أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل وداي الجبوري - عمارة يعقوبيان* لغة السينما الجديدة لاشكاليات مصرالقديمة















المزيد.....

عمارة يعقوبيان* لغة السينما الجديدة لاشكاليات مصرالقديمة


نبيل وداي الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 2135 - 2007 / 12 / 20 - 11:43
المحور: الادب والفن
    


((سنة سبعة وثلاثين بنى الخواجة هاكوب يعقوبيان كبير الارمن في مصر عمارة سكنية وسماها على اسمو .. الطراز اوربي والمهندس طلياني ده حتى الخواجة من كثر اعتزازو بالعمارة كتب اسمه على العمارة بحروف لاتيني . سكن العمارة وهي لسة بكر وزراء وباشوات وخواجات وحتى سكن فيها يهود , اثنان منهم من عيلة نصيري المعروفة ,سطح العمارة كان مهول , كان فيه شقة للغسيل والذي منو ...كل حاجة كانت جميلة , البلد كان شكلو جميل والعمارة كمان كانت جميلة ... وقامت الثورة وانتهى زمن الباشوات ولما قامت حرب ستة وخمسين كانت بداية النهاية بالنسبة للخواجات واليهود...الشقة اللي تفضة بعد مايتركها صاحبها كان يسكنها ضابط مهم من ضباط الجيش .. ضباط الجيش لم يستطيعو ان ينسوا عشقهم لتربية الفراخ فوق السطوح ومافيش مانع ان غرف السطوح تبدو سكن للخدامات وطبعا اتغيرت التركيبة ا لسكانية ...مع زهزهة الانفتاح ابتدا الشارع يتغير.. المحلات غيرت نشاطها في المنطقة كلها ...الناس بردو اتغيرت وزي ماكان دخول حضرات الضباط العمارة تلف حالها خروجهم منها جابها الارض ... كانو اغتنوا بقة نقلوا المهندسين ومدينة نصر . وبقت العمارة فاتحة لاي حد معو فلوس .. وطبعا اتغيرت التركيبة السكانية السطح بقة كامل العدد الغرفة الواحدة شايلة العيلة كلها ...مش بس العمارة اتغيرت؛ البلد كلها اتغيرت)) انتهى تعليق الفنان يحيى الفخراني المرافق لسبتايتل الفلم

