد سنوات من جريمة قتلها غسلا للعار أنه اضطر لارتكاب تلك الجريمة لكي يتمكن من رفع رأسه في العشيرة و بين الناس ، إذ أنه لو لم يقم بقتلها لما احترمه الناس و لنظروا إليه " كمأبون" .
وتقوم العشائر في أرياف باكستان وكردستان تركيا والعراق بإقامة محاكم رسمية للفتيات والنساء اللائي يبدين شيئا من الانحراف عن الأعراف القبلية وطاعة الذكور ، ويجري تقسيم العمل بين أعضاء هذه المحاكم لتنفيذ العقوبة الصادرة بحق المرأة المدانة.
وفي دول عديدة ثمة تسهيلات كثيرة لقتل النساء من قبل الفحول، وأحكام مخففة تماشيا من الحكومات والأنظمة الحاكمة مع العشائر و القبائل، و تقسيما للسلطات معها. وقد رفضت حكومة الاحتلال في العراق تشديد عقوبة الرجل القاتل للمرأة إلى 7 سنوات والذي طالبت به ناشطات و نشطون في مجال الدفاع عن حقوق المرأة ، لأنها لا تريد أن تخسر دعم رؤساء العشائر لها.
ففي الثقافات الرجعية تكون حرية المرأة و حضورها الفعال في المجتمع مبعث الفساد و الشهوة و تهديدا لانهيار شرف الرجل واعتباره.. وأن القيم الاجتماعية تتشكل على أساس استعباد المرأة و صيانة شرف الرجال. وفي هذه الثقافة الفاسدة يتم تلقين الأنثى منذ طفولتها بأن بكارتها هي رأسمالها، وأن فقدها يعني خسارة رأسمال الرجال و العائلة والعشيرة وتدنيس شرفهم. ووفق هذه الثقافة يحق للرجل أن يدافع عن شرفه ويصونه. وإن الثقافة العشائرية والقومية البالية تجيز قتل الشرف، وأن قتل النساء ليس جريمة، بل واجب أخلاقي و ديني وقومي، ويُنظر إلى القاتل قتل الشرف كبطل قومي و قبائلي ورجل شهم وشريف.

تزايدت عمليات قتل الشرف مع تزايد نشاط الإسلام السياسي السلفي و منظماته في الشرق الأوسط، و اختفاء قيم الحداثة والمدنية واللبرالية ، و انحسار التيار اليساري الاشتراكي. و في هذه الظروف اختفت القيم الاجتماعية الحديثة والإنسانية، و القوانين التي تضمن الحقوق الإنسانية للإنسان. ففي وضع لا وجود للحريات والحقوق المدنية للمرأة و الشباب يتحول الأب إلى قاتل جبان لبناته و زوجته.
إن العمل في سبيل اقتلاع أسباب قتل الشرف والعنف بحق المرأة يجب أن يستند إلى الدفاع الجريء عن الحريات المدنية والشخصية للنساء ، و هو يجري ضمن النضال الصامد بوجه التيارات الرجعية للإسلام السياسي الرجعي والقومي والقبلي ، وفي سبيل إلغاء الشرائع والقوانين الباطرياركية .

وإن الكفاح ضد القيم المعادية للمرأة لا ينفصل عن كفاح القوى اليسارية الاشتراكية في سبيل مجتمع الاشتراكية والرفاه و الحرية. وإن القوى اليسارية التقدمية والأممية اليوم تواجهها مهمة خطيرة و صعبة ألا هي مهمة تحقيق وقيادة جبهة الدفاع عن الحريات المدنية والحقوق الإنسانية للنساء في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي ، جبهة تضم كل التقدميين والاشتراكيين والعلمانيين واللبراليين المؤمنين بالقيم الإنسانية و التقدمية والمساواة بين البشر ، وينبذون القيم القومية العنصرية والعشائرية و الطائفية.

2007-12-25



#حميد_كشكولي (هاشتاغ)       Hamid_Kashkoli#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا ريب في أنه يؤلم
- انطباعاتي عن -أجمل غريق في العالم- لماركيز
- ساركوزي يعبّر عن حقيقة النظرة البرجوازية الغربية إلى الإنسان ...
- مشاهدة فلم -الخامسة عصرا- لسميرا مخملباف
- قصيدتا غزل لجلال الدين الرومي ( 1207-1273)
- لك الخبز والخمر والهيام
- ثورة أكتوبر الاشتراكية كانت تغييرا للعالم لا تفسيرا له
- كل شيء كذب ونفاق على الجبهات الوطنية والقومية – 2
- كل شيء صاخب ودام ٍ على الجبهات الوطنية والقومية - 1
- ما جدوى النسوية البرجوازية واليسارية التقليدية؟
- ناظم حكمت خائن وطنه
- أجنحة محترقة في خطى فانوس الخراب
- العدوان التركي على أهالي كُردستان من إفرازات الاحتلال الأمري ...
- نوبل السلام لمن لم يسلم منه الناس
- الرومي ّ وأنوار الليالي
- قوى تمزيق الذات الإنسانية في العراق
- - لا تأخذوني إلى بغداد!-
- رفرفة الزنبقة في بحر الإنتظار
- خرافة معاداة اليسار التقليدي و الإسلام السياسي للإمبريالية
- الرومي و الخمر والرقص و الجنون


المزيد.....




- بي بي سي عربي تزور عائلة الطفلة السودانية التي اغتصبت في مصر ...
- هذه الدول العربية تتصدر نسبة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوي ...
- “لولو العيوطة” تردد قناة وناسة نايل سات الجديد 2024 للاستماع ...
- شرطة الكويت تضبط امرأة هندية بعد سنوات من التخفي
- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟


المزيد.....

- العنف الموجه ضد النساء جريمة الشرف نموذجا / وسام جلاحج
- المعالجة القانونية والإعلامية لجرائم قتل النساء على خلفية ما ... / محمد كريزم
- العنف الاسري ، العنف ضد الاطفال ، امراءة من الشرق – المرأة ا ... / فاطمة الفلاحي
- نموذج قاتل الطفلة نايا.. من هو السبب ..؟ / مصطفى حقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف - حميد كشكولي - مكافحة جرائم الشرف نضال طبقي