فاروق سلوم
الحوار المتمدن-العدد: 2139 - 2007 / 12 / 24 - 07:15
المحور:
الادب والفن
الفسحة التي هي ثوب البلاد .. الرمل
التراب العاصف والمقاهي القاحلة على الطرقات
والسائقون ، في فتون الشغيلة ، يمضغون الخبز الأسود
يتلذذون بالشاي ..وقد اضفى القهوجي ملعقة الود
الشاي حلو .. وسنكين .. والخبز ألأسود
اسود في بياضه مثل طهر الشغيلة وهي تئن..
وتطول مسافة الأنتظار
الطريق طويل الى طين الفرات
وانت تتأمل صفحة الضوء على اضرحة المدينة
ذهب يتوهج قرب دجلة في ذلك الزمن البعيد
الطفولة والسحر والذهب البعيد.. يلتف على جسد الملوية
وانت تحاول ان تربط ذلك الفضاء الفسيح
من الذهب والأضرحة والملوية واللامعنى
يوم لم تكن هناك غير خضرة الضفاف
وتراب وامل بسيط في وجه سائق الشاحنة العتيق
امسك اسرّة العائلة على ظهر الشاحنة من السقوط
وأتأمل الجلال الرهيب للذهب في عباءة الفقر
الفقر في لذائذ الكفاية
فيما يمضغ السائق الشغيل الخبز الأسود
وأنا ابصره من النافذة الخلفية للشاحنة ..
لم نترجل يومها .. ومضت العربة المتعبة
عند اطراف بغداد كانت تلوح المنائر في ضحكة الذهب الجليل
منائر من ذهب يطوف من حولها البسطاء
وفي جيوبهم خبزة السواد والسكوت الجماعي على الأمل المحتمل
ويخرج السائق في الظهيرة كسرة الخبز الأسود
نأكل اطرافها ونتنسم هواء الحلم ونشرب ماء دجلة الساخن
في ظهيرتنا تلك .. يسعل الشغيل ويدخن
وتمضي بنا العربة في تلك الستينات البسيطة
تقطع العربة الطريق
تاركة خلفها المدينة المستديرة في عزلتها
حيث يرافقنا الفرات خطوة خطوة
منذ لحظة بابل والنخل والحجارة
منذ لحظة جزنا المدينة .. وشارع صفي الدين الحلي
وواجهتنا النخلات مثل نساءنثرن شعورهن في البكاء
جمهرة النخل جمهرة التمر في لذائذ السكر
لذائذ الخمر في كأس بابل
تلهج من حولك الألسن بالرطانة وتبتكر اللغات
يمضي الفرات بالقرب من رف طير يهاجر
والحقول فارغة غير بعض ظلال سوداء
كلما مضت العربة عرفنا انها امرأة هنا .. امرأة هناك
لارجال في الحقل.. في الحقل بعض النساء والطير
جزنا المسافات حتى عبرنا الفرات الى كوفة الخلافة
كنا على الجسر نمضي كأنا نرفع العربةمن التعب والقدامة
والسائق الشغيل منذهل بين بيت الخلافة
يسند حيطان مسجده .. وبين بريق القباب
منشغل بين خبزته السوداء وبين بياض الأفق
حيث تلوح منائر تلة ذاك الغريّ العتيد
ويقضم خبزته اذ يطوف مع الحشد في المشهد الجريح
الخبزة التي تتلون من بريق المنائر
من شهقة القباب
شهقة الفقر في ثياب الذهب المرسوم
ونقوش الحوش الأواوين
والنساء يندبن كل السنين
يقضم الشغيل خبزته ويصلي ويمضي
وتظل المنائر تشهق وسط القباب
كل شهقة ملونة بالذهب .. والشغيل يقضم خبزته السوداء
ويطوف منتظرا منذ ذاك الزمان
ان يطل الأمل الأبيض
ليقضم خبزة البياض
لكنه مايزال يطوف .. ويهذي بذات الحروف
وتاخذه العربة القديمة اكل صباح
الى اللابياض
#فاروق_سلوم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