المتتبع لحركة السينما المصرية يشعر ان ثمة ثأر يسعى بعض القائمين عليها لتحقيقه عبر الحديث عن مناطق عُدت في زمن ما من المحرمات التي لاتطأها قدم السينما بتاتا لانها تتعلق بتاريخ فترة من اكثر فترات مصر اكتضاضا بالاحداث الجسام . فمصر بالنسبة لبعض السينمائيين كانت مصر العهد الملكي المليء بالاحلام الواعدة والامال المتدفقة متناسين ان استقبال الشعب المصري لثورة يوليو ماكان ليحدث لولا ان الشعب قد ذاق المرارات كلها قبل ان ياتي الضباط الاحرار ليسقطوا الملكية ..الملكية التي كان لها ناسها وعالمها البهي لكنه عالم قال عنه الفلم انه عالم مختصر لايشكل فيه الشعب المصري شيئا انه فقط يكدح ويزرع القطن وفي النهاية يركن في اقصى زوايا النسيان..
قد يبدو كاتب النص من اولئك الذين افتقدوا العالم الذي كان يعيش فيه ولكن مصر لم تكن ملكا لفئة دون اخرى ، مصر ليست لليهود والمسيح والخواجات وعلية القوم من المصريين تلك الاشارة التي جاء ت على لسان المعلق الذي تكلم بحسرة عن ذلك الزمن الجميل .هناك مفارقة في ان الفقراء هم الذين يسكنون في الاعلى بينما الاغنياء يسكنون في الاسفل في هذه العمارة التي بناها كما قال المعلق يحيى الفخراني كبير الارمن هاكوب يعقوبيان وكاني بها تشهد عالمين متناقضين تماما ، عالم مصر الباشوات وعالم الخدامين ... حاول الكاتب في الاصل وكاتب السيناريو ان يشير من طرف غير خفي الى ان العمارة هي مصر من الداخل ، مصر التي تغلي في صمت فهنا زكي الدسوقي الابن الأصغر للوزير الوفدي الثري عبد العال الدسوقي الذي انتزعت منه ثورة يوليو(تموز) معظم أملاكه يعيش في قاع المجتمع بعد ان يأس من اعادة امجاد الماضي التليد له او لعائلته انه يمثل مصر الملكية مصر الساخرة من الوحل الذي جاء به الضباط الاحرار على حد وصف المعلق لكنه يظهر في ابهى اشكاله انه الانقى الاقرب الى الانسانية من الاخرين فهو يعاقر الخمر وزيرنساء لكن تشاء ارادة كاتب السيناريو ان تجعله الانقى من بين رجال السياسة والدين واصحاب رساميل المال وهناك. حاتم رشيد رئيس تحرير جريدة فرنسية وابن رجل قانون معروف في مصر كلها والذي يمثل حلقة الوصل بين مصر وفرنسا حاتم رشيد يرفض اقتراحا قدمه احد محرريه بالترويج للصحيفة بنشر مقالات عن الشذوذ الجنسي لكنه يرفض لنكتشف بعد مشاهد انه من اكابر الشواذ في مصر والذي سخر له احد رجال الشرطة ليرضي نزواته لكن الشاويش يفر في النهاية عند وفاة ابنه نتيجة لتهاونه في علاجه.. وهناك طه الشاذلي ابن بواب العمارة، الذي يفشل في اجتياز امتحان ضابط الشرطة بسبب وضاعة مرتبته الاجتماعية كما يفشل في الظفر بحبيبته بثينة، ابنة أحد سكان السطوح، الأمر الذي يقوده للالتحاق بالجماعات الإسلامية كردة فعل على المهانة والإذلال اللاحقين به.
يبدأ الفلم بلقطات قريبة لنقوش اعمدة قديمة على الطريقة الإغريقية، والأفاريز التي يظهر عليها القدم ترافق هذه المشاهد موسيقى خالد حماد الحزينة التي تشبه العويل أو النواح من خلال استخدام آلة الكمان الكهربائي أو الكمان العادي المحسن بالأجهزة الالكترونية المتطورة يرافق الصوت المنفرد للكمان مؤثر موسيقى يشبه صوت جهاز فحص القلب أو صوت ضخم للقلب . وفجأة وفي لقطة عامة لعمارة ذات طراز معماري غربي يعود إلى العشرينات أو الثلاثينات يصاحب هذه أللقطة تعليق بالغ الأهمية للفنان الكبير يحيى الفخراني وهو يعود بالذاكرة إلى عام 1937عندما بنى رجل من الأرمن عمارة كبيرة على الطراز الغربي ونقش اسمه على الجدران الداخلية لها ويضيف التعليق بان العمارة سكنها وزراء وباشوات الخ..... (كل حاجة كانت جميلة البلد كان شكلها جميل وقامت الثورة) هنا يتم الانتقال من مشهد العهد الملكي الى عصر ثورة يوليو (تموز) من خلال القطع ب(ستوب كادر) الى الجماهير الفرحة باندلاع الثورة وفي انتقاد واضح الى حركةالضباط الاحرار يقول المعلق بان اندلاع ثورة 1956 ادت الى سفر الاجانب وبالتالي كانت الشقق تفرغ ما يؤدي الى ان يحتلها الضباط وبعض زوجات الضباط لم يستطعن نسيان عشقهن القديم فكن يربون الربط والفراغ
الغريب ان المعلق بدا وكانه يحاكي صوت انور ا لسادات وهويقول (ومع مرحلة الانفتاح ابتدى الشارع يتغير) وهنا يدخل اللون الى الصورة و لكنه لون باهت وكان المخرج اراد ان يؤشر الى ان المرحلة لم تكن مرحلة بناء وتغيير بقدر ماكانت مرحلة خاملة في حياة المجتمع المصري.
