أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - رحيم العراقي - الرجل الذي رأى الدب















المزيد.....

الرجل الذي رأى الدب


رحيم العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 2141 - 2007 / 12 / 26 - 03:43
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


جان رولان، صحافي من مواليد إحدى ضواحي غرب باريس، أصدر العديد من الكتب في الرواية والسيرة والتحقيق الصحافي. نال جائزة «ألبير لوندر» عام 1988 عن كتابه «خط الجبهة»؛ وهذه أهم جائزة صحافية أوروبية. كما نال في عام 1996 جائزة «الميديسيز» عن عمله الذي يحمل عنوان «التنظيم». له العديد من الكتب الأخرى. «الرجل الذي رأى الدب» هو كتاب تحقيقات يؤرخ لربع القرن الأخير ما بين عام 1980 و2005، عبر مجموعة من الكتابات عن مشاهدات صاحبه لظواهر وأحداث أثارت اهتمامه وليرسم بذلك صورة للعالم كما يراه.
إن القارئ يجد على مدى صفحات هذا الكتاب التي يتجاوز عددها الألف صفحة حكايات وروايات عن مواضيع سياسية مثل الحروب والنزاعات الإثنية من إفريقيا إلى الشرق الأوسط، ولكن أيضا عن غرائب وعجائب مثل النمور آكلة البشر في دلتا نهر الغانج وعن أسفار على طريقة ماركو بولو على سفن قديمة ومهددة بالغرق في كل لحظة، هذا فضلا عن مواضيع اجتماعية متنوعة مثل تلك التحقيقات التي كتبها لصحيفة «ليبراسيون» الفرنسية.
كان مؤلف هذا الكتاب قد تعوّد أن يحمل معه ما هو ضروري فقط من أمتعة السفر ومستلزمات مهنة الصحافي، وينطلق في أية لحظة إلى حيث تدعوه «المغامرة» أولا، مهما كانت درجة الخطر كبيرة. وكانت كل رحلة من رحلاته تطول بمقدار ما يقتضي وقت إنجازها بالأيام أو بالأسابيع أو الشهور.
ويصرح المؤلف منذ البداية أنه قد بدأ تحقيقاته في سنوات السبعينات المنصرمة، ولكنه كان لا يزال تحت تأثير أفكار «ثورة الطلبة» التي شهدتها فرنسا خلال شهر مايو من عام 1968 والتي أحدثت انقلابا حقيقيا في العلاقات والعادات الاجتماعية، ليس في فرنسا وحدها وإنما على صعيد أوروبا كلها بل وكان لها صداها على المستوى العالمي.
إنه يعرف نفسه بأنه كان في بداية كتابته للتحقيقات الصحافية لا يزال «مناضلا». وكانت تلك النظامية قد أثرت كثيرا على اختياره للمواضيع التي اهتم بها، وهكذا يجد القارئ كتابات عن الاضطرابات التي شهدتها إيرلندة الشمالية آنذاك على قاعدة النزاع العقائدي بين البروتستانت «المسيطرين» والكاثوليك «الأقلية» .
وحيث تساند الحكومات البريطانية المتعاقبة البروتستانت بينما تبنّى الكاثوليك، متمثلين بما سمي بـ «الجيش الجمهوري الإيرلندي» العنف المسلّح ولم يلقوا السلاح إلا منذ فترة قليلة من الزمن.
ويتحدّث المؤلف أيضا في أحد تحقيقاته عما عُرف بـ «ثورة القرنفل» في البرتغال، أو «الثورة المخملية» في البرتغال، والتي سميت بذلك الاسم نظرا أنها لم تؤد إلى سفك أي دماء عمليا، ربما سوى قتيل واحد، مع أنها غيّرت مسيرة البلاد كلها حيث أعلنت الحكومة البرتغالية التي أعقبتها.
والتي شارك فيها ممثلون عن معسكر اليسار كله من شيوعيين واشتراكيين وليبراليين، إنها معادية للاستعمار ولذلك اعترفت باستقلال غينيا بيساو، ودخلت في مفاوضات من أجل استقلال كل من أنغولا والموزمبيق. وهكذا أحدثت قطيعة حقيقية مع مسيرة استعمارية طويلة للبرتغال في إفريقيا تعود إلى الفترات الأولى من تجارة العبيد وحيث كانت البرتغال أول قوة أوروبية امتلكت أسطولا بحريا حقيقيا ثم تبعتها بريطانيا واسبانيا وبعد ذلك بفاصل زمني مهم فرنسا.
