أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اميرة بيت شموئيل - المرأة والمومس















المزيد.....

المرأة والمومس


اميرة بيت شموئيل

الحوار المتمدن-العدد: 661 - 2003 / 11 / 23 - 10:56
المحور: الادب والفن
    


- هيفاء عزيزتي، ارجو ان تدلكي رأسي بكل قوتك اثناء الغسل، فهو بحاجة الى مساج.

تركت ايلونا رأسها بايدي مصففة الشعر لتسبح بخيالاتها الى اعماقها الهائجة.

- اواه يا امي... كم اسعدتني حركات يديك الناعمة في شعري ... اين صوتك الحنون، ارسليه ليثلج صدري المثقل بالجراج.

- لا، لن ادعك تحملين الالام لوحدك . لا تخافي يا حبيبتي، فسابقى الى جانبك حتى النهاية.

- ماكان يجب ان تدخلي معي غرفة الولادة يا امي... لقد عشتي عمق هذه الالام اكثر من مرة ولا اريدك ان تعيشيها هذه المرة ايضا.

ولكنك صممتي على ان تموتي للمرة الالف يا امي... صممتي ان ترافقيني في رحلة الموت من اجل الحياة. قلت لي سابقا بانك بكيت عندما رزقت بي... لم ترغبي بانجاب امرأة اخرى تعيش مأساتك التي لا تنتهي... غضبت منك عندما اعترفت لي بهذه الحقيقة، ولكني بكيت عندما رزقت بصبية، مثلك تماما... احسست بالمصيبة يا امي ... احسست بحساب الضمير تجاه هذه المرأة... كيف دفعتها الى حياة عانت نفسي منها حد القرف... كم كنت قاسية عندما زرعت بذور الحياة في نفس بريئة قبل ان انجح بتوفير الامن والراحة لها... ها هي المأساة ستعاد في نفسها ايضا، وتتكرر مرتان في نفسي وتعود لتتكرر للمرة الثالثة في نفسك يا اماه... ماذا نفعل لننجو بذواتنا من عذاب الجحيم ؟؟

انانا، سامحيني يا وردتي الصغيرة، لم اتقصد ايذاءك باستدعائك الى حياتي التعيسة هذه... لقد ناضلت طويلا من اجلك يا ابنتي الحبيبة... لم اشأ ان اراك تتعذبين بسبب انوثتك الطيبة... ناضلت الى جانب امي وابي لنخلق لك مستقبلا سعيدا، ولكنهما احترقا وسط الطريق وبقيت وحدي اصارع حيل الشيطان من اجلك... 

لا ادري ما الذي حدث يا انانا... لقد ناضلنا الى جانبهم حتى اندحار الشيطان الاكبر، وهاهم اليوم يحصدون ثمار النضال وحدهم... لقد ابعدونا عن قطف الثمار يا ابنتي ... خرقوا قاعدة، السيدات اولا، اوربما استبدلوها بالسيدات اخيرا... لا ادري. هل اخطأنا العدو؟؟ ام اخطأنا الصديق ؟؟ كيف انتهت الايام الى هذا الخصام ... لقد وقفنا في المقدمة دائما واعتبرت قضيتنا الورقة الرابحة في الثورة... اولم يكفي ما قدمناه من تضحيات ؟؟ كم من تضحيات اخرى يجب ان نقدمها لننطلق الى عالم الحرية ؟؟

لا، لن ادع احدا يتعدى على حقوقنا ... لا احد يستطيع ان يفرض علينا الانتظار الى ان يأخذ الرجل حقوقه اولا... لقد شاركنا في النضال بقوة ولم نتخاذل امام المصاعب، فما بالهم يتهكمون كلما اشرنا الى انفسنا... اين ذهب فكرهم وايمانهم بقضية المرأة . لا، لسنا بحاجة الى خلق اتحاد النساء لنحملهم على الاعتراف بنا، فتضحياتنا تشهد بقضيتنا.

ابي، كنت ثائرا يا ابي... حاولت دفع اعصار الظلم والاعتداء، ولكنه كان اكبر من بيتنا الصغير. اغتالوك ليطبقوا قيودهم الجاهلة علينا اكثر واكثر، لانك لم تكن تؤمن بالاستسلام او المساومة.

- لماذا فتحت بصيرتي على الواقع يا ابي... لو تركتني عمياء لما احسست بالظلم الواقع علينا.

- الظلم واقع على الجميع، من الكبير الى الصغير، لا يفرق بين الرجل والمرأة، والرضوخ له لا يحل المشكلة، بل يزيدها... الحل يأتي دائما بالثورة عليه والعمل لتغيير الواقع المتخلف.

الثورة... الثائر... نعم، وجدتها يا ابي... سابحث عن الثائر هذه المرة ايضا.

- ايلونا، اسرعي، لقد تأخرنا عن الاجتماع.

جاء صوت صديقتها عائشة ليقطع خيالاتها المتشابكة.. فتحت ايلونا عينيها المثقلتين واجابت.

- لا تستعجلي يا عائشة، فما زال امامنا الكثير من السنين.

- هل يعني كلامك انهم لن يعترفوا بحقوقنا هذه المرة ايضا؟؟

- الرجل السياسي يعانق المرأة في المصاعب ويرفسها في المكاسب. علينا ان نبحث عن الثائر.

- ولكننا....

- الرجل كلب، ما ان تعرضي عليه اللحم، حتى يتبعك كظلك!!.

