أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - رجا زعاترة - قراءة في ثورية ((الثورة الدستورية)) الإسرائيلية














المزيد.....

قراءة في ثورية ((الثورة الدستورية)) الإسرائيلية


رجا زعاترة

الحوار المتمدن-العدد: 661 - 2003 / 11 / 23 - 10:31
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


مفتتح
قبل ما يقارب العقد من الزمن، سن البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) قانون أساس: "كرامة الإنسان وحريته" وقانون أساس: "حرية العمل". في العام 1995 اعتبرت محكمة العدل العليا هاتين المادتين ومجمل قوانين الأساس موادًا دستورية تحظى بتفوق نوعي على القوانين العادية. بما معناه، إن القوانين التي تسنها الكنيست بعد سن قانوني الأساس المذكورين خاضعة لرقابة دستورية تفعّلها المحكمة العليا، لا بل وبإمكان المحكمة إبطال القانون في حال إثبات عدم دستوريته. وصارت تُعرف هذه السيرورة "بالثورة الدستورية"، والتي سأحاول نزع صفة الثورية عنها وبرهنة تكريسها لذات الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي.

قانونا الأساس ينصّان على "تثبيت قيم دولة اسرائيل كدولة يهودية ودمقراطية" ما يعني إقصاء العرب كمجموعة قومية، وفي كليهما بندًا تقييديًا يحدد المعايير التي يسمح، في حال استيفائها، بتجاوز الحريات الدستورية المنصوصة. معايير مثل "الغاية الجديرة" و "المقياسية" و "المعقولية"، وهي جميعًا معايير مطاطية يحددها المنطق الثقافي/الحضاري لقضاة المحكمة، والذين يهيب بهم رئيس المحكمة باراك الاحتكام لمنطق الجمهور المتنور في اسرائيل عند تفسير قوانين الأساس. ومن نافل القول ان العرب وغيرهم من المجموعات المستضعفة يبقون خارج ذلك الجمهور.

قانون الأساس الأول - وربما الأشهر في أوساط الحقوقيين والمحامين العرب - هو قانون أساس: "كرامة الإنسان وحريته"، والذي ينص على احترام الدولة ومؤسساتها لحياة الإنسان وجسده وكرامته وخصوصيته وحقه في الملكية. والثاني، قانون أساس: "حرية العمل" (بالعبرية עיסוק، فيما ان الواقع أقرب الى حرية النشاط الإقتصادي منه الى حرية العمل)، يحد من قدرة الدولة على تضييق الحريات الإقتصادية، ومثل هذه الحريات في النظام الإقتصادي الإسرائيلي تعني حرية مطلقة لحركة الرساميل والتشغيل والتجارة.
توسيع الهامش الدمقراطي – على حساب من ولحساب من؟
رغم توسيع قانون أساس: "كرامة الإنسان وحريته" للهامش الدمقراطي الى حدٍ ما، يصعب رصد تحولات نوعية في تعامل جهاز القضاء مع قضايا حقوق الإنسان، لا على الصعيد النظري، حيث ما من تغيير جذري يذكر على الخطاب القضائي، وبالتأكيد ليس على صعيد القرارات الفعلية للمحكمة. لعلّ أبرز نموذج على هذا هو تعامل المحكمة مع عائلة قعدان في قضية كتسير، حيث أنه بالرغم من تهليل البعض لهذا القرار، إلاّ أنه لم يقم بذبح أي بقرة مقدسة في مجال التمييز الصارخ في سياسة توزيع الأراضي، ولم يمكن عائلة قعدان من اقتناء بيت في الموقع الذي أرادته في كتسير.

المسألة التي بالإمكان الإشارة الى تحول نوعي في التدعيم الدستوري لها هي حرية الملكية، حيث يشكل قانون الأساس رافعة لعملية الخصخصة التي تجتاح المرافق الصناعية والخدماتية في اسرائيل. أي من القوى السياسية، التي قد تصل في الأمد القريب أو البعيد الى السلطة، لا تناهض الخصخصة، ولكن الجهاز القضائي الذي يفترض به أن يكون الحاجز الأخير أمام التحولات التي تضر بالمواطن قد اتخذت موقفًا يتماشى ضمنيًا وفعليًا مع الإقتصاد السياسي اليميني المهيمن.

قد يكون من باب السخرية البحث عن تعريف لائق لماهية العلاقة بين حرية النشاط الإقتصادي الذي يدافع عنه قانون أساس: "حرية العمل" وبين تضخم معدلات البطالة في البلاد، ولكن ما قد يعتبره البعض سخرية هو حجر الزاوية في هذه المعادلة، لأن هذه المادة الدستورية لم تأت لتأمين حق الطبقة العاملة في مردود العمل ولا حتى مجرد الشراكة المجحفة في عملية الإنتاج ذاتها، وإنما لضمان مصالح الرأسمالية والرأسماليين وشرعنة التناقض بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج بغطاء دستوري متنور.
الحريات اللبرالية لا تضمن الحقوق لا بل تقوضها
حرية الملكية لا تضمن للمواطن الحق في ملكية حد أدنى من المقومات المادية لكنها تضمن حماية دستورية للفجوات العميقة في ملكية وسائل الإنتاج المتنوعة، وحرية العمل لا تضمن للمواطن ألاّ يكون الضحية القادمة لتطور الرأسمالية، إلا إنها تضمن للرأسمالي حماية دستورية لنزع علاقات الإنتاج من أي سياق عادل. فمثلما ان وجود حرية ملكية لا يتناقض مع عدم ملكية مئات الآف لخبز يومهم، كذلك وجود حرية عمل لا يتناقض مع رمي عشرات آلاف العمال وعائلاتهم الى دائرة البطالة والفقر.

هذه هي، إذًا، ثورية الثورة الدستورية التي تتبجح فيها اسرائيل.. والحق يقال إننا مع "ثورات" كهذه لم نعد بحاجة الى الرجعيات!

 



#رجا_زعاترة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن التيارات الفكرية في الحركة النسوية: من الليبرالية الى الم ...
- بين الديمغرافية والديمقراطية
- بين قبعة بوش وسجائر شارون..
- المرأة في الإعلانات التجارية: تكريس الآراء المسبقة أم -تحرر- ...


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة
- فريدريك إنجلس . باحثا وثوريا / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - رجا زعاترة - قراءة في ثورية ((الثورة الدستورية)) الإسرائيلية