ولا يتردد مؤلف هذا الكتاب عن الإعلان بأنه كان «متحيزا» لعواطفه اليسارية خلال كتابة تحقيقاته الصحافية الأولى، لكنه بالمقابل «لم يخترع» شيئا وإنه كتب ما كان قد شاهده، ولكن «نظرته» كانت تذهب «أكثر» حيث تذهب «عواطفه». لكن ذلك لم يمنعه من أن يكتب آنذاك سلسلة من المقالات ـ التحقيقات عن جنوب إفريقيا التي كانت تشهد تطورات مهمة .إذ ان نظام «بيير بوتا» ينحو باتجاه «الانفتاح» على حزب المؤتمر الوطني أقوى التنظيمات السياسية التي كانت تمثل السود. وعلى الرغم من أن الصحافة اليسارية الغربية لم تكن ترى، أو ربما لم تكن تريد أن ترى، أن هناك تبدلات حقيقية فإن المؤلف أشار في كتاباته منذ تلك الفترة على أنه كان من السهل مثلا أن يجد المرء على رفوف مكتبات جوهانسبورغ الكبرى. أو بعضها على الأقل، كتبا ومطبوعات دعائية ماركسية ـ لينينية أو عن أرنستو تشي غيفارا، وبعدة لغات، هذا فضلا عن المطبوعات والنشريات التي كان يصدرها حزب المؤتمر الوطني الأسود الذي كان قائده التاريخي نلسون مانديلا في السجن آنذاك.
ومن الهوايات التي سكنت باستمرار مؤلف هذا الكتاب، كما يصرّح هو نفسه، هناك البحر والمراكب والشطآن والقراصنة والمرافئ، أما حبه للقراصنة فإنه يعيده إلى سنوات طفولته، إلى تلك الفترة التي كان يعيش فيها بالقرب من شواطئ البحر. هكذا يتحدث عن تلك «المتعة» التي عاشها وهو يرى عددا من الناس في عرض بحر الصومال يتقدمون نحو سفنهم الصغيرة ذات المحرك كي يستولوا على سفينة شحن كبيرة ويفرغون حمولتها. إنهم «قراصنة» دفعهم الجوع وهمّ إبقاء أهلهم وذويهم على قيد الحياة في بلد يعيش حالة متطرفة من الفقر إلى «القرصنة» التي يكاد المؤلف أن يضيف له صفة «المشروعة».
ومن يحب البحر يحب أيضا المرافئ والتي قد تفصح مرّات كثيرة عن هويات متشابهة. فمثلا يجد مؤلف هذا الكتاب تشابها «مدهشا» بين شنغهاي وروتردام، ثم إن المرافئ تنبئ أكثر من أي شيء غيرها عن نشاط بلدانها. فصادرات بلاد صاعدة مثل الصيف تمر بالضرورة من مرافئها، وفي مقدمتها مرفأ شنغهاي، الذي أصبح الواجهة التي تدل على حداثة الصيف وصعودها. ثم إن سفن الشحن نفسها التي كانت تعود حتى الأمس القريب إلى شركات أو دول أجنبية أصبحت الآن أكثر فأكثر «من صنع الصين»، وليس السفن فقط وإنما الحاويات المعدنية التي توضع البضائع فيها وكذلك الرافعات العملاقة التي تحمل تلك البضائع من الأرصفة إلى السفن غدت أيضا صينية وليس في مرافئ الصين وحدها وإنما في الكثير من مرافئ العالم بما في ذلك في البلدان الصناعية الغربية المتقدمة.
وهذا ما يدلل عليه مؤلف هذا الكتاب بواسطة «التجهيزات الصينية» في مرفأ «الهافر» الفرنسي، الواقع على بحر المانش. هكذا يمكن للمراقب أن يدرك مدى النمو الاقتصادي الكبير الذي تشهده الصين بمجرد التجول في أحد المرافئ العالمية الكبرى.
ويشير المؤلف إلى أن أكثر ما دفعه إلى البحر والشواطئ إنما كان الأدب والقصص التي قرأها طفل عن الصيد وعالم الصيادين، بل ويرى أن رغبة السفر ورغبة الكتابة متلازمتان إلى حد بعيد، وهذا ما يبدو بوضوح بالنسبة له، في الولايات المتحدة الأميركية حيث ان صيد الأسماك يبدو بمثابة «مدرسة للكتابة».
ثم ان إرنست همنغواي، الكاتب الأميركي الكبير، كان صيادا بحريا مدرّبا، ولكنه لم يخرج من البحار بالأسماك فقط وإنما خرج أيضا بروايته الشهيرة «العجوز والبحر»، والتي يعدّها الكثير من النقاد، أحد أهم الأعمال الروائية في تاريخ الأدب الإنساني كله. ويشير المؤلف في هذا السياق إلى أن احد أعمامه، وكان طبيبا، كان قد قام ذات يوم بمعالجة «همنغواي» عندما كان على ظهر احدى سفن الشركة الأطلسية العامة للنقل البحري.