عاصفة هوجاء نزلت بقوة، لتقصف حديثهما ... تحولت نظرات ايلونا وعائشة لتبحثا بين زبائن الصالون عن مصدر القصف. اخذت الغريبة تكمل حديثها بعد ان لاحظت علامات التعجب على وجهيهما:

- ليس على المرأة ان تضحي وتشقى لتصل الى حقوقها. نظرة قاتلة.. ضحكة ساخرة.. دلع خفيف وملابس اكثر خفة، تجعل اكبر رجل يركع تحت اقدامها ويقول " شبيك لبيك، اموالي بين ايديك".

وسط انفجارات الضحك بين النساء،التفتت عائشة الى المصففة وتساءلت، باشارة من رأسها، عن هوية المتحدثة، فتحركت شفاه هيفاء لتجيب بصوت خافت:

- مومس.

خرجت ضحكة ساخرة من عائشة، التي اقتربت من ايلونا لتقول:

- تخيلي المومس امام المجلس، تردد هذه العبارات الصاعقة بحق الرجل. كارثة.

ابعدت ايلونا ايدي هيفاء عن شعرها ووقفت امام العابثة وسط الصالون.

- ومن تحسبيننا، لنصدق كلامك ياتعيسة.. لماذا لا تتجرئي على قول الحقيقة... هيا تجرئي وقولي لنا كيف تسجدين امام اقدام الجاهل وتضلين ساجدة الى ان يغرقك بفضلاته قبل ان يرمي بقروشه ويغادرك، ثم تقومين بازالة فضلاته ليأتي الاخر وهكذا.

- انت .... وكاذبة.

- لنخرج الى الرجال ونرى اي غبي يدفع بقروشه اليك قبل ان يسجنك بين قدميه؟؟ انت مدفوعة الى هاوية الانحطاط لانك تسحقين انسانيتك بيديك، انظري كيف تحتقرين المهنة التي تمارسينها والرجال الذين تتعاملين معهم...

- انا حرة، افعل ما اشاء.

- يا حبذا لو كنت حرة... انت عبدة مع سبق الاصرار.

- تغارين، لاني اجمل منك.

- عن اي جمال تتحدثين؟؟ ما تملكين لا يرتفع عن مستنقع لفضلات الاخرين. انت محقرة في المجتمع لانك تشاركين في قمع انسانية المرأة، بجعل نفسك العوبة بيد الجهلاء.

- وكيف تريدينني ان اعول عائلتي في بلد ينخره الفقر والجوع وتنعدم فيه فرص العمل.

- ارجو ان تسحبي ورقتك هذه من امامي، لاني لا اعتبرها رابحة. لو كان الجوع والفقر سبب السقوط الاخلاقي للانسان، لتحولت ثلاثة ارباع البشرية الى عواهر وقوادين. مشكلة السقوط الاخلاقي للانسان لا تكمن في فقره، بل في جهله وعدم احترامه لذاته والاخرين. هنالك الكثير من الفقراء شرفاء وعلى درجة عالية من الانسانية وفي نفس الوقت هنالك الكثير من الاغنياء عواهر وجهلاء.

- انا امرأة مظلومة.

- هيفاء مظلومة ايضا، هؤلاء النساء جميعهن مظلومات ايضا... عائشة وانا مظلومتان ايضا... الظلم واقع على الجميع، من الكبير الى الصغير، لا يفرق بين الرجل والمرأة، والرضوخ له لا يحل المشكلة، بل يزيدها... الحل يأتي دائما بالثورة عليه والعمل لتغيير الواقع المتخلف.

اتسعت رقعة الحديث وتحولت المعركة الى ندوة مفتوحة عن المرأة، الى ان خرجت ايلونا وعائشة من الصالون، تلاحقهن نظرات متشبثة بالامل.



#اميرة_بيت_شموئيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مواجهة الكلاب السائبة
- سلاّمة
- منصب نيابة الرئيس للنساء فقط
- اوجه الشبه بين الشيعة والاشوريين في العراق
- الجهالة سبب بلاء البشرية
- الاختلاف والخلافات ... من اين تبدأ الحلول؟
- المنفذ للخروج من الأزمة العراقية
- نعم، محرري الفكر العراقي المسجون يستحقون كل الاحترام... مع ت ...
- لماذا تتعرض المواقع العراقية الحرة الى هجوم واستفزاز؟؟
- حول الثقافة الانسانية في العراق... مع تحياتي الى الاستاذ د. ...
- الشعب الاشوري الغيور، والمطالبة برفع دعوة ضد المجرم طارق عزي ...
- الى الهيئة الادارية لقناة الجزيرة الفضائية من يدنس أرض الأدي ...
- هويتنا الاشورية وتهمة التعصب والعنصرية
- المجتمع العراقي... من اجل مجتمع مدني
- اليزيديون .. التسمية والانتماء الحقيقي... رسالة الى القاضي ز ...
- الاشوريون يحتجون على التركيز على التمثيل الديني وليس القومي
- هل حقيقة ان طارق عزيز لم يشارك في الجرائم التي اقترفت بحقنا ...
- لااصدق بموت عدي وقصي
- انتخابات مجلس الحكم الانتقالي جاءت متجنية على حق تمثيل القوم ...
- الارض لله ، تمتلكنا جميعا ولا يمتلكها احد


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اميرة بيت شموئيل - المرأة والمومس