أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبده حقي - ناتالي














المزيد.....

ناتالي


عبده حقي

الحوار المتمدن-العدد: 2134 - 2007 / 12 / 19 - 08:56
المحور: الادب والفن
    



هل كانت تعلم ..!؟ هل كانت تحلم ..!؟ صقر سريبرينتشا فقد جناحيه ومنقاره المعقوف ووقع في الفخ .. في القفص الذي نصبته العدالة الإلهية !!
ناتالي طفلة في قامة أسطورة مقدونية سحيقة … مبتدأ وخبرحكايتها ليلة هبوط صقر سريبرينتشا على
عش المدخنة التي كانت تنفث دخان الأنس والطمأنينة الدافئة.. ذات شتاء عدواني …
في تلك الصبيحة فتشت عن ناتالي في المدرسة .. تحت سقيفة القرميد الأحمرالمعهودة .. سألت عنها
الصديقات والرفاق وأسراب السنونو في غابات الزان والسنديان بجبل ( التيريبفي) ؛ فلم أعثر سوى على
وصيتها على لوح الأردواز ملطخة بدم جدها على قنطرة ( زانيكا) .. اللوحة التي قد تكون أخطأتها سلاسل
عجلات المدفعية الثقيلة .
في ذات اليوم الذي تعرفت على ناتالي في حديقة سيرك ( ماكسيموم ) بضواحي روما دوى الخبر في أذني كالرعد .. قال لي رفيقي : أنظرإلى الرجل المستلقي على السجاد التركي هناك .. الرجل ذي اللحية الرمادية
المسدولة بعناية والتجاعيد الغائرة ، الرجل الذي يطفح شقاوة وزيادة هو ليس أباها الشرعي … وهذا أيضا ما أكده لي الجمركي القابع خلف غرفة الزجاج الغامق .. الجمركي لغارق في بزته الكستنائية على الحدود الجنوبية مع إيطاليا…
ناتالي طفلة بوسنية من قرية (كورانا) ، إذهب إلى هناك سترى أن زورقها الورقي ما يزال يطفوعلى
نهر(كورانا) … أشعل سيجارته .. سحب قبعة البرنيطة قليلا إلى قفاه وأردف : « إجتثت ميليشيات سلوبودان عائلتها بالكامل » ثم كررها مرة ثانية وثالثة مشفوعة بإشارة من يده اليسرى التي تحمل سيجارة متوهجة (إجتثت ميليشيات سلوبودان عائلتها بالكامل ) وظهرعلى ملامحنا أنا ورفيقاي الكاميرامان و تقني الصوت تساؤل ملغزعن سر بقاء ناتالي حية ترزق !! وتساءلنا عن هذا الملاك السماوي الرؤوم الذي أرسلته العناية الإلهية وخبأها عن النصل الذي مرعلى كل الأعناق البضة ، الناصعة باردا وببرودة دم حقد دفين !؟
لم تكبر ناتالي .. مازالت الآن أمامي تمرح .. تعدو وتلعب لعبة الغميضة تحت ردهات وبين مخابئ وأدراج
سيرك (ماكسيموم) في ضاحية روما مع صديقاتها الصغيرات الأفارقة والمهاجرين المغاربيين غيرالشرعيين .
حين دوى خبرها في أذني ، ناديتها على التو.. تفرست في عينيها اللتان تشبهان حبتا زيتون .. حدثتني
بإيطالية طليقة مشوبة بلكنة مغربية … آه لو كبرت ناتلي .. لوعلمت بحكاية الزورق الذي بقي يتيما على
نهر(كورانا) لو تذكرت لوح الأردواز والطبشور والحمامة قال لي الشيخ الذي يلقبه المهاجرون هناك ب
(عاليا إزبيغوفيتش) قال لي بغيظ : هؤلاء الأوغاد الصربيين الذي يقطنون معنا هنا .. هؤلاء المرضى يلمحون إليها بالحقيقة كلما أجهزت على كلابهم بركلات جزمتي .. إلى أين سنهرب معا..؟ لا يخلوأي مكان
في العالم من جنود القبعات الزرق من أقصى آسيا حتى (الكوت ديفوار) … هي وحيدتي .. تبنيتها عن
طريق الصليب الأحمر بعد أن تسلمها مع عشرات الأطفال البوسنيين اليتامى من كتيبة الأوتان .. أتدري ما هوأقصى حلمي اليوم ياسيدي .. أتدري ..أحلم بألا تكبر ناتالي .. آه أنني أخشى عليها أن تكبرثم تعود إلى
قرية (كورانا) لتفتش عن لوحة الأردواز وحمامتها البيضاء وزورقها الورقي على النهرالهادئ.
في مطعم ( الدولتشي فيتا ) كنت أتناول وجبة غذاء بيتزا مع صوفيا جارتي في الطابق الأرضي مراسلة جريدة (كوريير ديلا سيرا ) ومن خلفي سمعت على الكونتوارالخشبي صوتا ما لم أتبين مصدره هل من قناة الأرونيوز أم لشخص مدمن مخمور يتحدث من خلفي عن سلوبودان ميلوزوفيتش الذي قتلته السكتة القلبية فجأة … طوت صوفيا الجريدة ورنت إلي بنظرة ملغزة دكرتني بنظرة ناتالي رشفت ما تبقى في قعرزجاجة الكوكاكولا ولوت شفتيها إلى الأمام .. وفهمت ما كانت تعني وأردف الرجل من خلفي بلكنة بلقانية : سكتة قلبية ها..ها..ها..لعبة سخيفة.



#عبده_حقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبده حقي - ناتالي