أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - جواد البشيتي - فساد ثقافي وتربوي!














المزيد.....

فساد ثقافي وتربوي!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2140 - 2007 / 12 / 25 - 10:15
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


إذا كان من ثقافة تنتشر الآن بين شبابنا فهذه الثقافة إنَّما هي ثقافة "لا للشقاء المعرفي"، فلماذا نُضَيِّع الوقت والجهد في البحث عن سبب هذا الذي حَدَثَ لنا، وكيف حَدَثَ، فَلْنَدَع "المعرفة" بما تُسَبِّبَه لنا من شقاء، ولنبدأ "الحياة"، التي يريدون لشبابنا أن يحيوها.. حياةٌ نرى بعضا من وجوهها وملامحها في "أفكار"، و"مبادئ"، و"قيم"، من قبيل: البشر سيظلُّون دائما مُؤلَّفين من فقراء وأغنياء. الفقر والغنى (الدائمان الخالدان) هما مظهر من مظاهر الطبيعة الإنسانية التي لا يمكن أبدا تغييرها. الفساد يمكن ويجب أن نكافحه؛ ولكن لا يمكننا أبدا أن نقضي عليه قضاءً مبرما؛ لأنَّه سرمدي كمَصْدَرِه وهو طبيعة النفس البشرية؛ وينبغي لكلٍّ مِنَّا، بالتالي، أن يمتنع عن تعليل نفسه بوهم جَعْل النفس الأمَّارة بالسوء غير أمَّارة به. لا خلاص إلا الخلاص الفردي، فاسعَ فيه، وإيَّاكَ أن تسعى في الخلاص الجماعي. مجتمعكَ إنَّما هو (في ماضيه وحاضره ومستقبله) غابة ذئاب، فكُنْ ذئبا حتى لا تأكلكَ الذئاب، فإنْ لم تَقْتُلَ تُقْتَل، وإنْ لم تَسْرِق تُسْرَق، وإنْ لم تُجوِّع غيركَ تجوع. اسْعَ في خطب ودِّ رئيسكَ، وولي نعمتكَ، ولو بما يعود بالضرر على رفاقِك. داهِن ذوي السلطان، وجاهِد في سبيل الفوز برضاهم، فقد تصبح مثلهم. إمَّا أن تعمل لمصلحة غيركَ وإمَّا أن يعمل غيركَ لمصلحتكَ. إمَّا أن تكون عبدا وإمَّا أن تكون مالكا للعبيد. إذا كان لديكَ قمح فلا تَبِعْهُ كله.. ادَّخر بعضا منه (فهذا "قِرْشٌ أبيض" يفيد في "اليوم الأسود") فقد يجوع الناس، فتبيعُ ما ادَّخَرْت، عندئذٍ، بثمن باهظ. ادْعُ إلى الأمانة والاستقامة حتى يَسْهُلَ عليكَ سرقة مَنْ تحلَّى بتلك الفضيلة. ادْعُ إلى الصِدْق حتى يُصِدِّق الصادق كذبكَ.

هذا غيض من فيض السموم الفكرية والأخلاقية التي تنتشر في عقول ونفوس شبابنا، وتُصَوَّر على أنَّها "الحِكَم" التي لا يستنكف عن الأخذ بها، والعمل بمقتضاها، إلا كل أخرق عديم الطموح، ارتضى العيش ابد الدهر بين الحُفَر.

كل تلك الأفكار إنَّما يرضعها عقل الطفل وهو يرضع ثدي أمِّه. إنَّها "الرضاعة الفكرية"، التي تَخْلِق بشرا يتخلَّقون بأخلاق العبد أو أخلاق مالك العبيد، يتقمَّصون هذا النمط أو ذاك من الأنماط الاجتماعية للشخصية.

إنَّهم لا ينكرون "الفساد" في المجتمع، ولا حتى استفحاله؛ ولكنَّهم، وعملا بمصالحهم الفئوية الضيَّقة التي فيها يَضْرِب الفساد جذوره عميقا، لا يفسِّرونه إلا بما يجعله في بروج مشيَّدة، فلا يدركه الموت. يفسِّرونه بما يجعلك تعتقد وتؤمن بأنَّ فساد المجتمع من فساد أفراده، فالمجتمع فاسِد؛ لأنَّ أفراده، أو بعضا منهم، فاسدون، وكأنَّ الفرد هو الذي يخلق المجتمع على مثاله الخُلقي!

و"الإصلاح" يجب أن يبدأ بإصلاح روح الفرد، وبالسيطرة على نفس الإنسان الأمَّارة بالسوء (والفساد). فإذا نحن أصْلَحْنا المجتمع، فردا فردا، بـ "العظات الأخلاقية"، صَلُح المجتمع، وصَلُحَت مؤسساته، فالتغيير، إذا كان لا مفرَّ منه، لا يبدأ بـ "المجتمع ذاته"؛ لأنَّ المجتمع ليس سوى "الحاصل من جمع أفراده"، أي أنَّه ليس بـ "مُركَّب"، يختلف في خواصه عن خواص مكوِّناته.

إنَّ الدعوة إلى "الإصلاح الأخلاقي" لا تفيد إلا في شيء واحد هو إظهار وتأكيد أنَّ أصحابها لا يريدون إصلاحا حقيقيا للمجتمع، فليس "الشر الكامن" في الإنسان هو الذي يُفْسِد "مؤسسات المجتمع" حتى نبدأ إصلاح المجتمع بـ "الإصلاح الأخلاقي" لأفراده. الإنسان لا "يُوْلَد" فاسِدا؛ إنَّما "يصبح" فاسدا. ومؤسسات المجتمع، التي تديرها وتتحكم فيها مصالح فئوية ضيقة يَعْبُد أصحابها "إله الفساد" سرَّاً، هي التي تُفْسِد الإنسان، وتجعله شريرا، فالإنسان، في طبيعته، ليس بملاك، وليس بشيطان، فهو ثمرة المجتمع ومؤسساته، فإمَّا أن يصبح الثمرة الطيبة، وإمَّا أن يصبح الثمرة السيئة.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -متى- و-أين-.. فيزيائياً وفلسفياً
- هل أعاد بوش السيف إلى غمده في مواجهة إيران؟!
- -تسونامي- السنة الجديدة!
- ولكم في -قِصَّة إبليس- حِكْمَة يا أولي الألباب!
- قنوط رايس!
- قرار صبُّ الزيت على نار التضخم!
- هل تريدون مزيداً من -الإيضاحات- الإسرائيلية؟!
- -التقرير-.. مسمار دُقَّ في نعش!
- بعضٌ من جوانب صورة الكون في مرآة -النسبية-
- حتى لا ينفجر -لغم أنابوليس- بالفلسطينيين!
- رِفْقاً بحاويات القمامة!
- كيف للسلام أن يَحْضُر في غياب -المفاوض العربي-؟!
- بعضٌ مما سنراه ونسمعه اليوم!
- قرار -قطع الشكِّ باليقين-!
- مجلس نواب يُمثِّل 560 ألف مواطن لا غير!
- يوم تكون -الوعود- كالعهن المنفوش!
- الانتخابات معنى ومبنى!
- هذا الخيار التفاوضي الجديد!
- لا اعتراف بها بوصفها -دولة يهودية-!
- الزهار في حضرة عرفات!


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - جواد البشيتي - فساد ثقافي وتربوي!