كثيرا ماقرانا في ادبيات السينما بان التعليق يضعف من قوة الصورة غير ان التعليق هنا استطاع بقدرة الفخراني المدهشة على شحن الكلمات بالمعاني ان يجعل هذه الوصلة الصوتية التي رافقتها مشاهد بالاسود والابيض من ان تعطي صورة بانورامية عالية القيمة بايجازها الشديد . ومع نزول اسم المخرج يتم القطع الى مشهد بار مكتظ بالزبائن وترافق الكاميرا اقدام شحاذ او رجل من قاع المجتمع وترافق الكاميرا بلقطة قريبة اقدام الرجل ذي الحذاء المتهريء ثم تستمر حركة الكامير بلا انقطاع فتدخل مقدمة الكادر حذاء اسود مدهون ولماع وتتحول اللقطة الى لقطة عامة لعادل امام وهو يدخن السيجار، هنا تتظافر جهود الموسيقار خالد حماد مع كاتب السيناريو والمصور في جعل مشهد دخول ساقية الخمرة وتمخطرها في البار في واحد من المشاهد المتميزة المشهد على مايبدو مشهد سياحي وكانه يريد ان يقول ان مصر هي هذه .
لكنه مايلبث ان يعود الى الواقع الجديد الواقع المغبر السلبي مشهد الاختبار الذي دخل فيه الشاب طه الخريج من الثانوية والذي يتمنى ان يصبح ضابط شرطة لكن احلامه تتهاوى كلها عند ما يساله ضابط الاختبار ماذا يعمل ابوك فيقول انه موظف فيقول الضابط بنفاذ صبر موظف ام بواب في عمارة ... هنا في هذ المشهد تتجلى عبقرية الاداء وفي اختيار الجمل ونهاياتها وتداخلها فما ان يحاول طه توضيح ان بواب العمارة هو موظف نسمع كلمة (شكرا انصراف اللي بعدو). يقدم كاتب السيناريو هنا نموذجا واعيا في استخدام الحركة وحركة الشخوص والاشياء فحلم طه تلاشى وادبرت له الوظيفة التي كان يحلم بان يمارسها فيدير هو الاخر ظهره للجمهور ويعقب هذا المشهد مشهد اخر لسيارات تتجه باتجاه مغاير للجمهور وبالعكس تماما فان حركة الشخوص في المشهد الذي يعقب هذا المشهد حركة مقبلة باتجاه الجمهور باتجاه اخيلته المترفة الباذخة التي تحتضن الجشعين الذين يتاجرون باجساد النساء امثال صاحب الصنع كان المعادل الصوري الذي عبر عن الاقبال والادبار الصوري الذي يوازي الاقبال والادبارفي المضمون المباشر والمقارنة بين طه وصاحب المصنع اذا ان الاقبال عند صاحب المصنع وزير النساء يتمثل بلقطة متوسطة لصدر بثينة المكتنز ثم لقطة اخرى له وهو ينظر الى صدرها فيقول لها (مبروك توكنا على الله) ويقبلها في العمل... بثينة الانسانة المصرية المرهقة المدمرة التي تحاول تبرير انقطاعها عن العمل بالقول لامها ان صاحب العمل (ايدو طويلة ) فترد لها امها هل هناك احد يسرق ماله فتقول لها صاحب العمل( مد ايدو علي) فترد الام وكانها لاتريد ان تصدق ان ابنتها تتعرض للاغواء هل اراد ان يضربك فتقول لامها (لا) فترد الام كان عليك الحفاظ على عملك ومصدرعيشك فترد بثينة لقد فتح الرجل سحاب البنطلون فتقول الام كل واحد حر في (هدومو مادام لم يمسك )
في الواقع ان الفلم يشكل صرخة احتجاج مدوية ولكنها صرخة خاضعة في وينخرط في التيارات الاصولية التي تبرر خطاب العنف بما تلاقيه من ظلم وتعسف تتحول مصرفي نظرهم الى ماخور من اجل ان تعطى الرواتب الى الموظفين وبالتالي يتحول طه الشاذلي الى ارهابي يقاتل الحكومة ويقتل ام بثينة فانها تجد ملاذا امنا لها مع زكي الدسوقي فيعبران الشارع متحررين من كل التبعات ومنصهرين مع بعضهما في علاقة غير متكافئة وغير منطقية وغير درامية اصلا لكنها على ماتبدو اسهل الحلول في انهاء الفلم كرسالة مزوقة .
في الواقع لايمكن الا ان نعترف ان الفلم تحفة فنية يرقى الى مستوى الافلام العالمية ان لم يتفوق عليها لتمسه الحقيقي مع الهم الانساني للشعب المصري المقهور المسحوق .

*عمارة يعقوبيان هي واحدة من المباني القاهرية القديمة الواقعة في شارع سليمان باشا وسط مصر
• الفلم من اخراج مروان حامد
• تاليف وحيد حامد uن قصة الدكتور علاء الاسواني
• تمثيل عاد ل امام بدور زكي الدسوقي
• هند صبري بدور بثينة



#نبيل_وداي_الجبوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في سيرة فوز رواية رقصة الطائر المذبوح


المزيد.....




- أوركسترا قطر الفلهارمونية تحتفي بالذكرى الـ15 عاما على انطلا ...
- باتيلي يستقيل من منصب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحد ...
- تونس.. افتتاح المنتدى العالمي لمدرسي اللغة الروسية ويجمع مخت ...
- مقدمات استعمارية.. الحفريات الأثرية في القدس خلال العهد العث ...
- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل وداي الجبوري - عمارة يعقوبيان* لغة السينما الجديدة لاشكاليات مصرالقديمة