ويؤكد مؤلف هذا الكتاب أنه كان على وشك أن يصبح «صياد سمك» كحرفة حياة، ثم ان هذا كان هو حلمه الحقيقي عندما كان طفلا، ولم يبارحه ذلك الحلم طيلة سنوات مرافقته، لكن اردعه عن ذلك هو رادع إنساني، إذ واجه رغبته في التوجه نحو البحر للاصطياد تساؤل عميق مفاده: «باسم ماذا يحق لي أن أقتل سمكة مسكينة؟»... صورة تلك «السمكة المسكينة» دفعته عن البحر كـ «صياد» وإنما دفعته لـ «الكتابة عنها»، وعن عالم البحار بشكل عام وأيقظت عنده رغبة السفر، والتي كانت دون شك، كما يقول، السبب الذي دفعه نحو صحافة التحقيقات، وحيث لا يتردد في الاعتراف أنه لا يجد نفسه أكثر سعادة في أي مكان أكثر من وجوده على متن سفينة.
رغبة السفر عند مؤلف هذا الكتاب ترافقت باستمرار عن البحث عن «أمكنة لا تشابه غيرها»، عن أمكنة «سحرية» وهذا ما وجده في مدينة مثل «زامبوانغا»، التي ربما لم يسمع بها الكثيرون، مع أنها «عاصمة» جزيرة «مانداناوا» الواقعة جنوب الفلبين، والتي يصفها المؤلف بأنها كانت منذ عشرين سنة فقط لا تشابه أية منطقة أخرى في العالم. ولا تشابه بقية العالم، إنما التي ربما أصبحت تشابهه أكثر اليوم، فوسائل الاتصال وثورة المعلوماتية «قلّصت» مساحة العالم الذي نعيش فيه. لذلك هناك اليوم توجه نحو «جعل العالم وحيد النمط»، وهذا ما يعادل لدى مؤلف هذا الكتاب «جعل العالم أكثر قبحا وبشاعة». هذه «البشاعة» طغت على «جمال» العالم، كما يشير .
يؤكد أن «التخريب» الذي سببته عملية التصنيع أو عملية الزراعة «التعاونية» في الاتحاد السوفييتي السابق قد زاد من تشويه وجه العالم. ولا يتردد في القول انه عندما قام بأحد التحقيقات في منطقة آسيا الوسطى، وتحديدا حول بحر قزوين، لم يجد سوى البشاعة التي قد تصل أحيانا إلى درجة الرعب مع مشهد «خرائب الصناعة الكيميائية» في منطقة «سومغيت».
ثم إن البشاعة تتقدم بمقدار ما ينحسر جمال العالم، إذ أصبح من المألوف أن نجد في قلب الصحراء مخلفات صناعية أو نفايات منزلية.ويتحدث المؤلف عن الحضور الأميركي في العالم عبر بعض الدلالات الرمزية التي ليس أقلها «دعاية الكوكا كولا» التي رآها في مخيمات اللاجئين.
وفي أكثر قرى القارة الإفريقية بؤسا وأثناء حصار سراييفو حيث وصل موكب لكوكاكولا كامل التجهيزات عندما كانت الحرب لا تزال دائرة، وحيث بدأ جزء من سراييفو يشابه «فجأة» أية بلدة أميركية، ثم إن العولمة لا تمر عبر دعاية «الكوكاكولا» فقط، بل يزاحمها على ذلك ممثلو شركات صناعة أجهزة الهاتف المحمولة وحتى في «الكونغو».






#رحيم_العراقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإصلاح الديني
- الأجيال المتبدلة
- أحلام السلام والحرية
- جذور الحرية.
- القارة الصفراء والعالم الجديد..
- هوغو شافيز : النفط، والسياسة، وتحدي الولايات المتحدة الأميرك ...
- الأُممية
- أوليف تويست
- المرض والدواء مابين الفقراء والأغنياء
- ت. س. ايليوت
- الفرنسيون والبريطانيون : عداوة في غاية اللطف...
- روبرت براوننغ..حياة ورسائل وأشعار غامضة
- بيكاسو (1881 1973 )
- الانفجار الديمغرافي
- ساعة إينشتاين وخارطة بوانكارييه
- كأس آسيا و أمن جمجمال و الجيش الأردني....!
- هوشي منه بين الحلم الثوري الفيتنامي والبيروقراطية الستالينية
- إعادة محاكمة غاليليو من جديد
- ثقافة الرأسمالية الجديدة
- أسوار سمرقند


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - رحيم العراقي - الرجل الذي رأى الدب